Apr 12, 2021 11:16 PM
مقالات

هل يتخلى جعجع عن فكرة دعم "الرئيس القوي"؟

كل الخلافات والتباينات القائمة بين ” القوات اللبنانية” و” التيار الوطني الحر” وتفجرها في شكل سافر على المستوى القيادي من خلال اشتعال حرب البيانات والردود النارية بين الطرفين، او شعبياً على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تمنع رئيس “القوات” سمير #جعجع ان يبقى على موقفه من المسألة التي يتكرر دائماً طرحها، والمتصلة باسقاط رئيس الجمهورية.

يبقى جعجع على مسافة واحدة من خصومه، كما من حلفائه. يرفع شعاراً واحداً لقيادات حزبه وكوادره هو الانتخابات النيابية المبكرة التي تشكل بالنسبة اليه المدخل السليم لتصحيح الوضع الشاذ والخلل الحاصل على مستوى السلطة السياسية.

يرفض جعجع كل من يفاتحه بخيار إسقاط الرئيس، على قاعدة ان اسقاطه لا يحل المشكلة، بل ربما يزيدها تعقيداً في ظل عدم نضوج تسوية واضحة تحدد معالم المرحلة المقبلة، لا سيما في ما يتصل بالاستحقاقين الأهم من الحكومة، وهما استحقاقي الانتخابات النيابية والرئاسية.

تطرح مواقف جعجع من رئيس الجمهورية تساؤلات في أوساط بعض القوى التي سبق ان كانت في تحالف مع “القوات اللبنانية”، خصوصاً وان هذه القوى لا يمكنها وحدها ان تدفع في اتجاه خيار المطالبة باستقالة الرئيس او اقالته، من دون ان يتوافر لمطلبها اجماع لدى الفريق المعارض للعهد. ذلك ان مثل هذه المعركة لا يمكن خوضها من دون تضافر وتراص القوى الدافعة نحوها.

تدرك هذه القوى ان جعجع ليس في وارد نزع الغطاء المسيحي عن عون واستطراداً عن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي يمثل تياره العهد. ولكنها لا تتفهم موقفه من عدم المشاركة في الحكومة، حتى لو لم تسم كتلته الرئيس المكلف في الاستشارات النيابية، تماماً كما هي حال التيار الوطني الحر، معتبرة ان موافقته على المشاركة في الحكومة سينزع مطلب الثلث المعطل من يد باسيل، وسيزيل عقبة أساسية من امام تشميل الحكومة فيسقط ورقة تين التعطيل ليظهر ان العقدة هي في مكان آخر، وليس فقط عند العهد. والدليل ان حملة العهد اليوم تصب في اتجاه الضغط من اجل التدقيق الجنائي وربط تعطيل الحكومة بهذا الامر. علماً ان التدقيق يمكن ان يسلك طريقه بحكومة او من دون حكومة، وان كان وجود حكومة فاعلة كفيل بإعطائه الدفع اللازم لتسريع خطواته وتوفير المظلة السياسية الغائبة اليوم لتنفيذه رغم كل الثقل الذي يضعه العهد في هذا الميزان. وللوسيط السياسي المشار اليه آنفاً قراءته القاضية بأن العهد يستعمل ملف التدقيق عصا غليظة في وجه القوى السياسية، لكنه لا يقدم اي تسهيلات لكي يسلك طريقه وهو الذي يملك السلطة من خلال اكبر كتلة نيابية وحضور وزاري ونفوذ قضائي.

والسؤال الذي يحيٓر هذا الوسط يكمن في سبب امتناع جعجع عن اعادة النظر بموقفه من عون،ويجيب عليه بالقول ان القوات لا تريد هدم فكرة الرئيس القوي التي أطلقها عون، والعودة الى تبني منطق رؤساء من دون قاعدة سياسية وشعبية. ذلك ان إسقاط منطق الرئيس القوي في طائفته وشارعه لا يتلاءم مع الطموحات الرئاسية لدى القوات، بل ان فكرة الرئيس القوي تخدمها، وتُسقط على طريقها المرشحين التقليديين.

ويترافق دعم جعجع للرئيس القوي مع الموقف الجازم لبكركي برفض إسقاط الرئيس المسيحي في الشارع. وهذا الامر يَصبّ في إطار دعم عون حتى نهاية ولايته، بقطع النظر عما سيرتبه استمرار حال المراوحة في المشهد السياسي والحكومي في ظل استمرار تعطل تشكيل حكومة جديدة، من مزيد من  تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية في البلاد في الأشهر المتبقية من الولاية، علماً انها ستكون من اصعب الأشهر وأقساها على اللبنانيين في ظل التهاوي السريع نحو قعر الانهيار، ولا سيما مع بدء العمل بقرار ترشيد الدعم، الذي يعني عملياً وقلقه بعدما استنفدت احتياطات المصرف المركزي.

الى متى يمكن ان يستمر قائد “القوات اللبنانية” في موقفه، وهل يمكن ان يبلغ مرحلة رفع الغطاء عن عون؟

كل المعطيات تؤشر الى ان جعجع ليس في وارد السير في مثل هذا الخيار. ولكن هذا لا يعفيه من رفع سقف التصعيد مع باسيل، خصوصاً وان في الأجواء السياسية والديبلوماسية معلومات لا تزال تتردد على مستوى ضيق، ولم يبدأ التداول بها في شكل علني، عن تراجع حاد في شعبية التيار البرتقالي وسط انسحاب كوادر قيادية عديدة في مختلف المناطق. الامر الذي يعزز حال العزل التي يتعرض لها باسيل على المستوى الداخلي بعدما اشتد عليه العزل الخارجي.

لكن في المقابل، لا ترغب “القوات اللبنانية” استدراجها الى نقل مشهد المواجهة القائمة بين “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل”، الى مواجهة بين الاول والقوات، وذلك بهدف حرف الأنظار عن جوهر المشكلة الحقيقية ومحاولة وضعها في إطار التنافس على الرئاسة، فيما هي تذهب ابعد بكثير لتكون أزمة نظام تصغر امام مخاطره وتحدياته أزمة الرئاسة وحساباتها الضيقة!

المصدر: النهار - سابين عويس

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o