سجال الصلاحيات هدأ لكنه لم ينته والحريري ينقل لعبة التأليف الى مكان آخر!
التيار: من حق الرئيس تحديد معايير..والمستقبل: فرض أعراف جديدة مرفوض
متابعة قضائية لملف المطار..مفاوضات اليمن تفشل..وغارات روسية على إدلب
المركزية- بعد ان سجّل الاشتباك السياسي بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، اشتدادا غير مسبوق في بحر الاسبوع، على خلفية صلاحيات الرئاستين الاولى والثالثة في لعبة تأليف الحكومة، يبدو ان الاتصالات التي حصلت في الساعات الماضية، في الظل وتحت الضوء، وأبرزها الزيارة التي قام بها الوزير غطاس خوري الى بعبدا، نجحت "جزئيا" في إرساء هدنة بين الطرفين. واذا كانت التهدئة ستعيد ضبط النقاش في أطره "الطبيعية"، بحيث يرجّح ان يُسحب السجال حول الدستور والميثاق "تدريجيا" من التداول، فإنها لن تؤدي بالضرورة الى تسريع الولادة الحكومية المنتظرة، بما ان العقد لا تزال على حالها. كلّ ذلك، عشية سفر المعنيين بالتشكيل، كلّهم، الى الخارج، ما سيثبّط حكما، دوران عجلة المشاورات الداخلية، الضرورية لتعبيد الطريق الى الحكومة...
تخفيض السقوف: فيما شكلّت المواقف التي أطلقها الرئيس المكلف سعد الحريري امس، دليلا واضحا الى إصراره على تطويق آثار التوتر الذي ساد ضفة التشكيل، واعادة الخطاب السياسي الى السقوف المعقولة بعد ان تجاوزها وطاول اتفاق الطائف ومندرجاته، بقوله "أعرف الدستور، وأعمل كرئيس مكلف على أساس الدستور، وليس هناك أي داع لسجالات وجدليات غير مطروحة، وليست لها أي علاقة بالهدف الحقيقي لعملنا جميعا، الذي هو التوصل إلى تشكيل حكومة بأسرع وقت"... حمل خطابه ايضا طرحا من شأنه نقل لعبة "التشكيل" الى مستوى آخر.
طرحٌ جديد: فهو دعا الى أخذ التركيبة الوزارية التي وضعها الى البرلمان، ما يعني أولا أنه لن يتراجع عنها وثانيا أنه يلمّح الى كونها قادرة على حصد الأغلبية النيابية المطلوبة، والى ان ثمة اطرافا محددة تعرقل اليوم بشروطها، إبصار الحكومة النور، وفق قراءة لمصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية". وقد قال الحريري "يأتي من يقول إن التشكيلة الحكومية يجب أن تحترم نتائج الانتخابات النيابية، وهذا أمر طبيعي، وقمة الاحترام لنتائج الانتخابات النيابية، لا بل المقياس الوحيد، هو أن الحكومة، وكما يقول الدستور، تتقدم من المجلس النيابي، المنبثق من الانتخابات النيابية، بطلب الثقة. فإذا كانت تشكيلة لا تحترم الانتخابات النيابية، فإن المجلس يحجب عنها ثقته. وأما إذا نالت الثقة فلا يمكن أن تكون مناقضة لنتائج هذه الانتخابات".
"من حق الرئيس": وفي انتظار ما اذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيسير بهذا الاقتراح، فيوقّع الصيغة الحريرية وينقلها الى ملعب مجلس النواب لقول كلمته فيها، أم لن يفعل، وهو ما سيتظهّر في الايام المقبلة، بدا ان التوجّه الثاني هو المرجح، وان المراوحة السلبية مستمرة، كما بيّنت المواقفُ السياسية ان نار "كباش الصلاحيات" لم تهمد بعد. فقد جدد وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل التأكيد ان "من حق رئيس الجمهورية ان يضع معايير محددة من أجل التوقيع على الحكومة". واعتبر من بشعلي اليوم ان "البعض يطلب أكثر من حقه في الحكومة ومن يأخذ أكثر من حقه يتعدّى على حق غيره".
الاعراف الجديدة مرفوضة: في المقابل، أشار الأمين العام لـ"تيار المستقبل" أحمد الحريري الى أن "الصيغة التي قدمها الحريري للرئيس عون هي صيغة حل لمشكل قائم، أما كل الافكار الثانية فهي أفكار لمشاكل وليست أفكارا لحلول، ومحاولة للعودة بالبلد 30 سنة إلى الوراء، وهذا الأمر أصبح من سابع المستحيلات"، لافتا الى أن "تشكيل الحكومات لا يتم على آلة حاسبة. هناك دستور واصول وأعراف تحدد آليات التشكيل. أما محاولات وضع أعراف جديدة في الحصص والمعايير فهي مرفوضة، وتبين عدم صلاحياتها، بدليل أن كلا يضع معيارا على قياسه". واذ قال "لا يظن أحد أنه بكلمة من هنا أو اجتهاد من هناك، يستطيع إحراج الرئيس المكلف أو الضغط عليه"، شدد على ان "كل من يعزف على وتر النزاع على الصلاحيات بين الرئيسين عون والحريري مخطئ في العنوان"، مؤكدا أن "خطوط التواصل بين الرئيسين مفتوحة، وخط بعبدا- بيت الوسط سالك، لكن يبدو أن هناك من يريد تسكير الخط، ويعمل على تعكير العلاقة بين الرئيسين وفتح الابواب امام مشكل سياسي كبير".
مواقف لجعجع: أما رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، فيتحدث غدا خلال القداس السنوي لشهداء المقاومة اللبنانية، مطوّلا، عن التأليف وعن المصالحة المسيحية.
الحريري الى لاهاي: في الاثناء، سُجّل تباطؤ لا بل انعدام للحراك على خط التشكيل، من المتوقّع ان يستمر في الايام المقبلة. فالرئيس المكلف يتوجّه الى لاهاي مطلع الاسبوع حيث يشارك شخصياً في جانب من جلسات المرافعة الختامية للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تبدأ الثلثاء المقبل وتنتهي الجمعة المقبل، في حدث ستكون له بطبيعة الحال ارتداداته على الساحة الداخلية، قبل ان يعود الاربعاء الى بيروت.
..وعون وباسيل الى الخارج: أما رئيس الجمهورية، فينتقل، يرافقه الوزير باسيل، الى ستراسبورغ في فرنسا الإثنين المقبل حيث سيكون اول رئيس لبناني يلقي كلمة في البرلمان الأوروبي، سيعرض فيها في شكل اساس لملف النازحين السوريين، قبل ان يلتقي رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاياني الثلثاء. وفي وقت يرجح أن يلتقي عون ايضا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، أشارت مصادر دبلوماسية غربية لـ"المركزية" الى امكانية وصول مسؤول فرنسي الى بيروت في الايام المقبلة للاطلاع على الاوضاع المحلية والحث على تشكيل الحكومة حرصا على مساعدات سيدر... من جهته، يتوجه باسيل، الاربعاء، الى كندا لترؤس اعمال مؤتمر الطاقة الإغترابية فيها ومنها سيلاقي رئيس الجمهورية في نيويورك حيث يرأس الاخير الوفد اللبناني الى اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل ان ينتقل منها لاحقا الى يريفان للمشاركة في اعمال مؤتمر الفرنكوفونية.
نحو تحديد المسؤوليات: على صعيد آخر، وغداة الهرج والمرج الذي شهده مطار رفيق الحريري الدولي أمس، عادت الامور الى طبيعتها اليوم. في الموازاة، كلف النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود شعبة المعلومات بإجراء التحقيقات بشأن الاعطال التي حصلت تمهيدا لتحديد المسؤوليات .وليس بعيدا، أفيد أن التفتيش المركزي برئاسة القاضي جورج عطية بدأ اليوم الاستماع الى المدير العام للطيران المدني محمد شهاب الدين ورئيس المطار فادي الحسن. وسيستكمل تحقيقاته الثلثاء.
غارات روسية: اقليميا، وغداة قمة ايران التي يبدو انتهت الى اتفاق على اطلاق معركة استعادة إدلب من قبل النظام السوري والايرانيين والروس في 20 الجاري على ان تنحصر غربي الفرات من دون التعرض لشرقه حيث النفوذ التركي، اشار المرصد السوري الى ان المحافظة تعرضت لغارات روسية هي الاعنف منذ شهر. أما وزارة الدفاع الروسية، فقالت ان سيناريو الهجوم الكيميائي من جانب الإرهابيين في سوريا سيكون جاهزاً للتنفيذ اعتباراً من مساء الأحد وأن الإرهابيين سينفذونه فور تلقيهم إشارة من رعاتهم في الخارج.
خراب البصرة سياسي: أما في العراق، فعقد البرلمان اليوم جلسة استثنائية لمناقشة الأزمة الاجتماعية والصحية القائمة في محافظة البصرة، حيث قتل 12 متظاهراً منذ الثلثاء، قال خلالها رئيس الوزراء حيدر العبادي "البصرة عامرة وتبقى عامرة بأهلها والخراب فيها هو خراب سياسي". والتأمت الجلسة على وقع سقوط ثلاثة صواريخ مجهولة المصدر على مطار المدينة صباحا وغداة إقدام متظاهرين على إحراق القنصلية الإيرانية وعدد من المباني فيها.
فشل المفاوضات اليمنية: يمنيا، فشلت مفاوضات جنيف للسلام برعاية اممية، بسبب عدم حضور وفد الحوثيين. وأعلن مبعوث الامم المتحدة الخاص مارتن غريفيث، انه تم الاتفاق على أول عملية إجلاء طبي من صنعاء على أن تبدأ في غضون أسبوع برحلة جوية إلى القاهرة، لافتا الى أنه سيتوجه مباشرة لعقد محادثات مع ممثلين للحوثيين في سلطنة عمان وصنعاء. أما وزير الخارجية اليمني فرأى ان غريفيث لم يكن حازما بما فيه الكفاية مع الحوثيين وحاول استرضاءهم.
رسائل اميركية: ايرانيا، كشف الرئيس الإيراني حسن روحاني أن الولايات المتحدة تبعث باستمرار رسائل لإيران لبدء مفاوضات، قائلا "يحاولون من جانب الضغط على الشعب الإيراني ومن جانب آخر يبعثون لنا برسائل يوميا من خلال وسائل مختلفة بضرورة أن نأتي ونتفاوض معا".