3:48 PM
خاص

"الجماعة" تنسّق مع الحزب "ميدانيا" وتعارض تفرده بقرار الحرب والسلم...ماذا بعد الحرب؟

جوانا فرحات

المركزية – ساعات معدودة على اغتيال القيادي في الجماعة الإسلامية محمد حامد جبارة من بلدة القرعون بواسطة مسيرة استهدفت سيارته من نوع بيك أب دودج في بلدة غزة الجنوبية ، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية صورا عن مواقع لمكاتب ومراكز تابعة للجماعة الإسلامية في بيروت إضافة إلى صور أخرى عن اشخاص يؤدون الصلاة في أحد الجوامع .

الخبر سرعان ما دحضته مصادر "الجماعة" عبر وسائل إعلام محلية وأوضحت أن هذه الصور نشرت على مواقع التواصل الإجتماعي ولا جديد أو سرية فيها.

لكن ما ليس خافيا، أن انخراط الجناح المسلح في الجماعة الإسلامية (قوات الفجر) في مساندة حزب الله في حرب غزة بات شبه متكامل والعمليات التي تنفذها قوات الفجر ضد الجيش الإسرائيلي تتم بالتنسيق مع الحزب. فهل أودعت "الجماعة" أمانة وخصوصية الطائفة السنية في حمى قرار الحزب المتفرد بالحرب والسلم؟ وإلى أي مدى باتت "تورط" السنة في لبنان والمنطقة؟
"الموضوع شائك ومتداخل جدا" هكذا يبدأ الخبير في شؤون الحركات الإسلامية والكاتب السياسي أحمد الأيوبي كلامه في السؤال عن مدى انخراط الجماعة الإسلامية في حرب غزة التي فتح جبهتها جنوبا حزب الله، ويقول لـ"المركزية" "بداية لا بد من الإعتراف بأن قرار حزب الله بفتح جبهة الجنوب كان سيحصل سواء بمساندة "الجماعة" أو من دونها. لكن ما تجدر الإشارة إليه أن هناك بيئة سنية في قرى حدودية تشكل نقاطا استراتيجية. ولو لم تأخذ الجماعة الإسلامية القرار بمساندة الحزب في حرب غزة لكانت هذه القرى اليوم تحت سيطرة الحزب".

دخول "قوات الفجر" بعد اسبوعين على فتح حزب الله جبهة الجنوب طرح علامات استفهام عن توقيته وأبعاده، خصوصاً أن "الجماعة الإسلامية" تتموضع سياسياً في الضفّة المناهضة للحزب من الجهة النظرية. لكن عملياً، يستحيل أن تلعب دوراً عسكرياً في الجنوب إلّا بموافقة الحزب وبغطاء منه.

وفي السياق، يوضح الأيوبي أن "عملية الطوفان أحدثت زلزالا كبيرا في المنطقة والعالم ككل، الذي أظهر هالة تعاطف مع شعب غزة، والجماعة الإسلامية وحماس يندرجان من منبع الإخوان المسلمين .إنطلاقا من ذلك، وجدت "الجماعة" نفسها ملزمة معنويا بالإنخراط في الدفاع عن الشعب الفلسطيني ومساندة حماس وحزب الله في حرب هي الأطول في تاريخ الحروب الإسرائيلية".

إلا ان التطور الكبير الذي يشير إليه الأيوبي يتمثل بالغطاء الذي منحه دار الفتوى للمقاومة الإسلامية في الجنوب من خلال موقف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في ذكرى الهجرة النبوية حيث أعطى الحق بالدفاع عن فلسطين وتبني خيار المقاومة . أيضا هناك موقف واضح وصريح من أمين الفتوى الشيخ أمين الكردي الذي دافع عن مفتي زحلة الشيخ علي الغزاوي عندما رفع البندقية خلال تشييع أحد قادة الجماعة الإسلامية الذين اغتالتهم إسرائيل".

وتعقيبا، يشير الأيوبي الى أن التطور المستجد بعد موقف دار الفتوى وأمينها يؤكد ان الحزب ما عاد يمثل الجهة الوحيدة في المقاومة ضد إسرائيل والطائفة السنيّة باتت شريكة في المقاومة ومهيأة للجلوس إلى طاولة تقرير مصير المقاومة".

في العودة إلى بدايات نشأة الجماعة الإسلامية يوضح الأيوبي بأنها "كانت منخرطة في المقاومة قبل نشوء حزب الله وكانت أول قوة تصطدم بالإسرائيليين في صيدا عام 1982 ونجحت في إخراجهم من المدينة وسقط لها أول شهيد في المقاومة. ولاحقا استعان حزب الله بمعسكرات "الجماعة الإسلامية" قبل ان يتحول إلى قوة ضخمة بدعم إيراني"

ويضيف أن "الجماعة" حلت جناحها المسلح (قوات الفجر) لكنها بقيت قوة كامنة لمواجهة إسرائيل من دون افتعال أي إشكالات أو استعراضات مسلحة. وفي حرب تموز 2006 شاركت الجماعة الإسلامية بقوة في الحرب وشكلت قوة دفاع مهمة في التصدي للإعتداء الإسرائيلي إلا أنها عادت إلى ما وراء الضوء بعد انتهاء هذه الحرب واقتصرت تحركاتها على بعض العمليات وكانت القوى الأمنية أوقفت عددا من عناصرها كانت تعمل على وضع منصات صواريخ ومن بينهم القيادي محمد جبارة الذي اغتيل في بلدة غزة الجنوبية".

هذه السردية في الوقائع تثبت أن الجماعة الإسلامية لم تتخل يوما عن فكرة مقاومة الإحتلال الإسرائيلي "لكن الفارق أنها لم تُدخل يوماً سلاحها في المعادلة الداخلية ولم تستقو به". ويستطرد الأيوبي مشيرا إلى الإيجابيات التي أثمرت عن تدخل "الجماعة" في حرب غزة " فقد أعادت إليها جزءا من شعبيتها وأبعدت الشباب السني عن فكرة الإنضمام إلى حركات جهادية وتكفيرية متطرفة في العراق وسوريا".

بالتوازي، ثمة سلبيات مترافقة مع خيارات الجماعة منها " إعطاء حزب الله بطاقة حق في فتح المعركة . لكن الحقيقة أن قيادة "الجماعة الإسلامية رفضت في أي شكل من الأشكال الإلتحاق بسياسة حزب الله. ويقتصر التنسيق القائم بينهما على المستوى الميداني وهذا ضروري لتفادي إيقاع أي أضرار بشرية في حال تفرد "الجماعة" بأي عملية".

حتى الآن لا يزال مؤشر انخراط "الجماعة الإسلامية" في حرب الإسناد التي أعلنها حزب الله يقتصر على التنسيق الميداني دون الإنجراف أو الإنخراط في استراتيجية الحزب السياسية التي تعمل وفق أجندة إيران. "وما يعزز هذا الخط، استمرار الحوار الدائم والمفتوح لـ"الجماعة" مع القوى السيادية، وقد اشار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى هذا التواصل في آخر حوار تلفزيوني له، إذ أعلن عن زيارة موفد من قبله لقيادة "الجماعة الإسلامية". هذا لا يعني أن هناك تحالفا مع حزب القوات لكن الحوار مفروض لأن "الجماعة" تلتقي على أغلبية الطروحات التي تقدمها المعارضة".

ماذا بعد حرب غزة وأين ستقف "الجماعة" من خلال دعمها وانخراطها مع الحزب في حرب غزة ومقتل عدد من قيادييها؟

"الجماعة تعتبر أن جبهة الجنوب موقتة وهي كانت ملزمة في المشاركة فيها من ناحية عقائدية وعند انتهائها ستدعو إلى حوار استراتيجي يؤدي إلى حل مشكلة السلاح غير الشرعي لأنها غير راضية عن استفراد الحزب بقرار الحرب والسلم وتعتبر أن هذا الأمر يجب أن يخضع للدولة .وهو من الثوابت لدى "الجماعة الإسلامية" يختم الأيوبي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o