Feb 24, 2024 8:38 AM
صحف

بين إضراب الوزارات الحكومة ومطالب الموظفين والمتقاعدين الحكومة غير قادرة على تأمين 100 ألف مليار

يستمر موظفو القطاع العام في اضرابهم المفتوح في انتظار رد الحكومة على مطالبهم. لكن الحكومة التي أعدّت موازنة بعجز طمحت الى أن يبقى صفرا في المئة، هل تستطيع تلبية المطالب، وماذا عن الاضراب في الوزارات؟

لم يكن السجال بين وزيري الاقتصاد أمين سلام والزراعة عباس الحاج حسن عادياً، خصوصاً انه على "مجموعة الواتساب الخاصة بالحكومة"، وهو بدأ على خلفية طلب سلام الضغط على موظفي وزارة الزراعة للكشف على شحنة قمح في المرفأ، فما كان من الحاج حسن إلا ان رفض الطلب مؤكداً ان الاضراب "حق مقدس للموظفين يكفله القانون ويجب مقاربته من خلال المعالجة والحل وليس الضغوط". وانتهى السجال بتحذير لوزير الزراعة من استعمال اساليب الضغط على الموظفين وان ذلك سيؤدي الى ردود افعال غير متوقعة.

ما جرى بين الوزيرين يعكس الحال التي وصلت اليها الادارات العامة والوزارات في ظل استمرار الاضراب في وزارات عدة ( تجاوز الرقم 8 وزارات)، بسبب عدم انصاف الموظفين، وكذلك بعد تخصيص حوافز لبعضهم في وزارات محددة منها وزارة المال التي تراجعت عن دفع تلك الحوافز بطلب من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.

"المطالب كبيرة والاستجابة بالقطارة"
لم تعد الامور في القطاع العام على حالها منذ اشتداد الازمة بعد حراك 17 تشرين الاول عام 2019، فالقطاع يشهد اضرابات شبه متواصلة منذ نحو 4 سنوات، وبعضها استمر لأكثر من عام كامل، وما كان الموظفون يطالبون به قبل عامين او ثلاثة لم يعد يجدي نفعاً اليوم.

وبصورة اوضح، عندما لبّت الحكومة مطالب الموظفين والمتقاعدين بزيادة الرواتب تبعاً لما اصروا عليه قبل نحو ثلاث سنوات، تآكلت قيمتها منذ آذار الفائت بعد تخطي سعر صرف الدولار الـ100 الف ليرة ومن ثم استقراره على 89500 ليرة.

وباتت مطالب القطاع العام اليوم محصورة بزيادات تراوح ما بين 300 و500 دولار، وأي طرح آخر ليس مقبولاً من روابط وتجمعات الموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين.

رئيسة رابطة موظفي الادارة العامة نوال نصر تؤكد لـ"النهار" ان "مطلبنا هو تصحيح كامل للاجور ونقبل بالتقسيط ،على ألّا يقل المبلغ عما يؤمّن حياة كريمة"، أما بالارقام فتشير الى ان الطلب يجب ألّا يقل عن 300 دولار كقسط اول لتصحيح الرواتب والاجور على مراحل.

واذ تتمسك نصر بمبلغ كاف لصغار الموظفين لتأمين عيش كريم، توضح ان "التصحيح يجب ان يكون على مراحل وان تستعيد الرواتب قيمتها بالدولار، اي ان تعود الى ما كانت عليه قبل العام 2019، وان هناك قبولا بالتقسيط وبالتالي فإن مبلغ الـ 300 دولار كزيادة في الدفعة الاولى يكون مقبولاً طالما ان شرائح اخرى تقاضت تلك الزيادة. أما في حال عدم استجابة الحكومة فإن الاضراب سيستمر حكماً".

وهذا ما حذر منه الرئيس ميقاتي بعد تأجيله جلسة الحكومة امس بسبب الضغط الشعبي الذي مارسه العسكريون والموظفون المتقاعدون إذ طوّقوا مداخل السرايا الحكومية منذ الصباح لمنع عقد الجلسة. واللافت ان ميقاتي صارح الموظفين بعدم القدرة على تخطي سقف الإنفاق ما يعني عدم امكان تحقيق المطالب كاملة.

اما الكلفة التي يجب ان تتحملها الحكومة في حال استجابت لمطالب الموظفين فتصل الى 100 الف مليار ليرة، وبالتالي سيكون هناك عجز كبير في الموازنة قد يصل الى 30 في المئة. ويشير الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين الى ان "كلفة الرواتب حالياً هي 120 الف مليار ليرة، وعند زيادتها بحسب ما يطالب به الموظفون والمتقاعدون، فإن العجز في الموازنة سيصل الى رقم غير مسبوق هو 30 في المئة".

إذاً ليس امام الحكومة سوى خيارين: إما ان تكرر ما قامت به حكومة الرئيس سعد الحريري الاولى في عهد الرئيس السابق ميشال عون وتقر سلسلة جديدة للرتب والرواتب، وتعيد الامور الى المسار نفسه بنتائجه وتداعياته والذي سلكته الحكومات المتعاقبة، وإما ان تصارح الموظفين بأن لا امكانية لتلبية مطالبهم وتحمّل العجز الكبير في الموازنة، وهذا ما اكده ميقاتي، وعندئذ يصبح مصير القطاع العام برمّته على المحك، ما يدفع البعض الى وضع ذلك ضمن تنفيذ مطالب صندوق النقد الدولي.


ويلفت النقابي محمد قاسم الى ان الاضراب مستمر ما لم تتحقق المطالب، وينفي ان تكون الكلفة تبلغ 100 الف مليار ليرة، وانما المطلب المحق هو تصحيح قيمة الرواتب، ويقول لـ "النهار": "نطالب بالعدالة والإنصاف، وقلنا للحكومة ان تعطي الموظفين والمتقاعدين 40 بالمئة والباقي على مراحل، ومهما طالت المرحلة الثانية عندها يشعر الموظف المتقاعد الذي دفع 40 سنة من عمره وهو يدفع للخزينة بأنه يوفر شيئا لآخرته".

هي حلقة مفرغة لا تصب إلا في سياق استمرار تآكل الدولة واداراتها في انتظار حلول ليست في متناول اليد راهناً.

المصدر - النهار

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o