العبسي في جنازة ايلي نسناس: وطني دافع عن قطاع التأمين في أحلك الظروف
المركزية - رأس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسي الصلاة الجنائزية للراحل إيلي نسناس شقيق رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي السابق روجيه نسناس في كنيسة القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم
في مطرانية بيروت للروم الكاثوليك عاونه راعي الابرشية المطران جورج بقعوني وعدد من مطارنة الطائفة اضافة الى حشد من الاباء بحضور نواب ووزراء حاليين وسابقين وسياسيين وامنيين وسفراء وقناصل وقضاة ونقباء مهن حرة ورؤساء مجالس بلدية وحشد من رجال الاعمال ومن قطاع التأمين اضافة الى اهل الفقيد ومحبيه واصدقائه .
وبعد الانجيل المقدس القى العبسي كلمة تأبينية قال فيها:
"ها نحن اجتمعنا في هذه الرتبة الجنائزيّة الخاشعة لنرافق بالصلاة مع الكنيسة أخانا المنتقل إيلي نسناس في عودته إلى البيت الأبويّ، إلى الملكوت السماويّ. اجتمعنا بألم المحبّين وحزنهم بلا شكّ لأنّ إيلي كان لونًا جميلاً ونغمًا عذبًا في حياتنا، ولكنِ اجتمعنا بفرح المؤمنين أيضًا لأنّنا أبناء القيامة نؤمن بقول يسوع "أنا القيامة والحياة من آمن بي وإن مات فسيحيا". اجتمعنا لنضع بين يدي الخالق هذا الابن البارّ إيلي الذي أحبّ الله والكنيسة والوطن.
يعلّمنا الإنجيليّ يوحنّا أنّ الله محبّة. والمحبّة هي مصدر الحياة. والله حيّ لأنّه محبّة. فقيدنا الغالي إيلي هو حيّ في قلوبنا ما دمنا نحبّه. هذا ما يولّد فينا الفرح والسلام بالرغم من الحزن والألم اللذين يخلّفهما فراقه. أبصر النور في الثاني والعشرين من تشرين الأوّل من عام 1957 في عائلة لبنانيّة مسيحيّة عريقة متأصّلة في الوطنيّة وفي الإيمان المسيحيّ، منها تعلّم حبّ الوطن وحبّ الكنيسة ومنها نهل الإيمان وعاش عليه طوال حياته، فكان من المؤمنين الساعين إلى مصادقة الله والعيش معه بفرح وانشراح، وقد تجلّى ذلك في أخلاقه الدمثة وفي علاقاته الطيّبة وفي معشره الحلو. وقد ظهر ذلك أيضًا بكونه زوجًا صالحًا وأبًا عطوفًا متابعًا دومًا مع شريكة حياته لمسار أولاده في تحقيق النجاح رافضًا الاستسلام والخنوع. لذلك هو الآن حيّ في قلب زوجته الكريمة وأولاده المحبوبين، حيّ في هذه العائلة التي جمعتها المحبّة ووحّدتها في جميع أحوال حياتها والتي كانت من حوله مثل كرمة مخصبة وزيتونة مفرعة ومصدر قوّة ورجاء.
أمّا في العمل فقد كان مصرًّا على مساعدة المؤمّنين لدى الشركة والموظّفين الذين سوف يفتقدون وجوده ونصائحه وضحكته الناعمة التي كانت تخفي متاعب الحياة. وفّر النجاح لشركته وكان المدافع الأوّل عن القطاع التأمينيّ لا سيّما في أثناء ترؤّسه جمعيّة شركات الضمان في أحلك الظروف التي مرّ بها لبنان، بدءًا من الانهيار الماليّ ومرورًا بانفجار مرفأ بيروت، إذ قد كانت شركته في مقدّمة من بلسم جراح المصابين والمتضرّرين، لا يترك مؤمّنًا غير راضٍ أو غير مرتاح، حتّى إنّه بات السمة الواضحة في هذا القطاع والمدافع الشرس عن مطالبه. وهل من عجب؟ فقد قضى أكثر من أربعين عامًا في صناعة التأمين. في عام ألفين التحق ب AXA الشرق الأوسط كمدير عامّ حتّى تاريخ انتقاله، وقد كان قبلًا من 1990 إلى 2000 مديرًا عامًّا لل UAP في لبنان، وبين 2021 و2023 رئيسًا لاتّحاد المؤمّنين اللبنانيّين ACAL، بالإضافة إلى كونه عضوًا في هيئة ال Global Med Lebanon و Global Med Limited.
نحن نعلم من الكتاب المقدّس أنّ الله تعالى خلق الإنسان على صورته ومثاله، ولــمّا رآه قال عنه إنّه حسن جدًّا جميل جدًّا. وعندما تودّع الكنيسة أبناءها تذكّر الله بذلك مصلّية وطالبة إليه أن يعيد إليهم برحمته هذا الجمال الذي تكون طبيعته البشريّة الضعيفة الجريحة قد شوّهته. ونحن نؤمن أنّ الإنسان جميل جدًّا لأنّه صنعُ الله إلاّ أنّه ليس كذلك إلاّ إذا كان مقيمًا مع الله، ولا يكون كذلك إلاّ إذا عاش في صحبة الله. هكذا كان أخونا المنتقل إيلي عائشًا في صداقة مع الله. كان رجل الإيمان. الإيمان بالله والإيمان بالكنيسة، تراه ينضح منه بشكل عفويّ طبيعيّ لا يدع مجالاً للشكّ أو التساؤل. كان الإيمان مشكاته ومصدر فخر وفرح وثبات في الصعوبات والمحن، وهذا الإيمان عينه هو الذي جعله في تهيّؤ مستمرّ لملاقاة العريس الإلهيّ، وكان يدعمه ويغذّيه بالصلاة وتقبّل الأسرار. وقد شاء الربّ يسوع أن يناديه إليه ونحن على أعتاب الميلاد الإلهيّ لينضمّ إلى الجوق السماويّ في تمجيد الله تعالى وليتنعّم بالفرح الذي بشّر به الملائكة، والذي دعاه إليه السيّد المسيح قائلاً: "نعمّا أيّها العبد الصالح الأمين... ادخل إلى فرح ربّك" (متّى 25: 21). وهل لنا نحن المؤمنين مشتهى إلاّ هذا المشتهى نتوّج به حياتنا، أن نكون مع الربّ دائمًا في فرح الملكوت كما يقول القدّيس بولس؟
بانتقال الأخ العزيز إيلي تفقد كنيستنا الروميّة الملكيّة الكاثوليكيّة ابنًا بارًّا من أبنائها ويفقد لبنان الوطن مواطنًا فاعلًا. وأنت خصوصًا أيّها الأخ والصديق روجيه شقيقُ الفقيد الغالي عليك وعلى عائلته ورفاقه سوف تفتقده عند دخولك غدًا إلى الشركة لتزوره في مكتبه كما كنت تفعل في كلّ صباح. سوف تجد الفراغ والسكينة والصمت، لكنّك سوف تجد أيضًا إلهامه وخبرته وأفكاره مزروعة في كلّ موظّف آمن بمديره العامّ وبالدور الذي تلعبه شركة "أكسا" للتأمين.
باسمي إخوتي السادة الأساقفة وخصوصًا راعي الأبرشيّة سيادة المتروبوليت جورج، وباسم الكهنة المشاركين، وباسمي الشخصيّ أقدّم التعازي القلبيّة الحارّة إلى زوجة المنتقل الغالي السيّدة الكريمة باولا كارول، وإلى ابنته ليا وأبنائه إيليو وساندرو وكارلو، وإلى شقيقه الصديق روجيه وعائلته، وإلى شقيقته ميشيل وعائلتها، وإلى أبناء أخته المنتقلة أندريه، وإلى الأهل والأقارب والمعارف والأصدقاء، وإليكم جميعًا أيّها الأحبّاء. ومعكم أرفع الصلاة إلى الله تعالى أن يتغمّد فقيدنا الغالي إيلي برحمته وأن يسكنه فسيح جنّاته مع الأبرار والصدّيقين. آمين".