May 14, 2025 4:59 PMClock
خاص
  • Plus
  • Minus

رفع العقوبات عن سوريا مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل... خريطة سوريا الجديدة مجهولة !

جوانا فرحات

المركزية- من دون مقدمات ولا تفسيرات فجّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مفاجأة خلال إلقاء كلمته في القمة العربية في الرياض حيث قال "نعلن إيقاف العقوبات الأميركية عن سوريا". ولم يأتِ على ذكر عبارة تعليق أو تجميد، مما يعني أن الضمانات التي حصل عليها خلال محادثاته مع الرئيس السوري أحمد الشرع باتت مؤكدة: موافقة غير مشروطة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل والتوقيع لاحقا على اتفاقيات ابراهام. وبذلك يدخل اللقاء بين الشرع وترامب وهو الأول من نوعه منذ 25 عاما التاريخ، معلناً يوم 13 أيار 2025  صفحة جديدة في تاريخ سوريا ، تمهد لمسار جديد في منطقة الشرق الأوسط.

ثمة من يقول إن الكلام عن تطبيع بين سوريا وإسرائيل سابق لأوانه. إلا ان الخطوات التي سبقت لقاء ترامب والشرع تؤكد العكس. فخلال وجود الشرع في فرنسا أعلن خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس إيمانويل ماكرون "أن هناك مفاوضات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل يتولاها وسطاء لتهدئة الأوضاع وعدم فقدان السيطرة على المناطق السورية . وتكشف المعلومات أن دولة الإمارات فتحت قنوات التواصل للمحادثات السورية- الإسرائيلية . فما هي أبعاد هذه الخطوة في ظل الصراع القائم بين سوريا وتركيا على رغم المفاوضات التي تقودها أذربيجان بين الطرفين لإنهائه وإيجاد آلية وخطة لخروجهما من سوريا إفساحا في المجال أمام الشرع لبسط سيطرته على كل الأراضي السورية؟

الباحث في القضايا الإقليمية وأستاذ علم الإجتماع الدكتور طلال عتريسي يشير لـ"المركزية"  في بداية تحليل أبعاد الخطوة "أن الصراع بين تركيا وسوريا سينتهي بالتفاهم وليس بالمواجهة العسكرية والتنافس، بحيث يرضى كل طرف بالحصة التي ستُعطى له من دون التعدي على حصة الطرف الآخر. والتصريحات التركية في هذا المجال واضحة، إذ أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان  في 26 شباط الماضي " أن تركيا لا ترغب في مواجهة مع إسرائيل في سوريا ولا تسعى إلى تصعيد الموقف. وعليه فإن أي تفاهمات قد تجري بين الحكومة السورية الجديدة وإسرائيل هي شأن يخص دمشق".

وفي 4 نيسان الماضي، عاد وكرر فيدان، في مقابلة مع وكالة رويترز "أن تركيا لا تسعى إلى مواجهة مع إسرائيل في سوريا، مشيراً إلى أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مواقع عسكرية في سوريا قد تقوّض قدرة الحكومة السورية الجديدة على ردع التهديدات". وبناءً على هذه التصريحات، يبدو أن تركيا تسعى إلى تجنب التصعيد مع إسرائيل في سوريا، وتؤكد على أهمية الحلول الدبلوماسية والإنسانية في التعامل مع القضايا الإقليمية".

القنبلة التي فجرها ترامب في الرياض بقوله "إيقاف العقوبات عن سوريا" سبقتها تصريحات وتسريبات في صحف بريطانية وأميركية وفيها أن الشرع أوعز إلى ترامب بأنه مستعد للتطبيع مع إسرائيل شرط رفع العقوبات الأميركية عن سوريا. وفعلها ترامب. والأكيد يتابع عتريسي "أن العرب يشجعون هذه الخطوة لأنهم يدورون في نفس الفلك، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تركيا التي لا تعارض التطبيع بين سوريا وإسرائيل بدليل انها لم تقطع علاقاتها معها".

ويتوقف عتريسي عند كلام ترامب حول مسألة إيقاف العقوبات الأميركية عن سوريا، إذ أعلن "أنه اتخذ القرار بالتشاور مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. أي أن الأطراف الإقليمية تؤيد مسألة رفع العقوبات مقابل تطبيع العلاقات  بين سوريا وإسرائيل على أن تحتفظ الولايات المتحدة بحقها من الثروة النفطية في سوريا".

رفع العقوبات الأميركية عن سوريا يُمثل نقطة تحول هامة في السياسة الأميركية تجاه المنطقة، كما يوفر فرصة لإعادة بناء الاقتصاد السوري وتحسين الوضع الإنساني. إلا أن التحديات السياسية والأمنية ستبقى قائمة، ويبقى الرهان في نجاح هذه الخطوة على قدرة القيادة السورية الجديدة بتنفيذ إصلاحات حقيقية تلبي تطلعات الشعب السوري وتُحقق الاستقرار في الإقليم. وفي السياق يعود إلى الضوء ما تردد عن نية إبن شقيقة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد رامي مخلوف إنشاء ميليشيا سورية، وهناك اتجاه للإستعانة بوزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس للدخول على خط "إنقاذ" سوريا في حال فشل الشرع في المهمة بعدما تبين أن إسرائيل تسعى إلى تقسيم سوريا".

تعقيبا على هذا الكلام يؤكد عتريسي أنه "بعيد من المنطق بدءا من عديد الميليشيا الذي تردد انه يقارب الـ150 ألفا. ثم من يكون هؤلاء العناصر الذين انضموا إلى الميليشيا السورية؟ وإلى أية طائفة ينتمون؟" ويخلص إلى "أن هذا الكلام قد لا يكون أكثر من رسالة موجهة إلى الرئيس الشرع للإضاءة على شخصه وحث المعنيين على التفاوض معه".

بالتوازي، يلفت عتريسي إلى أن الوضع الأمني في سوريا "لا يزال متأرجحا ولا يمكن القول بأن الإستقرار يعم كافة الأراضي السورية لأن عقل جماعة الشرع تكفيري وهم يتصرفون على هذا الأساس وبالتالي هو عاجز عن وضع حد لهم لأنهم يشكلون جزءاً من شرعية وجوده في موقع الرئاسة".

نفهم من ذلك أن مسألة تقسيم سوريا إلى مقاطعات يسير بالتوازي مع التطبيع؟ "ليس بالضرورة أن تكون هناك مقاطعة مستقلة للدروز واخرى للعلويين وثالثة للأكراد . سوريا لن تقسّم لكنها لن تبقى موحدة، ولا يزال مصيرها مجهولا إذا صح التعبير.والأسئلة تبقى مطروحة حول عقل الشرع الذي لم يقم بأية مراجعة ذاتية على غرار ما فعلته الجماعة الإسلامية التي اغتالت الرئيس المصري أنور السادات حيث قامت بمراجعة فكرية خلال فترة سجنها وخرجت بخلاصة مفادها التخلي عن العنف والدخول في حزب سياسي" يختم عتريسي.

إخترنا لك

Flat Ara
Beirut, Lebanon
oC
23 o