Aug 27, 2023 10:58 AM
خاص

وفد لبنان الى الامم المتحدة ترك "بلا اسلحة" و"خناجر" سلطت الى "خاصرته الخلفية"؟!

 طوني جبران

المركزية – قبل شهرين تقريبا انطلقت ورشة ديبلوماسية وسياسية وعسكرية استغلت فيها مختلف أنواع الأسلحة المسموح بها من أجل تعديل القرار 2650 الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي في 31 آب 2022 الذي اجرى تعديلا على قواعد الاشتباك لقوات الامم المتحدة المعززة "اليونيفيل" واعطاها حق التحرك والقيام بالدوريات اينما ارادت بدون مواكبة الجيش اللبناني او المشاركة فيها، وهو ما ادى الى رد فعل لبناني عبرت عنه القوى الحزبية في الجنوب ولا سيما "حزب الله" الذي هدد باعتبار هذه القوة "قوة احتلال" بدل ان تكون "قوة حفظ سلام" كما تقرر عند تشكيلها. وهو ما ترجمه الحزب أكثر من مرة من استدراج هذه القوة الى مواجهة من نوع متمايز عندما وضعت دورياته في مواجهة "جيش النساء" في العديد من قرى المنطقة واحيائها الداخلية مخافة الوصول الى مخازن للاسلحة او اي منشأة تشكل خرقا لمقتضيات القرار 1701 والقرارات ذات الصلة بالوضع في جنوب لبنان منذ عقود من الزمن.

 على هذه الخلفيات، تحدثت مصادر ديبلوماسية وسياسية  الى "المركزية" فكشفت عن مجموعة من المخاوف عبرت فيها عن قلقها من الفشل اللبناني بتحضير الارضية الصالحة للمواقف الجديدة. فهي تعرف ان لبنان  لم ينجز كامل التحضيرات حتى منتصف الشهر الجاري لتسهيل عملية التمديد بالشروط اللبنانية المطلوبة. فقد واجهته الكثير من المصاعب الداخلية التي بررت الإصرار الدولي على عدم المس بالتعديلات السابقة مع الدعوة الى استكمال الإجراءات المؤدية الى تعزيز هذه القوة وتحصين قواعد الاشتباك التي تضمن الوصول الى تنفيذ كامل مندرجات القرارات الدولية ولا سيما القرار 1701 وباقي القرارات الاخرى وذلك بسبب تعدد الاعتداءات والخروقات التي سجلت على الجانب اللبناني وابرزها تلك المتصلة بالاعتداءات التي تعرضت لها والخروقات للخط الأزرق وهو ما سجلته تقارير ها الدورية التي رفعت بشكل دوري نصف سنوي عدا عن تلك الطارئة التي فرضتها أحداث مختلفة ومتفرقة.

وتضيف: ان في سجلات مجلس الأمن الدولي منذ التمديد الأخير في 31 آب العام 2022  أحداث مؤلمة تعرضت لها مهمة "اليونيفيل". وأبرزها تلك التي شهدتها بلدة العاقبية وكان ذلك قبل ان تطلق مجموعة صواريخ من "سهل القليلة" الجنوبية تبنتها منظمة "حماس" الفلسطينية  من منطقة كان من الاجدر ان تكون في عهدة "اليونيفيل" والجيش اللبناني ومحظورة على اي سلاح او قوة غير شرعية.

وقبل ان تعبر ولاية اليونيفيل عامها الاخير ، جاءت عملية نصب الخيمتين   في منطقة "سهل الماري – الغجر سابقا" العائدة لمنظمة "اخضر بلا حدود" لتزيد من حدة التوتر حول احدى النقاط المختلف عليها بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي وهو ما ادى توتر امني كانت له امتداداته الديبلوماسية التي شغلت اعضاء مجلس الامن الى ان تطورت الامور ووصلت الى مرحلة فرض عقوبات اميركية على المنظمة باعتبارها واجهة لـ "حزب الله" في المنطقة وتعمل بطريقة غير شرعية تهدد الأمن في المنطقة الحدودية .

الى هذه التطورات، جاء الخرق الكبير لمقتضيات القرار 1701 بتدهور "شاحنة الاسلحة" التابعة لحزب الله في الكحالة والتي شكلت بمعزل عن تردداتها الداخلية الامنية والسياسية والحكومية والقضائية خرقا كبيرا وخصوصا بعد الحديث المتنامي عن اعتبارها واحدة من قافلة كبيرة للاسلحة  كانت في طريقها على الاقل من سوريا الى لبنان لتخالف هذا القرار الذي قال بضبط الحدود اللبنانية – السورية كما باقي المعابر البحرية والجوية لمنع نقل السلاح والممنوعات الى لبنان. وان صحت الرواية انها جاءت من العراق محملة بأسلحة اميركية نهبت من مخازن الجيش العراقي لصالح "الحشد الشعبي" تكون الحادثة قد شكلت خرقا لقرارات اخرى ترعى الحدود العراقية – السورية في وقت تجهد فيه الولايات المتحدة الأميركية لقطعها امام الامدادات الايرانية الى سوريا ولبنان كما تندرج تحت إطار العقوبات المفروضة على الجهة الواهبة ان كانت من مخازن "الحشد الشعبي" العراقي.

أمام هذه الوقائع التي دفعت ممثلي الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن باستثناء روسيا والصين الى التشدد في مرحلة تحضير مسودة القرار الجديد الذي سيصدر في اليوم الأخير من آب الجاري والتي قادت وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب الى الإعلان صراحة ليل الجمعة – السبت بتوقيت بيروت عن رفض لبنان للصيغة المتداولة كونها "لا تشير الى ضرورة واهمية تنسيق اليونيفيل في عملياتها مع الحكومة اللبنانية ممثلة بالجيش اللبناني، كما تنص إتفاقية عمل اليونيفيل المعروفة بالـ "SOFA" والتي تتحكم بآلية العمل في منطقة "اليونيفيل".كما اكد بو حبيب بعد اطلاعه على مسودة مشروع القرار المطروحة حاليا في مجلس الأمن رفض لبنان بأن يعطي الشرعية لنقل ولاية اليونيفيل من الفصل السادس، وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي ١٧٠١ الصادر عام ٢٠٠٦ والداعي الى حل النزاع بالطرق السلمية، الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يدعو الى فرض القرار بالقوة.


ولا تتجاهل المراجع الديبلوماسية ان رفض بو حبيب جاء مبرمجا وصادما  ،إذ أنه جاء في أعقاب مجموعة اللقاءات التي جمعته بالمندوبة الدائمة للولايات المتحدة الأميركية  ليندا توماس غرينفيلد ونظرائها الآخرين. كما اللقاء الموسع الذي جمع عضو الوفد اللبناني منسّق الحكومة اللبنانية لدى اليونيفيل العميد الركن منير شحادة الذي يرافق بو حبيب في زيارته  وحضره عدد كبير من الملحقين العسكريين للدول الأعضاء في الأمم المتّحدة وموظّفين دوليين في سكرتاريا الأمم المتّحدة، حيث قدّم عرضًا موثقا بالصور والمعلومات حول الخطّ الأزرق ونشأته والفروقات بين هذا الخط والحدود اللبنانية – الفلسطينية المعترف بها دوليا منذ العام 1923 وتلك التي تم توثيقها في قرارات الأمم المتحدة المتصلة بالحرب مع اسرائيل واتفاقية الهدنة للعام 1949 بين لبنان واسرائيل ومجموعة اخرى من القرارات التي صدرت بما يختص بالحروب الإسرائيلية على لبنان.

كما لم ينفع تشدد العميد شحادة عند احصائه للظروف التي ولدت النقاط الـ 13 التي يتحفّظ عليها لبنان منذ ان بوشر بترسيم خط الانسحاب وتثبيت ما سمي بـ "الخط الأزرق"، معتبرا ان الخروقات الإسرائيلية تحولت بنظر لبنان الى مناطق محتلة ويمكن ضمها الى الأراضي اللبنانية الاخرى التي مازالت تحت الاحتلال الإسرائيلي. وانتهى الى التشديد بأن "لبنان لم يعد يعتبر  ان هناك عملية ترسيم للحدود البرية بقدر ما هي  "عملية اظهار حدود " تحيي الاعتراف المتبادل بحدود العام 23 المعترف بها دوليا.

وختمت المراجع الديبلوماسية عينها بالقول ان توقعاتها السيئة كانت منطقية وواقعية لا تحاكي غرائز اللبنانيين ورغباتهم بالتعديلات المقترحة. فبو حبيب والفريق الديبلوماسي والعسكري الذي رافقه لم يكن متسلحا بما يسمح له بتبريرها وحصل في وقت كان فيه يتعرض لحملة شرسة تحمله مسؤولية الفشل مسبقا. فالممارسات التي تسلح بها البعض في لبنان ولا سيما  حزب الله تحديدا متسلحا بما يسميه البيان الوزاري بـ "ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة" ثبت أنها معادلة لبنانية لا تلقى اي رد فعل ايجابي أممي ودولي. لا بل شكلت احدى "الخناجر " التي كانت مسلطة على "الخاصرة الخلفية" للوفد اللبناني، والتي وان حقق لبنان اي  شيء مما اراده سيكون امرا مخالفا لكل التوقعات. فبو حبيب والفريق المرافق من ديبلوماسيين وعسكريين توجه الى نيويورك بدون أي أسلحة يمكن استخدامها في إقناع المجتمع الدولي بالتعديلات المقترحة وأي كلام آخر لن تخرج مفاعيله عن الساحة اللبنانية ومقتضياتها الداخلية.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o