

نقص الخبرات لدى الفصائل السورية يخلط أوراق أمن حدود الشمال..استكمال أبراج المراقبة دونها تحديات
جوانا فرحات
المركزية – في شباط الماضي أثار النظام السوري مسألة أبراج المراقبة التي أقامها الجيش اللبناني على الحدود الشمالية والشرقية من مصبّ النهر الكبير في الشمال إلى ما بعد منطقة راشيا في البقاع . حينذاك، اعتبر نظام الأسد أنها تهديد لأمنه القومي . إلا ان الخلفية لهذه "الإستفاقة" كانت بهدف القوطبة على الدولة اللبنانية قبل البدء بتنفيذها تطبيق القرارَين الدوليَّين 1701 و1680 اللذين يشيران مباشرة إلى عمليّتَي ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا وإلى ضبطها.
طبعا لم تقدِّم الدولة اللبنانية أي تبرير في حينه، وهي أساساً غير ملزمة بتقديمه طالما أن مفهوم قيام هذه الأبراج يتعلق بحماية أمنها القومي ولا يهدد حتماً أمن النظام السوري القومي.
والجدير ذكره أنه عندما بدأ تطبيق القرار 1701 كان "حزب الله"، كما نظام الأسد "المخلوع"، يرفض ان ينتشر أي مراقب دولي على المعابر البرية والجوية في المطار، والبحرية في مرفأ بيروت والمرافئ الأخرى. وهذا ما يمكن أن يفسر رفض النظام "الأسدي" الأبراج الجديدة التي من شأنها أن تؤسس لمرحلة السيادة اللبنانية على كامل الحدود البرية وبالتالي قطع الطريق على حزب الله لاستكمال خطة الإستيلاء على الدولة واستكمال مشاريع التهريب عبر المعابر غير الشرعية.
اليوم زمن أول تحوّل. سقط النظام السوري. لا يحتاج لبنان إلى تقديم تبريرات كثيرة للردّ على الطلب السوري، باعتبار أنّ هذه الأبراج تتعلّق أيضاً بحماية أمنه القومي ولا تنعكس أبداً سلباً على الأمن القومي للنظام السوري. وحماية الحدود تؤمّن حماية الأمنين اللبناني والسوري.
ومع تزايد حدة الإشتباكات على الحدود اللبنانية السورية بين عناصر من هيئة تحرير الشام ومجموعات مسلحة تنتمي إلى العشائر وحزب الله، واتساع رقعة المواجهات من الشمال إلى الشرق،واتخاذ الهيئة تدابير وإجراءات لاقفال المعابر غير الشرعية وضبط الشرعية، استأنف لبنان اتصالاته مع كل من ألمانيا وبريطانيا لاستكمال خطة الابراج شرقا بعدما بات أكثر من نصف المسافة الحدودية تحت المراقبة ولم يعد يتبقى أكثرمن 17 برجاً لاستكمال خطة وضع الحدود الشرقية تحت المراقبة بالكامل.
العميد المتقاعد حسن جوني يوضح أن خطة أبراج المراقبة عند الحدود الشمالية لا تعني استحداثاً إنما استكمالاً للخطة المنفذة سابقاً "لأن ثمة مناطق لم تشملها خطة نشر أبراج المراقبة الموضوعة وهناك أيضا فوج مراقبة الحدود الذي يقوم بواجبه كاملا.اليوم تغيرت الظروف وباتت هناك حاجة ملحة لاستكمال نشر أبراج المراقبة على كامل امتداد الحدود وهي لا تتطلب الكثير على مستوى المساحة التي لم تكن مشمولة بالمراقبة من قبل أفواج الحدود".
استكمال خطة نشر ابراج المراقبة لن يكون الحل بحسب العميد جوني "لأن النتائج تتوقف على تعزيز قدرات أفواج الحدود من الطرفين اللبناني والسوري. فمن الجهة اللبنانية يمكن القول إنها جاهزة وعناصر فوج الحدود يؤدون واجبهم أقله في النقاط التي تتواجد فيها أبراج المراقبة وفي انتظار استكمال الخطة لنشرهم على امتداد مساحة الحدود. لكن من الجانب السوري لا توجد قوى متخصصة في مراقبة الحدود. والعناصر المتواجدة لدى الطرف السوري هي في مرحلة انتقالية من فصائل مسلحة إلى قوى نظامية، وهذا الأمر يحتاج إلى الوقت خصوصا أن مسالة تنظيم وضبط ومراقبة الحدود تتطلب مهارات متخصصة وأسلحة وتدريب تختلف عن أي مجالات عسكرية أخرى. وهناك مدرسة متخصصة لتدريب أفواج مراقبة الحدود في لبنان ومركزها في رياق وهي تضم فرق تدريب بريطانية وأخرى من جنسيات أجنبية مختلفة".
الخطة دونها تحديات يتابع العميد جوني "من جهة هناك طبيعة الحدود الجغرافية المتعرجة والطويلة والمتداخلة، كذلك عدم وجود جهاز حدودي رسمي محترف في الجهة المقابلة نتيجة التغيرات الحاصلة عند الحدود". ويستطرد بالإشارة إلى أن أمن الحدود يتطلب جهدا من الفريقين اللبناني والسوري. في ما خص الجانب اللبناني يمكن التأكيد على أننا نقوم بواجباتنا كاملاً. إلا أن عدم وجود متخصص من الجانب السوري ينعكس سلبا على أمن الحدود وقد يولد ثغرات.وفي حال إقفال الحدود هناك احتمال من تشكّل مجموعات تقوم بعمليات تسلل مما يؤدي إلى وقوع اشتباكات".
تتعدد الإحتمالات والمرجو واحد: ضبط الحدود البرية والحل يتمثل "برفع درجة التنسيق مع الطرف الآخر. من هنا، يعتبر العميد جوني أن إلحاح الدولة باستكمال خطة أبراج المراقبة ناتج أولاً عن التغيرات التي حصلت في الداخل اللبناني مما يستوجب ضبط كامل المنافذ اللبنانية بموجب الإتفاق الذي وقع عليه لبنان بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان.
عالمياً، تؤكد كل الدراسات والتحليلات والوقائع استحالة ضبط أمن الحدود بين الدول بنسبة مئة في المئة. ويؤكد على ذلك العميد جوني، إلا أنه يشير بالتوازي لأهمية استكمال خطة نشر أبراج مراقبة عند الحدود البرية وتعزيزها بوسائل تكنولوجية متطورة منها كاميرات مراقبة ذات تقنيات عالية وأجهزة أخرى وهي كلها متوافرة لدى الطرف اللبناني وعندما تستكمل قوات الحدود انتشارها على كامل المساحة تصبح إمكانية ضبط الحدود متوافرة وبنسبة عالية".