Mar 11, 2024 10:29 PM
اقليميات

انكماش الاقتصاد الإسرائيلي أكبر من التوقعات.. ما التأثير على الحرب؟

انكمش الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الأخير من 2023 أكثر مما كان يتوقع في السابق، مع تضرر إنفاق المستهلكين والصادرات والاستثمارات من الحرب التي تشنها إسرائيل على حركة "حماس" في قطاع غزة، منذ ما يقرب من 6 أشهر.

وقالت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية هذا الأسبوع في تقدير ثان، إن الاقتصاد انكمش 20.7 في المئة على أساس سنوي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، وذلك بعد التقدير الأولي الذي أشار إلى انكماش 19.4 في المئة.

وبالنسبة لعام 2023 بأكمله نما الاقتصاد 2 في المئة، دون تعديل، مقارنة بـ6.5 في المئة خلال عام 2022.

وكان يتوقع أن ينمو اقتصاد إسرائيل، البالغ حجمه 500 مليار دولار، من  بنحو 3.5 في المئة خلال 2023، لكن بعد هجوم مسلحين من حركة "حماس" في 7 أكتوبر تضرر الاقتصاد مع استدعاء مئات الآلاف من قوات الاحتياط إلى الخدمة العسكرية.

وحسب "رويترز"، ينبع الرقم المعدل لانكماش الاقتصاد من انخفاضات أكبر بعض الشيء في الصادرات والإنفاق الخاص والاستثمار في الأصول الثابتة، في حين نما الإنفاق الحكومي أقل قليلا مما كان مقدرا في السابق.

كيف تضرر الاقتصاد الإسرائيلي؟
في حديثه مع موقع "الحرة"، اعتبر الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة تل أبيب، رمزي حلبي، أن الاقتصاد الإسرائيلي عانى من ضغوط كبيرة حتى من قبل اندلاع الحرب بفعل هجوم حماس على البلدات الإسرائيلية.

وأضاف: "قطاعات اقتصادية عدة اختتمت العام الماضي متراجعة، فمثلا قطاع السياحة تراجع من 300 ألف إلى 50 ألف سائح شهريا، كما تراجعت الزراعة والصناعة بسبب نقص العمالة. هذا إلى جانب إغلاق 60 في المئة من المؤسسات التي تعمل بقطاع التشييد والبناء".

وأكد رمزي حلبي أن ميناء إيلات "شبه معطل"، في ظل الهجمات التي تنفذها ميليشيات موالية لإيران على السفن العابرة عبر مضيق باب المندب، مشيرا إلى أن 40 في المئة من واردات إسرائيل تمر عبر هذا الممر الحيوي.

ومنذ نوفمبر الماضي، يهاجم الحوثيون المتحالفون مع إيران سفنا في البحر الأحمر وخليج عدن بداعي التضامن مع الفلسطينيين بسبب الحرب. ونتيجة لذلك تراجع حجم التجارة عبر قناة السويس بأكثر من 40 بالمئة، في ديسمبر ويناير مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.

وفي مذكرة بحثية نشرت في فبراير الماضي، قال خبير اقتصادات الأسواق الناشئة في "كابيتال إيكونوميكس" ليام بيتش، إن الانخفاض الحاد بالناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل يشير إلى مدى تضرر الطلب، ويفسر بشكل أكثر وضوحا سبب انخفاض أرقام التضخم باستمرار عن التوقعات منذ بداية الحرب، مضيفا "كان هناك الكثير من عدم اليقين بشأن حجم الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير".

وذكر ليام بيتش أن هذا انكماش يُسلط الضوء على مدى تأثير الضربة الناجمة عن هجوم "حماس" والحرب في غزة.

ويُقدر حلبي خلال حديثه مع موقع "الحرة"، تكاليف الحرب المباشرة على إسرائيل حتى اللحظة بنحو 42 مليار شيكل (11.66 مليار دولار)، مشيرا إلى أن هذه التكاليف، بجانب مصروفات الحكومة التي تضاعفت خلال الأشهر الماضية".

والشهر الماضي، خفضت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" تصنيف إسرائيل إلى "A2" من "A1" بسبب المخاطر السياسية المتزايدة وضعف التمويل العام الناجم عن الحرب.

وقالت الوكالة حينها إن عواقب الحرب في غزة على الوضع الائتماني لإسرائيل سوف تتكشف على مدى فترة طويلة من الزمن، وربما بعد فترة القتال الفعلي، و"قد يكون التأثير السلبي على مؤسسات الدولة والمالية العامة أكثر خطورة من تقديراتنا الحالية".

وحذرت الوكالة من أنه إذا امتد الصراع ليدخل فيه حزب الله في لبنان، حيث يتبادل الجانبان إطلاق النار عبر الحدود يوميا، فإن "الأثر الاقتصادي السلبي سينتشر إلى قطاعات أخرى ويطول أمده".

لكنها عادت لتقول إن الاقتصاد نفسه "أدار تداعيات الصراع جيدا بحد معقول"، مع بعض المؤشرات إلى انتعاش سريع واقتراب القوى العاملة من مستويات ما قبل الحرب.

ويؤكد هذا كبير المستشارين الاقتصاديين لرئيس الوزراء آفي سمحون، والذي قال لرويترز قبل شهر "لم نواجه مشكلة أساسية في الاقتصاد. بل على العكس، الاقتصاد قادر على الصمود".

على النقيض من ذلك، يقول رمزي حلبي خلال حديثه: "المؤشرات تؤكد أن الاقتصاد الإسرائيلي في تراجع كبير جدا، وذلك بالمقارنة مع بيانات عام 2021 كان النمو الاقتصادي 8.6 في المئة، وفي 2022، كان 6.5 في المئة، وفي العام 2023 يقترب من الصفر ويتراوح بين 1 و2 في المئة".

التأثير السياسي
وعلى المستوى السياسي، يرى خبراء ومحللون تحدثوا مع موقع "الحرة"، أن تراجع الأداء الاقتصادي قد يؤثر بدوره على مسار الحرب الدائرة في غزة، إذ يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، عضو اللجنة المركزية لحزب العمل، مئير مصري، لموقع "الحرة" إن "الحرب لها تكلفة عالية تقع على عاتق ميزانية الدولة".

بدوره، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي أشرف عكة خلال حديثه مع موقع "الحرة" أن المؤشرات الاقتصادية لها دلالات على مدى استمرار هذه الحرب وعلى مسارها، خصوصا أن بعض المؤسسات تضغط من أجل تغيير سياسات ومسارات الحرب، وذلك بالنظر إلى التأثيرات غير المواتية على قطاعات السياحية والاستثمارات والإنتاج.

ويضيف عكة: "هناك خسائر عسكرية وتكاليف لهذه الحرب، تمثل المعيار الأساسي في التوجهات الإسرائيلية، وتوجهات دول المنطقة التي تأثرت فعليا جراء الصراع مثل مصر والأردن".

ويؤكد أن تراجع الأداء الاقتصادي سيكون له تأثيرات على الأداء السياسي في إسرائيل مع قرب انتهاء الحرب، التي شارفت فعليا على الانتهاء باعتراف المسؤولين الإسرائيليين.

ويقلل بنك إسرائيل من انعكاسات الحرب على اقتصاد البلاد، إذ قال محافظ بنك إسرائيل أمير يارون قبل أسابيع قليلة إن "الاقتصاد الإسرائيلي قائم على أسس اقتصادية قوية وصحية، وهو رائد عالمي في مجالات الابتكار والتكنولوجيا".

ورغم استمرار القتال في غزة، عاد الآلاف من جنود الاحتياط إلى منازلهم وعاد الزخم إلى مراكز التسوق والمطاعم التي أغلقت في بداية الحرب، بحسب "رويترز".

ورغم ذلك، يعتقد الخبير الاقتصادي رمزي حلبي أن تراجع الاستثمارات الأجنبية خاصة في قطاع التكنولوجيا الفائقة الذي يمثل حجر الزاوية في الاقتصاد الإسرائيلي، يشير إلى "أننا أمام كارثة اقتصادية في إسرائيل مع استمرار الحرب، التي يقول البعض إنها ستستمر لفترة طويلة".

وتتوقع مؤسسة كابيتال إيكونومكس للأبحاث أن يسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل خلال عام 2024 ككل أحد أضعف معدلاته على الإطلاق، رغم التعافي المرجح للاقتصاد في الربع الأول من العام الجاري.

ويرى مئير مصري أن المؤشرات الاقتصادية الإسرائيلية لن تتحسن مباشرةً بعد انتهاء الحرب على حد قوله، مشيرا إلى أن ذلك يأتي في سياق التحديات الاقتصادية العالمية والصعوبات التي توجه اقتصاد إسرائيل منذ اندلاع الحرب.

فيما يقول رمزي حلبي إن تراجع العلاقات الأميركية الإسرائيلية نتيجة عدم الاتفاق على بعض الملفات فيما يتعلق بالحرب في غزة، من الأمور التي قد تنعكس سلبا على الاقتصاد الإسرائيلي مستقبلا.

المصدر: الحرة 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o