Aug 18, 2018 8:12 AM
مقالات

الحكومة وبيانها الوزاري في "سلة واحدة"

دخلت الأزمة الحكومية مرحلة جديدة اكثر تعقيداً بعد ربط عملية التشكيل بالتفاهم على ابرز بنود البيان الوزاري ومنها العلاقة مع سوريا. ويشهد ملف التأليف مراوحة غير مسبوقة مع إقرار معظم القوى السياسية بأن العملية اخذت ابعاداً إقليمية، بعدما كانت محصورة بخلافات داخلية مرتبطة بتوزيع الحصص والحقائب الوزارية.

واستغربت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ما سمّته "حرق المراحل" واستباق النقاش حول تطبيع العلاقات مع سوريا"، مشددة على "ان الأولوية لتشكيل الحكومة واي ملف يُطرح في المرحلة الراهنة لصرف الاهتمام عن الهدف الأساسي ويهدف لعرقلة عملية التشكيل". وقالت المصادر لـ"الشرق الأوسط" "هناك قضايا كثيرة مرتبطة بسياسة الدولة سيتم بتّها من قبل مجلس الوزراء باعتباره السلطة التنفيذية بعد تشكيل الحكومة، لكن ان يتم وضع العربة امام الحصان، فهذا ما لا يمكن ان نفهمه، بخاصة ان كل المعطيات المتصلة بعملية التأليف باتت معروفة للجميع، ان كان ما يتعلق بالمعايير او شكل الحكومة".

ورغم سعي بعض المسؤولين للفصل بين ملفي التشكيل والبيان الوزاري حرصاً على عدم الدخول في نفق انتظار التطورات الإقليمية والدولية، يبدو واضحاً ان اي اتفاق على الحصص والحقائب بات مرتبطاً بتفاهم على الخطوط العريضة للبيان الوزاري، وهو ما اكده النائب في تكتل "لبنان القوي" سليم عون، لافتاً إلى "ان الاتفاق على الملفين سيكون بإطار "سلة واحدة". وقال لـ"الشرق الأوسط" "لطالما كان الملفان مترابطين ولو لم يتم إعلان ذلك. لا شك اننا في ازمة، لكننا سنخرج منها كما خرجنا مما هو اكبر واكثر تعقيداً، لكن يبقى عامل الوقت، فإما يتم الاتفاق خلال 24 ساعة او تستمر الأمور على ما هي عليه 24 اسبوعاً".

وشدد عون على "ان اولويات "لبنان القوي" في المرحلة المقبلة والتي سيسعى إلى ان تكون اولويات ايضاً في البيان الوزاري، هي معالجة الأزمة الاقتصادية وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم"، لافتا إلى "انهما ملفان يستلزمان التنسيق مع الدولة السورية". اضاف "الوضع في سوريا يتحسّن لمصلحة الرئيس السوري بشار الأسد، وهذا واقع وليس رأياً، والمطلوب من الجميع ان يرضخوا ويتعاملوا مع هذا الأمر الواقع". وتابع "لا شك اننا لا يمكن ان نقبل ان يستمر نفس الخطاب ونفس اللهجة بالتعاطي مع الدولة السورية التي عادت وبسطت سيطرتها على اراضيها".

ويُدرك حلفاء دمشق في لبنان ان تضمين البيان الوزاري الجديد اي إشارة إلى تطبيع العلاقات مع النظام السوري الحالي لا يمكن ان يمر، وهو ما اشار إليه بوضوح الرئيس الحريري اخيراً، لذلك فإنهم لا يشترطون ذلك إنما يدفعون بالمقابل إلى خطوات عملية في هذا المجال. ويعتبر النائب السابق عقاب صقر "ان من طرح التطبيع مع النظام في سوريا مدخلاً لتشكيل الحكومة هو الذي يتحمّل مسؤولية تعقيد الأزمة الراهنة"، مشدداً على "ان موضوع العلاقة مع نظام الأسد يُشكّل بنداً خلافياً جذرياً ولا يمكن ان يكون عابراً باعتبار ان الدفع باتجاه التطبيع يعني إلغاء رأي نصف اللبنانيين لصالح النصف الآخر". وقال لـ"الشرق الأوسط" "لن نسمح بأن يمرّ تطبيع الأسد مع العالم عن طريق لبنان، فنحن سنكون آخر بلد يطبّع معه بعد ان يقبل الشعب السوري بحكومة جديدة وتعترف بها جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي".

وشدد صقر على "ان اي بيان وزاري يجب ان يعتمد الخطوط العريضة للبيان الحالي لحكومة تصريف الأعمال وبالتحديد بموضوع النأي بالنفس"، لافتاً إلى "ان التوجه هو إلى إضافة تفاصيل لصالح مزيد من تلاقي لبنان مع المجتمعين العربي والدولي، وليس كما يطمح البعض لصالح إعلان عزلة لبنان". اضاف "إذا كان هناك حاجة للبنان للتنسيق سياسيا مع سوريا فإن الرئيس الحريري قام بالمهمة بالتواصل مع الرئيس الروسي وهو راعي الأسد والمسؤول عنه، اما التنسيق الميداني فيمكن ان يتولاه ضابط لبناني يتصل بالضابط الروسي الذي امسك يد الأسد مانعا إياه من التقدم في قاعدة حميميم".

ويبدو بند التنسيق مع سوريا الوحيد حالياً الذي قد يعوق صياغة البيان الوزاري ويؤخر تشكيل الحكومة باعتبار ان هناك تفاهما ضمنيا على إبقاء البند المتعلق بـ"المقاومة" و"حزب الله" على ما هو عليه، لجهة التأكيد على "حق المواطنين في مقاومة الاحتلال والاعتداءات"، بعدما كانت البيانات السابقة تتحدث عن حق "الشعب والجيش والمقاومة"، وهو ما اكدته مصادر "المستقبل" و"الوطني الحر" على حد سواء.

بولا اسطيح-الشرق الاوسط

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o