عضّ اصابع بيـن التأليف و"الخيار الاخر"...عون يريد حكومــة بقــوة
الحريري وباسيل يقوّمان: التــنازل عن الثلث ام تبــديل الحقائـب اولا؟
تقارب وتنسيق سوري -ايراني وشمخاني: صواريخ عالية الدقة في لبنان
المركزية- اذا صدقت المعلومات في شأن اتفاق حكومي وضعت خطوطه العريضة بين الرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ما زال يحاط بجدران عالية من السرية حرصا على عدم تعكيره، فإن لبنان سيحظى بنعمة التشكيل نهاية الاسبوع. الرئيس ميشال عون يريد حكومة بقوة. اوساط الوزير باسيل تتحدث عن منسوب عال من التفاؤل بولادة وشيكة في الشهر التاسع. الاتصالات بلغت ذروتها على خط فك العقد واللعبة تدور بين التنازل عن الثلث المعطل وتبادل الحقائب لكن من يتنازل اولا؟ الضغوط الخارجية السياسية والمخاطر الامنية المتعاظمة توجب وجود حكومة. لكن تجارب التفاؤل السابقة التي اصطدمت كلها في اللحظات الاخيرة بجدران العراقيل المصطنعة، توجب التعاطي بكثير من الحذر مع التجربة الحديثة.
ايام حاسمة: هي ايام حاسمة يعيشها الملف الحكومي، من دون ان يعني ذلك بالضرورة ان الحسم سيكون على شكل "تأليف"، بل قد يتخذ اشكالا أخرى، لعلّ أبرزها قرارٌ بتفعيل نشاط حكومة تصريف الاعمال.
لقاء مرتقب وتأليف؟: وقد نقل زوار بعبدا عبر "المركزية" عن رئيس الجمهورية قوله "أريد حكومة قبل نهاية الجاري". واشارت معلومات "المركزية" أيضا الى "لقاء يُرجّح حصوله خلال ساعات بين الرئيس المكلف سعد الحريري والوزير باسيل لتقويم نتائج الاتصالات"، متحدثة عن "احتمال كبير لولادة الحكومة نهاية الاسبوع". من جانبها، قالت مصادر بيت الوسط ان الامور تتجه حكوميا في الاتجاه الصحيح والايام القليلة المقبلة ستشهد حسما للأمور ايجابا او سلبا. اما اوساط التيار الوطني فأفادت ان المشاورات بين الحريري وباسيل قطعت شوطاً مهماً وهي قد تستكمل اليوم، موضحة ان "العمل ينصبّ راهناً على تشكيل الحكومة لا على الحديث عن خيارات اخرى والامور يفترض ان تتبلور قبل نهاية الاسبوع". وتحدثت معطيات صحافية اخرى، عن المفاوضات الحكومية عالقة لكن الاتصالات مستمرة.
التشاوري لا يرى جديدا: في المقابل، قال عضو "اللقاء التشاوري" النائب فيصل كرامي ان " بعد 9 أشهر من العمل من أجل انتاج حكومة، لا أرى ما هو مستجد خلال 3 أو 4 ايام لكننا نقول تفاءلوا بالخير تجدوه". واعلن بعد لقائه الرئيس نبيه بري "انني أؤيد دعوة برّي لعقد جلسة تشريعية، ولا أرى أن هناك ما هو مستجدّ حكوميا"، مضيفا "نقلت الى برّي جوّ اللقاء التشاوري الذي يريد ممثّلاً حصراً عنه يمثّله ويصوّت معه". واعتبر انه "لا مانع لدينا في أن يكون الوزير الممثل للقاء التشاوري من حصة فخامة الرئيس، وبطبيعة الحال هذا الوزير سيتعاون مع فخامة الرئيس ودولة الرئيس، لكن هذا شيء وأن يكون ممثلا حصريا للقاء التشاوري، شيء آخر".
"الجمهورية القوية" تجتمع: من جهته، وبعيد عودة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من زيارته الخارجية الطويلة، يعقد تكتل "الجمهورية القوية" اجتماعه الدوري في معراب الخميس المقبل للاطلاع من جعجع على اجواء لقائه مع الرئيس الحريري وتحديد الموقف من الوضع الحكومي. وفي السياق قال عضو التكتل النائب زياد الحواط أن "اجتماع الخميس سيخرج بلهجة عالية النبرة تدعو الى ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة ووضع الرئيسين ميشال عون والحريري أمام مسؤولياتهما"، مشددا على أن "التكتل لن يبقى صامتا امام الواقع المر الذي تعيشه البلاد، وكل الخيارات مفتوحة في الموضوع الحكومي".
الراعي يرفع الصوت: وسط هذه الاجواء الضبابية المتناقضة، رفع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الصوت مجددا، وقال أمام لقاء سيدة الجبل، للسياسيين "لا يحق لكم من أجل مصالحكم الفردية الفئوية المذهبية والحزبية ألا يكون عندنا حكومة". ورأى ان "الأزمة في لبنان دستورية لأن السياسيين وضعوا الدستور جانبا ويخلقون دساتير جديدة وأعراف ومعايير جديدة وعندما يوضع الدستور جانبا يعني الأمر ضياع لأنه الطريق الذي حين تسلكه تصل". وتابع "سنبقى نقول الحقيقة ونخاطب الضمير الوطني فقوّتنا في قول الحقيقة ومخاطبة الضمائر"، مضيفا "لا يحق لكم أن يموت الوطن اقتصاديا ماليا اجتماعيا ومعيشيا لأنكم تتسلون بشؤونكم الخاصة".
عون والامم المتحدة: على صعيد آخر، اشاد رئيس الجمهورية بالتعاون القائم بين لبنان والامم المتحدة لاسيما ما يتعلق بحفظ الامن والاستقرار على الحدود الجنوبية، متمنيا ان يستمر هذا التعاون خدمة للمبادئ التي يؤمن بها لبنان والامم المتحدة، وذلك خلال استقباله المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان برنيل دالير كارديل التي زارت قصر بعبدا قبل الظهر في زيارة وداعية لمناسبة انتهاء مهماتها.
كارديل للتأليف والاستراتيجية: وبعد اللقاء، قالت كارديل: شكرت الرئيس عون على التزامه التطبيق الكامل لقرار مجلس الامن الرقم 1701 وهو في اعتقادي، اساسي لتعزيز الاستقرار وتأكيد بقاء لبنان على المسار الصحيح لتثبيت السلام والامن. وستواصل الامم المتحدة العمل لتحقيق وقف دائم لاطلاق النار بين لبنان واسرائيل، من خلال التطبيق الكامل للقرار 1701. وجددت تقديري لالتزام الرئيس عون الدعوة الى حوار وطني من اجل الاستراتيجية الدفاعية، وآمل ان يعقد هذا الحوار قريباً". واضافت "آمل ان تساهم روح التسوية والوحدة الوطنية في تسهيل تشكيل حكومة جامعة في وقت قريب. كما جددت امتناني للشعب اللبناني على كرمه وحسن الضيافة في استقبال اللاجئين بأعداد غير مسبوقة في القرن الحالي، وهو امر يستحق التنويه والدعم الدوليين، ويشكّل شهادة اضافية على نموذج لبنان الفريد في الانفتاح والعيش المشترك. اخيراً، جددت التزام الامم المتحدة الثابت في العمل مع السلطات اللبنانية لدعم استقرار لبنان وسيادته وسلطة الدولة فيه، ولمساعدة المؤسسات الرسمية على تقديم ادارة اكثر فاعلية بشكل ملموس للجميع، ولتعزيز حقوق الانسان وسيادة القانون".
دعم بريطاني: وعلى خط الدعم الدولي للبنان، أكد سفير بريطانيا كريس رامبلينغ بعد جولة في مدينة بعلبك على رأس وفد من السفارة، أن "المملكة المتحدة تلتزم بأمن لبنان واستقراره وازدهاره، وقال: "لقد استثمرنا ونستثمر كثيرا في بعض المجالات، خصوصا في مجال الأمن ودعم الجيش اللبناني والتعليم وهذا مهم، وهناك جزء آخر من دعمنا في لبنان على النطاق الخدماتي، وسنرى ما هي الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها التي يمكننا توفيرها في بعلبك، هذا أمر مهم جدا ليس هنا فقط، وليس للبنانيين وحدهم إنما للنازحين السوريين ايضا".
من لبنان الى غزة: الى ذلك، برز موقف ايراني على لسان أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني ، قال فيه إن "الصواريخ عالية الدقة باتت في أيدي المقاومة في لبنان وغزة للرد على أي حماقة ترتكبها إسرائيل"، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية "أرنا"، معتبرا ان "ما حدث في ملف الأنفاق على الحدود اللبنانية الإسرائيلية "فضيحة كبرى". وأوضح في كلمة خلال الملتقى الوطني لتقنيات الفضاء واستخداماتها، المنعقد في طهران، أن "اكتشاف مئات الكيلومترات من الأنفاق تحت أقدام الصهاينة فضيحة كبرى للمؤسسة الأمنية الصهيونية". وقال: "ليس هناك من وصمة عار للكيان الصهيونی الذی يدعی التفوق الاستخباراتي، أكثر من تحول وزراء هذا الكيان إلى جواسيس وحفر مئات الكيلومترات من الأنفاق تحت أقدامهم".
تقارب سوري – ايراني: في الاثناء، واصلت دمشق وطهران توطيد علاقاتهما. وفي هذا الاطار، وبعد غياب طويل استقبل الرئيس بشار الأسد صباحا، النائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إسحاق جهانغيري والوفد المرافق. وتناول اللقاء نتائج اجتماعات اللجنة العليا السورية-الإيرانية المشتركة التي أثمرت في الساعات الماضية، توقيعَ 11 اتفاقية من ضمنها اتفاقية التعاون الاقتصادي الاستراتيجي طويل الأمد، حيث أعرب الرجلان عن ارتياحهما لما تم التوصل إليه وأكدا ضرورة المتابعة المستمرة لتنفيذ هذه الاتفاقيات وتفعيلها في أسرع وقت. وأكد الأسد أن هذه الاتفاقيات ومشاريع التعاون التي تم التوصل إليها تحمل بعدا استراتيجيا وتشكل أساسا اقتصاديا متينا، من شأنه أن يسهم في تعزيز صمود سوريا وإيران في وجه الحرب الاقتصادية التي تشنها عليهما بعض الدول الغربية. من جانبه، أشار جهانغيري إلى أن زيارة الوفد الإيراني وعقد اجتماعات اللجنة المشتركة في هذا الوقت، تحمل في طياتها رسالة للشعب السوري وللمجتمع الدولي في آن معاً وهي أن إيران التي وقفت إلى جانب سوريا في حربها ضد الإرهاب ستكون معها أيضاً في مرحلة إعادة الإعمار.