مشاورات ما بعد الاستقالة:مرحلة جديدة بحكومة اختصاص لبرنامج اصلاحي
توافق غربي- عربي على سلام.. وباسيل: سنكون اول من يسهّل ويتعاون
تحقيقات الانفجار: توقيف مرعي...وهيل على مأدبة الحريري الجمعــــــــــــة
المركزية- طوى اسبوع الالآم اللبناني صفحته الاولى على الانفجار الكارثي الذي هز لبنان والعالم من دون ان يهز ضمائر بعض المسؤولين المتورطين فيه، ومعه انطوت صفحة الاشهر الثمانية لحكومة "مواجهة التحديات" وعجزها عن انتاج الاصلاحات. الاستقالة التي سبقت الاقالة، بسيناريو مُحبَك نُسجت خيوطه بدقة واتقان بين مكونات عرابي الحكومة كمخرج لحفظ آخر نقطة بقيت من ماء وجههم، وفي محاولة لإبعاد كأس الانتخابات النيابية المبكر، بما تعني على مستوى اعادة انتاج السلطة بكاملها في الظروف القائمة، فكان ان ضحوا برئاسة حسان دياب، وكما اتوا به رحّلوه، ولكن بفارق تدفيعه ثمناً لم يكن ليدفعه، لو لم يتورط مع المنظومة السياسية بفسادها المعشش وسياساتها المصلحية العابرة للبحار والمتخطية كل مصلحة وطنية.
انهوا اللعبة عند التضحية بالحكومة لكنهم لم يدركوا انها لا يمكن ان تقف هنا. فالصفعة السياسية التي تلقوها ووضعتهم جميعا في قفص الاتهام لن تتيح لهم مجددا ترف قيادة السفينة الحكومية ولا حتى ابداء الرأي بركابها على الارجح.
مرحلة جديدة لا بد انطلقت في تاريخ لبنان تفترض حسن التعامل معها بحنكة وعدم تضييع الفرصة. شروط التشكيل تفرض نفسها بعيدا من الحسابات السياسية المعهودة حيث لا مكان لها اليوم. فإما التشكيل بشروط الشعب الثائر والمجتمع الدولي الضاغط الذي يرسل موفديه تباعا الى بيروت واقرار المنظومة السياسية الحاكمة بالخسارة، والا لا حكومة.
مشاورات في الكواليس: سريعا، انطلقت المشاورات في الكواليس السياسية لتأمين بديل من حكومة حسان دياب وسط تساؤلات كثيرة حول قدرة الاقطاب الموالين والمعارضين على الاتفاق على اسم وتركيبة مرضية لهما من جهة، وللشارع والمجتمع الدولي من جهة ثانية، في مهلة قصيرة، سيما وان البلاد لا تحتمل مماطلة وتسويفا، علما ان اي دعوة لاستسشارات نيابية تبدو بعبدا لن توجهها قبل الاتفاق على هاتين المسألتين، وقبل الاطلاع على ما يحمله معه دايفيد هيل الذي يصل الى بيروت ليل الخميس.
نواف سلام: وفي السياق، كشفت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن الحديث في موضوع الحكومة بدأ ضمن إطار المشاورات الجانبية بين كل القوى، وان رئيس الجمهورية يفضل تشكيل الحكومة بأسرع وقت". واكدت المصادر للـLBCI على ضرورة قيام المشاورات قبل الاستشارات ليكوّن رؤساء الكتل خياراتهم، معتبرة ان من المبكر الحديث عن رئيس الحكومة المقبل. وعن الكلام أن الرئيس عون موافق على السفير السابق نواف سلام لترؤس الحكومة، اشارت المصادر إلى أن الجو العام يتجه نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية ولكن التوجه حول نوعية الحكومة ودورها ومهمتها لا يمكن أن يحسم إلا بعد جس نبض الكتل النيابية. وفيما اذا كان طرح اسم نواف سلام خلال زيارة ماكرون إلى بعبدا، أوضحت المصادر أن الجانبين شددا على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية ولكن لم يجر طرح أسماء في بعبدا. وعن وجود مانع لدى الرئيس عون من عودة سعد الحريري لترؤس الحكومة، لفتت المصادر إلى أن الرئيس عون يحترم الدستور وينتظر نتائج الاستشارات النيابية. وكانت كشفت مصادر متابعة للوضع الحكومي أن من المبكر الحديث عن أسماء وصيغ حكومية، علما ان سرعة قبول استقالة الحكومة وتكليفها تصريف الأعمال مؤشر الى أن هناك جدية في الوصول إلى توافق وطني عريض حول الحكومة الجديدة وهو ما قصده الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لا سيما وأن جميع الفرقاء ومنهم حزب الله موافقون على الدور الفرنسي.
سلة حل: في المقابل، قالت مصادر سياسية غربية لــ" المركزية" ان الاتجاه الخارجي يميل نحو حكومة اختصاصيين اقتصاديين تنفذ برنامجا اصلاحيا على مدى 6 اشهر من ضمن سلة حل متكامل للازمة اللبنانية لن تقتصر في المراحل اللاحقة على الحكومة.
في عين التينة: الى ذلك، اشارت معلومات صحافية الى ان الاجتماع الذي جمع مساء أمس الرئيس نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والنائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، أدى الى وضع تصور مشترك لمقاربة مرحلة ما بعد استقالة الحكومة، مع إعطاء الأولوية راهنا لمسألة اختيار رئيس جديد للحكومة قادر على تشكيل حكومة فاعلة ومنتجة وقوية، والإفادة من تجربة الحكومة المستقيلة، وتحديدا نقاط الضعف التي إعترتها، بدءا وليس إنتهاء بما سمي تجربة التكنوقراط التي لم تكن على قدر التطلعات. وهي تجربة مرشحة ألا تتكرر في المدى المنظور بعدما ثبتت هشاشتها بفعل نقص الخبرة السياسية. وتبيّن ان الدينامية الدولية التي تقودها باريس تنظر الى نواف سلام بصفته المرشح الوحيد القادر على الحصول على دعم دولي وعربي كامل الأوصاف، بما يؤدي الى تشكيل الحكومة المُرتجاة المرتكز عملها على أجندة عمل مكثفة، الإصلاحات إحدى بنوده الرئيسية، في موازاة ملاقاة الورشة الدولية القائمة لتأمين إعادة إعمار ما تدمر من بيروت. اما الدعم الذي تحقق في مؤتمر باريس الأخير فهو بداية هذا المسار وليس نهايته بالتأكيد. في الموازاة، قالت مصادر سياسية رفيعة ان النقاش المحلي والدولي في هوية رئيس الحكومة العتيدة محصور بين الحريري ونواف سلام، والأخير يحظى على ما يبدو بدعم اميركي - فرنسي - عربي مشترك.
لا انتخابات: ولفتت المصادر الى أن إتصالات الساعات الأخيرة سحبت من التداول ملفين متفجرين كان من شأنهما أن يطيحا بما تبقى من مقومات الدولة بإعتبارهما إنقلابا سياسيا واضح المعالم، وهما إستقالة رئيس الجمهورية والانتخابات النيابية المبكرة. وتبيّن أن القوى الرئيسية في الموالاة والمعارضة إجتمعت على ذلك، مما أدى الى محاصرة الرأي القائل بإستقالة الرئيس والانتخابات المبكرة، وتاليا إبطال مفعول ما كانت تتحضر القوات اللبنانية لإعلانه، وسماه رئيسها "الموقف الكبير".
باسيل: وليس بعيدا، غرد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عبر تويتر كاتبا: "امّا وقد استقالت الحكومة، الأولوية الآن للاسراع في تأليف حكومة منتجة وفاعلة واعادة بناء الثقة بالدولة... نحن في التيار اوّل من يسهّل وأوّل من يتعاون".
جلسة "الطوارئ": وفي السياق، وفيما يعقد مجلس النواب جلسة في الاونيسكو الخميس لمناقشة خطة الطوارئ لبيروت، افادت مصادر عين التينة ان الجلسة ستبدأ بتلاوة كتاب استقالة الحكومة وقبولها، موضحة ان بعد استقالة الحكومة لم يعد من موجب لجلسة المحاسبة.
التنمية والتحرير: من جانبه، رأس رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة اجتماعا طارئا لكتلة "التنمية والتحرير" النيابية في عين التينة. وطالبت الكتلة بالاسراع في تشكيل حكومة جامعة واقرار قانون للانتخابات النيابية على اساس لبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس للشيوخ. ودعت الكتلة السلطات القضائية المختصة التي انيط بها التحقيق في تفجير المرفأ العمل من أجل الوصول إلى الحقيقة كاملة وإنزال القصاص في كل من يثبت تورطه سواء كان مسببا او مقصرا او مهملاً او متواطئا في اي موقع كان.
مساعدات للشعب: وفي هذا السياق، وبينما جال وزيرا خارجيتي مصر والاردن على المسؤولين داعمين الشعب اللبناني، قام مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية جون بارسا بجولة تفقدية على مرفأ بيروت والمناطق المتضررة في مار مخايل كما زار الخيمة التابعة للوكالة قبالة مرفأ بيروت. وشارك بارسا في أعمال ازالة الركام والزجاج شخصيا على الأرض في بيروت، والتقى اصحاب المنازل والمحال المتضررة، بحضور السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا. وأكّد ان الشعب الأميركي يقف الى جانب الشعب اللبناني لافتا الى ان الادارة الاميركية تعهدت بمساعدات فورية بقيمة 17 مليون دولار. واوضح بارسا انه لن يلتقي اي مسؤول لبناني وانها المرة الاولي التي يزور فيها لبنان. ولفت الى "اننا هنا لنقيم الاحتياجات الآنية وطويلة الأمد وهناك مساعدات على الطريق" مؤكدا ان "مساعداتنا لا تمر عبر الحكومة بل تذهب الى الشعب مباشرة عبر شركاء".
هيل على مأدبة الحريري: وليس بعيدا، علمت " المركزية" ان وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل الذي يصل الى بيروت مساء الخميس المقبل، سيبدأ لقاءاته صباح الجمعة من قصر بعبدا، حيث يستقبله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ثم يزور رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب. واشارت المعلومات الى ان هيل سيزور ايضا الرئيس سعد الحريري الذي يقيم على شرفه غداء في بيت الوسط.
وماس في بعبدا: من جهته يصل الى بيروت غدا، وزير خارجية المانيا هايكو ماس بيروت غدا للمشاركة في جنازة احدى موظفات السفارة التي قضت في انفجار المرفأ وتدعى غابريال كوهنال رادتكي. وبحسب معلومات "المركزية" فإن المسؤول الالماني لن يعقد لقاءات سياسية في بيروت سوى مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يستقبله في الثالثة بعد الظهر.
التحقيقات: قضائيا، أفيد عن توقيف المدير العام السابق للجمارك في لبنان شفيق مرعي. الى ذلك، أعطت النيابة العامة التمييزية، بعد انقضاء أربعة أيام على إجراءات التوقيف في ملف انفجار مرفأ بيروت، التعليمات اللازمة لإيداعها الموقوفين كي تتم إحالتهم الى قاضي التحقيق العسكري الأول لإصدار مذكرات توقيف، في انتظار تعيين محقق عدلي يضع يده على الملف، على أن يتابع من قبل النيابة العامة التمييزية التحقيق الأولي مع باقي الأشخاص المشتبه فيهم والشهود، وإحالة الأوراق تباعا الى المحقق العدلي. وبعد تبلغ النائب العام التمييزي غسان عويدات مرسوم إحالة جريمة مرفأ بيروت على المجلس العدلي، يتابع ملف القضية كنائب عام عدلي، على أن تتابع التحقيقات لدى الشرطة العسكرية وفي النيابة العامة التمييزية، ويتم لاحقا الإدعاء أمام المحقق العدلي الذي من المنتظر تعيينه من قبل وزيرة العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى. واليوم، تقدم الوكيل القانوني للمدير العام للجمارك بدري ضاهر المحامي جورج الخوري من جانب النيابة العامة التمييزية بطلب ترك موكله بعد أن تخطى توقيفه لدى الشرطة العسكرية وفقا للمادة 32 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، متعهدا بحضور كافة جلسات التحقيق والمحاكمة.