Aug 01, 2022 4:36 PM
خاص

نصرالله على خطى"أصحاب الزمان" الفرعيين ويجاهر ...الله مكلفني! إعتداد بالقوة أم ارتباك وضعف؟

المركزية – كأن خطوط "التحفظ" التي دأب حزب الله على مدها في الداخل اللبنانين بتعاطيه مع الأخصام وحتى الحلفاء انقطعت، وباتت مواقفه المعلنة مؤطرة بلهجة الفوقية تارة، والتهديد والوعيد تارة أخرى. وما رد أمينه العام حسن نصرالله عند سؤاله عمن كلفه بالدفاع عن لبنان"؟ حيث قال "..حلّ عني، أنا الله مكلفني". إلا دليل على أنه يريد الوصول إلى تحقيق مشروع الدولة الإسلامية من دون وجع راس!

لكن إذا كان تكليف نصرالله  "إلهياً" كما يجاهر فلماذا يرضى بحدود الدولة الدنيوية أم تراه لا يعترف أساساً بالدولة التي يحتفل جيشها اليوم بعيده  ال 77 اليوم؟ ولماذا لا يذهب إلى تأسيس "الدولة" التي سيحكمها بموجب تكليف إلهي إلا إذا كان المقصود الوصول إلى دولة بتكليف إلهي من لبنان!.  

الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي يعتبر أن" كلام نصرالله لا يفاجئ المتابعين والمراقبين بدقة لمسار حزب الله وعمق ارتباطه بالعقيدة الإيرانية المتجددة، أي عقيدة ولاية الفقيه التي ذهب بعض أتباعها إلى تصوير أنفسهم وكأنهم من "أصحاب الزمان" الفرعيين" بمعنى أنهم ينصبون أنفسهم وكلاء لصاحب الزمان الأساس أي المهدي المنتظر وخليفته على الأرض علي خامنئي الحاكم المطلق لإيران". ويضيف عبر "المركزية" "رد نصرالله على السائل يعبّر بصدق عما يفكر فيه "أصحاب الزمان" الفرعيين وهو الذي طالما يطرح منذ 40 عاما إلى اليوم أفكاراً ومعادلات وأهدافاً لا تمت بصلة إلى مفهوم الدولة كدولة في حد ذاتها. ولا ننسى طرحه السابق عندما قال إن جبيل وكسروان ملك للشيعة ويعملون على استردادها و"تحريرها" ". 

مع تنامي قوة حزب الله خصوصا بعد العام 2000 ومده بالدعم المادي والعسكري والعقائدي من إيران بدأ نصرالله يطرح نظرية الإنتصار الإلهي في حرب تموز 2006 ولاحقاً نظرية توحيد الميادين وهي بحسب الزغبي "مفهوم خطير جدا على الدول وتحديدا على سيادة لبنان لأنه يعني فتح الميدان اللبناني أي الحدود اللبنانية على الحدود السورية والعراقية وإلى حيث يمكن أن تصل يمناه بيسراه.لذلك يضيف، بتنا أمام حالة "إلهية" يصعب التعامل معها بين البشر أو المسؤولين عن دولة أو بين قوى سياسية ".

الواضح أن "التكليف الإلهي" الذي تكلم عنه نصرالله غير محصور بالحدود الجغرافية وقرار السلم والحرب "إذ ذهب في التشاوف والتكبّر إلى درجة أنه لا يتروّع عن سؤال منتقديه...من أنتم؟ وقد تجلى ذلك عندما تحدث عن الثقافة الإيرانية في حوزته بينما الثقافات الأخرى وتحديدا اللبنانية ذات النسيج العربي الكوني لا تعنيه بشيء وهو يترجمها في رفض كل مظاهر الثقافة اللبنانية سواء في المسرح أو الفن أو الغناء ". وتعقيبا على هذا الرفض يستشهد الزغبي بواقعة اقتحام جماعة الحزب قلعة بعلبك "بعد أن ساءه أن تستعيد جزءا من رونقها الفني، وإقامة ما يشبه أمسية دينية تعبّر عن تلك الثقافة التي يضعها في مواجهة التراث التاريخي اللبناني والعالم ربما. ولن ننسى أيضا تحويل مسرح المدينة في الحمراء إلى حسينية إقامة شعائر عاشوراء". 

من يراقب مسار أداء نصرالله وحزبه في الأيام الأخيرة وتحديدا مع تصاعد وتيرة المفاوضات في ملف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل يتأكد أكثر فأكثر أنه بدأ "يشق نفسه عن المسار اللبناني ويقيم علاقاته على المقياس الإلهي،  أي "التكليف الشرعي" الذي يستخدمه في المناسبات والإستحقاقات المهمة كالإنتخابات النيابية أو سواها". إلا أن المفارقة الخطيرة بحسب الزغبي أن نصرالله يتحدث في مناسبات كثيرة عن دولة مدنية وهي نقيض لمسألتين: الدين في السياسة والسلاح في السياسة في حين ان الحزب يجمع الدين والسلاح في وحدة متكاملة ويحاول من خلالها التعامل مع الآخرين بمنطق الفرض والغلبة والقوة متسلحاً بالدعم "الإلهي" الإيراني كما يظهر في زلات لسانه".

ما يريده نصرالله تحقيق المشروع الإيراني "من دون وجع راس". نعم إلى هذا الحد وصل في المجاهرة ومخاطبة أخصامه بالفوقية المكشوفة "لكن بمقدار ما يمكن اعتباره اعتدادا بالقوة، إلا أنه في الوقت نفسه تعبير عن ارتباك وضعف. لذلك يلجأ إلى هذه العراضات ويستغل كل فرصة ومناسبة لعرض عضلاته تارة في وجه إسرائيل أو عبر القمع وتخويف اللبنانيين. والمشهد الحديث في بلدة رميش يؤكد على ذلك حيث بدأ يمارس نوعا من القضم للأراضي كما حصل في جرود جبيل وساحل المتن وهو بذلك يقصد قضم إرادة اللبنانيين عبر استتباعهم أو تخويفهم أو تهديدهم بالسلاح".

ويختم الزغبي مؤكدا أن هذا التمايز سيتمدد مع اقتراب الإستحقاق الرئاسي ووصول رئيس جديد سيكون في أدنى الحالات وسطيا وأعلاها سياديا .والظاهر أن نصرالله بات يدرك أن الأمور تفلت من زمام يده ومن الأكثرية التي كان يديرها وستظهر في المراحل المقبلة عن قوة أو هي من بيت العنكبوت قياسا على المعادلات والتوازنات المنتظرة على مستوى العالم العربي والشرق الأوسط، سيما وان قمة جدة رسمت أفقا سيتبلور أكثر فأكثر مع الإنفتاح الأوروبي الفرنسي ومع الدور الذي تقوم به السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o