

الطيران الإيراني معلّق إلى أجل غير مسمى... قلوب الحزب "المليانة" تحولها إلى الميدان اللبناني
جوانا فرحات
المركزية- يبدو أن الحكومة اللبنانية مصممة على الحفاظ على سيادة قراراتها وحماية المصلحة الوطنية، مع مراعاة التوازن بين الضغوط الخارجية والداخلية. حتى الآن، لم تظهر مؤشرات على نية الحكومة الرضوخ للتهديدات التي ينفذها عناصر حزب الله على طريق المطار للضغط على الحكومة والعودة عن قرارها في شأن منع هبوط طائرات إيرانية على أرض مطار رفيق الحريري الدولي. وهي تسعى للتعامل مع الوضع بحذر ودبلوماسية لتجنب تصعيد التوترات.
في هذا السياق، أكد رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، أن "سلامة مطار بيروت فوق أي اعتبار"، مشددًا على أن أمن المطار والمسافرين هو أولوية قصوى. أما القوات اللبنانية فأصدرت بيانا استهلته بالتأكيد على أن "لبنان ليس مستعمرة إسرائيلية بالتأكيد، ولا أميركية ولا مستعمرة لأي قوة أخرى في هذا العالم، وبالمنطق نفسه ليس مستعمرة إيرانية، وانتهينا من الزمن الذي كانت إيران تعتبر فيه بيروت إحدى العواصم العربية الأربع التي تسيطر عليها.
يضيف البيان، لقد دأبت الخطوط الجوية الإيرانية في العقود الثلاثة الماضية على تهريب كميات كبيرة وهائلة من الأسلحة والعتاد الحربي والمتفجرات والأموال بشكل غير شرعي الى لبنان، منتهكة بذلك القوانين والأعراف الدولية والقانون اللبناني وسيادة الدولة اللبنانية...حان الوقت لقيام دولة فعلية تحتكر وحدها السلاح وتمنع كل ما يشكل تهديدًا لأمن اللبنانيين وسيادة لبنان.
ويختم البيان مؤكدا على موقف "القوات اللبنانية" الداعم لموقف الحكومة اللبنانية بوقف الطيران الإيراني الى مطار بيروت نظرًا إلى كل ما سبق، ونظرًا إلى التهديد الذي يشكله على المرفق الحيوي الأساسي في لبنان.
أزمة منع هبوط طائرات إيرانية في مطار بيروت الدولي كان يمكن أن تمر بصمت وتحل عبر القنوات الديبلوماسية لكن الأكيد ان ثمة خلفيات تعلو كل هذه الأزمات لتعطيل محركات العهد واتهام الحكومة بالرضوخ لقرارات خارجية وتحديدا الولايات المتحدة وإسرائيل خصوصا أن القرار جاء بعد تحذيرات أميركية من احتمال استهداف إسرائيلي للمطار إذا استقبل رحلات إيرانية، مما دفع السلطات اللبنانية إلى اتخاذ هذا الإجراء حفاظًا على سلامة المطار والمسافرين.
بالنظر إلى هذه المواقف يبدو أن قصة الطائرة الإيرانية كانت مجرد شرارة أشعلت نار التوترات الموجودة أصلًا. والمسألة إذا صح التعبيرأعمق من مجرد منع طائرة من الهبوط، وهي تعكس صراعًا سياسيًا وأمنيًا أوسع بين حزب الله والدولة اللبنانية، في ظل ضغوطات أميركية وإسرائيلية.
مصادر مطلعة تؤكد لـ"المركزية أن الضغط الأميركي والإسرائيلي لمنع استخدام المطار في أي عمليات إيرانية محتملة، وسط تصعيد عسكري في المنطقة، رفع من منسوب "غضب" حزب الله المصمم على تجاوز قرارات الدولة في قراراته على اعتبار أنها، أي الدولة، تخضع لضغوط خارجية.
إنطلاقا من ذلك، تضيف المصادر ان أزمة "الطائرة الإيرانية" هي مجرد عنوان، لكن القصة الحقيقية تكمن في وجود مخزون من التراكمات السياسية والأمنية والإقتصادية مما يجعل من كل حادثة قابلة للتحول إلى مواجهة أكبر.
يبقى الأهم كيف يمكن ان تنتهي الأزمة بين لبنان وإيران بشأن الطائرة الإيرانية؟ خارطة الحلول التي تطرحها المصادرتبدأ بسلسلة ضغوطات سياسية ودخول وساطات دولية على الخط. وقد تلعب فرنسا أو قطر دورًا في التوسط لحل الأزمة، خصوصاً أن لبنان يسعى للحفاظ على علاقاته مع الدول الغربية والخليجية، بينما إيران لا تريد تصعيدًا قد يؤثر على نفوذها في لبنان.
بالتوازي هناك حسابات حزب الله وقد تحول دون دفعه نحو حصول مواجهة مفتوحة مع الدولة اللبنانية، لكنه سيحاول فرض تسوية تعيد الرحلات الإيرانية من دون تصعيد داخلي كبير. ويمكن أن نشهد تسوية تحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف، مثل وضع آلية رقابة على الشحنات القادمة من إيران لضمان عدم استخدام الرحلات لأغراض عسكرية.
في ما خص الموقف الأميركي والإسرائيلي، تلفت المصادر إلى إمكانية بقاء الحظر مع تخفيفه من خلال اعتماد تقنيات حديثة للتفتيش الذي سيكون صارما خصوصا أن واشنطن تراقب أي تحركات قد تعزز قدرات "حزب الله".
وتلفت الحلول التي تقدمت بها الدولة اللبنانية من خلال إرسال طائرات تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط لنقل الركاب العالقين في مطار إيران أو تخييرهم بالسفر إلى العراق والإنتقال من هناك على متن طائرات تابعة للخطوط الإيرانية كلها لاقت اعتراضا من قبل المسافرين. وإذا استمرت إيران في منع طائرات "طيران الشرق الأوسط" من الهبوط في طهران، فسيؤثر ذلك على اللبنانيين المقيمين في إيران والتبادلات الاقتصادية، مما قد يدفع الحكومة اللبنانية لإيجاد حل سريع لتجنب خسائر مالية إضافية.
وتختم المصادر بأن السيناريو الأكثر أرجحية يميل للتوصل إلى حل وسط يرضي الجميع من دون تصعيد كبير، خصوصا أن لبنان لا يحتمل أزمة إضافية في ظل أوضاعه الإقتصادية المتردية. لكن كل هذا السيناريو يسقط في حال تطورت الأمور ميدانيا في الجنوب أو في الداخل اللبناني والإحتمالات مفتوحة لا سيما بعد قرار مجلس الوزراء تمديد مهلة تعليق الرحلات الإيرانية إلى لبنان إلى أجل غير مسمى.