بري باسيل والخليلان فــــــي عين التينة علـــى طبق حكومــــــــي
تكليف الحريري بين الرفض والاقناع والمستقبل: زمن التضحيات ولّى
التعبئة العامة: التزام متفاوت وخروقات وحسن: سنشهّر بالمخالفين
المركزية- فيما الضياع السياسي على اشدّه والضبابية تغلف المشهد الداخلي واتجاهاته المستقبلية وسط انقسام حاد في التوقعات بين من يرى حكومة سريعة لانقاذ الوضع المهترئ على الصعد كافة واستجابة للرغبة الدولية، ومن يجزم ان لا حكومة في المدى المنظور في انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية باعتبارها نقطة فصل في اكثر من مسار دولي، بقيت حركة الاتصالات الداخلية بين المقار السياسية خجولة بفعل عاصفة انفجار المرفأ التي هزت البلاد على مدى اسبوعين وتداعياتها الكارثية المتمادية حتى اللحظة حيث تمضي قافلة دفن الشهداء الضحايا يوميا. وبعدما بكى اللبنانيون الياس الخوري، ابن الخمسة عشر ربيعا امس، بكوا اليوم جو بوصعب آخر شهداء فوج اطفاء بيروت.
بري – باسيل: استكمالا للاتصالات التي بدأها رئيس مجلس النواب نبيه بري على خط التشكيل الحكومي، بزيارته قصر بعبدا الاربعاء، استقبل اليوم في عين التينة رئيسَ التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في لقاء استمر ساعتين ونصف الساعة حضره "الخليلان" وتخلله غداء. وفيما اشارت مصادر التيار الوطني الحر لـ"المركزية" الى ان البحث لامس كل جوانب الحياة السياسية وفي شكل خاص الملف الحكومي لجهة شكل الحكومة العتيدة وبرنامج عملها ووجوب استمرار المشاورات والاتصالات، على ان يضع باسيل رئيس الجمهورية ميشال عون في حصيلة المداولات،تحدثت مصادر مواكبة عن ان اجتماع عين التينة وضع اطارا للاتفاق ووصفته بالايجابي.
من جهتها، اوضحت معلومات صحافية ان اللقاء بداية التشاور الجدي بشأن الحكومة الجديدة والشخصية التي ستتولى رئاستها، واوضحت ان باسيل أبلغ بري ان لا اجماع على الرئيس سعد الحريري لترؤس الحكومة العتيدة. ولفتت الى ان "الحريري لديه شروط كثيرة لتشكيل الحكومة ويجب ان يحصل على اجابات وتعهدات من قبل الفرقاء المحليين والاقليميين والدوليين والا لن يقدم على خطوة كهذه." الا ان مصادر اخرى اشارت الى ان الاجتماع بحث بالتفصيل في مهمّات الحكومة المقبلة والبيان الوزاري، ولم يتطرّق الى اسم رئيس الحكومة المقبل لأنّ مواقف الفرقاء كلّها معروفة.
..موقف الحريري؟: ويُفترض بحسب المصادر، ان يعقد في الساعات المقبلة اجتماع او اتصال بين الرئيس بري والرئيس سعد الحريري للوقوف عند موقف الاخير، الواضح والصريح، من مسألة اعادة تكليفه، علما ان بري يدفع بقوة في هذا الاتجاه. واشارت مصادر مواكبة لـ"المركزية" الى ان الزيارة اذا ما تمت، ستكون تحت ستار الحكم الصادر من المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتحقيق العدالة بما يفتح الباب على النقاش في الملف الحكومي.
زمن التضحيات ولى: وكانت عضو كتلة "المستقبل" النائبة رولا الطبش غردت عبر "تويتر" كاتبة: "يريدون منه التضحية بكل شيء، حتى بالعدالة لوالده وللبلد، وبوقاحة يطالبونه بأن يسخر كل شيء لتعويمهم وإنقاذ مواقعهم، في حين أنه من مدرسة التضحية بكل شيء لإنقاذ الوطن. زمن التضحيات غير المتبادلة، ولّى الى غير رجعة".
اين الاستشارات؟: من جانبه، اكد الرئيس نجيب ميقاتي "أهمية وحدة الصف والموقف والكلمة بين أركان الطائفة تحت سقف دار الفتوى لتعزيز حضورها وموقعها ومؤسساتها، والتنسيق بين دار الفتوى ورؤساء الحكومة السابقين لتوحيد الموقف والرؤية". وجدد خلال استقباله أعضاء المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في طرابلس وعكار في دارته بطرابلس، رفضه "التأخير الحاصل في الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف ومحاولة تكريس بدعة "التأليف قبل التكليف" المخالفة للدستور، ومصادرة دور مجلس النواب وكذلك دور رئيس الحكومة المكلف الذي تقع على عاتقه مهمة تشكيل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية". وشدد على "أهمية التعاون والتنسيق بين رؤساء الحكومة السابقين والمجلس الشرعي لمنع كل المحاولات لمصادرة دور الطائفة واركانها وتجاهل توجهاتهم او تسمية اي رئيس حكومة من خارج البيئة او الحاضنة السنية، على غرار تجربة الحكومة المستقيلة التي فشلت فشلا كبيرا في تنفيذ الحد الادنى مما وعدت به".
الانقاذ بالحياد: وسط هذه الاجواء، بقي طرح بكركي لتحييد لبنان يتفاعل. وفي السياق، اعتبر الرئيس ميشال سليمان أنّ ضحايا إنفجار المرفأ سقطوا بسبب فشل الدولة المتراكم وجراء عدم تطبيق الدستور والفراغ المتكرر وتفلّت الحدود. وأكد بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، أنّ البطريرك الراعي كان أمام واقع بحيث لا إنقاذ إلا من خلال مذكرة الحياد الناشط، لافتًا إلى أنّ هذا الحياد يشبه صيغة لبنان وهو قانوني مئة في المئة. وتعليقًا على حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، قال: "المطلوب من حزب الله تسليم سليم عياش والا تغيب المحاسبة فيفقد المواطن ثقته بالدولة واليوم دويلة حزب الله أقوى من الدولة اللبنانية".
لحكومة وحدة: في المقابل، اكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن "على القوى السياسية الاتفاق على إطار وطني خارج الاصطفاف السياسي لإنقاذ البلد"، وقال "أنتم يا أهل السياسية، تعلمون أن وضعية لبنان المالية والنقدية والاقتصادية في أسوأ معدلاتها التاريخية، والإنقاذ اليوم يمر فقط عبر حكومة وحدة وطنية وقرارات حاسمة، فيما خص كل دولة تريد الاستثمار في البنية التحتية للبلد، إذا كان في ذلك مصلحة لبنان. وحذار من تقديم المصلحة السياسية على المصلحة الوطنية، لأن البلد لا يحتمل والناس تعيش حالة تمزق، والطوائف تعيش لحظة أزمة متفاقمة والمكونات الرئيسية القادرة على أخذ قرارات كبيرة تكاد لا تزيد عن ست قوى سياسية، ما يعني أن إمكانية أخذ البلد نحو حكومة وطنية أمر ممكن، وبالتالي علينا حماية لبنان من نيران المنطقة، ولكن ليس عبر النأي عن مصالح لبنان الخارجية"، لافتا إلى أن "لبنان يعيش أزمة هائلة، وأي تأخير بالاتفاق على حكومة قوية وفاعلة وواسعة التمثيل يعني اصطدام لبنان في القعر، وبالتالي لن تنقذه قوة".
توقيفات: قضائيا، تابع المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان، تحقيقاته في انفجار المرفأ وأصدر مذكرتي توقيف وجاهيتين، الأولى في حق رئيس مصلحة المرفأ والمدير الاقليمي فيه بالإنابة حنا فارس الذي يعتبر الرئيس المباشر لرئيس دائرة المانيفست الموقوف في القضية نعمة البراكس. والثانية في حق المهندسة نايلة الحاج المسؤولة عن الشركة المتعهدة لأعمال صيانة العنبر الرقم 12 من ضمن الفريق الذي قام بالصيانة على مدى ثلاثة أيام وليس فقط يوم وقوع الإنفجار في الرابع من آب. وبلغ عدد المشتبه بهم والذين ادعت عليهم النيابة العامة حتى الآن 25 من بينهم 19 موقوفا.
خروق للتعبئة: على صعيد آخر، دخلت البلاد بدءا من السادسة صباحا، مرحلة تعبئة عامة جديدة تستمر أسبوعين بعد التفلت المخيف لعداد الاصابات بفيروس كورونا. الا ان نسب الالتزام تفاوتت بين منطقة واخرى، مسجلة خروقات لافتة.
حمد حسن: وليس بعيدا، أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أنّ سيتم التشهير إعلاميًا بالمخالفين وبكل من لا يلتزم بالحجر المنزلي، مشيرًا إلى أنّ أطباء الأقضية والمحافظات سيحضّرون تقريرًا يوميًا عن مدى إلتزام المناطق بالتعبئة العامة لمتابعة المعطيات الميدانية والتصرف على أساسها. وقال بعد اجتماع خلية الأزمة: "اتفقنا مع البنك الدولي لدفع الفواتير العلاجية التي تقدم للمرضى ولدينا متابعة للمستشفيات الحكومية لرفع عدد الأسرّة". ولفت إلى أنّ المساعدات متاحة لكل المستشفيات الحكومية والخاصة بالتنسيق بين وزارة الصحة وقيادة الجيش، مؤكّدًا أنّ خلال اسبوع من الانفجار تم ترميم مستودعات الأدوية في الكرنتينا ويتم العمل على توزيعها على المراكز في مختلف المناطق. وفي ما يخصّ اللقاح، قال: "نعمل على تأمين الهبات ونزيد عدد المختبرات التي تقوم بفحوصات الـPCR ونحن كوزارة في جهوزية تامة". وشدّد حسن على أنّ المعركة لم تنته وما زلنا في الميدان ويجب اعادة حملات التوعية عبر الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. وقال: "فلنتكاتف جميعاً لننجح هذه المرحلة الحساسة التي وصلنا اليها وستكون فترة التعبئة لتخفيف الاحتكاك بين المواطنين والأطقم الطبية".