Jun 21, 2024 12:29 PM
خاص

أوكرانيا ملتزمة بالحفاظ على دورها الرئيسي كضامن للأمن الغذائي


فيرونيكا عبود

المركزية- إن الغزو العسكري الواسع النطاق الذي قام به الاتحاد الروسي للأراضي الخاضعة لسيادة أوكرانيا "لا يؤدي إلى الموت للأوكرانيين فحسب، إنما يُنهِك اقتصاد العالم وتحديداً الأمن الغذائي"... الكلام للملحق الاقتصادي في السفارة الأوكرانية في لبنان إيهور بارتوشاك Ihor Bartoshak الذي يشير إلى أن "سوق الغذاء العالمي يحتاج إلى مزيد من المرونة، ما يعني أنه سيكون من المستحيل استبدال المنتجات الأوكرانية من خلال التنويع من بلدان أخرى في السنوات الأربع إلى الخمس المقبلة".

ويقول بارتوشاك في حديث لـ"المركزية": من خلال القتال وتعطيل سلاسل التوريد التقليدية، دفع الروس ما لا يقل عن 70 مليون شخص حول العالم إلى حافة المجاعة. إذ يعاني ما مجموعه 345 مليون شخص من نقص حاد  في الغذاء، وهناك 82 دولة بحاجة إلى مساعدات غذائية (بحسب الأمم المتحدة)، فيما ينمو الطلب على المنتجات الزراعية في العالم بنسبة 2-3% سنوياً، وقد يصل معدّل النقص في الحبوب في أسواق أفريقيا وآسيا إلى 10 - 15% في العام 2024. 

ويذكّر بأنه "منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، تعطّلت صادرات الحبوب الأوكرانية إلى حدّ الشلل. إذ أغلقت السفن العسكرية الروسية الموانئ الأوكرانية في البحر الأسود أكثر من أربعة أشهر. إن تأثير الحرب على أسواق الغذاء العالمية بالغ الشدّة، لأن أوكرانيا واحدة من أكبر مصدّري المنتجات الزراعية في العالم، وتمتلك بعضًا من أخصب الأراضي على وجه الأرض".

ويشرح بالأرقام: تعَدّ أوكرانيا أكبر مصدّر في العالم لزيت "عباد الشمس" (%50 من الصادرات العالمية)، وثالث أكبر مصدّر للشعير (18%) ورابع أكبر مصدّر للذرة (16%)، وخامس أكبر مصدّر للقمح (12%). في العام 2021، صدّرت أوكرانيا كميات من الحبوب  بقيمة 12 مليار دولار تقريبًا (حوالي 11.5 مليار يورو). وتشكل الصادرات الأوكرانية ـ ولاسيما القمح ـ أهمية بالغة بالنسبة إلى بعض الدول الآسيوية والإفريقية. ومن العام 2016 إلى العام 2021، حصلت تلك الدول على 92% من القمح الأوكراني.

بين يوليو/تموز 2022 ويوليو/تموز 2023، كان هناك اتفاق بين الأمم المتحدة وتركيا وروسيا للسماح بالتصدير عبر ممرّ إنساني بحري آمن في البحر الأسود (مبادرة حبوب البحر الأسود BSGI). غادرت أوكرانيا أكثر من 1000 سفينة محمَّلة بالحبوب والمواد الغذائية الأخرى من ثلاثة موانئ أوكرانية (تشورنومورسك، وأوديسا، ويوزني/بيفديني) أثناء تنفيذ المبادرة. وتم تصدير ما يقارب 33 مليون طن من المنتجات الزراعية عبر BSGI (65%  من القمح وصل إلى البلدان النامية). 

ويتابع: عندما قرّرت روسيا الانسحاب من مبادرة حبوب البحر الأسود (بتاريخ 17.07.2023)، زادت من تفاقم أزمة الغذاء العالمية من خلال إغلاق ممرّ الحبوب ومهاجمة البنية التحتية للموانئ الأوكرانية. وتمّ تدمير حوالي 30٪ من إجمالي إمكانات القطاع الزراعي في أوكرانيا، وتضرّرت 215 منشأة من مرافق البنية التحتية للموانئ. وانخفضت صادرات الحبوب بنحو 3 ملايين طن شهرياً.

ويلفت بارتوشاك إلى أن "منذ بداية الغزو العسكري واسع النطاق، استولت روسيا على ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية بقيمة تُقدَّر بحوالي مليار دولار أميركي، وتواصل استخدام الغذاء كسلاح في حربها هذه. وفي كثير من الأحيان يتمّ إعادة بيع الحبوب المسروقة إلى الشرق الأوسط. وفي الربع الأول من هذا العام وحده، تم تسجيل 11 حالة تصدير حبوب أوكرانية مسروقة إلى سوريا، على الرغم من الإشارة إلى بيروت أو طرابلس كميناءَين للوجهة".

ويؤكد أن "على رغم العواقب الخطيرة المترتبة على العدوان الروسي الكامل النطاق وغير المبرّر والإرهاب الذي يمارسه على القطاع الزراعي في أوكرانيا والأمن الغذائي العالمي، فإن أوكرانيا تظل ملتزمة بالحفاظ على دورها الرئيسي كضامن للأمن الغذائي، وتسعى بالتعاون مع الشركاء الدوليين، إلى إيجاد وسيلة لتوسيع قدرة الطرق البديلة لتصدير الحبوب (ممرّات التضامن بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، وممرّ الدانوب). منذ أغسطس/آب 2023، استخدمت أكثر من 1737 سفينة تحمل 50 مليون طن من البضائع، الممرّ البحري الأوكراني الذي أنشأته القوات البحرية الأوكرانية. وسجّلت أوكرانيا حجمًا قياسيًا لصادرات السلع الأساسية في أبريل/نيسان 2024 يصل إلى 13,1 مليون طن ويتجاوز مستوى ما قبل الحرب. وكان نمو الصادرات مدفوعاً بفتح ممرّ بحري بديل، وبرنامج التأمين على السفن  UNITY، وتوسيع قدرة ممرّات التضامن وتحسين ظروف نقل البضائع بالسكك الحديدية إلى موانئ الدانوب".

ويقول بارتوشاك: تواصل أوكرانيا الحفاظ على دورها كمقدم للمساعدات الدولية من خلال تنفيذ برنامج "الحبوب من أوكرانيا" - وهو برنامج غذائي إنساني أطلقه رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2022. وقد حصل البرنامج على دعم دولي بقيمة حوالي 220 مليون دولار أميركي. وقد انضمت أكثر من 30 دولة ومنظمة دولية إلى برنامج "الحبوب من أوكرانيا". ويعتمد البرنامج على الشراء المباشر للمنتجات الزراعية من المنتجين الأوكرانيين من قبل الدول المشاركة في المشروع ونقلها إلى الدول التي على وشك الوصول إلى المجاعة. في المجمل، تم فعلياً شحن 9 سفن تحمل أكثر من 200 ألف طن من الحبوب إلى الصومال وإثيوبيا وكينيا واليمن ونيجيريا والسودان في إطار برنامج الحبوب من أوكرانيا. وتساهم الحبوب المستوردة من أوكرانيا أيضًا في تحقيق الأمن الغذائي في دول مثل مصر والجزائر وليبيا ونيجيريا. ومن المقرّر في إطار البرنامج، إرسال حوالي 60 سفينة محمّلة بالحبوب إلى البلدان الأكثر فقراً في أفريقيا.

وختاماً، يأمل بارتوشاك في "أن تكون قمة السلام العالمية التي ستعقد يومي 15 و16 يونيو/حزيران في سويسرا، الخطوة الأولى نحو استعادة البنية الأمنية العالمية ومواجهة العدوان الروسي، والتي من المتوقع أن يشارك فيها ممثلون عن أكثر من 80 دولة، فقد تلقى رؤساء ورؤساء وزراء دول من جميع القارات وأعضاء مجموعة السبع ومجموعة العشرين و"بريكس" دعوات لزيارة سويسرا. وتم توجيه دعوة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومجلس أوروبا لحضور قمة السلام العالمية".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o