العراق.. الخاصرة الرخوة بين طهران وتل أبيب؟
يولا هاشم
المركزية - تتصاعد المخاوف العراقية من الزج ببغداد في الصراع الإيراني الإسرائيلي في ظل ارتفاع حدة التهديدات الإيرانية بتوجيه ضربة جديدة لإسرائيل. وتخشى بغداد من مشاركة فصائل عراقية في الضربة الإيرانية المحتملة. فهل تخوف العراق من تأثير نزاع طهران وتل أبيب على استقرار العراق في محلّه؟
المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية" ان "الحدود الفاصلة بين ايران واسرائيل تجعل المواجهة بينهما عملياً غير واضحة وغير قابلة لتحقيق الاهداف خاصة وان ايران لا تمتلك القدرات الكافية لتعزيز نوع من التوازن في القوى، هي تملك صواريخ وبعض المسيرات، لكن في المقابل هناك قوة اميركية ودولية وغربية منتشرة من الخليج حتى البحر المتوسط وستعمل فعليا على اسقاطها، يضاف إليها تعزيز الدفاعات الجوية الاميركية في تل أبيب بنظام "ثاد" أيضاً لمنع تحقيق اي أهداف بشرية من خلال إسقاط هذه الصواريخ.
ايران تعلم ذلك جيدا، ولذلك ملأت فراغ هذه المسافة بأذرع عدّة، تبتز من خلالها الولايات المتحدة الأميركية لتحقيق أهدافها والجلوس على طاولة المفاوضات. وهي تتوعد وتهدد بضرب اسرائيل بهدف فتح ثغرة مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، لأنها باتت تعلم ان الادارة الحالية الديمقراطية راحلة ولا بد من فتح قنوات مع الإدارة الجديدة. ويعتقد بعض المحللين ان الرد سيكون ربما من العراق لأنها الأقرب وتنتشر فيها الصواريخ الايرانية، لكنها من جهة أخرى تقع تحت الحماية الاميركية وهذا يعني ان أي رد من ايران سيقابله تدخل للقوات الاميركية باعتباره تهديدا لمصالحها بهدف ضبط الامور، ولهذا السبب تستعجل ايران وتحاول فتح ثغرة في الجدار السميك. في المقابل، يعتقد محللون آخرون أن الرد سيأتي من الحوثيين، لأن ايران تحاول ان تجد بديلاً فعلياً وقوياً لحزب الله الذي يعاني من انهيار ولم يستطع في ظل حرب المشاغلة والاسناد والانخراط في الدفاع عن لبنان من المبادرة الى الواجهة لكي يعادل ويحقق انتصارات. وكل هذه الصواريخ لن تُصرَف في أي بنك في عملية التفاوض على قاعدة إعادة توازن الرعب".
ويشير العزي الى ان ايران تعتبر الحوثيين الذراع الاقوى لها بعد انهيار الجبهات في "حماس" و"حزب الله" واصبحت تتكل عليهم في عملية المساندة والضرب. لكن لا ننسى ان هناك تحالفاً دولياً يقوم بردع الحوثي وضربه وليس الاسرائيلي. وحتى الاسرائيلي نفسه نفذ عملية في الحديدة كانت قاسية وهذا لن يمنع الاسرائيلي من تنفيذ ضربات ضد اليمن وبمباركة دولية".
ويضيف: "عندما أعطى الرئيس الاميركي دونالد ترامب الأوامر باغتيال قائد الحرس الثوري قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس كان يعلم جيدا ان هناك أخطاء تُرتكب بحق الولايات المتحدة الأميركية، وان الصواريخ التي اطلقت على المنطقة الخضراء وأدت الى مقتل مواطن اميركي أمر غير مسموح به، لذلك فإن اي عملية ضرب صواريخ من العراق لن تكون عواقبها سليمة.
"صورايخ ايرانية كثير منتشرة في سوريا ولبنان والعراق واليمن قد تحاول ايران في اللحظة الأخيرة، استخدامها كلها من أجل التأثير والضغط على اسرائيل، لأنه أصبح واضحا من خلال الخطاب الدبلوماسي الايراني أنها لا تريد ايقاف الجبهة في لبنان وغزة لأنها تريد ضمانة وحماية من الولايات المتحدة كي لا يقوم رئيس الوزراء الاسرائيلي بتنفيذ ضربات موجعة في ايران، ولذلك لن تقفل الجبهات في لبنان إلا بتسوية، ونتنياهو يقول أنه لا يريد إقفال هذه الجبهات إلا باستسلام والموافقة على شروطه. إذاً لبنان يدفع الثمن وسوريا أيضاً، كما سيكون العراق ساحة للمواجهة".
ويتابع العزي: "من هنا ستتعرض ايران وتُعرّض الحشد الشعبي لضربات اسرائيلية موجعة، تُهدد وتستقوي بغيرها، وقد يكون النظام السوري يعي جيدا هذه النقطة واستطاعت روسيا إبعاده عن المواجهة. اما في العراق، فهناك انتفاضة شعبية وتململ من تواجد لميليشيات تأسر وتضرب الدولة لكن على ما يبدو بدأت الصراعات تصدح في العراق، خطاب المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني كان واضحا بأن العراق يجب ان يكون مستقلا وليس تحت وصاية ايران او ان يكون ساحة حرب ونفوذ ورسائل ترسل ما بين اسرائيل وايران. حتى موقف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني كان واضحا بأن لا يريد ان تصبح العراق صندوق بريد وان الحشد الشعبي يجب ان يلتزم بقرارات الحكومة. وبالتالي سنشهد انكفاء ايرانيا، إذ بات واضحا ان كل البيئة الحاضنة لم تعد تثق بإيران وبأنها قادرة على حماية المحور وإنقاذه".
ويختم: "العراق لن تستطيع المواجهة في حال استخدمت أراضيها لضرب اسرائيل، وستدخل في أزمة وستتعرض لضربات اسرائيلية واميركية قاسية وربما لعمليات اغتيال لشخصيات وقيادات كما حدث في لبنان. العراق محق بتخوفه، ليس من الرد الاسرائيلي ولكن من استباحة ارضه وجعلها نقطة للتدمير والتهويل الاسرائيلي والغربي المدعوم اميركيا".