مشاورات خلف الكواليس تستبق عودة الحريري لانطلاق مسار التشكيل
بري يرفض سياسة التهميش: اذا وجدوا مستقلين لحصة الرئيس فلتكن
روسيا مجددا لانسحاب كل القوات غير السورية من "الجنوب" في اسرع وقت
المركزية- الهدوء الذي عاد يخيم على المشهد الداخلي بعد الصخب "الاستشاري"، يكسب مزيداً من الوقت مع غياب الرئيس المكلف سعد الحريري الذي طار مساء امس الى الرياض للقاء العائلة، فيما تردد انه قد يعرج ايضا على العاصمة الفرنسية، في انتظار الاسبوع المقبل عندما تعود الحرارة الى ملف التشكيل في ضوء ما افضى اليه لقاء بعبدا امس بين الرئيسين ميشال عون والحريري. وبدا من المواقف واللقاءات على مستويات عدة، ان الانظار تتجه الى تطورين بارزين: الاول شكل الحكومة وعددها، والثاني كيفية التوفيق بين مطالب القوى السياسية لعدم اقصاء اي منها.
بري...لا للالغاء: ونقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه اعتقاده بأن التحديات الداهمة بدءا من التعديات الاسرائيلية اليومية على لبنان والمجازر التي ترتكبها في حق الشعب الفلسطيني مروراً بملف النازحين السوريين وما يشكله من عبء اقتصادي واجتماعي، وصولا الى قضية النفط وما يرافقها من ضغوطات وتدخلات يستوجب قيام حكومة متناغمة قادرة على معالجة هذه المشكلات لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين وقاعدة الوصول الى مثل هذه الحكومة ان تحظى بتأييد كل المكونات، ولا تستبعد احداً خصوصا ان التجارب الاليمة التي عاشها لبنان اثبتت ان سياسة التهميش والالغاء غالباً ما ادت الى فشل حكومات وعهود. ولدى الكلام عن الحصص الوزارية ذكّر الزوار كما ابلغوا "المركزية" بكلام رئيس المجلس منذ يومين ومفاده "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان" والداعي الى عدم تكبير الاحجام. واكدوا ان من الطبيعي التزام الدستور خصوصا في ظل عدم وجود مستقلين نيابيا ووزاريا، وحتى تيارات او احزاب سياسية لقوى الموالاة والمعارضة كما في اوروبا وغيرها من الدول الديموقراطية المتقدمة. واعتبروا ان ما يقال عن حصة الرئيس في عهود الرؤساء السابقين كانت وعن حق للسوريين، وان الرئيس بري يرى في هذا المجال، ان المشكلة ليست عندنا واذا استطاعوا ايجاد مثل هذه التركيبة ووجدوا اشخاصا مستقلين تماما ليكونوا حصة رئيس الجمهورية، ليكن ذلك. فالرئيس عون نفسه وصف سابقاً حصة الرئيس بـ "البدعة".
مرحلة متقدمة: وسط هذه الاجواء، أكد الرئيس عون أن لبنان مقبل على مرحلة سياسية متقدمة بعد انجاز الاستحقاق الانتخابي وتشكيل حكومة من شأنها ان تعزز الاستقرار السياسي في البلاد، معربا عن امله في ان يتمكن الرئيس المكلّف من ان يضم في الحكومة كل الاطراف الوطنية للمشاركة في مواجهة التحديات المرتقبة على مختلف الاصعدة.
لتسهيل عودة النازحين: من جهة ثانية، وخلال استقباله وفدا من النواب الاميركيين ضم النائبين داريل عيسى وستيفان لينش وعدداً من معاونيهما، في حضور السفيرة الاميركية في بيروت اليزابيث ريتشارد، نقل اليه التهاني لمناسبة اجراء الانتخابات النيابية بنجاح، وللجهود التي يبذلها في حماية لبنان والدفاع عن سيادته واستقراره، دعا الرئيس عون "الولايات المتحدة الاميركية الى مساعدة لبنان على تسهيل عودة النازحين السوريين الى المناطق الامنة في سوريا، وعدم انتظار الحل السياسي الشامل للازمة السورية للمباشرة بهذه العودة.
الوضع الحدودي: وردا على اسئلة الوفد (الذي زار أيضا عين التينة وقصر بسترس واليرزة)، عرض رئيس الجمهورية لموقف لبنان من التطورات الاقليمية ولاسيما في سوريا، كما تحدث عن الوضع على الحدود اللبنانية الجنوبية والمفاوضات الجارية مع اسرائيل عبر الامم المتحدة، لوقف اعتداءاتها على السيادة اللبنانية برا وبحرا، لاسيما في ما خص بناء الجدار الاسمنتي على طول الحدود قبالة " الخط الازرق". واشار الرئيس عون في هذا المجال، الى ان هذه المفاوضات ستستمر للوصول الى النتائج المرجوة، مجددا التأكيد على ان لبنان ملتزم تطبيق القرار 1701، فيما اسرائيل تواصل انتهاكاتها له. وشكر الرئيس عون الوفد الاميركي على الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للجيش اللبناني الذي تمكن من تحرير الجرود اللبنانية البقاعية من الارهابيين.
الراعي: في الاثناء، واصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي زيارته فرنسا. وغداة لقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الاليزيه، التقى اليوم رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو. وكان الراعي دعا، خلال تلبيته أمس دعوة نائب رئيس مجلس الوزراء الاسبق عصام فارس الى عشاء تكريمي في دارته في باريس، المسؤولين اللبنانيين الى تشكيل حكومة توحي بالثقة لدى اللبنانيين والمجتمع الدولي وتطبق الإصلاحات المطلوبة للنهوض بلبنان. وقال "نحن نتطلع الى مرحلة جديدة نتمكن فيها من مواجهة التحديات الراهنة وايجاد الحلول لها، وهذا يقتضي مشاركة جميع القادة القادرين المخلصين وتوحيد جهودهم وفي طليعتهم الرئيس عصام فارس الذي نرى مشاركته في ادارة الشأن الوطني اسهاما في تحقيق أمنيات اللبنانيين من خلال حل المشاكل التي يواجهونها". وأشار الى انه "اذا أراد المسؤولون اللبنانيون تشكيل حكومة توحي بالثقة لدى اللبنانيين والمجتمع الدولي وتطبق الإصلاحات المطلوبة للنهوض بلبنان، عليهم التعاون مع الرئيس فارس على ان تضم هذه الحكومة وجوه ثقة يجد الرئيس فارس نفسه بينهم في موقعه الطبيعي. فنحن بحاجة الى شخصيات لبنانية تعطي الثقة للبنانيين لأنه كما رددت دائما نحن في لبنان نعيش حالا استثنائية، لذلك نحتاج الى رجال سياسة غير اعتياديين ومن بينهم دولة الرئيس فارس".
انسحاب في أسرع وقت: اقليميا، تكثّف روسيا، يوما بعد يوم، ضغوطها على ايران للانسحاب من الجنوب السوري. فغداة إبلاغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس السوري بشار الاسد منذ ايام بهذه الرسالة، والتي عاد وكررها أكثر من مسؤول روسي، نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن وزير الخارجية سيرغي لافروف قوله اليوم انه ينبغي أن تنسحب كل القوات غير السورية من حدود سوريا الجنوبية مع إسرائيل في أسرع وقت. ويتزامن موقف لافروف مع وصول وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان الى موسكو حيث يلتقي غدا نظيره سيرغي شويغو.
منبج: الى ذلك، توصلت تركيا والولايات المتحدة الى اتفاق حول خطة من 3 مراحل تشمل إشرافا مشتركا على مدينة منبج السورية تستمر لـ45 يوما، يبدأ مبدئيا في 4 حزيران. وكان أعلن وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو اليوم ان خططا لخارطة طريق في مدينة منبج السورية قد تنفذ قبل نهاية الصيف، إذا توصلت تركيا والولايات المتحدة لاتفاق. ولفت تشاووش أوغلو في مقابلة مع قناة "خبر" التلفزيونية الى إن القوات التركية والأميركية ستسيطر على منبج لحين تشكيل إدارة جديدة في المنطقة بموجب تفاهم مع واشنطن.
فرنسا على خط الحلول: دوليا، كشفت اوساط دبلوماسية غربية لـ"المركزية" عن اتصالات مكثفة تقودها فرنسا من اجل حل الازمة اليمينة وانهاء الانقلاب الحوثي ضد الشرعية، في اطار مبادرة تقضي بالدعوة الى مؤتمر دولي يعقد في العاصمة باريس في 29 حزيران يحضره كبار المسؤولين واطراف النزاع، مقدمة لوضع ورشة الحل على سكة المعالجة. يذكر ان باريس استضافت امس مؤتمرا للازمة الليبية برعاية الأمم المتحدة ومشاركة 20 دولة معنية حيث تم الاتفاق في ما بينها على إعلان ، لم يوقّع، وضع إطار عمل سياسي، لتمهيد الطريق لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 10 كانون الاول المقبل، ودعا إلى السعي فورا إلى توحيد البنك المركزي الليبي وإلغاء الحكومة والمؤسسات الموازية تدريجيا، وتضمن التأكيد على الالتزام بدعم المساعي التي تبذلها الأمم المتحدة لبناء مؤسسات عسكرية وأمنية محترفة موحدة وخاضعة لمبدأ المحاسبة، فضلا عن تشجيع الحوار الذي تستضيفه العاصمة المصرية في هذا الصدد.