Mar 9, 2025 10:46 AMClock
خاص
  • Plus
  • Minus

هل من أفق لكل ما يجري في سوريا والمنطقة ومتى تنجلي النتائج؟

طوني جبران

المركزية - عبرت مراجع ديبلوماسية وسياسية عن قلقها من حجم الغموض الذي يلف مستقبل ما يجري في المنطقة نتيجة التطورات العسكرية المتسارعة في سوريا والتي لا يمكن تفسيرها بسهولة قبل ان تنجلي الصورة النهائية لتتضح الرؤية المتعلقة باليوم التالي ايذانا  بانتهاء العمليات الأمنية والعسكرية وكيف يمكن ترجمتها سياسيا.

مما لا شك فيه، تعترف هذه المراجع عند قراءتها للوضع الراهن وما سبقه عبر "المركزية"،  ان من الصعب الحديث عن سيناريو واحد لما يجري في جنوب وشمال سوريا ،بانتظار ما يثبت ان كان هناك أي رابط بين أحداث المنطقتين. وإن طلب منها المزيد من التفاصيل يمكن الاشارة إلى بعض الملاحظات وابرزها:

- إن ما جرى في الجنوب السوري كان مفاجئا لكثير من المراقبين، فطوال فصول الحرب التي اندلعت بفعل عملية "طوفان الاقصى" في  7 تشرين الاول 2023 في قطاع غزة، وحرب "الإسناد والإلهاء" في اليوم التالي، حافظت جبهة الجولان السوري المحتل على هدوء غير مسبوق ولم يعبر النظام السوري رغم انخراطه قبلهما في "محور الممانعة" وممن سوق لنظرية "وحدة الساحات" عن النية بالتدخل فيها تحت عناوين شتى، كان آخرها ما نقل عن الرئيس السوري بشار الأسد قبل فراره وسقوط نظامه باشهر قليلة  بانه لم ينقد يوما وراء "حركات دينية" مسقطا عن الحربين في غزة ولبنان أي صفة لها أي علاقة بالتحرير ونصرة المقاومة الفلسطينية وسقوط آلاف القتلى  "على طريق القدس".

- لكن ما جرى في الشمال والساحل السوري كان متوقعا ومقدرا ان عاد المراقبون الى مجموعة المواقف التي تحدثت عن تحضيرات أطلقها مجموعة من الضباط السوريين من الجيش السوري السابق للنظام فور انهاء خدماتهم واثر  بعض الممارسات التي استفزتهم على قاعدة ملاحقة كبار الضباط المتهمين بمجموعة من المجازر التي ارتكبت في مناطق سيطرة النظام، علما ان أقلها خطورة وحجما كانت تلك التي شهدها الساحل السوري الذي تحول لفترة طويلة مأوى آمنا لأنصار النظام بعد استعادة السيطرة تدريجيا على محافظات عدة ومناطق واسعة بدعم روسي ابعد مسلحي "داعش" عن مياه المتوسط في خريف العام 2015.

والى هاتين الملاحظتين اللتين انهتا اي أوجه شبه بين ما يجري في الشمال والجنوب يمكن رصد أعداء جدد للنظام الجديد في سوريا لمجرد انطلاق الدعوات الاخرى التي أطلقتها فصائل عراقية ولبنانية وسورية تلقت دعما من طهران، على خلفية ما نقل عن  المرشد الاعلى للثورة الاسلامية في ايران علي الخامنئي الذي تحدث عن قدرة "أحرار وشرفاء سوريا" على استعادة السيطرة على الدولة وما تلاها من مجموعة السيناريوهات التي سوقها ما تبقى من "محور الممانعة" بقرب انتهاء حكم احمد الشرع منذ اللحظة الاولى لتوليه السلطة وقبل تسميته رئيسا موقتا على سوريا الى حين اجراء الانتخابات  النيابية وفق قانون عصري وانتخاب رئيس جديد لها. وهو أمر لا يشبه ما جرى في الجنوب السوري. ذلك ان  الاجتياح الاسرائيلي للمنطقة العازلة في الجولان المحتل وصولا الى جبل الشيخ قبل توغله في مدن وقرى سورية اخرى من خارج سياق تلك الحرب، وخصوصا انه لم يواجه أي عدو سوري او غير سوري ولم تكلفه العملية اي جريح حتى اليوم بعدما بقي اهل تلك المناطق في منازلهم يوثقون التوغل الاسرائيلي يوميا وكأنه امر عادي عدا عن الشق المتعلق بنصرة دروز المنطقة   الذي جاء لاحقا لتلك العملية التوسعية في الاراضي السورية والتي لم يكن لها ما يبررها على الإطلاق.

لا تقف المراجع السياسية والديبلوماسية عند هذه الملاحظات فحسب للحديث عن صعوبة تقدير مستقبل التطورات وما يمكن ان تنتهي اليه. فالى السيناريوهات التي أحيت مشاريع سابقة طرحت منذ نشأتها عام 1948 والتي قالت بأن اسرائيل ما زالت تحلم بالدولة الكبرى ما بين البحر والنهر ،وهو امر عليها ان تصل بقواها الذاتية الى مجرى نهر الفرات، فإن اخرى تتحدث عن تفاهمات على تقسيم سوريا الى حد القول ان اسرائيل لم تسيطر حتى اليوم على مناطق تتساوى بما تسيطر عليه تركيا في الشمال السوري ليقع التقسيم. وإن كان الحديث شمل قيام الدولة الدرزية في جنوب غرب سوريا والكردية في شمال شرقها و العلوية على الساحل السوري، فإنه ليس هناك ما يوحي بسيطرة هذه القوى على هذه المناطق لتصل الى حدود اعلناه دولا سورية متحدة او غير متحدة.

وعلى عكس هذه النظريات جميعها، فإن لما يجري في الشمال السوري ما يبرره نتيجة الضغوط الهائلة التي تعرض لها علويو المنطقة ومعهم مجموعات اخرى تمكنت من اعادة تجميع قواها بعد حل الجيش السوري وعدم استيعاب اكثريتهم في قوى الأمن الجديدة، عدا عن الممارسات الشاذة التي رفضتها قيادات روحية مختلفة لم يستجب لها أحد من اركان الثورة. وهو ما ادى الى تشكيل مجموعات قررت الدفاع عن نفسها ومجتمعها رفضا منها لاحداث استفزازية بقي ابرزها واكثرها خطورة حرق قبر الرئيس السابق حافظ الأسد والتنكيل بمن كانت لديه ملاحظات قاسية للنظام المنهار ولم تربطهم يوما اي علاقات صداقة بالبعث السوري والتشكيلات التي نمت على هامش الجيش النظامي ولا بالرئيس بشار الاسد، وخصوصا بعد فراره من سوريا وعدم استخدام القوة التي كان يحتفظ بها الجيش للحؤول دون سقوط محافظات حلب وحمص وتدمر قبل دمشق والساحل السوري في ايام قليلة بطريقة أذهلت الخصوم والحلفاء معا.

وختاما لما يمكن استعراضه من تطورات، تنتهي المراجع عينها الى التأكيد بأن الغلبة في النهاية ستكون لقوات النظام الجديد ولكن احتساب حجم ضحايا العمليات العسكرية سيبقى أغلى كلفة من اي نتيجة،  ما يفتح المنطقة على آفاق غامضة لا يمكن رصد وقائعها من اليوم وان التهدئة الشاملة غير مضمونة.

إخترنا لك

Flat Ara
Beirut, Lebanon
oC
23 o