Jan 08, 2024 7:03 AM
صحف

لبنان في قلب الحراك الديبلوماسي والقلق الأميركي من نتنياهو "يُخيف"

نافَسَ دويُّ الغاراتِ الوهميّةِ التي نفّذها الجيشُ الإسرائيلي أمس فوق غالبية مناطق جنوب لبنان، الأصداءَ الخافتةَ لنتائج الحِراك الديبلوماسي الذي أديرت محركاتُه بأقصى قوى سعياً إلى خفْض التوتر بين «حزب الله» وإسرائيل وشَبْك الجبهةِ المشتعلةِ منذ 8 أكتوبر بالمسارات السياسية الشائكة التي يُعمل على شقّها تحت عنوان «اليوم التالي للحرب في غزة».

وغداة «الردّ الأوّلي» من «حزب الله» على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت عبر إمطار قاعدة ميرون للمراقبة الجوية بأكثر من 60 صاروخاً وهو ما أعلن رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين أمس انه «استهداف لسلاح الجو الذي استهدف الضاحية، وهذه رسالة مباشرة»، انتقلتْ تل أبيب التي كانت وسّعت أول من أمس رقعة الاشتباك الى عمق نحو 27 كيلومتراً في قضاءي صيدا وصور، إلى مرحلةٍ جديدةٍ من «الحرب النفسية» عبر الغارات الوهمية التي تسبّبتْ بأضرار مادية في بعض المنازل في عدد من بلدات الجنوب، بالتوازي مع مضيّ مسؤوليها في «تصريحات تذكيرية» بأن الوقت ينْفَذ أمام فرصة «الحلّ الديبلوماسي» للجبهة الشمالية.
وتقاطعتْ 3 مواقف في الداخل الإسرائيلي في الساعات الماضية عند قرع «جرس الإنذار» حيال التطورات على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية واحتمالات انزلاقها إلى ما هو أدهى من مواجهات مضبوطة على قاعدة التماثل بين الفعل وردّ الفعل، في الوقت الذي كانت تقارير أميركية تكشف عن خشية في واشنطن من أن يضغط بنيامين نتنياهو على زرّ التفجير الكبير مع «حزب الله» لاعتباراتٍ تتصل بـ «إنقاذ مسيرته السياسية».

وأمكن في هذا الإطار رصْد الآتي:

- دعوة نتنياهو «حزب الله» الى «الاعتبار» مما «تعلّمتْه حماس في الأشهر الماضية»، مؤكداً «مصممون على الدفاع عن مواطنينا وإعادة سكان الشمال إلى بيوتهم آمنين، ونحن نتصرف بمسؤولية من أجل ذلك، وإذا استطعنا فسنفعل ذلك بطرق سياسية وإلا سنتصرف بطرق أخرى».

- تأكيد الوزير الإسرائيلي في مجلس الحرب بيني غانتس أن «لا بد من حل عاجل لعدم قدرة مواطني شمال إسرائيل على العودة إلى منازلهم»، معلناً «إسرائيل مهتمة بالحل الديبلوماسي، وإذا لم يوجد فإن الجيش الإسرائيلي سيعمل على إزالة التهديد، وجميع أعضاء مجلس الوزراء الحربي يشاركون هذا الرأي. والاعتبار الوحيد هنا هو أمن إسرائيل، ولا شيء غير ذلك».

- ما كَشَفَه موقع «واللا» الإسرائيلي عن دعوة كبار ضباط الجيش «لتحويل القتال ضدّ حزب الله من الدفاع إلى الهجوم»، مشيراً إلى أن هؤلاء «بعثوا برسالة إلى هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية»، قالوا فيها: «حان الوقت لتحويل الأولويات من الجنوب إلى الشمال. وتغيير أهداف القتال ضد حزب الله من نظام دفاع محدود أو (دفاع قاتل) إلى هجوم محدود».

وجاء رَفْعُ وتيرة المواقف الإسرائيلية عشية وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى تل أبيب حيث أعلن المتحدث باسمه مات ميلر أنه سيبحث في خطوات محددة«لتجنب التصعيد، وأن ليس من مصلحة أحد لا إسرائيل ولا المنطقة ولا العالم أن ينتشر هذا الصراع إلى ما هو أبعد من غزة».

وفيما عَكَسَ كلام ميلر القلق الأميركي من أن تندفع إسرائيل إلى توسيع الحرب، فإن هذه الخشية كانت ارتسمت من خلال تقرير استخباري أميركي صادر عن «وكالة الاستخبارات الدفاعية» DIA نُشرت خلاصته وعبّر عن قلقٍ في واشنطن من أحاديث عن احتمال توسيع تل أبيب للحرب إلى لبنان، مشيراً إلى أن تحقيق إسرائيل الانتصار في هذه الحرب سيكون «صعباً وسط القتال المستمر في غزة».

ونقلت «واشنطن بوست» أن مسؤولين أميركيين يشعرون بالقلق من «أن نتنياهو يرى أن القتال الموسع في لبنان هو مفتاح بقائه السياسي»، وانه منذ هجوم حماس في 7 اكتوبر ناقش المسؤولون الإسرائيليون شن هجوم وقائي على حزب الله وهو الاحتمال «الذي واجه معارضة أميركية مستمرّة بسبب احتمال جر إيران إلى الصراع - وهو احتمال قد يجبر الولايات المتحدة على الرد عسكرياً نيابة عن إسرائيل».

وكشفت الصحيفة أنه وفقاً للاستخبارات الأميركية فقد ضرب الجيش الإسرائيلي مواقع للجيش اللبناني أكثر من 34 مرة منذ 7 أكتوبر وأن «مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أكد أن واشنطن أبلغت إسرائيل أن الهجمات على الجيش اللبناني والمدنيين اللبنانيين(غير مقبولة على الإطلاق)»، ناقلة عن مسؤول أميركي«ان على المجتمع الدولي أن يبذل كل ما في وسعه لدعم الجيش اللبناني، لأنه سيكون عنصراً حيوياً في أي سيناريو لـ (اليوم التالي) في لبنان».

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، الأحد، استناداً إلى عدة مصادر مطّلعة، أن هناك محادثات شخصية جَرَت بهذا الخصوص بين ممثلين للحكومة الأميركية وإسرائيل، وذلك على خلفية الاشتباكات بين «حزب الله» اللبناني والجيش الإسرائيلي في المنطقة الحدودية.

ونقلت الصحيفة عن مصدرين مطّلعين، لم تفصح عنهما، القول إن تقديرات وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية أشارت إلى أن فتح جبهة جديدة، إلى جانب الحرب في غزة ضد حركة «حماس»، من شأنه أن يقلل فرص نجاح إسرائيل.

وأفاد تقرير الصحيفة بأن المسؤولين الحكوميين الأميركيين يشعرون بقلق كبير حيال احتمال أن يصبح التصعيد بين البلدين الواقعين على البحر المتوسط أكثر دموية من الحرب التي دارت رحاها بين إسرائيل و«حزب الله» في عام 2006، حيث إن «حزب الله» قام منذ تلك الحرب بتوسيع نطاق ترسانته من الأسلحة على نحو ملحوظ، وفق ما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

ونقلت الصحيفة عن بلال صعب، خبير الشؤون اللبنانية في معهد الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث في العاصمة الأميركية واشنطن، قوله إنه من الممكن في حال تصعيد الصراع «أن يتراوح عدد الضحايا في لبنان بين 300 و500 ألف شخص، فضلاً عن إخلاء واسع النطاق لشمال إسرائيل بالكامل».

ويقول المسؤولون الحكوميون الإسرائيليون إنهم يُفضّلون التوصل إلى حل دبلوماسي للوضع المتوتر على الحدود الشمالية لإسرائيل، لكنهم، في الوقت نفسه، يُهددون باللجوء إلى الخيار العسكري.

وكتب الوزير وعضو مجلس الحرب، بيني غانتس، على منصة «إكس»، أن «إسرائيل مهتمة بالتوصل إلى حل دبلوماسي». وأضاف محذراً أنه إذا لم يجرِ التوصل إلى حل، فإن الجيش الإسرائيلي «سيعمل على إزالة التهديد».

بدوره، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، موجهاً حديثه إلى «حزب الله»، إن «النافذة الزمنية الدبلوماسية قد تكون صغيرة، لكنها مفتوحة أمام هؤلاء الذين يسعون إلى جر المنطقة إلى تصعيد لا لزوم له»، مشيراً إلى أن الناس في كل مكان بالمنطقة يستحقّون العيش في سلام.

وأضاف هاغاري، في إشارة إلى هجوم حركة «حماس»، أن إسرائيل يجب أن تتأكد من أن «مذابح السابع من أكتوبر/ تشرين الأول» لن تتكرر على حدودها. وتابع: «واجبنا هو حماية شعبنا، إن لم يكن بالوسائل الدبلوماسية فبقوة السلاح».

المصدر - الراي الكويتية

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o