المركزية- يطوي لبنان اليوم صفحة الاستحقاق البلدي والاختياري، الذي امتد على 4 مراحل، وقد خرج منه عهدُ رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون وحكومةُ الرئيس نواف سلام، بانجاز سيُسجَّل لهما، محليا ودوليا، في بلد اعتاد تهميش الاستحقاقات الدستورية وضرب مواعيدها عرض الحائط. وبعد ان نفضت الدولة عنها هذه الصورة القاتمة، ستَفتح، بإصرار من قادتها، صفحةَ انجازاتٍ اضافية، سيكون عنوانها في المرحلة المقبلة "حصر السلاح"، بوجهَيه "الفلسطيني" (قد انطلقت بزخم على هذا الخط) واللبناني ايضا، حيث لا ينفك الرئيس عون وسلام يؤكدان التصميم على تطبيق اتفاق وقف النار واتفاق الطائف لناحية حصر السلاح وقرار الحرب والسلم، بيد الدولة اللبنانية. على اي حال، جني لبنان ثمار هذا السلوك لن يتأخر، حيث تفيد المعلومات ان اللجنة الفنية السعودية المتخصصة برفع الحظر عن زيارة السعوديين لبيروت، ستصل الى لبنان في عيد الأضحى اي الاسبوع المقبل، على وقع ترقب وصول 200 الف سائح سعودي الى لبنان هذا الصيف.
عملية سلسة: أما اليوم، وعشية عيد المقاومة و"التحرير" الذي لم ينجح "السلاح" في حمايته، فتفرّدت "انتخابات الجنوب والنبطية" بالحدث الداخلي. حتى ساعات بعد الظهر، كانت العملية الانتخابية (التي فازت فيها 109 بلديات بالتزكية من اصل 272 بمسعى تولاه في شكل اساسي الثنائي امل - حزب الله) تسير بسلاسة وهدوء ولم تُسجل اي اعتداءات اسرائيلية تُذكر، او اشكالات، إلا محدودة ومتفرقة، كالاعتداء على المرشّح حسيب عودة عن لائحة "صور مدينتي" في تكميليّة صور، في حين شهدت جزين الحماوة الانتخابية الأشد ونسبة المشاركة الاعلى، مع تنافس لائحتين الاولى مدعومة من التيار الوطني الحر وحلفائه، والثانية من القوات اللبنانية.
إرادة الحياة أقوى: وكما في الجولات الانتخابية السابقة، واكب الرئيس عون ووزير الداخلية احمد الحجار منذ الصباح الباكر، العملية الانتخابية. استهل الرئيس عون جولته التفقدية جنوبا، من غرفة العمليات في سرايا صيدا، حيث دعا "الجميع للتصويت بكثافة لاختيار الخيار الصحيح الذي يمثل إنماء القرى"، معتبرًا أن هذه الإنتخابات إنمائية ودليل على أن إرادة الحياة أقوى من الموت وإرادة البناء أقوى من الهدم، ومثنيًا على عمل الأجهزة الأمنية والمتابعة الدقيقة لإنجاح هذه العملية. وأضاف " اليوم ليس فقط عيد التحرير وإنّما عيد الديمقراطية والخيار الصحيح، وصوّتوا للخيار الصحيح". وقال ردا على سؤال "في ضمانات وتفضّلو صوّتوا". ثم انتقل من صيدا إلى سراي النبطية وقال "رغم الاعتداءات الاسرائيلية ابن الجنوب مصمم على اجراء الانتخابات وهذه ارادة الصمود والحياة، هذه الفرصة لابن الجنوب للمساهمة في الإنماء فالمشاركة في بناء البلدة وبناء لبنان الغد لأجل جيل المستقبل هي واجب ومسؤولية". وتابع " نتمنّى أن تنتهي الإنتخابات على خير وأن تمهّد للإنتخابات النيابيّة العام المقبل". ايضا، أدلى الرئيس عون بصوته في الانتخابات في بلدته الجنوبية "العيشية". وبعد الاقتراع، قال: أصوّت للمرة الأولى بعدما كنت أحمي الانتخابات لمدة 40 سنة. صوتي هو لإنماء البلدة بالتزكية أو بالعمليّة الديمقراطيّة ومن ينجح يمثّلني.
لن نستكين الا بالتحرير: من جانبه، اعتبر الوزير الحجار أن "لبنان ينهض دائماً وها نحن نواكب انطلاق العملية الانتخابية بآمان ونعالج النواقص اللوجيستية ومعظم الشكاوى حتى الآن لا تحمل طابعاً جدّياً". وقال خلال جولته مع انطلاق العملية الانتخابية في محافظتي الجنوب والنبطية "قمنا بعدد من التوقيفات بسبب تقديم رشاوى ونأمل بأن تكون انتخابات الجنوب بداية لعودة الحياة". ومن سراي مرجعيون قال الحجار "نقول لشعبنا الصامد في الجنوب ان الدولة موجودة معكم والى جانبكم ونأمل ان تكون الانتخابات مناسبة لتجديد العمل البلدي وتفعيله واول خطوة لاعادة اعمار الجنوب ولبنان الجديد.". وأشار الى أنّ "وجود الجيش الاسرائيلي في الجنوب امر مستنكر ومرفوض والحكومة تقوم بكل الجهود الممكنة." بعدها، وصل الحجار الى بلدة شبعا وأعلن " كل الإتصالات الديبلوماسية مطمئنة ونحن متمسكون بسيادة الدولة الحاضرة إلى جانب الشعب"، وقال الحجار: "الإعمار بدأ وبالنفوس قبل الحجر ورغم الإمكانات الضئيلة إلا أن إرادة الشعب أقوى". وقال " الدولة لن تستكين إلا بتحرير كل جزء من أراضيها".
الانتهاكات لن تثنينا: على الصعيد الامني ايضا، ووسط حضور كثيف للجيش اللبناني على الارض، تفقَّدَ قائد الجيش العماد رودولف هيكل غرفة العمليات المركزية في منطقة الجنوب في ثكنة محمد زغيب – صيدا، حيث استمع إلى إيجاز حول الإجراءات الأمنية التي تنفذها الوحدات العسكرية المنتشرة بهدف حفظ أمن العملية الانتخابية. كما تفقَّد قيادة لواء المشاة الخامس في البياضة، واستمع إلى إيجاز حول الانتشار في قطاع عمل اللواء والتدابير الأمنية المتّخذة لمواكبة الانتخابات. وفي السياق، أكد العماد هيكل أن نجاح العملية الانتخابية يكتسب أهمية كبيرة في ظل التحديات الاستثنائية الحالية، وتوجّه إلى العسكريين بالقول "إن نجاح العملية الانتخابية دليل على تمسُّك أهالي الجنوب بأرضهم، ووجود الجيش هو أحد أهم عوامل الاطمئنان والصمود بالنسبة إليهم". وأضاف "رسالتنا هي أن الجيش يقف بحزم إلى جانب اللبنانيين، وأن العدو الإسرائيلي الذي يواصل انتهاكاته لسيادة لبنان واحتلاله جزءًا من أرضه لن يُثني المؤسسة العسكرية عن أداء مهماتها على أكمل وجه". وختم متوجهًا إلى العسكريين بالقول "الجيش ضمانة الاستقرار، والمؤسسات الأمنية هي أحد الأركان الأساسية للدولة، اللبنانيون يتطلعون إليكم من أجل ضمان مستقبلهم فكونوا على قدر ثقتهم وآمالهم".
أم المعارك: على ضفّة جزين، أمّ المعارك، وفي حين سُجلت مواكب سيارة لحزب الله جابت المدينة، أكّدت عضو تكتل الجمهورية القوية النائب غادة أيوب أنّ "جزّين مدعوّة لمواكبة التغيير"، مضيفةً "مرفوض أن يضع "حزب الله" عبر "التيّار الوطني الحر" يده على أراضينا في جزين". وقالت في حديث تلفزيوني، ان "التيّار الوطني الحر حوّل الانتخابات إلى معركة سياسيّة ومستفيدون من دعم جمهورنا"، وتابعت "خلّي التيّار عالمدخل ونحن بالقلب". وتابعت متوجهة لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل "لاقي شي قرنة شك فيها العلم"!
استعادة ألوانها: الرد لم يتأخر حيث كتب باسيل على منصة "أكس": الجنوبيين عم يوجهوا رسالة التمسك بالأرض والتيار بصلب النسيج الجنوبي بيدعي للتصويت بكثافة ليبقى الجنوب حرّ لأهله، من الزهراني لصيدا لصور وبنت جبيل ومرجعيون والنبطية لجزين القلعة. جزين قلعة كبيرة وقلبها كبير وبتساع الدني كلها، اليوم عم تستعيد ألوانها والليلة منشك العلم على أسوارها.
تسليم الرأس: على صعيد آخر، وبعد اتصالات قام بها مسؤولو "القوات اللبنانية" مع السلطات السورية، وبعد متابعات لمديرية المخابرات في لبنان مع السلطة في سوريا، سلّمت الأخيرة أحمد نون للسلطات اللبنانية. وأحمد نون هو رأس العصابة التي خطفت وقتلت المسؤول في "القوات اللبنانية" باسكال سليمان العام الماضي. ومع تسليم نون وإلى جانب الأربعة الموقوفين، تكتمل كل مقوّمات إظهار الحقيقة في قضية اغتيال سليمان.