لبنان في آخر لحظات ما قبل النتائج الرسمية: احتفالات وترقب
اقتراع متدن وخسارة مرشح حزب الله في جبيل وخرق ماروني في بعلبك
اسرائيل: لبنان يوازي حزب الله..وايران: مستعدون للعمل مع الحكومة المنتخبة
المركزية- أنه يوم آخر، عاد معه اللبنانيون إلى نمط حياتهم الطبيعية بعدما انخرطوا على مدى الاسابيع الاخيرة في بوتقة المواجهة الانتخابية الشرسة. أدت القوى السياسية قسطها للاستحقاق، ففاز من فاز وسقط من سقط من المرشحين، لتفتح ابواب البرلمان امام وجوه جديدة واخرى تقليدية، فيما تقفل امام نواب لهم رمزيتهم في العمل البرلماني لم يحالفهم حظ "القانون النسبي" الذي خيط على مقاس البعض. لكنّ تأخر صدور النتائج والتشكيك بعمليات فرز في بعض الدوائر وعدم وصول صناديق مراكز الفرز خلق حالا من البلبلة، لا سيما ان مرشحين ناموا على نيابة مؤكدة سرعان ما تبخرت مع ساعات الصباح.
الانتخابات بين اسرائيل وايران: وقبل ان يبدأ المسار القانوني المؤسساتي الذي يفترض ان ينطلق بدعوة رئيس الجمهورية إلى الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها لتسميةِ رئيس الحكومة الجديدة المتوقع وفق المؤشرات الاولية ان يكون الرئيس سعد الحريري، وبعده رحلة تشكيل الحكومة بمشوارها الطويل على الارجح، تبعا للخريطة البرلمانية الجديدة وافرازاتها السياسية، صدرت مواقف خارجية لافتة من الاستحقاق اللبناني من قطبي الصراع الاقليمي اسرائيل وايران. فوزير التربية العبري نفتالي بينيت، وهو عضو في مجلس الوزراء الأمني المصغر، دعا إلى عدم التفريق بين "حزب الله" ولبنان في أي حرب مستقبلية، موضحا أن مكاسب الحزب في الانتخابات اللبنانية تظهر أن لا فرق بين الدولة والحزب. وقال بينيت على "تويتر"، اليوم "حزب الله= لبنان" وأضاف أن "دولة إسرائيل لن تفرق بين دولة لبنان ذات السيادة وبين "حزب الله" وستعتبر لبنان مسؤولا عن أي عمل داخل أراضيه". اما ايران فنقل تلفزيونها الرسمى عن المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي قوله، إن طهران تحترم اختيارات الشعب اللبناني فى الانتخابات البرلمانية"، "لبنان بلد مستقل إيران تحترم تصويت الشعب اللبناني. ومستعدون للعمل مع الحكومة المنتخبة من قبل الأغلبية."
مواقف ومؤتمرات: في الاثناء، وبعد استراحة المحارب التي امتدت من ساعات الفجر حتى ما بعد ظهر اليوم، توالت كلمات ومواقف الشكر من القادة السياسيين للبنانيين بدءا من الرئيس نبيه بري الذي قال "شكرا لإنجازكم هذا الإستحقاق قلبا واحدا ويدا واحدة والعهد هو العهد، كما كان وعدنا أن نصنع معكم ولكم وللبنان فجرا جديدا عنوانه أنتم يا كل الأمل ويا أهل الوفاء، صدقوني ما فعلتموه هذا وحد لبنان." ثم الرئيس سعد الحريري الذي عقد مؤتمرا صحافيا في السراي اكد فيه اننا لم نتخلَ عن موضوع السيادة يوما والقانون الحالي سمح للكثير من الفرقاء بالدخول الى البرلمان واحداث خروق في اماكن عدة"، وشدد على انه ما زال حليف الرئيس ميشال عون وسيبقى لان هذا التحالف يحقق الاستقرار. واعلن ان بعد الانتخابات سيكون بحث في الاستراتيجية الدفاعية وانا ضد السلاح غير الشرعي. وقال: انا غير قابل للكسر. ولاحقا تحدث الرئيس نجيب ميقاتي ثم امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله على ان يعقد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مؤتمرا صحافيا في السابعة مساء.
تزوير في بعلبك؟ في غضون ذلك، وفي ما اجمعت مصادر سياسية على اعتبار حزب القوات اللبنانية الرابح الاكبر في هذه الانتخابات، حيث تمكن من ايصال 15 نائبا الى الندوة البرلمانية وفق ماكينات الحزب، اشارت مصادر من المستقبل والقوات الى ان "عناصر من حزب الله يدخلون سراي بعلبك مع مغلفات اصوات مزورة ويمارسون الضغوط على لجان القيد لتعديل النتيجة واسقاط المرشحين الفائزين عن المقعدين السني والماروني".وعلى الاثر، توجهت فاعليات بلدية واختيارية وأهلية مع المرشح انطوان حبشي الى قائمقامية بعلبك لمتابعة سير فرز الاصوات. وتوازيا أدلى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بالتصريح الآتي: برسم وزير الداخلية نهاد المشنوق وسريعًا. لقد وصلت إلى لجان الفرز في سرايا بعلبك صناديق من بعض أقلام الاقتراع غير مختومة بالشمع الأحمر ولا تحتوي على محاضر رسمية موقعة، إنما مجرد صناديق مع أصوات. لذلك، المطلوب ان يتدخل الوزير المشنوق فورًا ويستطلع ما يحدث من أجل إلغاء تلك الصناديق غير القانونية والمدسوسة عمدًا بهدف اللعب بالنتائج في دائرة بعلبك-الهرمل". الا ان محافظ بعلبك- الهرمل بشير خضر اكد ان محاضر صندوقين لبلدتي النبي شيت وبدنايل ضاعت، فتم اعادة فرزها مجددا ووضعت محاضر بنتائجها، نافيا حصول تزوير ومؤكدا ان الحراسة الامنية المشددة لم تغب لحظة عن السراي.
الاقتراع المتدني: اما في القراءة السياسية لنتائج الانتخابات، فأشارت مصادر مطلعة لـ"المركزية" الى ان اهم ما في هذا الاستحقاق عدم رضى الرأي العام عن الطبقة السياسية وفق ما ابرزت عملية تدني نسب الاقتراع التي لم تتعد في بعض المناطق الثلاثين في المئة. وقالت ان طبيعة القانون الانتخابي الجديد الذي حصلت على اساسه الانتخابات للمرة الاولى معقّد الى حد كبير، ودفع اطرافا سياسية كثيرة لا يجمعها شيء الى التحالف مع بعضها لمحاولة تأمين حواصل انتخابية، يبدو ان الرأي العام لم يستسغ هذه التركيبات الهجينة، ففضّل الاحجام عن التصويت لمن يؤيّده، كما ان الحماس الشعبي بدا فاترا بفعل غياب المشروع السياسي خلافا للاستحقاقات السابقة، وأبرزها عاما 2005 و2009، حيث كان على اللبنانيين الاختيار بين مشروعين واضحين ونظرتين مختلفتين للدولة اللبنانية والسلاح غير الشرعي.
حدثا الاستحقاق: وسجلت المصادر حدثين بارزين في هذا الاستحقاق اولهما فوز المرشح الشيعي في جبيل على لائحة "عنا القرار" المدعومة من حزب الكتائب والنائبين السابقين فارس سعيد وفريد هيكل الخازن، مصطفى الحسيني، وفق النتائج غير الرسمية، مقابل خسارة الشيخ حسين زعيتر المدعوم من حزب الله. وفوز مرشح حزب القوات اللبنانية في بعلبك- الهرمل طوني حبشي وهي سابقة لم تكن متاحة قبل ذلك حيث قال مسيحيو المنطقة كلمتهم واوصلوا، اذا لم يستجد ما يقلب المعادلات والارقام، من يمثلهم عن حق الى البرلمان.
فرنسا تهنئ: في المواقف الخارجية ايضا، هنأ سفير فرنسا في لبنان برونو فوشيه، اللبنانيين على "أدائهم الواجب الوطني" وقال: "تؤكد هذه الانتخابات، وهي الأولى منذ 2009، قوة الديموقراطية اللبنانية، كما أود ان أحيي الكفاءة التي أظهرتها وزارة الداخلية في لبنان في تنظيم الانتخابات، لا سيما أداء الأجهزة الأمنية والجيش في تأمين أمن عملية الاقتراع"، آملا في "أن يتم تشكيل حكومة جديدة بسرعة فور استلام البرلمان الجديد السلطة، للاستجابة للتحديات التي يواجهها لبنان وللعمل مع شركاء لبنان الدوليين، وأولهم فرنسا".
النووي: في المقلب الدولي، وغداة اعلانه ان "أميركا مقبلة على ندم تاريخي إذا انسحبت من الاتفاق"، جدد الرئيس الإيراني حسن روحاني القول إن "الولايات المتحدة ستندم على أي قرار بالانسحاب، مضيفا "طهران ستقاوم بضراوة الضغوط الأميركية الرامية إلى الحد من نفوذها في الشرق الأوسط". واشار في خطاب بثه التلفزيون الرسمي على الهواء "إذا أرادوا التأكد من أننا لا نسعى لامتلاك قنبلة نووية فقد قلنا لهم مرارا وتكرارا أننا لا نسعى ولن نسعى... لكن إذا ما أرادوا إضعاف إيران والحد من نفوذها سواء في المنطقة أو العالم فستقاوم إيران بضراوة". في الموازاة، نقل التلفزيون الإيراني عن وزير الخارجية محمد جواد ظريف تحذيره من أن "الرد القاسي على انتهاك الاتفاق النووي مع القوى العالمية لن يسر الولايات المتحدة".
اما اوروبيا، فأشار وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى ان "الاتفاق النووي مع إيران يضمن حظر الانتشار النووي ومصرون على بقائه"، وأعلن نظيره الألماني أن بلاده "لا ترى سببًا لإلغاء الاتفاق وستعمل بعد 12 ايار للحفاظ عليه"، في حين ناشدت بريطانيا ترامب عدم الانسحاب قائلة على لسان وزير خارجيتها بوريس جونسون ان "لا بديل أفضل منه على الرغم من عيوبه."