Oct 02, 2023 12:09 PM
اقتصاد

الحلو: الغياب القسري للمستثمرين سيدفع رخص البناء إلى التراجع أكثر

 

المركزية- رأى نقيب مقاولي الأشغال العامة والبناء مارون الحلو في معرض شرحه أسباب انخفاض رخص البناء الى مليونين ونصف مليون رخصة بين آب 2022 وآب 2023، "أن نتيجة الأزمات المتلاحقة التي يشهدها لبنان، جعلت من الطبيعي أن تسجّل رخص البناء تراجعاً هذا العام، لأن الطلب عليها لا يأتي من مستثمرين أو مطوّري عقارات، بل من قبل فئات تسعى إلى إنجاز الأبنية الخاصة بها أو لعائلاتها".

الى ذلك، يضيف الحلو "يرزح الوضع الحالي في البلد تحت وطأة أزمة المصارف والتأخر في إعادة هيكلتها وسلبية حجبها الودائع عن أصحابها، فضلاً عن غياب أي حل للمشاكل المالية والنقدية، الأمر الذي لا يشجع أي مستثمر لبناني أو أجنبي على الدخول في أي استثمار عقاري بسبب عدم توفر الاستقرار المطلوب والارتفاع في كلفة مواد البناء نتيجة الحرب الروسية ــ الأوكرانية والتجاذب الدولي على منطقة الشرق الأوسط وتحديداً في لبنان بالتزامن مع تراجع مداخيل اللبنانيين، ما أفقدهم القدرة على شراء أي مسكن بالأسعار الجديدة".

وقال: هذا الواقع الاقتصادي والمالي المترافق مع عدم انتخاب رئيس للجمهورية على الرغم من مضي سنة تقريباً على الفراغ في هذا المنصب، فيما حكومة تصريف الأعمال تعمل بلا صلاحية مطلقة.. كل ذلك دفع المستثمرين الى التريث في انتظار وضوح صورة الوضع. كذلك إن عدم إقرار موازنة العام 2023 التي لا تبشر بنودها بالخير خصوصاً لجهة عدم تضمينها إنفاقاً على مشاريع جديدة في القطاع العام، على رغم الحاجة الملحّة الى صيانة شبكة الطرقات والأوتوسترادات التي تتطلب أشغالها 5 مليارات دولار أميركي تقريباً.

أضاف: في هذا السياق، أجدد التأكيد "على أن أي  مقاول لبناني لن يشارك في أي مناقصة ستطرحها الدولة لصيانة الطرقات إذا استمر تقلب سعر صرف الدولار، لأنه عند وضع دفاتر الشروط يكون سعر صرف الدولار أمام الليرة مختلفاً عنه لدى استدراج العروض وكذلك عند التلزيم ومن ثمّ عند بدء العمل والتسديد، والأهم من ذلك هناك فقدان الثقة بالتزام الدولة بوعودها لتسديد القسم المستحق عليها من التمويل..، فيما تبقى المشاريع التي تدعمها الصناديق العربية والدولية ومنها الصندوق العربي والكويتي والبنك الإسلامي أو البنك الدولي المتنفَّس الوحيد للمقاولين المتواجدين في لبنان.

ويتابع: من هذا المنطلق يمكن القول ان حركة البناء في جمود قاتل سواء على صعيد القطاع العام أو الخاص بسبب غياب الاستقرار السياسي وأي رؤية اقتصادية إنقاذية، فيما يقوم بعض أصحاب الرخص وهم قلة ببناء مساكن لهم ولأولادهم أو لأصدقائهم، وهي حركة خجولة. لهذا يمكن القول إنه في حال استمرار الوضع العام على حاله قد نرى تراجعاً إضافياً في السنة المقبلة.

وإذ شدد على "الحاجة الى استنهاض الوضع وإعادة الأمور الى طبيعتها إن من الناحية التشريعية والتنفيذية والاقتصادية والمالية والمصرفية تحديداً"، قال: إن أي مشروع يحتاج الى كفالات مصرفية وتسهيلات، كما أن المستثمر الذي يملك أموالاً نقدية لن يستثمرها في الوقت الحالي.

الانكماش سيستمر

ورأى الحلو أن "هذا الانكماش أو الجمود الحاصل سيستمر خصوصاً أن عدد رخص البناء الممنوحة في 2023 قاربت مستويات العام 2020 عندما كانت "كورونا" في أوجّها وأدّت يومها إلى شللِّ الحركة في كل القطاعات الاقتصادية"، معتبراً أن "هذا الواقع سيجعلنا نرى تراجعاً أكثر في عدد الرخص خلال العام المقبل مقارنة بالعام الحالي، بسبب غياب أي مبادرة من المستثمرين في القطاع الخاص أيضاً لتنفيذ أي مشروع عدا الذي يملك أموالاً نقدية لبناء حاجته الشخصية أكانت سكنية أو لإنشاء مكاتب لشركة معيّنة لكنها لا تعرض للبيع، لانه لا يوجد اليوم اي رغبة عند أحد لشراء شقق مماثلة وخصوصاً  الاسعار الحالية من المتوقع ارتفاعها، واللبنانيون لا يملكون القدرة الشرائية، لذلك يتجه موضوع السكن الى الإيجارات الذي يشهد نشاطاً كبيراً، لأنه السبيل الوحيد أمام الناس لامتلاك مسكن".

 أضاف: كذلك إن الجهات التي تعطي القروض سواء أكانت "المؤسسة العامة للإسكان" أو المصارف قد توقفت عن هذه الخدمة المصرفية، بينما يبقى قرض واحد لدى مصرف الإسكان قيمته 160 مليون دولار الذي سيقدّم هذه الخدمة لمتوسطي الدخل قريباً، علماً أن تسهيلاته أو سقف القرض لن يتجاوز الـ 50 ألف دولار وهذا الرقم هو دون المطلوب لشراء أي شقة لكنها تساعد مَن باشر ببناء مسكن، على إكماله.

وختم الحلو بـ"صرخة لضمير المسؤولين ندعوهم فيها الى تحمّل مسؤولية إنقاذ البلد من الانهيار الحاصل"، معتبراً أن "الأهم والملحّ اليوم انتظام الأمور بدءاً من انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أقرب فرصة، وتشكيل حكومة فاعلة وذات مصداقية عربياً ودولياً، بالإضافة الى الموافقة على برنامج اقتصادي شامل والتعاون مع صندوق النقد الدولي للحصول على الدعم المالي المرجوّ منه وبالتالي دعم الدول المانحة والمؤسسات الدولية، لأن الجمود الذي يشهده قطاع المقاولات والتطوير العقاري لا يمكن إبقاؤه كما هو، بينما يتوقع أن تكون وتيرة الانكماش فيه تصاعدية في ظل اقتصاد مترنّح لا قوة دفع له لينهض وتستقيم الأمور معه".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o