التغيير انطلق وعصر ايران ولىّ...الحزب: انكار لدرجة الانتحار؟
نجوى ابي حيدر
المركزية- في مقابل ثلاثية "جيش ، شعب، مقاومة" تطرح قوى المعارضة في لبنان ثلاثية رئاسية جديدة: تطبيق الدستور بشقه السيادي غير المنفذ(سلاح واحد شرعي على مساحة لبنان)، تطبيق القرارات الدولية 1559 و1680 و1701، السهر على تطبيق نص قرار وقف اطلاق النار.
ثلاثية، تؤكد اوساط المعارضة انها لن تصوت الا لمرشح يلتزم بها. وتقول لـ"المركزية" بتنا في مرحلة لن نقبل ان تشكل استمرارا لمرحلة سابقة. فأي رئاسة واي سلطة تنفيذية يجب ان تسهر على تطبيق الدستور، وزمن ابقاء النصوص شكلية انقضى، فهي لم توضع "للفرجة" والتأمل انما للتنفيذ. البلاد دخلت بعد 27 تشرين الثاني في حقبة جديدة، والرئاسة لا يمكن ان تكون استمرارا لمسار لبنان الساحة المأزوم. اما من لديه اعتراض فليسجله في قاموسه لأنه باعتراضه يخالف ما هو مطلوب دوليا ولبنانيا. حزب الله وحركة امل وافقا من خلال وزرائهما في الحكومة على الاتفاق الذي يطالب بشكل واضح بتطبيق القرارات الدولية وذات الصلة وفي شكل خاص 1559 و1680، اماالتذاكي على اللبنانيين فلم يعد واردا ً بعد اليوم ولا مراعاة الشكليات ولا سياسة "قطعلي تا قطعلك". فيما التذاكي على اسرائيل نتائجه معروفة وقد عاينها الجميع خلال الشهرين الاخيرين على ارض الواقع، وحتى في اليومين الاخيرين وجهت تل ابيب رسائلها النارية وستوجه المزيد منها على الارجح ،في انتظار تسلم الجيش اللبناني مهامه بالكامل في المناطق جنوبي الليطاني.
القرار 1559 هو عنوان المرحلة اذاً. وكل ما يحاول حزب الله ان يوحيه لناسه ان لاشيء تبدّل شكلي، فهو في الجوهر يدرك لا بل بات على يقين ان الاوضاع كلها تبدلت،الا ان كان يريد الانكار لدرجة الانتحار. لو تلقف الحزب فرصا عسكرية عرضت عليه، تتابع المصادر، لما بلغ الدرك الذي بلغه راهناً، فالمكابرة والادعاء اللذان فاقا المنطق والمقبول اديا الى القضاء عليه وهو على الارجح نادم على عدم تلقفه تلك الفرص. وكما عسكريا كذلك سياسياً، لم يعد من مكان للإدعاءات الفارغة وسياسات المكابرة والتهويل بعدما انكشفت الامور على حقيقتها، وان كانت المتغيرات تستوجب بعض الوقت لمعاينتها على ارض الواقع، فالتغيير لا يمكن ان يحصل بكبسة زر ، هو مسار يحتاج الى وقت . لبنان اليوم دخل هذا المسار وقد اشار اليه مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشؤون العربية والشرق الأوسط مسعد بولس بقوله "أن اتفاق وقف اطلاق النار بين لبنان وإسرائيل هو اتفاق تاريخي للبلدين، وستظهر أهميته خلال الأسابيع والأشهر المقبلة. هو قالها بوضوح لا يحتمل التباسا " الاتفاق شامل للغاية ويغطي كل النقاط الضرورية. كان هناك سوء فهم في البداية، خصوصا في لبنان، حيث اعتقد البعض أن الوثيقة تتعلق فقط بالمنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، لكن هذا غير صحيح. الاتفاق يشمل البلد بأكمله، ويتناول مسألة نزع سلاح جميع المجموعات المسلحة، سواء الميليشيات أو الجماعات شبه العسكرية". واذ تحدث عن وجوب الانتظار شهر او شهرين، أشار الى أن "النص واضح جدًا في تطبيق قرارات الأمم المتحدة، سواء القرار 1701 أو 1559. وبموجب هذه القرارات، يُسمح فقط لمؤسسات محددة بحيازة السلاح في لبنان، وهي الجيش اللبناني، وقوى الأمن الداخلي، والجمارك، وشرطة البلدية".
الرئاسة لا بد ان تطابق طبيعة المرحلة، توضح المصادر، والخوف بعد من ان حزب الله كما اساء التقدير عسكريا فتلقى الضربة القاضية، قد يسيء التقدير رئاسيا ايضا ويلقى النتيجة نفسها. لا بدّ ان يفهم اليوم ان لبنان خرج من العصر الايراني الى العصر الاميركي الفعلي. عصر لن يُسمح فيه للحزب ان يعوض في السياسة ما خسره عسكرياً، ليس في لبنان فحسب بل في مجمل الدول حيث يتمتع بحيثية، وما يحصل في سوريا ليس سوى استكمال مسار انهاء الدور الايراني في لبنان، لخنق الحزب، والمضي في مخطط اعادة ترتيب الوضع كله في المنطقة، والتسليم بأن دور ايران وعصرها الذهبي ولّا الى غير رجعة.