Jun 9, 2025 4:50 PMClock
خاص
  • Plus
  • Minus

التحريض بالقتل المباشر لا يقل خطورة عن التواصل مع العدو بالمباشر...عودوا إلى الدستور!

جوانا فرحات

المركزية- منذ يومين، انتشر مقطع فيديو - ولا يزال يُبحر على صفحات وسائل التواصل الإجتماعي – وفيه يظهر "مستقوٍ بشعار المقاومة" يقول "إن محطة "إم تي في" تحرّض على سفك دماء أهل الضاحية الجنوبية بذريعة وجود مصنع لإنتاج المسيرات وآخر للأسلحة .كما أدعو إلى سحق حزب القوات اللبنانية ومحوه من سجل الأحزاب في لبنان وقتل من يجب قتله من نواب ووزراء في الحزب وصولا إلى رئيس الحزب سمير جعجع، وإحراق محطة "إم تي في" .ولو كانت هناك دولة لوضعتهم جميعا في السجن. أما والدولة غائبة ومتآمرة سنأخذ نحن كبيئة الحزب الإجراءات بحقهم". كلام فعلا برسم العهد الجديد والقضاء والدولة.

بالتوازي وعلى خط آخر، صدر عن وزير الإعلام في حكومة العهد الجديد بول مرقص بيان خاطب فيه عبر وزارة الإعلام  "جميع المواطنين والمؤثرين والفنانين والإعلاميين"، وحذّر فيه "من أي تواصل مباشر أو غير مباشر مع المتحدثين باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أو الجهات الإعلامية التابعة له، تحت أي ذريعة كانت. ويُعدّ هذا النوع من التفاعل خرقاً واضحاً للقوانين اللبنانية المتعلقة بمقاطعة العدو الإسرائيلي والامتناع عن التواصل معه، ويعرّض صاحبه للمساءلة القانونية وفقاً للنصوص المعمول بها".

يستحق هذان المشهدان التوقف عندهما أقله لجهة عدم تطرق أي من الأجهزة الأمنية أو الوزراء المعنيين بدءا بوزير الإعلام إلى هذا الفيديو الذي سواء كان " يستحق التوقف عنده أم لا" أو أنه مفبرك،  إلا أن "مجاهرة صاحبه بالصوت والصورة في التحريض على قتل وزراء ونواب في حزب القوات اللبنانية وصولا إلى رئيسه  وإحراق محطة تلفزيونية لا تتكلم بثقافة حزب الله، فهذا يعني أن سياسة الصيف والشتاء لا تزال تمارس تحت سقف العهد الجديد وأن التهديد والتحريض على القتل لا يقل خطورة عن التخاطب غير المباشر مع إسرائيل، هذا إذا افترضنا قانونا أن هناك ما يعرف بالتخاطب غير المباشر.

نبدأ من القانون، فالبيان التحذيري يستند بحسب القانون إلى ما ورد في نصوصه وفيه" إن التعاون والتعامل مع العدو والإتصال معه يجرمه قانون العقوبات. وفي لبنان، يُعد "التواصل أو التعاون مع دولة إسرائيل أو العمل لمصلحتها من أخطر الجرائم التي تُهدد أمن الدولة واستقرارها الداخلي. ويعاقب القانون اللبناني بشدة على أي محاولة للتواصل أو التخابر مع العدو أو العمل لتحقيق مصالحه، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر".

ووفقاً للمادة 278 والمادة 274 و 275 من قانون العقوبات اللبناني، "يُعاقب كل من يتصل بالعدو الصهيوني أو يعمل على تحقيق مصالحه بهدف الإضرار بالدولة اللبنانية أو زعزعة أمنها واستقرارها بالأشغال الشاقة المؤقتة أو الدائمة". وحسب القانون أيضاً، فإن "أي محاولة لإثارة الفتنة أو الانقسامات داخل لبنان لصالح العدو تُعد خيانة عظمى. ويعاقب مرتكبها بأشد العقوبات، بما في ذلك الأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعدام في بعض الحالات".

ما ورد في القانون يسري على كل اللبنانيين أو هكذا يفترض أن يكون،  ومن يخالفه يعاقب أيضا بموجب القانون. لكن ماذا عن "سمفونية" تحريض مجموعات من بيئة حزب الله على قتل أشخاص لأنهم لا يأتمرون بمفهوم اللا دولة، وأي قانون يمنعهم أويجرّمهم. وهل إن سياسة التعمية تسري على فريق، واليقظة التامة على فريق آخر تحت سقف واحد؟

المحلل السياسي المحامي أمين بشير يقول لـ"المركزية" "ان ما ورد على لسان صاحب الفيديو جريمة يعاقب عليها بموجب القانون فهو يهدر دماء فئة من اللبنانيين وبذلك لا يختلف عن بيئة تنظيم داعش الذي يهدد ويهدر دماء كل من يخالف عقيدته الدينية والسياسية".

وإذ لا يخفي بشير أن هذا الفيديو وسواه من الصور والمنشورات التي تنضح بسموم التحريض على رجالات الدولة وسيادييها يرتبط بثقافة الموت والخارجين عن مفهوم الدولة، إلا أنه يشير بأن الدوافع باتت واضحة "فهذه الجماعات تعتمد سياسة الإستقواء بسبب عجزها وفشلها في محاربة إسرائيل وبعدما هُزمت في ما أسمته بحرب الإسناد. ولو كانت هناك دولة كما يدّعي صاحب الفيديو لكان يفترض أن يكون اليوم وراء قضبان السجن لأنه يحرض على القتل المباشر".

أما في السياسة يتابع"فالأجدى بنا أن نشفق عليه وعلى أمثاله لأنهم يقاتلون طواحين الهواء لإبعاد الأنظار عن المآسي التي تسببوا بها لبيئتهم وللشعب اللبناني ككل. ومن واجب الدولة بأجهزتها الأمنية والقضائية ومسؤولية وزير الإعلام محاسبته حتى يشعر المواطن أنه يعيش في كنف دولة. وبالتالي لا يجوز أبدا الإستخفاف بهذه الأساليب التحريضية التي تصدر عن اتباع حزب لا يؤمن بفكرة لبنان وقد  لمس اللبنانيون نتائجها من اغتيالات وتفجيرات".  

الإجراءات القانونية وفق الأصول المعتمدة في حالات التحريض بالقتل المباشر يفندها بشير بالتالي" بداية من قام بفعل مماثل تنطبق عليه تهمة إثارة النعرات الطائفية والتحريض على القتل. وبعد استدعائه من قبل النيابة العامة يتولى النائب العام التمييزي التحقيق معه كون التجرم حسي بالصوت والصورة وتراوح العقوبة بالسجن من 6 أشهر إلى سنة كونها ترقى إلى مستوى الجناية"..

ويختم بشير مؤكدا ضرورة احترام مبدأ حرية التعبير الذي ورد في الدستور "لكن ما ورد في فيديو التحريض والتهديد يعاقب عليه صاحبه وفق القانون. أما مفهوم "التواصل غير المباشر" مع إسرائيل فلا يوجد نص في الدستور يعاقب على جرم غير موجود أو ملموس .هناك أصول للتواصل، فإذا ثبت أن أحدا ما تواصل مباشرة مع إسرائيل يتم تجريمه وكل من يحرّض على القتل يعاقب فكيف إذا كان التهديد بالمباشر؟".  

إخترنا لك

Flat Ara
Beirut, Lebanon
oC
23 o