Dec 1, 2024 9:32 AMClock
صحف
  • Plus
  • Minus

أي توجّه لحزب الله بعد وقف النار وهل تتجدد إشكالية تطبيق ال1701؟

 لم يجف حبر وقف إطلاق النار حتى خرقته إسرائيل في القرى الجنوبية وعاد المتحدث باسم جيشها أفيخاي أدرعي لإطلاق التحذيرات لسكان جنوب لبنان من العودة إلى قراهم، في وقت بدا أن مهلة الـ 60 يوماً التي نصّ عليها الاتفاق هي مهلة لإعادة التموضع ومحاولة إرساء معادلات جديدة سواء من قبل تل أبيب أو من قبل «حزب الله» الذي يعتبر أن الحرب عليه لم تنته بحسم عسكري بل توقفت عبر مسار تفاوضي بفعل الصمود في الميدان.

وإذا كان «حزب الله» يصرّ على مقولة «النصر» ولو كان «نصراً مرّاً» وفقاً لرئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد بعد اغتيال أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله، فهو التزم لغاية الآن عدم الرد على الخروقات الإسرائيلية لعدم إعطاء إسرائيل ذريعة لمعاودة وتوسيع عدوانها، ولو أن بعض قيادييه ونوابه واصلوا عملية رفع معنويات البيئة الحاضنة والتأكيد على استمرار «المقاومة» خلافاً لما ورد في مقدمة اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان حول القرار 1701 وموضوع نزع السلاح والتي جاء فيها حرفياً «مع الإقرار أن القرار 1701 يدعو أيضاً إلى التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن السابقة (المقصود القرار 1559) بما في ذلك نزع سلاح الجماعات المسلحة في لبنان كلها، بحيث تكون القوات الوحيدة المخولة بحمل السلاح في لبنان هي القوات المسلحة اللبنانية».
وقد عبّر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن صراحة لـ«القدس العربي» عن بقاء المقاومة. ولدى سؤاله عن مصير السلاح جنوب وشمال نهر الليطاني بعد الاتفاق، قال «المقاومة باقية ومستمرة إن شاء الله وهي حاجة وطنية وستبقى حاجة وطنية». وإذا كان «الحزب» الممثل في الحكومة سيلتزم بما ورد في الاتفاق، أجاب «هذه البنود التي وضعت في الاتفاق سنتفاهم على كيفية تنفيذها». ويبدو من كلام الحاج حسن أن «حزب الله» يراهن على عملية الوقت وعلى الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من القرى الجنوبية الأمامية ليعاود بعد فترة تنظيم صفوفه ومحاولة التمسك بمعادلة «شعب وجيش ومقاومة» التي تحدث عنها النائب محمد رعد، وهو ما ترفضه قوى المعارضة التي تقول إنها لن تقبل بالعودة إلى ما قبل 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وإلى ازدواجية السلاح في الدولة.
وفي هذا الإطار، يقول عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك لـ«القدس العربي»: «إن الحديث عن مصير سلاح حزب الله شمال نهر الليطاني لا يمكن طرحه من دون البحث عن مصير لبنان بالمطلق، فنحن نبحث اليوم مصير لبنان وشعب لبنان ومصير التركيبة اللبنانية ومفاهيم الدولة والسيادة». ويرى «أن وقف إطلاق النار كما جرى جاء نتاج بحث خارج إطار القرار 1701 بين الأمريكيين والإسرائيليين وحظي بمباركة دولية، وما نريده اليوم ألا نعود إلى إشكالية التطبيق بعد عام 2006 للقرار 1701. نريد الذهاب جدياً على ألا يكون هناك سلاح فقط في جنوب نهر الليطاني بل أيضاً لا نريد سلاحاً شمال نهر الليطاني. فلا يمكننا نقل حدود الاشتباك اليوم إلى الداخل اللبناني بعد كل هذه المجزرة وهذا الدمار، فهذه إشكالية كبيرة».
وعن رؤيته للنقاط الأربع التي طرحها أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم ومن بينها العمل تحت سقف اتفاق الطائف في مقابل عودة النائب محمد رعد للحديث عن المعادلة الثلاثية، قال يزبك «نريد أن نطوّل بالنا بعض الوقت لنرى كم حزب الله موجود اليوم؟ فأنا أعتبر أنه كما انتهت الحرب سيكون لدينا أكثر من حزب الله وعلينا أن نرى مَن سيكون له الصوت الأعلى في حسم هذه الأمور. ونحن نستمع أكثر إلى الإيراني اليوم لنعرف ماذا يريد، ولكن الخطر في الإيراني أنه من خلال المجزرة التي حصلت في لبنان يقوم بمصلحته فيما نذهب نحن في لبنان فَرق عملة، وندفع ثمنها دماء ودماراً، ونتمنى أن يكون ما جرى عِبرة لكل اللبنانيين وتحديداً لحزب الله ليُعلي منسوب الدم اللبناني الذي يجري في عروقه».
من ناحيته، طرح عضو كتلة الكتائب النائب نديم الجميّل سؤالاً «ماذا سيفعل حزب الله بعد وقف إطلاق النار؟ هل سيعيد تسليح نفسه وتمويله من إيران أو سيترك العمل العسكري للجيش اللبناني وينخرط بالعمل السياسي؟». وقال الجميّل لـ«القدس العربي»: «طالما حزب الله وفريق الممانعة يهللون للانتصار ولفرض هذا الاتفاق بقوة الميدان فعليهم تنفيذ الاتفاق الذي وافقت عليه الحكومة وهم ممثلون فيها» معتبراً أنه «لا داعي لوجود إشكالية في التطبيق، فإما هم منتصرون وعليهم تطبيق القرار 1701 وإما هم خاسرون وفُرِض عليهم الاتفاق فرضاً».
وفي ضوء ما تقدّم، يتبيّن أن مشكلة لبنان لم تكن مع نصوص القرارات الدولية بل كانت في عدم تطبيقها. وهذا ما عانى منه اللبنانيون منذ اتفاق الطائف حيث لم يشمل قرار حل الميليشيات وتسليم سلاحها كل الأحزاب بل اقتصر على «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي وإلى حد ما «حركة أمل» والأحزاب اليسارية، فيما احتفظ «حزب الله» بسلاحه تحت حجة التحرير. وعندما أقرّ القرار 1559 وانسحب الجيش السوري من لبنان غداة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بقي السلاح بيد «الحزب» تحت عنوان أن هذا السلاح يُحلّ بالحوار في إطار الاستراتيجية الدفاعية، ليتكرر السيناريو ذاته بعد حرب تموز/يوليو وصدور القرار 1701 و«إعلان بعبدا». وقد اتهم «الحزب» بعد حرب تموز حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الذي تولى التفاوض بالتآمر عليه، هي التي يغلب عليها فريق 14 آذار مقابل تمثيل الثنائي الشيعي بـ 5 وزراء، فيما تولى التفاوض حالياً الرئيس نبيه بري مفوّضاً من قبل «حزب الله» وأقرّت الاتفاق حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي يتحكّم بأكثريتها «الحزب» وليس فيها وزراء لا للقوات اللبنانية ولا للكتائب ولا لـ«تيار المستقبل».
والواضح أن المجتمع الدولي بعد التجربة أيقن جوهر المشكلة وهذا ما دفعه لوضع آلية لتنفيذ القرار 1701 حالياً وتشكيل لجنة إشراف على التطبيق برئاسة جنرال أمريكي وإحكام الرقابة على حدود لبنان البرية والبحرية والجوية، ما يجعل مرحلة ما بعد 14 آب/أغسطس 2006 مختلفة عن مرحلة ما بعد 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024. وللدلالة على هذا الاختلاف بين المرحلتين وبداية التغيير هو أولاً كلام الشيخ نعيم قاسم عن العمل في الميدان السياسي تحت سقف الطائف، وثانياً موافقة «حزب الله» على التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون خلافاً لموقفه في التمديد الأول حيث حاول تطيير النصاب مع «التيار الوطني الحر» وثالثاً وعي «الحزب» أن لا قدرة له بعد اليوم على تعطيل انتخابات رئيس الجمهورية من أجل فرض رئيسه، وهو ما تجلى بتحديد رئيس المجلس النيابي نبيه بري تاريخ 9 كانون الثاني/يناير موعداً لجلسة انتخاب حاسمة بلا تعطيل وبلا تطيير للنصاب.

المصدر - القدس العربي

إخترنا لك

Flat Ara
Beirut, Lebanon
oC
23 o