Dec 13, 2023 7:29 AM
صحف

إسرائيل تُنازِل "الحزب" في الساحة السورية بشروطها

تفيد المعلومات المتوافرة من مصادر شتى بأنه خلال أقل من شهر ونصف شهر خسر"حزب الله" 14 مقاتلاً محترفاً سقطوا تباعاً في نقاط ومواقع عدة في الساحة السورية، بقذائف وصواريخ اسرائيلية.

واقع الحال الصعب والمكلِف هذا رسّخ اليقين عند الدوائر المولجة بمتابعة الموقف في الحزب بان اسرائيل اتخذت قراراً يقضي بإدخاله في حومة حرب عليه موازية ورديفة للمنازلة اليومية التي تتوالى فصولاً بينهما على الحدود اللبنانية الجنوبية منذ الثامن من تشرين الاول الماضي، وهي المنازلة التي يستنتج مؤيدوها ان كفّتها مائلة حدّ الرجحان للحزب لانه البادىء بها وتلبّي حساباته القائمة على معادلة إسناد غزة ودعم مقاومتها من جهة، والحيلولة دون جرّ لبنان الى حرب مفتوحة من جهة اخرى، اضافة الى ان الاسرائيلي فيها مغلول اليدين بفعل قرار أميركي يمنعه من فتح أبواب المواجهة على مصاريعها مع الحزب خشية ان تتحول الى حرب مفتوحة تحاكي حرب تموز عام 2006.

الى ذلك، فان واقع الحال الاستنزافي الذي نجحت اسرائيل في فرضه على الحزب أمراً واقعاً ومكلفاً في الميدان السوري المشتعل منذ اكثر من 11 عاما، عزز ايضا قناعة عند قيادة الحزب مفادها ان عدوه الاشرس (اسرائيل) قد عرف نقاط ضعفه في الساحة السورية التي تكاد تكون سائبة، وقد نزفت الكثير من عناصر قوتها ومرتكزات مناعتها ومقومات حصانتها على مدى اكثر من عقد من الزمن، وشرع في الضغط عليها. لذا بات الحزب على درجة من اليقين بان القادة الاسرائيليين قرروا أن يماشوه في لعبته الخشنة معهم على الحدود، المنطلقة من مبدأ المشاغلة اليومية فالاستنزاف إنفاذاً لنهج تشتيت القوى وتوزيع المقدّرات العسكرية.
وإذ بدا واضحاً ان الحزب وإنْ كان لم يجنح الى الحرب الواسعة المفتوحة مع الاسرائيلي تزامناً مع الحرب على غزة وقطاعها، إلا انه نجح كما يقول من خلال لعبته العسكرية اليومية على الحدود في اجبار القيادة العسكرية الاسرائيلية على حجز ما يعادل ثلث قوة الجيش الاسرائيلي العاملة (من الاحتياط وعناصر الخدمة الفعلية) ليدرأ صواريخ الحزب المتطورة عن الشمال الاسرائيلي المشغول والمأهول بأكثر من 400 الف مستوطن.

وبناء على هذه الصورة النمطية، فان الهجمات التي دأب الاسرائيلي على تنفيذها على الساحة السورية هي هجمات ممتدة ومتدحرجة تصعيداً. وكانت فاتحتها الاكثر إيلاماً في بادية تدمر (القريبة من حمص) قبل أقل من عشرة ايام عندما تحدثت معلومات عن استهداف طيران حربي اسرائيلي ليلاً موقعاً للحزب هو أقرب الى ثكنة عسكرية، ما ادى الى سقوط 7 من عناصر الموقع دفعة واحدة. واللافت ان الحزب سارع الى نعيهم بالاسماء ولم يغفل الاشارة الى مكان سقوطهم.

أيام معدودة وأوردت وكالات الانباء خبراً عن استهداف اسرائيلي لسيارة كانت تعبر طريقاً في منطقة القنيطرة السورية المحررة. وما لبثت تلك المعلومات المتواترة ان أوردت ان اربعة عناصر كانوا على متن تلك المركبة قد قضوا. وعندما نقلوا الى أحد مستشفيات المنطقة احتاج أمر الكشف عن شخصياتهم بعض الوقت لان جثثهم كانت، كما قيل لاحقا، متفحمة.
وبعد ساعات اصدر الحزب بيان نعي ثلاثة من هؤلاء وقال انهم سقطوا "على طريق القدس". وعلى رغم ان بيان الحزب لم يذكر بالتحديد مكان سقوطهم إلا ان قاعدة الحزب كانت على بيّنة وعلم بتفاصيل تتصل بطريقة سقوطهم وبالمهمات التي كانوا في طريقهم لتنفيذها.
وبعدها بأقل من 36 ساعة، ذُكر أن الطيران الحربي الاسرائيلي نفّذ غارة ليلية على منطقة في ريف دمشق غير بعيدة عن منطقة السيدة زينب، وبعدها بوقت غير بعيد كشف الحزب عن فقدانه اثنين من اصل اربعة مقاتلين قضوا في هذه الغارة.

وقبل كل هذه الوقائع والتطورات العسكرية المتلاحقة، اذيعت معلومات عن سقوط عنصرين من قوة الحزب المقاتلة في سوريا في هجوم استهدف موقعهم في منطقة البوكمال على الحدود السورية - العراقية في هجوم مباغت نفّذه عناصر من تنظيم "داعش" على دوريتهم. ولاحقاً سرت تفاصيل أوفى رجّحت ان يكون هذان العنصران قد قضيا غيلة. وقد تبنّى الحزب في ما بعد استنتاجا فحواه انها عملية نفّذتها المجموعات المتشددة لحساب "الموساد" الاسرائيلي، خصوصا ان مسرح هذه العملية كان آمناً عسكرياً منذ زمن بعيد بعدما قُضي على وجود المجموعات المتطرفة التي كانت تنشط بحرّية في تلك المنطقة.

والجدير ذكره ان القيادة الاسرائيلية وفي اطار اتباعها نهج "تشتيت" قوى الحزب وجهوده مع حلفائه الايرانيين، كانت قد رفعت خلال الشهرين الماضيين وتيرة هجماتها ومنسوب إغاراتها على الميدان السوري، مركزة اكثر ما يكون على مواقع الحزب الثابتة وعلى قواعده الخلفية، فضلاً عن مواقع الحرس الثوري الايراني. ويشار في هذا االسياق الى ان الحرس الثوري كان نعى "مستشارَين عسكريين رفيعي المستوى" تابعَين لتشكيلاته في سوريا وقال انهما قضيا في غارة اسرائيلية على مركزهما في محيط العاصمة السورية.

ومعلوم ايضا ان الحزب الذي سارع مبكرا في السابق الى اقامة قواعد متفرقة له في كل الجغرافيا السورية وانشأ مخازن لترسانته من الصواريخ والذخيرة وجعل بعضها مراكز تدريب، إلا انه لم يتعامل مع هذا الوجود والانتشار على انه جبهة مشاغلة، بل ارتضى ان يكون جسر عبور لسلاحه وممراً لذخيرته الى لبنان، خصوصا بعدما كثفت اسرائيل هجماتها على مواقع الحزب وقوافله في الساحة السورية، لكي تحرم الحزب فرصة تحويل الحدود السورية معه الى جبهة مشاغلة ومواجهة على غرار ما هو حاصل على الحدود الجنوبية اللبنانية يفتحها ساعة يشاء.

المصدر - النهار

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o