Aug 30, 2018 7:43 AM
مقالات

"المستقبل" ترد الاتهامات عن رئيسها "كأنه العقدة"

قالت مصادر وزارية لـ"الحياة" ان تصريحات الرئيس المكلف سعد الحريري اول من امس وبيان كتلة "المستقبل" النيابية ضد "اللغة التي تستحضر مناخات الانقسام والتعطيل والاصطفاف الطائفي المقيت"، ورفض تحميله المسؤولية عن تأخير الحكومة، وضعت النقاط على الحروف قبل لقائه المفترض مع رئيس الجمهورية ميشال عون للبحث في الصيغة الحكومية، بعد الحملة التي قادها فريق الأخير بأن عليه ان يحسم امره ويتجاوز العقد القائمة امام التأليف، فضلاً عن الاجتهادات الضاغطة عليه تارة عبر الوصايا القانونية التي افتت باعتذار الرئيس المكلف (ما صدر عن وزير العدل سليم جريصاتي)، وأخرى بالتلويح بأن عون سيكون له تحرك حاسم بعد الأول من أيلول.

ومع ان مصدراً مقرباً من الحريري تجنّب الإشارة إلى ان المواقف التي صدرت عنه وعن كتلته موجهة نحو فريق الرئيس عون و"التيار الوطني الحر"، فإن المراقبين لفتوا إلى ان الرد على بعض التصريحات الأخيرة المقصود بها ما صدر عن هذا الفريق اكثر من غيره، لا سيما ما جاء في البيان عن "الإسراف في قلب الحقائق وتجهيل الأسباب الحقيقية للازمة".

وسجل المصدر في حديث مع "الحياة" اهمية التعليق الأول الذي صدر حيال تأكيد الحريري وكتلة "المستقبل" في شأن التمسك بسياسة النأي بالنفس، وضد خرقها من "حزب الله" وحلفائه، وهو التعليق الذي صدر عن وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة انور قرقاش، من خلال وصفه على "تويتر" بعد اقل من ساعتين على صدور البيان موقف كتلة المستقبل بـ "الإيجابي والمسؤول"، الذي يحمي لبنان من الأزمات الإقليمية"، مطالباً كل الأحزاب والقيادات اللبنانية "بتأكيد هذا الموقف". وقال قرقاش "إستقبال الحوثيين في بيروت خروج عن مبدأ النأي بالنفس، ونرفض زج لبنان في المحاور الإقليمية".

كما ان مصادر في "المستقبل" نبهت إلى مغزى الزيارة التي قام بها كل من رئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي للحريري إثر ما صدر عنه وعن الكتلة، خصوصاً انهما اكدا اكثر من مرة التمسك بصلاحيات الرئيس المكلف إزاء الضغوط التي تمارس عليه.

واوضح المصدر المقرب من الحريري ان ما صدر عنه وعن الكتلة، يعود إلى تمادي الحملة التي تحمل الحريري مسؤولية العقد امام التأليف، كأنه هو الذي بات العقدة فيما العرقلة معروفة اين. فالحريري يسعى إلى حكومة ائتلاف، ولو كان ينوي تأليف حكومة اكثرية وتبقى الأقلية في المعارضة لكان الأمر سهلاً عليه، وبالتالي فإن كل الفرقاء مسؤولون عن المساعدة في تسهيل التأليف، بينما التمترس وراء مواقف غير قابلة للزحزحة معناه ان هناك من لا يريد حكومة ائتلاف وطني وحتى تشكيل حكومة". اضاف المصدر "الحريري اراد تحميل الجميع المسؤولية، ولجهة محددة تتصرف على ان التسوية بينه وبين الرئيس عون انتهت. لذلك اكدت الكتلة ان التسوية ليست نزهة سياسية".

وذكر المصدر ان الحريري "قدم تنازلات في إطار هذه التسوية، اهمها قانون الانتخاب كما صدر، بعد التنازل الذي قدمه بالموافقة على دعم ترشيح عون للرئاسة، وكل هذا ليس بقليل، وبالتالي لا احد يمنن الحريري بأنه وقف معه في مرحلة معينة. فالتنازلات التي اقدم عليها كان هدفها عودة النشاط إلى المؤسسات وإلى البلد الذي اُصيب بالشلل الكامل لمدة سنتين ونصف السنة".

العقدة الدرزية... مسيحية: وتابع المصدر المقرب من الحريري رداً على سؤال لـ "الحياة" أنه حرص على توضيح موقفه قبل أن يزور الرئيس عون، لا سيما من زاوية تمسكه بالتسوية بينهما، إذ أنه لا يريد الاصطدام به، لأن بعض من يطالبه بالحسم في الموقف من تأليف الحكومة يريده أن يصطدم بالرئيس عون.

وسأل المصدر "هل يُعقل تعليق البلد على حقيبتين؟ حقيبة للمسيحيين واخرى درزية"؟ ثم استدرك بالقول "المشكلة الأساس في التمثيل المسيحي. والعقدة الدرزية في خانة التمثيل المسيحي وخلفيتها مسيحية ويجب الا يلتبس الأمر على احد في هذا الصدد، فهناك جهة مسيحية تريد توسيع تمثيلها نحو طوائف اخرى".

وعما إذا فاتح الحريري عون ببعض ما قاله او صدر عن الكتلة، قال المصدر لـ"الحياة" ان الاتصال الذي جرى بينهما لم يتطرق إلى التفاصيل لكن المواقف التي صدرت رسالة إلى الجميع.

واوضح المصدر ان ثمة من اقترح على كتلة "المستقبل" ان تصدر دراسة قانونية مضادة للدراسة التي صدرت عن الوزير جريصاتي وتضمنت مخالفات دستورية فاضحة، لكن الكتلة والحريري لا يريدان إدخال البلد في جدال قانوني بيزنطي، لأن المشكلة سياسية وليست قانونية، وبالتالي فإن دراسة جريصاتي غير صالحة للاستخدام.

وحين سئل المصدر عن سبب تعرض البيان إلى تنامي خطاب يتعارض مع مفاعيل التسوية التي وضعت حداً لفراغ استمر لأكثر من عامين في الرئاسة، قال المصدر المقرب من الحريري لـ «الحياة» ان قاعدة التسوية الأساسية تهدئة الصراع في البلد، وحمايته من تطورات المنطقة وتفعيل عمل المؤسسات، لذلك كان الموقف الصادر في الكتلة حول النأي بالنفس، وحول المحكمة الدولية ومع التمسك بالعدالة. ومفاعيل التسوية تنطبق ليس فقط على الرئيسين، بل ايضاً على رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع وعلى رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط الذي انتخب الرئيس عون ايضاً، وبالتالي الجميع معنيون بتسيير الأمور وتسهيلها على القاعدة المذكورة. اما الإعلان ان التسوية غير صالحة فهذا يُرتّب مشكلة في البلد. كما سأل المصدر "نتيجة هذا الواقع هل يعقل ان نشكل حكومة بالآلة الحاسبة، ام يجب ان يتم ذلك بالحوار بين المكونات السياسية؟ بدعة الآلة الحاسبة تخلق اعرافاً غير مقبولة".

الرؤساء الأقوياء: وعمّا إذا كانت الحسابات هدفها تكريس مقولة العهد القوي الذي لا يريد إفشاله عبر الحكومة، قال المصدر "هذا كله يحصل بإسم السباق المسيحي وعرض العضلات. وكل المصطلحات التي نسمعها من الرئيس القوي والجمهورية القوية ولبنان القوي، مصدرها السباق على الساحة المسيحية. ومقابل الرئيس القوي هناك ايضاً رئيس البرلمان القوي ورئيس الحكومة القوي. والتسوية قامت على اساس انها بين اقوياء. وإذا كان هناك فريق يعتبر ان ميزان القوى لمصلحته فإن للآخرين قوتهم ايضاً. وإذا كان صحيحاً ان حصة هذا الفريق النيابية اكبر، لكن هناك فريقاً ليس ضعيفا في المقابل ولديه افضليات. هذا سجال يدخل البلد في دوّامة السباق".

كيف ستترجم المواقف الأخيرة للحريري وكتلته؟ يقول المصدر انها ستترجم في توجهات اساسها تحميل القوى السياسية كلها مسؤولياتها. هل يريدون حكومة قريباً ام يريدون تجميداً للوضع إلى اجل غير مسمى سيكون له ضرر كبير على البلد الذي سيدفع الثمن"؟

وختم المصدر المقرب من الحريري بالقول "إلا ان الثمن ستدفعه مع البلد القوى السياسية قاطبة. هناك اثمان اقتصادية واجتماعية كبرى، وهناك اثمان سندفعها بالعلاقة مع المجتمع الدولي الذي قدم لنا هدية عبر مؤتمر "سيدر" للنهوض بالاقتصاد وإنقاذه، فيما نحن نتسلى بأمور اخرى".

وليد شقير-الحياة

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o