Jun 23, 2025 4:17 PMClock
خاص
  • Plus
  • Minus

شهداء كنيسة مار الياس ضحايا المتضررين من سوريا الجديدة...هل لبنان بمنأى؟

جوانا فرحات

المركزية – عقب وقوع التفجير الإرهابي في كنيسة مار الياس للروم الأرثوذكس في حي الدويلعة في دمشق وقفت سيدة من آل بشارة استشهد زوجها وشقيقه و7 من أفراد عائلتها فوق الدمار والدماء تغطي وجهها وطالبت اجهزة الدولة والرئيس السوري أحمد الشرع أن يحضر شخصيا إلى موقع المجزرة ويشرح لكل مسيحي كان يشارك في القداس واستشهد أقاربه بإسم المسيح بحقيقة ما جرى و التدابير التي ستتخذ لحماية مسيحيي سوريا، بعدما فكروا أنهم خرجوا من عنق زجاجة النظام الأسدي إلى مرحلة الضوء والأمل بحياة جديدة والبقاء في أرضهم.

حتى الآن وصل عدد الشهداء إلى 22 و52 مصابا بجروح غالبيتها بليغة ومن بينهم نساء وأطفال وفق التقارير الصادرة عن مراجع أمنية وصحية سورية. ذنبهم أنهم كانوا داخل كنيسة ارتأى الإرهابي الذي ينتمي إلى تنظيم "داعش" أن يدخل حرمها وبدأ بإطلاق النار على المصلين قبل أن يفتح السترة ويفجر نفسه وفق شهادة تلك السيدة.  

ما حصل لا يمكن اعتباره مجرد عمل إرهابي وانتهى، خصوصا في ظل التهديدات الإيرانية عن تحريك خلاياها في المنطقة فهل دخلت المنطقة من جديد دوامة العنف الإرهابي؟

الأكيد أن التفجير الإرهابي في كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في دمشق يشكل سابقة خطيرة في سوريا، ويشير إلى تصعيد خطير وممنهج يستهدف المكوّن المسيحي في سوريا، خصوصا أنه يأتي في فترة شديدة الحساسية تزامناً مع استمرار التوترات الأمنية وتزايد المخاوف من عودة نشاط خلايا التنظيمات المتطرفة في بعض المناطق السورية.

الخبير في شؤون الحركات الإسلامية الكاتب أحمد الأيوبي يشير إلى ضرورة تحديد طبيعة التحديات التي يواجهها الحكم السوري الجديد ويوضح لـ"المركزية" أن هناك 3 أطراف إقليمية تسعى إلى تقويض هذا الحكم وهي، إسرائيل التي لا يزال ضغطها موجودا ومخيما على سوريا الجديدة وميليشيا إيران وفلول نظام الأسد، والأكراد الذين ما زالوا يرفضون الإندماج بالنظام الجديد".

لكن قبل الدخول في قراءة خلفيات هذه الجريمة، يصر الأيوبي على ضرورة التمييز العلمي بين هيئة تحرير الشام وتنظيم داعش ويقول" هناك خلط يحصل بينهما عن قصد أو من دونه، لكنه أبعد ما يكون عن المقاربة لأن هناك فرقا بين الطرفين. "فهيئة تحرير الشام" هي منظمة جهادية إسلامية في الخلفية الفكرية لكن عملياتها العسكرية كانت محصورة في سوريا، ولاحقاً تحولت فكرياً نحو بناء الدولة حتى أن عناصرها اندمجوا في أجهزة الدولة الرسمية. في حين يعتبر تنظيم "داعش" عابرا للحدود ويمارس الإرهاب فعلا وكلنا يتذكر جرائمهم في لبنان وأبرزها مقتل 10 عسكريين في الجيش اللبناني على أيدي التنظيم بين العامين 2014 و2015 بعد خطفهم من داخل بلدة عرسال على حدود لبنان الشرقية خلال المعركة التي اندلعت بين الجيش اللبناني من جهة، وتنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" من جهة ثانية. في حين عملت "النصرة" على إطلاق سراح العناصر الذين كانت تحتجزهم".

ويتابع" الكلام عن  تحميل أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام المسؤولية الفكرية المباشرة عن تفجير الكنيسة عارٍ من الدقة ويندرج في إطار الدعاية الإيرانية والأقلوية لأن ثمة نية لدى إيران بإعادة إحياء حلف الأقليات، وهي تقوم بذلك على رغم انشغالها بالحرب ولم تتراجع عما فعلته في سوريا. والسؤال الجوهري الذي يطرح" هل تراجعت إيران عما فعلت في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن، وهل اعتبرته مرحلة خاطئة أم أنها لا تزال تصر على أفعالها؟ أو أن ما يمنعها هو عدم القدرة بسبب الضربات الإسرائيلية".

بحسب تقارير إستخباراتية فإن خلايا تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" لا تزال تنشط داخل دمشق، وتعمل بهدوء داخل المجتمعات المحلية، مستفيدة من الفوضى بعد سقوط نظام الأسد لتخطيط وتنفيذ هجمات وتفجير كنيسة مار الياس يدخل في هذا الإطار. وبحسب التقديرات الإستخباراتية نفسها فإن  الهجوم لم يكن عملاً فردياً، بل استُخدِمت فيه شبكة محلية لتسهيل دخول المهاجمين إلى هدف حساس من دون أن يتم كشفهم  في محاولة لاستهداف "القلب الروحي" للمسيحيين، وإعادة زرع الخوف داخل المجتمعات الدينية وتقويض التعايش بين الطوائف.

إلى ذلك، يشير الخبراء إلى أن وجود خلايا نائمة داخل العاصمة يعكس هشاشة الأجهزة الأمنية، خصوصا بعد انحسار سيطرة الأجهزة النظامية السابقة ووضع بديل بلا هيكلية متكاملة . واستطراداً، يوضح الأيوبي"أن هناك مخططا سوريا مموّلا من رامي مخلوف وبقايا فلول نظام الأسد وبقايا جهات إيرانية. وما عملية تهريب السلاح من سوريا عن طريق العراق إلى حزب الله في لبنان إلا جزء من هذا المخطط. وقد تم اتخاذ قرارات مهمة لضبط الحدود وأعطيت الأوامر للجيش السوري بمهاجمة كل المجموعات التي تعمل على تهريب السلاح من الجانب العراقي- السوري. فهذا العمل مدان ومرفوض ويُراد منه تقويض تجربة أحمد الشرع ويهدد مسيحيي ومسلمي سوريا على السواء".

يرى مراقبون أن المزيد من الهجمات، خصوصًا ضد الأقليات، أصبح "أمرًا واردًا"، ما قد يدفع الحكومة إلى فرض نظام أمني أكثر تشددًا أو العودة إلى التشريعات القمعية .

إنطلاقا من ذلك لا يخفي الأيوبي خشيته من تكرار هذه العمليات الإجرامية لكن ثمة إمكانية لضبطها وقد اتخذ قرار في شأن ذلك عن طريق اتخاذ إجراءات إستثنائية ومكثفة لحماية دور العبادة في سوريا إضافة إلى إجراءات وقائية على مستوى الحماية الإجتماعية لما تقدمه الدولة من خدمات ومساعدات.

وعن الخشية من أن تتمدد هذه العمليات إلى الداخل اللبناني يلفت الأيوبي إلى أن هناك مجموعات إرهابية تابعة لتنظيم داعش في لبنان"، وهذا ليس سراً لكن حجمهم محدود . لكن إذا كان هناك قرار بالعبث في الأمن فلا شيء يمنع من تخريب الداخل اللبناني من دون المبالغة في هذا الأمر وأن يصار إلى معالجة الموضوع وفق حجمه الطبيعي منعا للمساهمة في التضخيم والتعميم. هذا لا يعني التغاضي عن ظاهرة الإرهاب لكن من دون المبالغة واستهداف المجتمع الذي يتواجدون فيه".

وعما إذا كان التفجير الإرهابي في كنيسة مار الياس يندرج في سياق تهديدات إيران بإعادة تحريك خلاياها في المنطقة يختم الأيوبي" الأكيد أن المجموعة التي تعمل مع فلول الأسد وبقايا ميليشياته مسؤولة عن هذه الأعمال الإرهابية، بدليل ما حصل منذ أيام، حيث تبين أن وسيم الأسد الذي كان متواجدا في لبنان وتم استدراجه إلى سوريا حيث ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليه كان يعمل ويخطط لأعمال إرهابية تنطلق من الأراضي اللبنانية إلى الداخل السوري وهذا الموضوع بحاجة إلى حسم من قبل الدولة لأنه لا يجوز استفزاز النظام بترك مجموعات تتحرك على هذا النحو".

إخترنا لك

Flat Ara
Beirut, Lebanon
oC
23 o