أصلحوا القضاء
كتب البروفيسور إيلي الزير: بعد أيام معدودة تحلّ علينا ذكرى انفجار مرفأ بيروت للسنة الرابعة. الدمار ما زال ماثلاً أمامنا وصور الضحايا تنتشر في كلّ مكان، وأهالي الضحايا ينتقلون معتصمين من شارع إلى آخر. وحده الغائب في جريمة العصر هو القضاء، وعندما يغيب القضاء تغيب العدالة وتختفي الحقيقة.
في كلّ بلاد العالم هناك فساد سياسي، وفساد إداري وفساد شعبي. لكن الضمان في تلك البلاد دائماً هو القضاء الحازم العادل الذي لا تضيع في أروقته الحقيقة.
في لبنان أزمتنا الرئيسية هي غياب القضاء، بين قاضٍ صالح صامت وقاضٍ آخر فاسد، والصمت يلامس الفساد في كثير من الاحيان. لن تقوم قائمة في لبنان طالما القضاء مغيّب، والسياسيون يتدخلون في الصغيرة والكبيرة في قصور العدل.
لا يمكن لقضاء أن يكون مستقلاً وقضاته يعيّنهم السياسيون، والمناصب القضائية توزّع محاصصة بين الطوائف والأحزاب والتيارات السياسية. بداية الإصلاح تكون بإصلاح القضاء. القضاء البطيء أشبه بالظلم السريع. نحن بحاجة إلى ورشة قضائية كبرى في آليات التنفيذ وفي تسريع المحاكمات، وفي كفّ يد السياسيين عن أقواس العدالة.
أكثرية الملفات في لبنان وبخاصة الكبيرة منها تقيّد ضد مجهول، أو تحفظ في أدراح قصور العدل. أين قضية اغتيال بيار الجميل، واغتيال محمد الطحش، واغتيال وليد عيدو ووسام الحسن، ووسام عيد؟ كلّها ملفات تكاد تكون الأوراق فيها لا شيء دون أن ننسى اغتيال الرئيس رينيه معوض والمفتي الشهيد حسن خالد.
وحدها القضايا الصغرى التي تتناول سرقة رغيف، أو مخالفة موظف صغير غير مدعوم تصل إلى نتيجة واضحة. لعل أسوأ ما يسجل في تاريخ قضائنا أنّ جريمة واحدة عُرف من ارتكبها. هي جريمة اغتيال رفيق الحريري. لماذا؟ لأنّ قضاءً دولياً أشرف عليها وليس القضاء اللبناني.
اصلحوا القضاء قبل إصلاح أي شيء. ففساد القضاء هو فساد كلّ شيء. القضاء ملح الأوطان، وعندما يغيب الملح تفسد الأوطان.
المصدر - أيوب نيوز