Nov 03, 2022 2:17 PM
خاص

"الكونسرفاتوار" الوطني في خطر... الاساتذة مضربون والادارة تجمع التبرعات!

يولا هاشم

المركزية – منذ انطلاق الأزمة وحتى ما قبلها، لم يطلق أساتذة المعهد الوطني العالي للموسيقى"الكونسرفاتوار"  نداء استغاثة، رغم الظروف المعيشية الصعبة، استمروا في رسالتهم، ايمانا منهم بأن الموسيقى رسالة، تنمي الذكاء والإبداع وترتقي بالروح، كما ان "الكونسرفاتوار" صرح وطني وثقافي يفتخر به لبنان ويرفعه الى مصاف الدول الراقية.  

منذ ايام رفع أساتذة "الكونسرفاتوار" الصوت وناشدوا المعنيين إنصافهم معلنين الإضراب المفتوح، بعدما فقدوا كل قدرة على التحمّل. ذلك ان الحال التي وصلوا اليها لم تعد تطاق، فلا هم حصلوا على "زودة" على رواتبهم الجد هزيلة ولا على مساعدات اجتماعية ولا على جزء من الراتب بالدولار. وكأن الازمة لم تمر عليهم ، وقيمة الليرة لم تنعدم وقدرتهم الشرائية لم تتأثر.

والانكى، بحسب ما يؤكد بعض اساتذة المعهد لـ"المركزية" ان الادارة عمدت اخيرا الى الطلب منهم تأمين الحضور الالزامي،بعدما "عضوا على الجرح" واستكملوا رسالتهم بالتعليم "اونلاين"، من دون اي مقابل. ولسخرية القدر فإن رواتب بعضهم لا تملأ خزان سيارتاتهم بالوقود لمرة واحدة. فعلى اي اساس سيحضرون ومن يموّل حضورهم، والرسالة تنتفي امام واقع مشابه.

الى اين تصل المواجهة وهل يقفل المعهد العالي للموسيقى؟

 يؤكد رئيس رابطة الاساتذة في المعهد الوطني العالي للموسيقى "الكونسرفتوار" ادي دورليان لـ"المركزية" ان "وضع الأساتذة بائس جدا لأنهم يتقاضون راتبا لا يتجاوز الثلاثة ملايين ليرة لبنانية شهريا لأولئك الذين يعملون بدوام كامل يصل الى ست ساعات يومياً، بما أن معدل أجر الساعة يبلغ نحو 20 ألف ليرة. كما يتم تطبيق قوانين على الاساتذة لناحية التعليم الحضوري الالزامي، علما ان الكونسرفاتوار لديه 15 فرعا أضيف إليها فرعان جديدان، معظمها بعيد من العاصمة بيروت. وبسبب عدم توافر أساتذة في المناطق لكل الاختصاصات، يتم إرسال اساتذة من بيروت وضواحيها. فالاختصاصات كثيرة والآلات متعددة أكان في القسم الغربي ام الشرقي، إضافة الى قسم الغناء، وبالتالي لا يمكن تأمين اساتذة لكل الاختصاصات قريبة من موقع الكونسرفاتوار".  

ويقول دورليان " أمس الاول، تمّ تعديل قرار التعليم الحضوري الالزامي، واستبداله بالتعليم المدمج بين الحضوري والاونلاين، وبعض الامور التخفيفية الأخرى. فعقدنا جمعية عمومية للتشاور اذا ما كان بالامكان وقف الاضراب والاستمرار في العمل، فتبين ان هذا القرار ما زال يحتاج الى بعض التحسينات. اذ نص  على الا يكون كل التعليم حضوريا الزاميا، والاكتفاء بيومين أسبوعيا لاساتذة الدوام الكامل، وهذا الامر غير مناسب، إذ كيف سيتم تقسيم الطلاب، ومن سيستفيد من الدورس حضوريا ومن منهم سيتابع اونلاين؟ هذا الأمر سيؤدي، بسبب افتقاده الى آلية تطبيقية واضحة، الى عدم تكافؤ في الفرص بين الطلاب. ومن القرارات التي تم اتخاذها أيضاً، التحاق الاستاذ بأقرب فرع إلى مكان سكنه، إلا ان هذا القرار أيضاً مجحف لأنه يؤدي الى التمييز بين الطلاب. كما ان بدل النقل يبلغ 95 الف ليرة، وعدا ان هذه القيمة غير كافية، نحن لا نعلم حتى ان كان سيتقاضاها الاستاذ. إضافة الى ذلك، ثمة مشكلة في التعليم الحضوري إذ ان فروع الكونسرفاتوار غير مجهزة لناحية تأمين بيئة عمل صحية، من كهرباء ومياه ونظافة وصيانة... ومن الصعوبات التي يعاني منها الأساتذة أيضا التأمين الصحي، حيث يتبع الكونسرفاتوار، بما أنه مؤسسة مستقلة، لصندوق الضمان الاجتماعي، والجميع يعرف وضع الضمان، نحن بحاجة الى تأمين صحي، وقامت رئيسة الكونسرفاتوار الدكتورة هبة قواس بخطوة لمعالجة الاساتذة في مستشفى بعبدا الحكومي، ولكن هذا غير كاف لأنه لا يشمل عائلته أيضاً". 

ويضيف: " ليس ثمة محفزات واضحة ستُعطى للهيئة التعليمية، لهذا اتخذنا القرار بالمضي بالاضراب. منذ سنتين بدأنا اعتماد التعليم اونلاين، فلم لا يبقى الأمر كذلك ريثما يتم تأمين الأموال والمساهمات وتعديل بدل أجر الساعة الذي يُعمل عليه، ريثما تتحسن الامور ويتمكن الاستاذ من الاستمرار وتبقى المؤسسة صامدة". 

ويتابع دورليان: "الكونسرفاتوار في مرحلة تسجيل طلاب جدد، لكن لا يمكن أخذ العدد نفسه كما السنوات السابقة، اي 6000 تلميذ. لا يمكن تحمل هذا العدد الذي يحتاج الى عمل بدوام كامل، في حين ان المطلوب تخفيف العبء والعمل عن كاهل الاستاذ كي يتمكن من العمل في مكان آخر، توازياً مع عمله في الكونسرفاتوار، كي يتمكن من تأمين لقمة عيشه. الاساتذة لا يريدون تعطيل عمل الكونسرفاتوار بل العكس، هذه مؤسسة ثقافية مهمة بنيناها بعرق جبيننا وتعبنا من أجل ان يكون الوضع مقبولا وهذا ما كان عليه قبل الانهيار الاقتصادي.  

قد تكون الادارة تنفذ القوانين، إنما المطلوب قيام علاقة مبنية على الاحترام والانسانية، وان تنظر الإدارة الى الاساتذة بعين الرحمة فلا يمكن ان تكون القوانين مجحفة الى هذه الدرجة بحق الاساتذة، وإلا سيفرغ الكونسرفاتوار من اساتذته".  

ويختم دورليان: "سمعنا الكثير من الوعود، وان الادارة طلبت ضرب الراتب بعشرة اضعاف،  وأول من أمس عقدت قواس مؤتمرا صحافيا واعلنت عن حفل لجمع التبرعات ولكن هل هذا كاف؟ المطلوب من الادارة المزيد من المرونة في التعامل مع الاساتذة وان تفسح أمامهم المجال للعمل خارج الكونسرفاتوار لتأمين متطلبات الحياة".  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o