المركزية- هل عاد شبح الحرب الاسرائيلية على لبنان بعدما طواه بهدنة وقف اطلاق النار التي امتدت زهاء خمسة اشهر حتى اليوم ؟ وهل تقلب عودة الغارات على الضاحية الجنوبية، بما حملت من رسائل للدولة اللبنانية عشية الجولة الاولى من الانتخابات النيابية الاحد المقبل، والرابعة من المفاوضات النووية الاميركية- الايرانية، الامور راساً على عقب، فيعود لبنان الى ما قبل 27 تشرين الثاني 2024، ام ان السلطة السياسية تلقفت الرسالة؟
اسئلة تراكمت دفعة واحدة على ألسنة اللبنانيين بعدما عاينوا الغارة العنيفة على مخزن لحزب الله في الضاحية وسمعوا تهديدات رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، فاستعادوا مشاعر الخوف والهلع التي تجلّت بوضوح في زحمة السير التي شهدتها الطرق من المنطقة المهددة.
اطلاق الغرفة: بين الضربات العسكرية الاسرائيلية والانتخابات البلدية توزع الاهتمام الداخلي. باكرا صباح اليوم، أُطلقت غرفة العمليات المركزية الخاصة بالإنتخابات البلدية والإختيارية في وزارة الداخلية والبلديات في حضور رئيس الحكومة نواف سلام ووزير الداخلية أحمد الحجار، الذي أعلن أن وزارة الداخلية جاهزة للاستحقاق البلدي ويجب أن يتم بوقته، مشيرًا الى أنّ لدينا قوى أمنية وجيشا فاعلا على الأرض .أما رئيس الحكومة نواف سلام فأكّد أن الانتخابات البلدية والإختيارية ستتم في موعدها المقرر، مشدداً على أنها استحقاق دستوري وديموقراطي وأن الحكومة قد التزمت بتنظيم هذه الانتخابات. وأوضح خلال زيارة لمقر وزارة الداخلية أنه تأكد من استعداد الوزارة التام للإشراف على العملية الانتخابية بعد جولة قام بها في الوزارة. وأضاف سلام: "لقد وعدنا بأن الانتخابات ستُجرى في موعدها المحدد، وهي استحقاق دستوري وديمقراطي، وقد وفينا بهذا الوعد. بعد الجولة التي قمت بها، تأكدت من جاهزية وزارة الداخلية لتنظيم العملية الانتخابية". وأشاد بالتدابير الأمنية واللوجستية التي تم اتخاذها لضمان أمن سير الانتخابات، مؤكدًا أن هذه الخطوة تعزز العملية الديمقراطية في لبنان." كما دعا رئيس الحكومة الشباب اللبناني إلى الترشح والمشاركة في الانتخابات البلدية والإختيارية، معتبراً أن هذه فرصة لهم للتأثير في الحياة السياسية. وأشار سلام إلى أن الانتخابات البلدية تعد خطوة أولى نحو تحقيق اللامركزية الإدارية الموسعة في لبنان، وهو ما يعكس التزام الحكومة باستكمال ما لم يتم تطبيقه من اتفاق الطائف.
القرار اتخذ: في الاثناء، وغداة الغارة الاسرائيلية المفاجئة على قلب الضاحية الجنوبية بعد ظهر امس، ابلغ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وفدا من مجلس الشيوخ الفرنسي استقبله قبل الظهر ، في حضور القائم بالاعمال الفرنسي برونو دا سيلفا، ان "قرار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية متخذ وفق ما ورد في خطاب القسم وتتم معالجته بهدوء ومسؤولية حفاظا على السلم الأهلي في البلاد". واكد الرئيس عون ان "الجيش اللبناني يقوم بواجبه كاملا جنوب منطقة الليطاني وفقا للاتفاق الذي تم التوصل اليه في تشرين الثاني الماضي ويواصل تنظيف القرى والبلدات التي ينتشر فيها من الذخيرة والمظاهر المسلحة، علما ان وحدات الجيش تعمل في منطقة واسعة ما يتطلب وقتا لاستكمال مهماتها". ولفت الى ان "العائق الأساسي الذي يحول دون وصول الجيش الى الحدود هو وجود خمس تلال يحتلها الجيش الإسرائيلي، علما ان لا قيمة عسكرية لهذه التلال، لكن رفض الإسرائيليين الانسحاب منها يعقد الأمور ويمنع الاستقرار على الحدود، الامر الذي يجعل الانسحاب الإسرائيلي من هذه التلال امراً ضرورياً ليستكمل الجيش انتشاره وتكون الدولة اللبنانية قد بسطت سلطتها على كامل أراضيها". واذ اكد الرئيس عون للوفد الفرنسي ان "الجيش يقوم بواجباته في منطقة شمال الليطاني أيضا"، لفت الى انه "منتشر على الحدود الشمالية والشرقية أيضا ويتولى حمايتها والقيام بالمهام المطلوبة منه لا سيما مكافحة الإرهاب ومنع تهريب البشر والمخدرات من البر والبحر، إضافة الى مهمة الحفاظ على الامن في الداخل وغيرها من المهام التي يقوم بها على الرغم من قلة عديده وتجهيزاته وتقاضي العسكريين رواتب متدنية قياسا الى الأوضاع المعيشية الصعبة". كما اكد ان "العودة الى لغة الحرب ممنوعة وان هذا الامر تبلغه جميع المعنيين وهو مطلب لبناني جامع"، مشددا على ان "معالجة موضوع حصرية السلاح تتم بمسؤولية وطنية عالية حماية للسلم الأهلي في البلاد". وعرض الرئيس عون للوفد الإنجازات التي تحققت منذ تشكيل الحكومة ونيلها الثقة والتدابير الإصلاحية التي اتخذتها والتعيينات التي أجرتها والقوانين التي اقرها مجلس النواب وتلك التي تنوي الحكومة احالتها اليه، ولفت الى ان "هذه الإصلاحات حاجة لبنانية قبل ان تكون مطلبا خارجيا".
في عين التينة: وزار وفد مجلس الشيوخ الذي يضم رئيس لجنة الإتصال والتضامن مع الأقليات في الشرق الأوسط إتيان بلان، نائب رئيس مجلس الشيوخ لوي هيرفي، نائبة رئيس لجنة التضامن مع الاقليات في مجلس الشيوخ جيزيل جوردا، رئيس مجلس النواب نبيه بري في حضور مستشار رئيس المجلس النيابي محمود بري وتناول اللقاء الاوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا.
رجي: من جهته، استقبل وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلّحة في مجلس الشيوخ الفرنسي السناتور أوليفييه كاديك، وتمّ التداول بمستجدات الأوضاع في لبنان والمنطقة.
التوقيت الاسرائيلي: في المقابل، رأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين في مداخلة عبر إذاعة "سبوتنيك"، أن "الإستهداف الإسرائيلي الأخير للضاحية الجنوبية لبيروت، هدفه إضعاف لبنان في موقفه السياسي والضغط على الدولة لزعزعة الإستقرار الداخلي والسلم الأهلي"، واعتبر ان "إسرائيل لا تريد أن يصبح لبنان بلدا ذات موقف قوي لمواجهته، إن كان في وحدته الوطنية أو في قدراته وإمكاناته أو من خلال ما يمثله "حزب الله" من حالة معنوية وقوة شعبية، فهي تريد تفكيك هذا الالتحام بالحزب بمثل هذه الغارات". واذ لفت الى أن "إسرائيل تريد استكمال ما تقوم به"، اكد ان "الدولة اللبنانية و"حزب الله" التزما بكل مندرجات التفاهم والاتفاق، واسرائيل ضربت هذه التفاهمات بعرض الحائط بغطاء أميركي واضح وموقف فرنسي ضعيف وصامت، وهذا سيؤدي في نهاية المطاف إلى أن الدولة والشعب والمقاومة سيكونون في موقع واحد وخيار واحد وهو خيار المواجهة بكل الوسائل الممكنة والمتاحة". ونفى عز الدين أن يكون ما "استهدفته إسرائيل مصنع صواريخ يتبع لـ"حزب الله"، مؤكدا انها "إدعاءات زائفة، والجيش اللبناني والأجهزة الأمنية على معرفة بذلك". واشار الى أن "المطلوب اليوم على الأقل أن يستعدي وزير الخارجية والمغتربين سفراء الدول ويضعهم أمام هذه الحقيقة وهي التزام لبنان بوقف إطلاق النار مقابل عدم التزام إسرائيل"، وقال "على الوزير ان يستدعي السفراء ويقدم شكوى ويوظف كل صداقاته وعلاقاته العربية والإسلامية ليمارس الضغط على الولايات المتحدة وفرنسا، لجنة الإشراف على تنفيذ هذا الاتفاق"، مشددا على "ضرورة أن تكون هناك جدية في المتابعة والمسؤولية وحماية الناس في منازلهم". وعن علاقة هذه الضربة بالمفاوضات الإيرانية - الأميركية، أكد عزالدين "ارتباطها بها"، وشدد على أن "حزب الله" لن ينجر إلى التوقيت الذي تريده إسرائيل".
القوات ترد: من جانبها، ردّت الدائرة الإعلامية في حزب "القوات اللبنانية"، على كلام عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي فياض، الذي قال "لا يستهيننّ أحد بقوّة حزب الله، حزب الله ما زال هو الحزب الأكبر على المستوى الشعبي في هذا البلد". وأوضحت الدائرة أنّ "لا مشكلة لدينا على الإطلاق بهذا الكلام، ولكن المشكلة هي في عدم انتقال الحزب إلى الحياة السياسية حصراً من انتخابات وما يتبعها من قواعد اللعبة السياسية، وليأخذ عند ذاك التأثير الذي تمنحه إياه الناس، وهذا أمر يدخل في صلب نظامنا اللبناني، إلا أنّ "حزب الله" ما زال، وبخلاف رأي الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، مصرّاً على الاحتفاظ بسلاحه الذي أثبت عدم جدواه على الإطلاق، ولا بل دفع هذا السلاح لبنان إلى هاوية يصعب الخروج منها، وقد دمّر في السنتين الأخيرتين فقط 30 قرية حدودية فضلاً عن دمار طال عشرات البلدات، وأودى بحياة آلاف وألاف اللبنانيين، وأدى إلى إصابة عشرات الآلاف، وخسائر اقتصادية تُقدّر ما بين 10 و15 مليار دولار، وهذا ناهيك عن دوره المنهك للبنان والمستجر للحروب أقله منذ خروج جيش الأسد من لبنان في العام 2005". وأضافت في بيان: "إن الدولة اللبنانية الممثلة الفعلية للشعب اللبناني هي التي تعرف وتُحدّد مصادر وعوامل قوة لبنان، ومصادر وعوامل ضعفه، وليس حزباً بعينه". وتابعت: "رأى فياض أنّ ما يسمى “المقاومة قامت بما عليها في ما يتعلق بجنوب النهر، وأمّا ما يتعلق بشمال النهر هو مسألة سيادية لا شأن للأميركي ولا للإسرائيلي ولا لأي طرف عربي فيها". إنّ هذه المسألة السيادية بالذات كانت في جوهر اتفاق الطائف وصلبه، وقد نص بوضوح شديد على ضرورة احتكار الدولة وحدها للسلاح في لبنان كله، كما نصّ على التمسُّك باتفاقية الهدنة، وذلك بخلاف كلّ ما قام به "حزب الله" من انقلاب موصوف على هذا الاتفاق" واعتبرت أنّ "احتكار الدولة للسلاح هو أمر سيادي للدولة اللبنانية ولا علاقة لأي دولة به، ويتوقّف عليه قيام دولة فعلية في لبنان من عدمه، والأكثرية الساحقة من اللبنانيين باتت تواقة لقيام دولة فعلية، وهذا يقتضي احتكار الدولة للسلاح، وإمساكها وحدها بالقرار العسكري والأمني”.
في الخيام: ميدانيا، وبينما اغار الجيش الاسرائيلي على منطقة مفتوحة في عيترون من دون وقوع اصابات، تفقد قائد الجيش رودولف هيكل الوحدات العسكرية المنتشرة في الخيام.