May 5, 2025 6:12 AMClock
صحف
  • Plus
  • Minus

إنتخابات الجديدة: رشاوى ومجنسون عرب!

لم تكن العمليّة الانتخابيّة في بلدية الجديدة – البوشرية – السد كغيرها من المعارك البلدية التقليدية، بل تحوّلت إلى ساحة مواجهة محتدمة بين لائحتين مدعومتين من تحالفات سياسية وازنة. فقد اصطفّ خلف لائحة أوغست باخوس كلٌّ من حزب «القوات اللبنانية»، و «الكتائب»، والنائب إبراهيم كنعان، إلى جانب «الطاشناق»، فيما حظيت لائحة جان أبو جودة بدعم «التيار الوطني الحر»، وعائلة آل المرّ، و «الثنائي الشيعي».

صحيفة «نداء الوطن»، التي واكبت سير العملية الانتخابية ميدانياً، رصدت أجواء هادئة ومنضبطة في عدد من قرى وبلدات المتن الشمالي، حيثُ سادت تفاهمات غير معلنة جنّبت بعض المناطق، كالدكوانة مثلاً، أي احتكاك انتخابي يُذكر. كذلك، برزت صورة مغايرة في المتن الأعلى، وتحديداً في بكفيا، حيث ساد جوّ ديمقراطي اتّسم بالهدوء والتنظيم.

فقد جرت العملية الانتخابية هناك بسلاسة، وسط التزام بالقوانين واحترام متبادل بين مختلف الأطراف. وقد رأى كثيرون في مشهد بكفيا نموذجاً حضارياً لانتخابات بلدية نزيهة وهادئة، تعكس نضجاً سياسياً وحرصاً على تكريس ثقافة التنافس الديمقراطي البناء، بعيداً من التشنّجات والتجاذبات.

لكن الأنظار تركّزت بشكل شبه كامل على الجديدة – البوشرية – السد، التي تحوّلت إلى مركز الثقل الانتخابي ومقياس التوازنات السياسية في القضاء.

المعركة هنا لم تكن تنافساً بلديّاً تقليدياً على رئاسة مجلس محلي، بل بدت وكأنها استفتاء على الهوية السياسية للبلدة وموقعها داخل الخارطة الوطنية، وهو ما رفع منسوب التوتر وأضفى طابعاً استثنائياً على الاستحقاق.

وبحسب ما علمت «نداء الوطن»، سجّلت محاولات رشوة بعض الناخبين لحثهم على التصويت، في ممارسات أثارت موجة استنكار واسعة بين الأهالي والمراقبين، الذين رأوا في ذلك مؤشراً خطيراً على حجم الضغط السياسي المستخدم.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحدّ. فقد كشفت «نداء الوطن» عن استقدام عدد من المجنّسين حديثاً للمشاركة في التصويت لصالح لائحة جان أبو جودة، رغم أنهم يجهلون طبيعة المعركة وهوية المرشحين. الأمر الذي طرح علامات استفهام كبرى حول نزاهة العملية الانتخابية ومدى احترامها الإرادة الحقيقية لأبناء المنطقة.

في المقابل، تميّزت لائحة أوغست باخوس بجديّتها في التعبئة الشعبية، وبطرح خطاب نزيه وبرنامج واضح يضع أولويات المواطنين وحقوقهم الإنمائية والسياسية في مقدم الاهتمامات، بعيداً من الإبتزاز السياسي أو التبعية الحزبية. وقد عبّر ناخبو هذه اللائحة، الذين توافدوا بكثافة منذ ساعات الصباح الأولى، عن موقف حازم في رفض أي محاولة للتأثير على إرادتهم، معتبرين هذا الاستحقاق معركة كرامة لا مساومة فيها.

وفي حين شهدت مراكز الاقتراع في معظم بلدات المتن أجواء انتخابية عادية بنسب مشاركة معتدلة، بدت الصورة في الجديدة – البوشرية – السد مختلفة تماماً. فقد عمّت الحماسة والحشود واللقاءات المباشرة مع الناخبين، في مشهدٍ أعاد إلى الأذهان طابع المعارك الوطنية أكثر مما يعكس انتخابات بلدية محلية.

هذا التركيز الاستثنائي على البلدة لم يكن عبثياً، إذ إن نتائج المعركة فيها ستُشكّل، وفقاً لمتابعين سياسيين، مؤشراً حاسماً على المزاج العام في المتن، وعلى مدى قدرة القوى السيادية على مواجهة تحالفات هجينة ومتعددة الاتجاهات. وبالتالي، فإنّ هذه الانتخابات، رغم طابعها البلدي، تحوّلت إلى «باروميتر سياسي» يُتوقع أن تُقرأ نتائجه في سياقات أوسع، وستترك انعكاسات واضحة تتجاوز حدود المجلس البلدي.

وفي حين سادت التوترات والحدة في المعركة الانتخابية في الجديدة – البوشرية – السد، اتسمت أجواء المتن الأعلى، وتحديداً في بكفيا، بالهدوء والانضباط الديمقراطي حيثُ مارس المواطنون حقهم الانتخابي بحرية ووعي، وسط التزام لافت بالقواعد القانونية والتنظيمية.

وإن دلّ ذلك على شيء، فعلى نضج سياسي واجتماعي لدى أبناء البلدة، الذين اختاروا خوض الاستحقاق بروح التنافس البنّاء لا الصراع، ما جعل من بكفيا نموذجاً لانتخابات محلية هادئة تعبّر عن الإرادة الشعبية بصدق واحترام. هذا المشهد شكل نقطة مضيئة في المتن، في ظل ما رافق بعض المناطق الأخرى من توتر وتجاذبات.

كارين القسيس - نداء الوطن

إخترنا لك

Flat Ara
Beirut, Lebanon
oC
23 o