Jan 06, 2024 8:09 AM
صحف

التهديدات الإسرائيلية والمهل التي يضعونها ل"الحزب" مطاطة قابلة للتطويل

تتحول التهديدات الإسرائيلية والمهل التي يضعونها لحزب الله لوقف عملياته العسكرية إلى مواعيد "مطاطة" قابلة للتطويل. يذهب البعض إلى تشبيهها بالخط الأحمر الذي رسمه الرئيس الاميركي باراك أوباما للنظام السوري ورئيسه بشار الأسد، حيال استخدام السلاح الكيميائي. فبعد كل التهديدات التي رفعها أوباما، أبرم تسوية برعاية روسية إيرانية، كما عقد الاتفاق النووي مع إيران، التي وسعت من نفوذها في سوريا. هناك من يعتبر أن كل المهل الإسرائيلية قابلة للتغيّر، والتهديد غير قابل للصرف، وفي النهاية يبقى الرهان على تسوية أميركية تعيد الاستقرار من دون تحقيق إسرائيل لأي من أهدافها الكبرى التي وضعتها، وصولاً إلى حد دعوة انسحاب حزب الله من جنوب نهر الليطاني.

أول مهلة وضعها الإسرائيليون كانت 48 ساعة لوقف التصعيد العسكري من قبل حزب الله، وحصل ذلك قبل زيارة وزيرة خارجية فرنسا الأخيرة إلى بيروت، وفي خضم تحركات المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين. المهلة الثانية كانت تتراوح بين 6 و8 أسابيع، والتي يفترض أن تنتهي خلال هذا الشهر. ولكن وفق آخر المعطيات، فإن الإسرائيليين وضعوا مهلة جديدة بين شهر وشهرين، أي حتى نهاية شهر شباط المقبل، للوصول إلى تسوية بشأن الوضع في لبنان وإعادة الاستقرار، وإلا سيتجهون إلى تنفيذ عملية عسكرية واسعة في الجنوب.

حزب الله لا يكترث لهذه التهديدات، ولا يزال يعتبر أن اسرائيل لن تلجأ إلى حرب واسعة، طالما أن لعبة كرة الطاولة قائمة ومستمرة. فالحزب يرمي الكرة عند الإسرائيليين ويهددهم بالندم في حال شنوا الحرب، بينما الإسرائيليون يواصلون تهديداتهم بأنه في حال قرر الحزب شن الحرب فإنه سيتلقى ضربات لا يتخيلها.

عملياً، تأتي المهلة الجديدة في أعقاب زيارة هوكشتاين السريعة إلى تل أبيب ولقاءاته المسؤولين هناك، سعياً منه لعدم التصعيد العسكري، خصوصاً بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية لبيروت. ما قاله المسؤولون الإسرائيليون كان واضحاً حيال الأزمة التي يعيشونها مع سكان المستوطنات الشمالية، وسط انعدام القدرة على إعادتهم إلى هناك طالما أن حزب الله يتمتع بالقوة اللازمة، وقادر في أي لحظة على شن عملية مشابهة لعملية طوفان الأقصى.

وزير الدفاع الإسرائيلي تحدث مع هوكشتاين عن أن هناك نية اسرائيلية للرهان على الحل الديبلوماسي للمشكلة، ولكن الوقت يضيق، وبحال لم تنجح المساعي فإن الحرب ستكون خياراً واقعاً. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فيبدو في حالة من التخبط، غير قادر على اتخاذ قرار، ويتردد ويتراجع، فيتهمه الإسرائيليون بأنه عاجز.

كل هذه الوقائع تضع إسرائيل في خانة حرجة جداً، فيما هي تفكر بالاستعاضة عن الحرب الواسعة بعمليات نوعية، تشبه عملية اغتيال صالح العاروري. أما المساعي الديبلوماسية فتتكثف وخصوصاً من قبل هوكشتاين، الذي لم يحدد موعداً لزيارته إلى لبنان، لكنه يستمر بالتواصل مع المسؤولين، فيما المعطيات تفيد بأنه سيزور لبنان خلال هذا الشهر وبعد التحاق السفيرة الأميركية الجديدة بعملها في عوكر.

الخلافات الإسرائيلية حول كيفية مقاربة الملف اللبناني، تقابلها خلافات أميركية أيضاً حيال دور هوكشتاين. وتشير مصادر متابعة إلى أن هناك اعتراضات لدى الخارجية الأميركية على المهام التي يضطلع بها هوكشتاين، خصوصاً أن مهامه تحولت من البحث في ملفات الطاقة والبلوكات النفطية إلى البحث عن حل لترسيم الحدود البرية بعد البحرية، وتجنّب اتساع الصراع.

هذه الإنتقادات من بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية لهوكشتاين، تتقاطع مع انتقادات إسرائيلية أيضاً للمسار الأميركي، انطلاقاً مما يطرحه المبعوث الأميركي حول ترسيم الحدود البرية وانسحاب اسرائيل من 13 نقطة. إذ أنه يرفع شعار أن ترسيم الحدود والانسحاب الإسرائيلي سينزع من حزب الله ذريعة الاستمرار بالقتال ضد اسرائيل لتحرير الأرض. لكن الإسرائيليين لا يوافقون على هذا الكلام، ويعتبرون أن مشروع الحزب هو تحرير الأقصى وتوجيه ضربة لإسرائيل تشبه عملية طوفان الأقصى. وبالتالي، نقل المعركة إلى الداخل الإسرائيلي. كما يعتبرون أنه لن يتخلى عن سلاحه حتى وإن تم ترسيم الحدود. وسيبقى عنصراً تهديدياً كبيراً لإسرائيل ولسكان الشمال.
ولذا، فإن هذه الأصوات في اسرائيل أو أميركا تعتبر أن ما يطرحه هوكشتاين سيعني منح انتصار سياسي وعسكري كبير لحزب الله.

المصدر - المدن

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o