Oct 26, 2018 8:09 AM
مقالات

بوادر صراع سياسي على تشكيل "الدستوري"

استبقت القوى السياسية موعد انتخاب وتعيين اعضاء المجلس الدستوري الجديد، بإقرار قوانين وقرارات اثارت هواجس اطراف اخرى، وطرحت اسئلة حيال خضوع هذا التعيين للمعايير السياسية، مثل تعديل مادة في قانون المجلس الدستوري، تمدد مهلة الترشيح للعضوية، بما رأت هذه القوى انه "يجعل المجلس العتيد رهينة الأهواء السياسية، ويجرّده من استقلاليته القضائية"، في وقتٍ برّر مصدر في المجلس الدستوري هذا التعديل، ورأى انه "يراعي المصلحة العامة، بسبب سقوط بعض الترشيحات السابقة، ويحفظ تمثيل الطوائف في المجلس العتيد".

ورغم ان تكوين هيئة المجلس الجديد، ينتظر تشكيل الحكومة وسريان عمل المؤسسات، عبّر الحزب التقدمي الاشتراكي في بيان، عن استغرابه لـ"تهريب بعض القوانين بحجة الاستثنائية؛ حيث يجري تشريع قانون يكرّس الحالة الطائفية بكل معانيها". واعلن رفضه لـ"تعديل احد بنود قانون إنشاء المجلس الدستوري بصورة استثنائية، عبر تمديد مهلة الترشيح لعضوية المجلس الدستوري رغم انتهاء المدة المحددة لذلك، وابتداع مهلة جديدة للترشح للعضوية، وهي شهر من تاريخ نشر القانون المعدّل"، معتبراً إياها "استثناء لتمكين اشخاص جدد من الترشح بحجة التوازن الطائفي".

الاعتراض السياسي على هذا القانون قلل من ابعاده مصدر في المجلس الدستوري، مبرّراً تعديل القانون بـ"اسباب ترتبط بصحّة عمل المجلس الدستوري". واكد لـ"الشرق الأوسط"، "ان لا خلفية سياسية لتمديد مهلة الترشّح لعضوية المجلس، لأن بعض الذين رشّحوا انفسهم في السابق سقطت ترشيحاتهم لتجاوزهم السنّ القانونية، والسبب الثاني ان بعض الطوائف ليس لديها مرشحون، مثل طائفة الروم الكاثوليك". واشار المصدر الذي رفض ذكر اسمه، إلى "ان فور انتظام عمل المؤسسات الدستورية، يفترض بالمجلس النيابي ان ينتخب خمسة اعضاء من بين المرشحين، كما يفترض بعد تشكيل الحكومة ان يُعيّن مجلس الوزراء خمسة اعضاء، وعندها نصبح امام مجلس دستوري جديد، وتنتهي ولاية المجلس الحالي الذي انتهت ولايته قبل ثلاث سنوات؛ لكنه مستمر بعمله بحكم تسيير عمل هذه المؤسسة التي تراقب دستورية القوانين، وتنظر بالطعون النيابية المقدمة امامها". وجرى تشكيل المجلس الدستوري للمرة الأولى في عام 1993، وهو يتألف من عشرة اعضاء، خمسة ينتخبهم المجلس النيابي، وخمسة تعينهم الحكومة، ويراعي المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وتمثّل فيه الطوائف الأساسية، وحددت المادة الرابعة من قانون المجلس ولايته بست سنوات.

وغالباً ما تعجز القوى السياسية عن انتخاب مجلس جديد فور انتهاء ولاية المجلس السابق بسبب التجاذبات السياسية، واعتبر الخبير القانوني والدستوري صلاح حنين، "ان المجلس الدستوري الحالي مستمرّ بتسيير العمل رغم مرور ثلاث سنوات على انتهاء ولايته، وإلى حين انتخاب وتعيين مجلس جديد"، مشيراً في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، إلى "ان المجلس الدستوري يُشكّل ضمانة لعدم تمادي السلطة التشريعية في إقرار قوانين لا تراعي المصلحة العامة لجميع المواطنين". وعمّا إذا كان تعيين نصف اعضاء المجلس الدستوري يؤثر على حيادية قرار الأعضاء المعينين، اوضح حنين "ان الأمر يرتبط بأخلاقية السياسيين ومدى احترامهم لاستقلالية القضاء وتمسّكهم بالعدالة". وقال "يفترض بالمرجعيات السياسية ان تختار الأشخاص وفق معيار الكفاءة والنزاهة والخبرة، وليس بمعيار التبعية والزبائنية".

وينص قانون المجلس الدستوري على ضرورة اختيار اعضائه من القضاة العدليين والإداريين الحاليين والسابقين، الذين امضوا اكثر من عشرين عاماً في القضاء، ومن المحامين الذين امضوا اكثر من عشرين سنة في المهنة، ومن اساتذة التعليم العالي الذين يدرسون مادة القانون.

وإذا كانت المسؤولية ترتّب على السياسيين اعتماد الأكثر كفاءة لعضوية المجلس الدستوري، لفت حنين، إلى "ان الدستور ينصّ على استقلالية القاضي، وبالتالي مفروض على القاضي ان يكرّس استقلاليته ويتمسّك بها حتى لو كان معيناً من مرجع سياسي". وتعليقاً على المآخذ التي تسجّل على عمل المجالس الدستورية التي تعاقبت منذ تشكيل هذا المجلس في عام 1993 حتى الآن، قال حنين "ان المجلس الدستوري الذي اتخذ قراراً بإنجاح النائب غسان مخيبر (في الانتخابات الفرعية عن منطقة المتن - جبل لبنان في عام 2002) بألف صوت فقط، مقابل من حصل على 30 الف صوت (غبريال المرّ)، كان قراره سياسياً"، مشيراً ايضاً إلى "ان المجلس الدستوري الذي شرّع التمديد للمجلس النيابي في عام 2013 اتخذ قراراً سياسياً، رغم ان حيثيات التمديد تقول انه غير شرعي"، معتبراً "ان هكذا قرارات تبرر ابعاد الصراع السياسي على التعيين في المجلس الدستوري، وتقوّض مفهوم الدولة".

تمديد مهل الترشّح لدخول المجلس الدستوري، استفاد منه القاضي رياض ابو غيدا، الذي قدّم استقالته من منصب قاضي التحقيق العسكري الأول، وعلى الفور قبل مجلس القضاء الأعلى هذه الاستقالة، واحالها على وزير العدل سليم جريصاتي، لإصدار مرسوم يقضي بإنهاء خدمات ابو غيدا، وإحالته على التقاعد بعد 38 عاماً قضاها في السلطة القضائية، وكشف مرجع قضائي "ان الاستقالة هي تمهيد لترشّح ابو غيدا لعضوية المجلس الدستوري، الذي سيتشكّل قريباً".

يوسف دياب-الشرق الاوسط

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o