Jan 26, 2025 11:11 AMClock
خاص
  • Plus
  • Minus

من عليه تفسير تفاهم تشرين لفهم الدعم الدولي لإسرائيل؟

طوني جبران

المركزية - كشفت التطورات المتلاحقة في الساعات الاخيرة من نهاية مهلة الايام الستين عن الكثير من الأخطاء المرتكبة من الجانب اللبناني المفاوض وهي عديدة ولا حجة تكفي لتبرير حجم العجز في التوصل الى  اتفاق قابل للتطبيق في وقت ضاعت فيه اي اشارة  الى مواعيد محددة للترتيبات الخاصة بالانسحاب ومقتضيات المرحلة الاولى من الاتفاق،  والتي كان يجب ان يتضمنها اي تفاهم بهذا الحجم بعدما بقي مطروحا للبحث اكثر من ستة اشهر على الاقل بين اولى الصيغ التي حملها الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين في أيار من العام الماضي واللحظة التي تم التوصل فيها الى التفاهم في 27 تشرين الثاني 2024.

على هذه الخلفيات ،أكدت مصادر سياسية وديبلوماسية لـ "المركزية" ان عددا كبيرا من المسؤولين لفتوا الى خطورة هذه الملاحظات التي تجاهلها الجانب اللبناني سواء تم ذلك عن عجز أو عن سوء تقدير وان عملية تفسير لهذا الأتفاق مطلوبة اليوم قبل الغد ممن صاغه وجاهد من اجله لاشهر عدة، عدا عن مجموعة التصريحات والبيانات التي رافقت تلك الفترة والتي تحدثت عن استحالة  ان يتجاوز الفريق المفاوض حول أي بند من بنوده المس بالسيادة اللبنانية والمصلحة العليا قبل ان تظهر العوارض الكبرى التي تم رصدها في الساعات الاخيرة الماضية والتي جعلت لبنان مكبلا بسلسلة من الترتيبات التي تم التفاهم بشأنها بين تل أبيب وواشنطن دون اي إشارة إلى مشاركة لبنانية في هذه اللحظات الاخيرة.

وعند دخولها في التفاصيل، تحدثت المصادر عن خطأ كبير ارتكب لمجرد فقدان أي جدول زمني تحدث عنه التفاهم يتناول المراحل الزمنية الفاصلة بين اي خطوة واخرى ، فبقيت مهلة الستين يوما وكأنها مرحلة واحدة لا يمكن تجزئتها لمجرد انها لم تتناول برنامجا واضحا للانسحاب الاسرائيلي من القرى المحتلة على مساحة القطاعات الثلاثة من الغربي الى الاوسط وصولا الى الشرقي والآلية المفترض تحديدها لانتشار الجيش الى جانب قوات "اليونيفيل" التي بقيت  في مواقعها الاساسية في تلك المناطق على الرغم من مجموعة الاعتداءات الاسرائيلية التي طالتها ولم توفر مقر قيادتها في الناقورة أكثر من مرة ،كما بالنسبة الى بقاء وحدات الجيش في الكثير من المواقع بعد ان نفذت عملية اعادة انتشار كان لا بد منها في ظل الظروف التي رافقت العمليات العسكرية في المنطقة.

والى فقدان اي برنامج او خطط واضحة لمراحل الانسحاب والانتشار البديل ،فقد تجاهل التفاهم اي بند خاص بوقف العمليات الهندسية لقوات الاحتلال التي واصلتها وتمكنت من خلال عدم وجود أي رادع الاستمرار في تنفيذها  طالما انها لا تحتسب من العمليات بمفهومها العسكري البحت. فأمعنت في أعمال تفجير القرى بحجة انها تستهدف انفاقا كان يستخدمها الحزب في عمق المناطق السكنية فقسمت بعضها  الى شطرين أو ثلاثة بطريقة تسببت بموجات من الهزات الأرضية نتيجة استخدام مئات الأطنان من المتفجرات التي اغرقت المنازل وسوتها شوارع واحياء بالارض، ولم تبق حجرا على حجر. وبقيت لجنة الإشراف والمراقبة على حسن تطبيق التفاهم تتفرج على ما يجري من دون القدرة سوى على احصائها في ظل تبرير فرنسي واميركي لما يقوم به جيش الاحتلال، بحجة ان الجيش اللبناني لن يقوم بمثل هذه المهمات تجاه مواقع الحزب وكميات الأسلحة التي صادرتها قوات الاحتلال وجمعتها في معرض خاص ضمن الأراضي المحتلة وجعلته مفتوحا أمام البعثات الديبلوماسية والعسكرية المعتمدة لديها وزوارها  بطريقة جمعت في اكبرها أكثر من 90 ألف قطعة سلاح من مختلف الأنواع.

وانطلاقا مما سبق، فقد دعت المصادر عينها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قاد المفاوضات وكل من ساهم معه في الاتصالات التي افضت الى التفاهم الى شرح الجوانب الغامضة  منه وخصوصا تلك "القطب المخفية" التي تم اخفاؤها على النواب ومختلف اللبنانيين والتي اوصلت الوضع الى ما هو عليه اليوم من غموض وسط صمت مريب لم يعد مقبولا ،وخصوصا ان الامين العام الجديد للحزب الشيخ نعيم قاسم ومعه نواب الحزب ومن تبقى من قادته والجدد، يحملون الحكومة مسؤولية ما جرى ويسألونها عما يمكن ان تقوم به لمعالجة الوضع في ظل اجواء من التحدي والتهديد بما يمكن ان تقوم به "المقاومة" في اليوم التالي لنهاية مهلة الستين يوما التي استحقت اليوم من دون الاخذ بعين الاعتبار ما تعيشه البيئة الحاضنة للحزب التي تراجعت الى الحدود الدنيا سواء اعترفت القيادة الحزبية بذلك ام تمنعت عنه وبما آلت اليه وخصوصا بعدما تكشفت نتائج  الحرب ليس في الجنوب فحسب ،انما في الضاحية الجنوبية والبقاع وصعوبة توفير التعويضات التي يأمل بها المتضررون وقد تقطعت اوصال الطرق التي كانت مفتوحة بين طهران والضاحية الجنوبية بعد سقوط النظام السوري واقفال المعابر التي كانت تشهد اعمال التهريب المختلفة سواء تناولت المخدرات على انواعها او المواد الغذائية بلا رسوم جمركية لتوفير الحد الادنى من حاجات مجتمعهم وما تنتظره عائلات الشهداء الذين يستفيدون من مختلف الخدمات الاجتماعية والانسانية والصحية.

 وبعيدا من اية تفاصيل اخرى، تنتهي المصادر لتقول ان ساعة الحقيقة دقت ولا بد من دعوة الرئيس نبيه بري قبل غيره ،الذي تباهى بما حققه من تفاهمات  ، إلى تفسير التفاهم الكبير الذي تم التوصل اليه في 27 تشرين الثاني الماضي، من أجل إنهاء مجموعة القراءات "الهمايونية" التي تثير السخرية من أي محاولة لتجاوز  مفاصل مهمة من بنوده  بغية إغفال ما هو واضح وصريح لا يقبل اي جدل يسعون اليه توصلا الى الاحتفاظ باسلحتهم لاهداف لم تعد قابلة للاستيعاب حتى من البيئة الضيقة التي كانت تستفيد من كل ما هو غير طبيعي وعادي. وقد أمعن العديد من مسؤولي الحزب وممن يدورون في فلكه بجمع ما لم يكن يوما من حقوقهم كمواطنين، الى درجة وفروا فيها الذرائع التي يستفيد منها الاسرائيليون للامعان بما يقومون به من ممارسات في الجنوب وخارجه وفي سماء لبنان بما  يبرره لهم المجتمع الدولي، وقد كان فاقعا ان ترجمته الموافقة الاميركية على تمديد فترة احتلال القرى الجنوبية لأسباب واهية ،فليس هناك اية مخاطر تدفعهم الى ما يقومون به من أعمال تخريب بطريقة تمنع عودة الحياة الطبيعية اليها لعقود من الزمن  قبل اعادة بناء ما يمكن بناؤه من جديد.

إخترنا لك

Flat Ara
Beirut, Lebanon
oC
23 o