Feb 16, 2025 11:52 AMClock
خاص
  • Plus
  • Minus

ما الفرق بين من يهدد بقصف المطار لإقفاله ومن يقطع طريقه للهدف عينه؟

طوني جبران

المركزية - عندما تبلغ الجانب اللبناني بالوسائل الديبلوماسية المعتمدة للتواصل بين بيروت وواشنطن ومن يمثلهما في الحالات الطارئة والعاجلة ان اسرائيل ستقصف مطار  بيروت ان حطت طائرة الـ "ماهان آير" الايرانية التي تستعد للإقلاع من  مطار "الإمام الخميني" في طهران في مطار رفيق الحريري الدولي، بالنظر الى مجموعة من الأسباب التي يمكن متابعتها لاحقا، تكثفت الاتصالات بين المسؤولين المعنيين قبل ان يطلب وزير الوصاية وزير الاشغال العامة والنقل فايز رسامني بعد التنسيق مع رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من السلطات المختصة في المطار منع قدوم الطائرة إلى مطار بيروت، واتخاذ التدابير اللازمة بما فيها إبلاغ الجانب الايراني قبل أن تقلع الطائرة من طهران.

وقبل الدخول في ظروف ما حصل والنتائج المترتبة عليه، ذكًرت مراجع سياسية وامنية عليمة عبر "المركزية" ان كلا من رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير الاشغال خضعوا للتجربة الأولى منذ توليهم المسؤولية. وان كان الرئيس عون وقبل أيام قليلة على انتخابه  تابع بصفته قائدا للجيش قضية مشابهة حول هبوط طائرة مماثلة كانت تقل وفدا ديبلوماسيا رافق مسؤولا ايرانيا كبيرا في وزارة الخارجية واخضعت يومها للتفتيش الدقيق وقد تصدى للحادث حينها ممثل حزب الله في الحكومة الوزير علي حمية  ولم يتصرف بطريقة مغايرة لتلك التي لجأ إليها ممثل الحزب التقدمي الاشتراكي فايز رسامني.

ولمن يعاني من ذاكرة "مبخوشة" فقد تسببت بالحادث يومها محفظة مالية مشبوهة بتفتيش دقيق لمجرد الشبهة بأنها قد تكون لنقل اموال غير شرعية الى "حزب الله". وبالرغم من نفي وزارة الخارجية الإيرانية في حينه بـ أنه "لم يتم تفتيش الطائرة الإيرانية في مطار لبنان، وتم حلّ سوء التفاهم"، فقد اضطرت الوزارة بعد ثلاثة أيام على التوضيح في مذكرة "توضيحية" كشفت عنها وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، تحدثت فيها نظيرتها الإيرانية عن "محتويات حقيبتين صغيرتين ديبلوماسيّتَين حملهما ديبلوماسي إيراني على متن رحلة "ماهان" بتاريخ 3 كانون الثاني 2025، و تحتويان وثائق ومستندات وأوراقاً نقدية لتسديد نفقات تشغيلية خاصة باستعمال السفارة فقط".

وقياساً على التجربة السابقة، قرأت مراجع ديبلوماسية لبنانية وغير لبنانية عبر "المركزية" ما حدث من ردات فعل غير طبيعية  بما شكلته من تهديد للأمن الوطني في بيروت كاملة وسلامة حركة مطار بيروت الدولي بطريقة غير مالوفة  رافقت منع هبوط الطائرة الجديدة يوم الخميس الماضي لتقول أنها تثير الكثير من الشبهات حول ما يمكن ان تحمله الطائرة المستهدفة من مواد ممنوعة سواء كانت من الأموال غير الشرعية أو أي شيئ آخر محظور. ذلك ان، ولو كان الامر يقتصر على منع لبنانيين من العودة الى لبنان لما اتخذت العملية هذه الابعاد الامنية والتي هددت ما اتم انجازه من ترتيبات ضمنت بقاء مطار بيروت مفتوحا كصلة وصل بين لبنان والعالم، تزامنا مع  الحرب التي شنتها اسرائيل على محيطه وقد تجنبت المس بأمنه وامن الطائرات العائدة لشركات عدة وروادها من مختلف أنحاء العالم.

وإلى هذه الملاحظات، وبمعزل عما جرى وفيما كانت المراجع الديبلوماسية قد تحركت وبدأت بمعالجة الأمر للخروج من  الازمة قبل ان تتطور الى ما هو اكثر تعقيدا، ارتفعت الضغوط الامنية على طريق المطار ومناطق حساسة من بيروت، واعتدى متظاهرون على المارة والممتلكات،وقد رفض حزب الله ان يتبنى انتماءهم اليه علما ان من تقدمهم  هم مسؤولون من الحزب معروفون بمواقعهم، من بينهم من استهدفته مسيرة اسرائيلية على طريق جرجوع مساء امس، وقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصورة له نشرها على موقعه الخاص قبل ساعات على مقتله إبان قطع طريق المطار يوم الجمعة الماضي أثناء الاعتداء الذي تعرض له موكب نائب قائد القوات الدولية "اليونيفيل" وإصابته بجروح بليغة.

وعليه، فقد جزمت هذه المصادر  ان ما حصل تجاوز كل ما هو متوقع قبل ان تتكشف مدى الهوة التي بدأت تتسع بين طرفي "الثنائي الشيعي" حركة امل وحزب الله، وقد تمايز الرئيس نبيه بري وعدد من قيادات حركة امل في تعاطيهم ومواقفهم التحذيرية مما حصل بطريقة قد تهدد التركيبة القائمة بين طرفي الثنائي الذي لم يهتز رغم صعوبة الظروف التي عبرت. ذلك ان القلق بدأ يتنامى خوفا من صراع كبير بدأ يطل بقرنه بين قيادات حزب الله قد يفرزهم بين جناحين إيراني ولبناني. فالمتشددون لا يريدون الإعتراف بما انتهت إليه الحرب من هزيمة كبرى طالت الوجود الايراني في لبنان وسوريا وربما اهتز في العراق وأن الظروف لم تعد تسمح بما كان يحصل سابقا، وفريق آخر يدعو إلى ضرورة ان ينكفئ الحزب عن العمل العسكري المسلح للعودة الى الأطر السياسية والاجتماعية المطلوبة من الحزب لمعالجة جروح اللبنانيين وشعور بيئتهم بحجم النكبة التي قادت إليها الخيارات العسكرية ولا سيما حرب "الإلهاء والإسناد"، وهو ما عبرت عنه لهجات الخطباء في تظاهرة الكوكودي امس. فلم يكن هناك في البرنامج اي كلمة لنائب رئيس المجلس السياسي في الحزب الوزير السابق محمود قماطي وكان البرنامج يتضمن كلمة للنائب ابراهيم الموسوي الذي لم تسمع كلمته في ظل الفوضى التي سادت المكان. وفيما كانت كلمة قماطي تحريضية ضد الدولة ومؤسساتها فقد تخطت مضمون كلام الموسوي لكنهما انهتا بمضمونهما إشادة الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم برئيس الجمهورية ومدى استعداد الحزب للانخراط في الحياة  السياسية الداخلية.

وإلى ان تتكشف المعطيات كاملة بما حصل، وما هو متوقع، سأل مرجع رسمي أبان المشاورات الجارية لمعالجة الوضع المتدهور على طريق المطار وتطويق ذيوله امس واول امس ما هو الفرق بين من يهدد بضرب المطار لإقفاله، وهنا يعني التهديد الإسرائيلي،  وبين من يقطع طريقه تمهيداً لإقفاله وهو ما يترجمه "حزب الله". وبانتظار الاجابة على هذا السؤال وكيف التقى الطرفان على الهدف عينه تسعى المراجع المعنية الى فهم الكثير من الحقائق التي حكمت المرحلة ليبنى على الشيء مقتضاه.

 

إخترنا لك

Flat Ara
Beirut, Lebanon
oC
23 o