Sep 01, 2021 11:30 AM
مقالات

الفساد سمة إنجازاتكم

كتب أديب ابي عقل

المركزية- المشهد السوريالي الحالك السواد الذي يظلّل الساحة اللبنانية، ويرخي بثقله على الوضع الداخلي، غير مرشح للانحسار في المدى القريب المنظور على ما يبدو، مقدار ما هو مفتوح على الأسوأ، مع اقتراب سلسلة استحقاقات تشرينية، في طليعتها الاستحقاق الدراسي بمراحله كلها، وسط عجز واضح حتى الآن عن تأمين انطلاقة سليمة لهذا القطاع، اذا ما استمرت الأوضاع على حالها، بدءاً من المال وصولاً إلى طوابير الذلّ التي هي راهناً صورة وطن الأرز في الخارج.

والأنكى من ذلك كله، استمرار بعض المسؤولين والمتعاطين في الشأن العام، في التشديد على اهتمامهم بمكافحة الفساد والغش والاحتكار إلى آخر المعزوفة، في حين أن وسائل مكافحة هذه الموبقات متوفرة، وإنما لا يتم استعمالها في الوجهة الصحيحة. وما حصل من خطوات على صعيد المحروقات والادوية في الآونة الاخيرة، مضحك ومبكٍ في آن، وفصل هزلي من فصول التمثيل على اللبنانيين، إذ تمّ ضبط مئات ألوف الليترات من المحروقات، ولم يتمّ توقيف محتكر واحد، مع العلم ان الانتقائية في التوقيف والإخلاء، مرفقة بعراضة قضائية جديدة من قضاة "غب الطلب" أسقطت كل صدقية وجدية عن المعالجة.

ولعلّ الأخطر والأبشع يكمن في التفتيش عن تحميل المسؤوليات لهذا او ذاك في الداخل، في حين أن التهريب جار على قدم وساق، وقد تمّ تطوير وسائله من داخل الحدود إلى الخارج، من دون أن يجرؤ أحد على كشف ذلك، لأن منظومة الحماية أقوى من أصحاب قرار الدهم والمكافحة.

ومن نافل القول، ان مسؤولين عاجزين منذ أكثر من سنة ونصف السنة عن تأليف حكومة، هي مطلب لبناني أولاً، وخارجي ثانياً، وشرط دولي لمساعدة لبنان في الخروج من المِحنة التي يتخبّط فيها وتفتك باللّبنانيين وعيشهم الحرّ والكريم ثالثاً، هم حتماً مسؤولون عاجزون عن مكافحة الفساد، وخطاباتهم الإعلامية تأتي لذرّ الرماد في العيون وتغطية السموات بالقبوات ليس إلّا.

فوطن يغيب الخجل عن مسؤوليه وزعمائه وقادته، بسبب سوء إدارتهم وتعاطيهم مع القضايا والملفات المطروحة أمامهم، هو وطن فاشل غير جدير بالحياة الحرة والكريمة.

وطن يتقاذف المسؤولون فيه التهم بالعمالة والفساد، هو وطن يؤكّد هذه الاتهامات، وعليه تالياً لفظ هؤلاء المسؤولين ونبذهم وحذفهم من قاموس السياسية اللبنانية.

وطن لا يثق المسؤولون فيه بالسلطة القضائية وبالعدل أساس الملك، على رغم خروج البعض عن أخلاق المهنة، يستحق طبقة مسؤولة أفضل تستند إلى القضاء سلطاناً لوضع الأمور في نصابها.

وطن لا يستطيع المسؤولون فيه تأمين مقومات الحياة الأساسية، يجب أن يحاكم الطبقة المسؤولة ويرميها خلف القضبان علّها تتوقف عن اتحافنا بخطابات رنّانة عن مكافحة الفساد، فيما روائح فسادها تزكم الأنوف.

وطن لا يحاسب النواب فيه الحكومة، وإنما يتقاسمون الفساد معها، يستحقّ تغيير هذه الطبقة عبر الانتخابات النيابية وفق قانون عصري وحديث يضمن صحة التمثيل.

وطن يضحي بشبابه ويدفعهم إلى الهجرة، من اجل بقاء شيبه المتربعين "سعداء" على الكراسي، غير جدير بالاحترام من الداخل والخارج، كما الحال اليوم.

وطن لا يحترم المسؤولون فيه القانون والدستور تحت حجج وذرائع واهية، يضع نفسه على سكة الانفلات والتفلّت، واستحضار مشاهد يجهد اللبنانيون لنسيانها ولا يريدون بالتأكيد العودة اليها.

أيها المسؤولون، انقاذاً لما تبقى، كفوا عن الحسابات الانتخابية المرتبطة بالطموحات الشخصية، بدءاً من المطالبة برفع العقوبات في مقابل تأليف الحكومة، والمطالبة بصفقة رئاسية منذ الآن. واعملوا على رفع المعاناة عن اللبنانيين نتيجة سياستكم، بدلا من المكابرة والعناد والإمعان في المزيد من الانهيار الذي بات عنوان المرحلة التي سيذكرها التاريخ على أنها أهمّ إنجازاتكم.

 

 

 

 

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o