إسرائيل أغارت جنوبا في المرحلة الأولى ولم تحتل والثانية مستنسخة بأثمان بشرية ودمار!
جوانا فرحات
المركزية- "عليكم إخلاء منازلكم فورا والانتقال إلى شمال نهر الأولي. ويحظر عليكم التوجه جنوبا فهذا قد يشكل خطرا على حياتكم". بهذا الإنذار توجه الجيش الإسرائيلي إلى أهالي سكان 14 قرية غداة الإعلان عن بدء المرحلة الثانية من عملياته البرية في لبنان.
القرى التي شملها الإنذار وفق المنشور الذي وُضعَ على منصات التواصل هي شقرا، حولا، مجدل سلم، طلوسة، ميس الجبل، صوانة، قبريخا، يحمور، أرنون، بليدا، محيبيب، برعشيت، فرون، غندورية. واللافت أن المتحدث لم يحدد سقفا زمنيا لعودة السكان إلى قراهم، مكتفيا بالقول "سنقوم بإبلاغكم بالتوقيت المناسب للعودة إلى منازلكم حال توفر الظروف الملائمة".
بحسب الإعلام الإسرائيلي تهدف المرحلة الثانية من عمليات الجيش الإسرائيلي في لبنان إلى القضاء على القدرة الصاروخية لحزب الله والضغط عليه بشأن مفاوضات التسوية في لبنان. بدورها أعلنت هيئة البث الإسرائيلية إن الفرقة 36 التابعة للجيش الإسرائيلي بدأت تعميق العملية البرية باتجاه مناطق جديدة في خط القرى الثاني جنوبي لبنان.
الإعلان عن بدء المرحلة الثانية يعني الإنتهاء من الأولى أو ربما الإخفاق فيها. فهل تكون الثانية نهائية وكيف يمكن قراءة الإنتقال إلى هذه المرحلة من عمليات التوغل جنوبا في المفهوم العسكري؟
العميد الركن حسن جوني يوضح لـ"المركزية" "أن الإعلان عن بدء الجيش الإسرائيلي المرحلة الثانية من عملياته البرية يعني وفق تقديرات هذا الجيش أنه انتهى من الأولى وقد أنجزها بنجاح أيضا كما يدّعي، إذ أنه تمكن من تحويل مساحة حوالى 3 كلم إلى منطقة عازلة وذلك من خلال تدمير البنى التحتية على ما ادعى، وبالتالي أصبحت القرى مكشوفة وهذا أمر ضروري لضمان أمن المستوطنات بالشمالية".
يشدد العميد جوني على عنوان الاستراتيجية القتالية التي اعتمدها الجيش الإسرائيلي في المرحلة الأولى والتي تؤشر الى ما سيكون عليه عنوان الثانية ويقول:" في المفهوم العسكري هناك تمايز بين الإغارات والإحتلال. ف"الإغارة" تعني مهاجمة أهداف معينة من أجل تدميرها أو تفجيرها وتدميرها لاحقا وتحقيق أهداف بشرية .باختصار الإغارة تعني التقدم والعودة من المواقع التي دخلها الجيش وقام بتدميرها أو تفجيرها. أما مفهوم الإحتلال فهو التمركز في المواقع التي دخل إليها وتشييد مراكز دفاعية لمنع العدو من العودة إليها. وما حققه الجيش الإسرائيلي في المرحلة الأولى بحسب المفهوم العسكري لا يعدو أكثر من إغارات لكنها من دون شك عنيفة ومدمرة كما رأينا في القرى التي نفذ فيها إغاراته حيث سُوِيَّت قرى عديدة في الأرض لكن الإسرائيلي كان يخرج منها بعد ذلك".
ويرجح العميد جوني أن يبقى هذا النمط من العمليات هو العنوان في المرحلة الثانية أي "الإغارة لكن المواجهة ستكون أعنف وأقسى وسيتكبد الجيش الإسرائيلي خسائر كبيرة في العتيد والعتاد لأن النطاق الثاني المقرر لهذه المرحلة الجديدة مهيأ للدفاع أكثر من نطاق المرحلة الأولى التي كانت قريبة من الحدود، وبالتالي كانت تحت مراقبة الجيش الإسرائيلي حتى في أيام السلم. أما في النطاق الثاني البعيد عن الحدود فحرية التحرك لدى عناصر حزب الله متاحة وهم مهيأون للدفاع وسيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى آليات ومواكبة لوجستية أعمق. وهذا التحرك سيؤدي إلى انكشاف القوات الإسرائيلية وبالتالي استهدافه كما سيجعل القتال لا مركزيا".
أولى بوادر "إخفاقات" الاستراتيجية القتالية التي طبقها الجيش الإسرائيلي في المرحلة الثانية تجلت في مثلث التحرير عندما وقعت قوة إسرائيلية في كمين لحزب الله، ويرجح أن يكون وصل إليها عبر أحد الأنفاق، وذلك لدى محاولتها التقدم باتجاه مثلث التحرير بين عيترون وعيناتا وبنت جبيل، وتم نسف المنزل الذي دخلته المجموعة عند اطراف عيناتا، وسقط حوالى 6 قتلى في عداد الجيش الإسرائيلي.
وفي قراءة عسكرية يقول العميد جوني " أن هناك نقاطا مختلفة في الاستراتيجية القتالية في المرحلة الثانية وسيسعى جهده لتحقيق ما يمكن أن يسميه انتصارا".
حتى الساعة لا يمكن حسم نتائج الحرب الدائرة على أرض الجنوب. ففي وقت يؤكد حزب الله امتلاكه القدرات العسكرية التي تمكنه من تحقيق الإنتصار على رغم سقوط حوالى 5000 قتيل من بينهم حوالى 2000 من عناصر الحزب واغتيال قادة الصف الأول والثاني وعلى رأسهم أمين عام الحزب حسن نصرالله، بالنسبة إلى إسرائيل يكفيها أن تكون دمرت حوالى 14 قرية وضمنت أمن مستوطناتها الشمالية فهذا هو النصر الذي حققته إلى الآن وما تصبو إليه في المرحلة الثانية. "لكن الجواب الواقعي في الميدان " على ما يقول العميد جوني "فالجيش الإسرائيلي حشد 5 ألوية عسكرية منذ بدء عملياته البرية في الجنوب إلا أنه لم يتمكن من احتلال قرية واحدة علما أن المخطط كان يقضي بالتوغل عميقا، إلا ان الخسائر التي مني بها في العديد والعتاد والتماسك لدى الحزب دفعه إلى تعديل الخطة والتراجع عن إدخال الدبابات إلى الجنوب خشية إصابتها بصواريخ "كورنيت" التي يصل مداها بين 5و7 كلم ودفع أثمان بشرية باهظة ولو قبِلَ ذلك لتمكن من الوصول إلى الليطاني بالألوية الخمسة ودباباتها ".
كل هذه المعطيات، تؤكد أن وضع الحزب متماسك ويمنع توغل الجيش الإسرائيلي أضف إلى أن هناك تحكما ناريا من قبل الحزب على النقاط الحدودية واستهدافات متكررة للتحركات الإسرائيلية .
ويختم العميد جوني بالتأكيد على "صمود حزب الله وثباته وعنوان المرحلة الثانية سيكون أيضا إغارات لكن بشكل أقوى وأعنف وتدميرإضافي في القرى وسيظهر لشعبه وسكان المستوطنات الشمالية أنه حقق إنجازاً كما في المرحلة الأولى علما أنه سيعتمد استراتيجية الإغارة وليس الإحتلال".