Aug 11, 2023 5:58 AM
صحف

لبنان يطوي قطوعاً تكرارُه مرجّحٌ... إلا إذا تلاقت إرادة الحوار وحكمة الإدارة

 قد يكون لبنان تجاوز قطوع حادثة الكحالة... ربّما... لكن المؤكد أن لبنان لم يتجاوز محنته بعد ولم تنته الاحتمالات المفتجرة على ما هو مثل هذه الحادثة بل وأخطر منها، والأسوأ   أن أصوات العقل والحكمة بات قلة قليلة فيما أصوات التحريض ارتفعت، ولكأن هناك من يريد عن سابق تصور وتصميم رمي الزيت على النار، وإذكاء الفتن المتنقلة. كل ذلك ألا يستدعي من الجميع على ضفتي التوتر المحلي وانعكاساته على ضفاف التوتر الخارجي، ألا يستدعي من هؤلاء المعنيين أخذ خطوات جريئة تتخطى كل الحسابات وكل السقوف وتذهب الى انقاذ البلاد واستخلاص العبر، وإنهاء الشغور الرئاسي بتوافق محلي ينهي شلل المؤسسات ويفتح الباب أمام الإجراءات الجد ضرورية لوقف انهيار الدولة.

وفيما شيّع حزب الله في الغبيري أمس العنصر الذي قضى في الكحالة، يشيّع اليوم أبناء البلدة اليوم فادي البجاني الذي سقط أيضاً في الحادثة، فيما بقيت مواقف البعض مما جرى تتحرك بعيدا عن منطق التهدئة الذي يحتاجه البلد أكثر من حاجته لتوتير الشارع. 

 مسؤول التواصل والإعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبور طالب  الدولة بأن "تحسم أمرها لأن الناس بعد حادثة الكحالة تعتبر أن لا وجود لدولة تحميها كي لا ستضطر للأمن الذاتي"، كما قال، معتبرا أنه "لو كان على رأس الدولة رئيس جمهورية ينتمي إلى فريق الممانعة لكان رفض فتح تحقيق بالحادث على عكس الرئيس السيادي. ولهذا يصر حزب الله على رئيس ممانع من اجل ان يبرر ما يفعله".

وغمز جبور من قناة البيان الذي أصدره النائب جبران باسيل على خلفية حادثة الكحالة بالاشارة ان "حزب الله ذهب إلى خيار الاسم ولم يذهب الى الفريق الذي يشكل ضمانة له. وهذا ما كان يفعله العهد الماضي الذي كان يغطي حزب الله"، ورأى جبور أن "الأحداث التي جرت أظهرت أن البيئة المسيحية ضد باسيل وضد بيئة حزب الله، فيما باسيل يريد أن يتحالف مع حزب الله لأجل رئاسة الجمهورية لأن تحالفه معه وفّر له الكثير. ومنطق المقايضة الذي يطرحه باسيل  سبق أن اختبرناه في عهد الرئيس ميشال عون، وهو الذي أوصل البلد الى ما وصل إليه".

في المقابل فإن التيار الوطني الحر كان أصدر بياناً امس علق في على حادثة الكحالة، واعتبر ان هناك "قصوراً من جانب حزب الله والقوى الأمنية، واستغلالاً من المزايدين"، فيما اعتبرت كتلة "الوفاء للمقاومة" أن ما حصل هو نتيجة "التحريض والتعبئة الحاقدة".

وبين هذا الموقف، وذاك، يستمر لبنان الدولة والمؤسسات والمواطنين في دفع الأثمان الباهظة والتي اذا ما تواصلت وتيرتها سوف ترتفع كلفتها أكثر فأكثر، إلا إذا تلاقت الإرادة لحوار فعّال والإدارة الحكيمة لواقع الحال، فبذاك فقط تنجو البلاد.

تصعيد سياسي: ورأت "الشرق الاوسط" ان المواقف السياسية وردود الفعل على حادث الشاحنة المحملة بذخيرة عائدة لـ«حزب الله» في الكحالة في جبل لبنان، عكست تصعيداً بين الحزب وخصومه وانتقادات متزايدة لسلاح الحزب وتمدده في المناطق اللبنانية. أكد رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل «إننا غير مستعدين للتعايش مع ميليشيا مسلّحة في لبنان» ولوّح بخطوات عملية وقرارات ستتخذ، في حين وصف الحزب خصومه بـ«فتنويي الداخل»، متهماً إياهم بـ«افتعال توتر خطير»، وسط إجراءات رسمية، عسكرية وقضائية، لتطويق تداعيات الحادث.

وقالت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط»: إن النيابة العامة التمييزية ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية يشرفان على التحقيقات الأولية، مضيفة أن لا تطورات قضائية بعد بانتظار التحقيقات، وأكدت أن الذخيرة تمت مصادرتها ولا تزال بعهدة الجيش من غير أن يتم اتخاذ أي قرار حولها.

ولم يمر الحادث دون تداعيات سياسية وسط انقسام حول سلاح الحزب، ومخاوف من انزلاق إلى توترات أمنية، وأكد رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل، أن «لبنان في موقع خطر ولا يُمكن أن نكمل على هذا النحو فنحن نصل إلى نقطة اللاعودة والمشاكل المتنقّلة في كلّ المناطق مترابطة مع بعضها وهي نتيجة وجود سلاح خارج إطار الدولة».

غموض وتعقيد: من جهتها، أشارت "النهار" الى ان بدا واقعا شديد الغموض والتعقيد ان تتحول تداعيات الاعتداء الموصوف على الكحالة، وهو الوصف الموضوعي لما جرى مساء الأربعاء على الكوع الشهير للبلدة مهما تشاطر “حزب الله” في تحريف الوقائع، الى “ملف التقصير” الأمني والعسكري والقضائي الذي واكب واعقب الصدام الذي أدى الى سقوط قتيلين من الكحالة ومن المجموعة المسلحة ل”حزب الله”. اذ ان التداعيات السياسية تصاعدت بقوة على وقع توترات مثيرة للمخاوف لم يعد ممكنا تجاهلها ولو اقترنت مواقف القوى والأحزاب بالتشديد على صون السلم الأهلي والاستقرار الأمني اذ ان ذلك لم يحجب الفجوة الكبيرة التي برزت بين القوى السياسية والمدنية المعنية باهالي الكحالة والجيش والقوى الأمنية والقضاء في ظل تصاعد موشرات ما اعتبر “تقصيرا” وتاخيرا في المعالجات والممارسات التي كانت منتظرة في لحظة الحادث. وما زاد الطين بلة ان رجال الأدلة الجنائية قاموا صباح امس بالكشف على مسرح المواجهة والأدلة المتوافرة أي بعد اكثر من 13 ساعة من حصول الصدام بين مجموعة من أهالي الكحالة والمسلحين المواكبين لشاحنة الذخيرة التابعة ل”حزب الله” عقب انقلابها على الطريق العام الدولية. وهو الامر الذي اثار مزيدا من الشكوك والاستغراب ووسع الفجوة وأزمة الثقة بين شريحة واسعة أهلية وسياسية والجهات المسؤولة عسكريا وامنيا وقضائيا.

أما "الجمهورية" فاعتبرت ان لبنان، العالِق منذ نحو عشرة اشهر على «كوع» الفراغ الرئاسي، تجاوز قطوعا خطيرا على «كوع» الكحالة، على رغم من تسابق كثيرين الى الاستثمار السياسي والشعبوي في ما حصل قبل ان يكتشفوا ان هذا الاستثمار لا ربحية فيه ولا يمكن ان يغير في المعادلات القائمة لا رئاسيا ولا سياسيا. وقد نقلت اوساط قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ»الجمهورية» عنه تأكيده ان لبنان تجاوز «قطوعا كبيرا» في الكحالة. فيما أبلغت اوساط سياسية واسعة الاطلاع الى «الجمهورية» ان «ما حصل في الكحالة وما تلاه من استثمار سياسي وطائفي هو نتاج نَزَق بعض الأطراف الداخلية والتنافس على الاستقطاب والشعبوية». وأشارت الى ان «المزايدات بين بعض القوى الحزبية كادت تؤدي إلى فتنة لا تحمد عقباها»، مشددة على «ان المرحلة الحرجة تتطلب التحلي بأعلى درجات الحكمة».

لم يستفق لبنان بعد من هول المشهد الذي كاد ان ينزلق على كوع الكحالة الى فتنة اصبحت تتنقل من منطقة الى اخرى ويُكمنها غياب القرار تحت الرماد. وقد وصفه مصدر سياسي رفيع بأنه تفصيل ضمن مشهدية ابعد، قائلا لـ»الجمهورية»: «سنطوي سريعاً صفحة كوع الكحالة كما طوي ما قبلها، لأن لا قرار بإشعال فتنة انما توظيف واستثمار لأحداث بعضها مقصود وبعضها مصادفة بغض النظر عن الضغوط الخارجية التي تمارس على القوى السياسية لحضها على انتخاب رئيس للجمهورية». ورأى المصدر «ان ما حصل في الكحالة ليس غريبا فالبلد منقسم وهناك من لا يضيع اي فرصة للانقضاض على «حزب الله» وسلاحه فكيف اذا اتت هذه الفرصة اليه «عالبارد» قبل ان يحولها ناراً».

وعما اذا كان قائد الجيش هو الذي تأثر بهذا الحادث سلبا او ايجابا قال المصدر: «لا مقياس لفرص نجاحه على هذا الامر لان المعركة الرئاسية لا تصرف على كوع وباتت ابعد بكثير، ومن يقول غير ذلك انما يبسّط الامور، لا طلعة ولا نزلة في بورصة قائد الجيش واذا أصرّ البعض على الاحتساب فيمكن ان تكون نقص نقاط عند القوى المسيحية التي كانت تدعم ترشيحه والذين طمحوا لأن يقف الجيش في وجه الحزب لكن هذا الامر يتبدل مع الايام».

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o