"أفق وتحديات الاقتصاد الرقمي في لبنان" في لقاء حواري
عقد في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بدعوة من رئيسه شارل عربيد، لقاء حواري عرض من خلاله مؤسس ومدير عام مؤسسة orient planet الدكتور نضال أبو زكي "أفق وتحديات الاقتصاد الرقمي في لبنان".
بو دياب
وألقى ممثل عربيد عضو هيئة مكتب المجلس الاقتصادي الدكتور أنيس بو دياب كلمة تحدث فيها عن "أهمية التحول الرقمي"، وقال: "لبنان كان السباق في العالم العربي في هذا المجال".
أضاف: "في عام 2001، وضعت الاستراتيجية الحكومية للتحول الرقمي، لكن للأسف ما زالت عالقة في الأدراج، وهي تحتاج إلى مراسيم، كما وضعت أخيرا خطة 2020- 2030 عن رؤية التحول التكنولوجي. وكذلك، وضعت لجنة التكنولوجيا في المجلس الإقتصادي في عام 2019 استراتيجية وطنية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار من أجل التنمية المستدامة في لبنان".
وأكد أن "الاقتصاد الرقمي يعتمد، في شكل أساسي، على التكنولوجيا الرقمية"، مشيرا إلى أن "حجم هذا الاقتصاد عالميا يبلغ حوالى 17% من الناتج المحلي، أي حوالى 20 تريليون دولار"، وقال: "إن حجم الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي اللبناني لا يتجاوز الواحد ونصف في المئة، أي بين 200 و250 مليون دولار".
أبو زكي
وقال المدير العام لمجموعة "أورينت بلانيت" الدكتور نضال أبو زكي: "يؤدي الاقتصاد الرقمي دورا محوريا في فتح آفاق جديدة لتعزيز النشاط الاقتصادي وتوفير فرص العمل للشباب، حيث يوفر الاقتصاد الرقمي بيئة حاضنة لنمو مختلف القطاعات الاقتصادية، من خلال تعزيز كفاءة الإدارة وتحسين الوصول إلى الخدمات. كما يساهم في تمكين رواد الأعمال وتشجيع الاستثمار، ودعم النمو الاقتصادي القائم على المعرفة".
وأشار إلى أن "التقدم والتنمية يتحققان الآن بالدخول في عصر ما يعرف باسم الاقتصاد الرقمي، وهو تعبير يستخدم للدلالة على الاقتصاد المبني على تعظيم الاستفادة من البرمجيات واستخدام تقنية المعلومات والاتصالات"، وقال: "إن بناء المصانع الجديدة لن يصنع التقدم الذي تصنعه هذه التقنيات، حيث تمتلك دول حول العالم موارد طبيعية هائلة، لكنها ما زالت تعاني اقتصاديا، لأنها لا تستطيع المنافسة عالميا على جذب الاستثمارات".
وأشار إلى أن "المنافسة الآن أصبحت بين الشركات، وليس بين الدول"، لافتا إلى أن "الاستثمارات الحكومية والقطاع العام في طريقها إلى الاندثار في إطار الاقتصادات الرقمية الذي تمثل الآن عنصرا أساسيا بالنسبة إلى الشركات أو الإنتاج"، وقال: "يشهد العالم تطورا هائلا في الاستثمار في التقنيات الحديثة. وفي ظل التوسع السريع للسوق العالمية وتحول الاقتصاد إلى كيان بلا حدود، تنمو معدلات الاستثمار في شكل هائل من دون قيود جغرافية، فقد يقوم موظف من الهند بالعمل لصالح شركة في نيويورك لحل مشكلة لشركة في ألمانيا"،
وأوضح أن "نصيب لبنان من الاستثمار العالمي ما زال منخفضا جدا"، لافتا إلى أن "لا مكان في العالم الآن لعدم الكفاءة أو الحماية".
وتحدث عن "دور الاقتصاد الرقمي في تحسين كفاءة قطاعات الاقتصاد وتوسيع دائرة السوق وتوفير آفاقا أكبر لمواجهة البطالة وتحقيق رفاهية أكبر للمستهلك، الأمر الذي يسهم في تعزيز جودة الحياة للمواطنين"، مشيرا إلى أن "الاقتصاد الرقمي يسمح بتنمية الأعمال والابتكار والتنافسية في صناعات عدة، مثل الخدمات المالية الرقمية، والعمل عن بعد، والتكنولوجيا المالية، وغيرها من المجالات التي تعتمد على استخدام التقنيات الرقمية لتطوير الأعمال وتحقيق فوائد اقتصادية".
وتطرق إلى "دور الحكومة اللبنانية في تشجيع الاستثمار الأجنبي القائم على الابتكار وجذبه، من خلال توفير البنية الأساسية وزيادة الكفاءة وتحقيق الشفافية، وكذلك البدء بالتنمية الاجتماعية مثل التعليم والضمان الاجتماعي قبل التنمية الاقتصادية، حيث ثبتت أهمية تنمية رأس المال البشري قبل رأس المال النقدي، وكذلك المرونة من جانب الحكومة"، وقال: "من الصعب التنبؤ بالتطورات المستقبلية، ولكن من الممكن التحرك السريع معها، مما يستلزم مرونة عالية".
وأكد "أهمية وجود شركات عملاقة أو عالمية لبنانية تعمل كمحرك أو قاطرة للتنمية المتواصلة".
وعرض ل"تجربة بعض الدول النامية في مجال الاقتصاد الرقمي"، لافتا إلى "تجربة الهند التي شهدت انتشارا واسعا للتقنيات الرقمية واستخدام البيانات"، وقال: "إن الهند تمتلك أكثر من 250 مركزا تقنيا، مما يعكس النمو السريع لقدراتها التكنولوجية".
وأشار إلى أن "هذا الاقتصاد الرقمي أسفر عن نتائج إيجابية ملموسة على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلد".
وختم: "تشير التوقعات إلى أن اعتماد التقنيات الرقمية في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من شأنه أن يحقق منافع اجتماعية واقتصادية هائلة تصل قيمتها إلى مئات المليارات من الدولارات سنويا، وتحقيق طفرة تشتد الحاجة إليها في الوظائف الجديدة، وتمثل التقنيات الرقمية أحد الأسباب الرئيسية لتعزيز النمو والمساعدة على خفض التكلفة المرتفعة للمعلومات والتي تقيد المعاملات الاقتصادية، وتتراجع هذه التكلفة عندما يستخدم المزيد من المواطنين هذه التقنيات، حيث أن الرقمنة الكاملة للاقتصاد يمكن أن ترفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة لا تقل عن 46% على مدى 30 عاما".
وكان أبو زكي أطلق أخيراً كتابه الجديد بعنوان "المدن الذكية في العالم العربي وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية"، ويتناول الكتاب، الأهمية المتزايدة للمدن كمراكز حضرية تواكب المتغيرات المتسارعة المرتبطة بالتقدم الرقمي والذكاء الاصطناعي.
كما يستشرف الكتاب مستقبل المدن العربية الذكية، مركزا على "أبرز التجارب والتكنولوجيات والتقنيات التي تمت الاستعانة بها في أنظمة العمل والبنى التحتية، إضافة إلى استعراض بعض المحاولات العربية الطموحة لتطوير هذا المفهوم ومواكبة التقنيات العالمية في هذا المجال خلال السنوات المقبلة".