

زيارة سلام لدار الفتوى لم تمحُ "الغضب السني السياسي"...خيبة امل ومسؤولية اختيار!
جوانا فرحات
المركزية – الدخان الأبيض الذي كان متوقعاً أن يخرج من القصر الجمهوري اليوم تبخّر بعد اللقاء الثلاثي بين رئيس الجمهورية جوزاف عون والرئيسين المكلف نواف سلام ومجلس النواب نبيه بري على مدى ساعتين في قصر بعبدا. أُطفِئت عدسات كاميرات الإعلام المحلي والعربي والعالمي الذي حضر على أساس أن "الطبخة" الحكومية نضجت وتم اختيار الوزراء وإسقاطهم كلٌّ في الحقيبة التي طالبت بها الكتل السياسية والحزبية. ومن استُبعِدَ "بيرضى بالآخر" أو ينتقل إلى صفوف المعارضة.
هذا ما توقعه الرئيس المكلف نواف سلام الذي توجه إلى القصر الجمهوري ومعه التشكيلة. إلا أن الأجواء الضبابية كانت واضحة سواء في التمثيل المسيحي بعدما أعلن حزب المردة رفضه المطلق لحقيبة الإعلام بحجة المداورة ومطالبته بحقيبة وازنة، ورفض التيار الوطني الحر هوية الحقائب التي عرضت عليه واعتبر "ان هناك محاولة لإحراجه فإخراجه".وبقيت "أم العقد" في التمثيل السني وتحديداً نواب سنّة عكار حيث أعلن النائب وليد البعريني ليل أمس "لحد هلق ما طلعلنا شي. وما رح نوقف ع باب حدا بعد اليوم".
وكانت العقدة السنية تظهرت من لحظة كتب البعريني: عبر "إكس": "لم تعد المسألة تتعلق بتمثيل وزاري لعكار والشمال، القصة باتت تطال كرامة كل عكاري واعتباره مواطن درجة عاشرة، وأمام عدم إعارتنا أي اهتمام، سواء بالإنماء أو بالتمثيل، لم يعد أمامنا سوى المطالبة بالفدرالية، وعندها ندبر كعكاريين شؤوننا بأنفسنا ونعرف أن لا دولة تتطلع فينا بل نتطلع بأنفسنا".
مع انكشاف كل هذه العقد وتحديدا عقدة الإسم الشيعي الخامس الذي يصرّ الثنائي على تسميته وعقدة "إقصاء وإلغاء" سنّة عكار بات مصير نيل الحكومة الثقة على المحك وهذا ما يخشاه كل من عون وسلام حتى لا تكون بداية العهد مزروعة بالتعطيل و"السقطات" غير المتوقعة.
رئيس المركز الاسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط وتعقيبا على موقف الرئيس المكلّف نواف سلام عدم إسناد أي حقيبة وزارية للمسلمين السنة في عكار في الحكومة العتيدة يقول :"من المؤسف أن تتشكل حكومة في لبنان ويُصار إلى تهميش شريحة كبيرة من المواطنين، وخاصة للوجود الإسلامي في الشمال وعلى وجه الخصوص محافظة عكار".ويضيف لـ"المركزية"، "لا يجوز أن تبقى محافظة عكار مهمشة في أي تشكيلة حكومية. وقد تمت مراجعة الرئيس المكلف نواف سلام من قبل جهات عديدة لأن يُصار إلى مشاركة عكار في الحكومة العتيدة من خلال أحد أبنائها ، وهي غنية بطاقاتها الشابة والقادرة على العطاء على صعيد كل لبنان،إلاّ أننا نعتقد أن التمثيل الإسلامي لأهل السنّة والجماعة هو بصفة عامة تمثيلٌ ضعيف في الحكومة . وقد علمنا أن الأسماء المقترحة في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة من الرئيس المكلّف ما زالت هي هيَ، ومع استثناء تمثيل المسلمين السنة في عكار وحتى المسلمين السنة في الجنوب. ولا يكفي أن يعمل الرئيس سلام على إعطاء الثنائي الشيعي ما يريد ويتجاهل حقوق المسلمين السنّة في أكثر من منطقة سواء كان ذلك في طرابلس أو عكار أو المنية أو الضنّية أو حتى سنّة الجنوب".
الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس المكلّف نواف سلام اليوم لمفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان في دار الفتوى شكّلت بادرة خير لجهة اقتلاع "شوكة العقدة السنية" خصوصا أنها جاءت قبل توجهه إلى القصر الجمهوري ومعه التشكيلة التي كان يُفترض أن تُبصر النور اليوم. وأطلع المفتي على مسار تأليف الحكومة وما تم التوصل إليه، وفق ما صرح به. إلا أن الزيارة لا تمحو كلامه عن أنه "ممثل المسلمين السنةّ" خلال لقاء نواب كتلة الإعتدال وردا على مطالبة تمثيل أحد أبناء عكار في الحكومة.
وتعقيبا يقول القاضي عريمط" لا يكفي أن يكون الرئيس المكلف نواف سلام ممثل المسلمين السنّة، فهو يمثل بصفته الحكومية كل اللبنانيين وليست فئه بعينها ، والزيارة التي قام بها اليوم لسماحة مفتي الجمهورية اللبنانية بروتوكولية ولم يستأنس برأيه في موضوع الوزراء من المسلمين السنّةاوغيرهم. فالرئيس سلام هو من اختار الوزراء وهو الذي يتحمّل مسؤولية هذا الإختيار".
ربَ سائل يسأل ، هل تتحول هذه السابقة إلى عرف متداول في العهود المقبلة؟" لا شك بأن هذه سابقة وكنا نتمنى أن تكون المعايير واحدة في تشكيل الحكومة لا أن يسترضي فرقاء ويُهمِّش آخرون".
وعن خلفيات تصريح النائب البعريني ومطالبته بالفيدرالية يوضح القاضي عريمط" نحن نتفهّم طرح النائب البعريني وهو يأتي كردة فعل متوقعه منه ومن غيره من نواب عكارعلى تهميش محافظة عكار في تشكيل الحكومة".
آمال كبيرة حيكت حول هذه الحكومة مع تكليف القاضي سلام لكن ثمة خيبة في مكان ما، ولدى فئة ما، وطائفة ما، وحزب ما.
هل ينتقل نواب عكار إلى صفوف المعارضة بعدما صرّحوا بأنهم لن يعطوا الثقة لحكومة تستثنيهم؟
"الزمن هو الذي يحدِّد هذا الإطار. فالآمال المعقودة على الرئيس المكلف كانت كبيرة لأن يشكل حكومة إختصاصيين وأكفاء ويواكب قسَمَ رئيس الجمهورية على أثر انتخابه بحيث يكون الوزراء هم وزراء لبنان وأن يكون الجميع في خدمة مشروع الدولة القوية، وأن لا يكون الوزراء جزءا من التركيبة السياسية التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه الآن".
ويختم القاضي عريمط" المطلوب كان الإلتزام بالنص الدستوري بحيث تُشكَّل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية، وأن تكون حكومة كل لبنان، وليس حكومة تحمل في طيّاتها التوجهات لهذا الفريق أو ذاك من الطبقة السياسية التي أوصلت البلاد والعباد الى ما وصلوا اليه من قهر وبطالة وضياع".