دفق اشارات ينبئ بمرحلة جديدة...لبنان نحو استعادة الدولة
نجوى ابي حيدر
المركزية- دفق رسائل واشارات منها الخارجي الدولي ومنها المحلي الداخلي تراكمت في الساعات الاخيرة وتحديدا منذ سريان مفعول هدنة الستين يوماً ونشر بنود الاتفاق بين اسرائيل ولبنان برعاية اميركية- فرنسية.
وقبل الغوص في تفاصيل الاتفاق الذي سال حبر كثير في مضمونه وخلفياته وما كتب او ما بقي سرياً منه، بدا لافتاً جدا الموقف الايراني الذي عبر عنه اليوم وزير الخارجية عباس عرقجي في اتصال مع نظيره اللبناني عبدالله بو حبيب، اذ بعدما أعرب عن إرتياح ودعم إيران لوقف إطلاق النار في لبنان، أكد الوزير الايراني على دعم الجيش اللبناني وتعزيز قدراته وعديده كي يتمكن من حفظ الأمن والاستقرار جنوب نهر الليطاني. وقد توافق الوزيران أيضا على أهمية استقرار وبسط سلطة الدولة السورية على كامل أراضيها.
وتزامناً، وفي الرسائل المتأتية من الخارج ايضا اكثر من اشارة بعثها الموفد الفرنسي جان ايف لودريان خلال زيارته لبيروت من اجتماعه مع مجموعة سفراء دول الخماسي الدولي الى مشاركته في الجلسة العامة لمجلس النواب، وتحديدا ابان مناقشة واقرار البند المتصل بالتمديد سنة للعمداء وهو البند الذي يتعلق في شكل خاص باستمرار قائد الجيش العماد جوزف عون على رأس المؤسسة العسكرية، بكل ما يعني هذا البقاء في المرحلة المقبلة، الى جانب تأكيده مجددا على ان الاولوية اليوم لانتخاب رئيس، في ظل معلومات عن منحى فرنسي حاسم لانجاز الاستحقاق على ان يليه تشكيل حكومة والشروع في الاصلاحات.
في الغضون، توالت الاشارات الايجابية من الداخل، اذ فيما حدد رئيس مجلس النواب نبيه بري في مستهل الجلسة التشريعية ، التاسع من كانون الثاني المقبل، موعدا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وقال "الجلسة ستكون مثمرة، ومن أجل هذا الامر أعطيت مهلة شهر من أجل التوافق، معلنا انه سيدعو السفراء الى الجلسة "وستكون مثمرة ان شاء الله"، جاء موقف نائب حزب الله حسن فضل الله ليؤكد الايجابيات في ما خص مرحلة ما بعد الهدنة واقلاع الدولة، اذ قال "لن يكون هناك أيّ مشكلة بين المقاومة والجيش بل تعاون ونحن نريد أن تبسط الدولة سلطتها في كلّ مكان وأن تُدافع عن أرضها." ويأتي كلام فضل الله اثر مواقف الرئيس بري الشهيرة امس في كلمته للبنانيين حينما توجه الى الشيعة تحديدا وتحدث عن المقاومة السياسية.
مجمل الاشارات هذه المعطوفة على نص بيان الاتفاق الواضح المعاني لا سيما في المقدمة والبنود المتصلة بالسلاح تحمل على التفاؤل بخاصة انها اقترنت بتطور نوعي لا بل جوهري ، يتمثل بلجنة اشراف يرأسها جنرال اميركي بما يعني ذلك، وآلية تنفيذية في سابقة لم يعرفها اي اتفاق ، لا في الطائف ولا سائر القرارات الدولية، 1559 و1701، ما يعني ادراك المجتمع الدولي ان الدولة اللبنانية عاجزة عن تطبيق مضامين بنود الاتفاق ولذلك سيعمل على تنفيذها حينما تعجز عن ذلك.
الى كل هذا، يضاف عاملان اساسيان الاول ان حزب الله خرج من المعركة بوضعية عسكرية مأسوية مع اغتيال قادته وتدمير مناطقه وبيئته المنكوبة والثاني ان الحرب لم تنته، بدليل ان اسرائيل هاجمت ما ادعت انه نشاط عسكري للحزب اليوم جنوباً، وهي عازمة على مواجهة ايران بعدما حيّدت لبنان ومنعته من ان يكون قاعدة عسكرية متقدمة للجمهورية الاسلامية، بضمانة الآلية التنفيذية للاتفاق.
هي مرحلة جديدة مختلفة عن كل ما سبقها ومسار آخر، انهى التدخل الايراني في لبنان بموافقة الحكومة اللبنانية ووزراء حزب الله من ضمنها. وليست دعوة الرئيس بري في اليوم التالي للهدنة الى جلسة انتخاب رئيس في 9 كانون الثاني، اي من ضمن مدة الستين يوماً للهدنة، سوى اشارة قوية بالمضي بالاتفاق في جانبه السياسي اضافة الى العسكري، والاشارات ستتوالى على الارجح مع كل يوم يمر.