Aug 04, 2023 6:19 AM
صحف

ميقاتي و"الثنائي" يتقاذفان كرة نار الاقتراض من "المركزي"

أشارت "نداء الوطن" الى ان بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي و»الثنائي الشيعي» هذه الأيام لعبة «توم أند جيري» (القط والفأر) من باب الفكاهة، لكن الأمر أخطر من ذلك، لأنه يتعلق بمن يتحمل مسؤولية مشروع قانون اقتراض الحكومة، مما تبقى من دولارات للمودعين في مصرف لبنان!

بدأ صباح أمس بتسريب من الحاكم (الجديد) وسيم منصوري بأن «المركزي» سيوقف أي تمويل للدولة اعتباراً من الإثنين المقبل. ما هي إلا ساعات قليلة حتى تسرب عن ميقاتي أنه طلب من وزير المالية يوسف خليل الجلوس مع نواب الحاكم لإعداد مشروع قانون يجيز الاقتراض من مصرف لبنان. ثم خرج التصريح الرسمي بعد جلسة مجلس الوزراء ليعود الغموض إلى الأجواء من جديد بعبارات مثل «أنه طلب من خليل إجراء الاتصالات اللازمة من أجل اتخاذ كل الإجراءات التي تسهّل عمل حاكمية مصرف لبنان وإيجاد الصيغة المناسبة لإقرار ما يجب إقراره في أسرع وقت، وان يوافي مجلس الوزراء بالنتيجة تباعاً».

وبعد الجلسة نفى وزير المال رداً على سؤال ما قيل في شأن مناقشة قانون الاقتراض في مجلس الوزراء، فقال: «لم أكلّف بشيء، فهناك أخبار صدرت لا صحة لها. تمّ تكليفي فقط بالحوار مع الحاكم منصوري ونوابه، وهم لديهم أفكارهم، وسأجلس معهم لتداول الأمور المالية والاقتصادية».

وعلى عادته، قال خليل أيضاً كلاماً «هلامياً»، مثل «أي مصرف مركزي في العالم يقترض ويسلّف، ويضخ سيولة أو يسحبها. فمن الطبيعي أن تتقارب وزارة المالية والمصرف المركزي في أي بلد ويتناقشا، ومن الطبيعي عندما يعيّن حاكم مركزي جديد أن يتكلم مع وزارة المالية، وكل همي ان نفهم العلاقة بين الإقتصاد والسياسة. والمطلوب أن نفهم في أي اتجاه يسير البلد»... إذاً، خلاصة الكلام «لاشيء»! وبذلك، يبقى الأمر معلقاً من دون معرفة الجهة التي ستتجرأ وتعلن أنها تتبنى ذلك المشروع الحساس والخطر، ما يشي بأنه حتى لو وصل المشروع الى البرلمان بطريقة ما، فحظوظ إقراره قليلة جداً، فما من أحد مستعد لأخذ كرة النار بين بيديه حتى الآن.

لا مشروع ولا اقتراح: من جهة ثانية، خرجت كرة الاقتراض الحكومي من مصرف لبنان من ملعب الحكومة ومجلس النواب، بعد ان سقط تبنّيها لدى الطرفين وُرميت الى سوق النقد الذي تُرك لقدره ولجهود نواب الحاكم الاربعة الذين يجهدون للسيطرة على سعر الصرف من حوائج البيت. وقالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية»، انّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي طلب في جلسة مجلس الوزراء امس من وزير المال يوسف خليل اجراء الاتصالات اللازمة، واتخاذ اجراءات تسهّل عمل حاكمية مصرف لبنان، لن يعود عن قراره في عدم ارسال مشروع قانون الى مجلس النواب يتيح للحكومة الاقتراض من مصرف لبنان.

وقالت مصادر حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري الى «الجمهورية»، «انّه غير معني بما تقوم به الحكومة. وبالنسبة اليه يؤكّد مرّة جديدة انّه يريد من هذه الحكومة ان تتخذ تدابير مالية لتحسين المالية العامة من دون اللجوء الى الاقتراض من مصرف لبنان، وهذا هو مطلبه ولا يعنيه مشروع قانون ولا غيره ولا يشارك معها في مشاريع قوانين». واضافت المصادر: «منصوري وضع شروطه وهو يفضّل عدم السير بمشروع قانون اقتراض ولا يحبّذ ان يقترض احد من المصرف المركزي، فما قام به هو المساعدة في إيجاد حل، كونهم لا يملكون الاموال. واذا كانوا لا يريدون السير بالمشروع، الامر يعود اليهم، وبالنسبة للحاكمية لا عودة عن قرار الصرف الّا بقانون».

وعمّا اذا كان الاقتراض بموجب مشروع قانون من الحكومة او اقتراح قانون من النواب قالت المصادر نفسها: «من الطبيعي الّا يقبل المجلس النيابي ان يمرّر اقتراح قانون إذا لم تكن بين يديه آلية من الحكومة تلتزم فيها بردّ الدين التي يجب ان ينص عليها القانون، وإذا كان هناك من نواب يعتبرون انّ هذه الحكومة غير شرعية ومشاريعها غير شرعية يمكن تحويله الى قانون، ولكن شرط ان يكون مرفقاً بآلية من الحكومة تطلب فيها الدين ونوعه ومدته وجدولة سداده وتلتزم بالإجراءات».

واكّدت المصادر «انّ القانون الصادر عن مجلس النواب هو ممر إلزامي للصرف والّا لن يُصرف قرش واحد من التوظيفات الإلزامية. كما انّ طلب الحكومة هو ممر إلزامي للمجلس النيابي لإقرار القانون. وسمعوا من الكتل النيابية انّها لن تغطي تهرّب الحكومة من المسؤولية». واعتبرت المصادر «انّ المأزوم هو الحكومة المفلسة وليس المصرف الذي يسعى حاكمه بالإنابة الى الحفاظ على الاستقرار النقدي بالحدّ الأدنى، وهو يضبط حالياً الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية وأوقف تمويل الدولة بالدولار، فأصبح العرض على الدولار اكثر من الطلب، ما حافظ على استقرار سعر الصرف. وليتحمّلوا المسؤولية. اما منصّة صيرفة فيتمّ تحضيرها بآلية جديدة شفافة، وتساعد اكثر في استقرار السوق، ولا استمرار في «كبّ» الدولارات على منصّة صيرفة كما كان الامر عليه في السابق».

واكّد مصدر وزاري رفيع لـ«الجمهورية»، انّ «الامور تتجّه إلى لا مشروع قانون ولا اقتراح قانون ولا من يحزنون. وانّ تضييع الوقت هو سيّد الموقف، وانّ هناك مشكلة نقدية حقيقية وكبيرة ستبدأ معالمها بالظهور في تمويل الدولة مع الحفاظ على صمود القوى الأمنية والعسكرية، فلتفعّل الدولة الجباية والانتاجية وتموّل نفسها «على أد بساطك مد اجريك» للتقليل من مخاطر المرحلة المقبلة». ولم يستبعد المصدر «ان يكون الاستقرار النقدي طويل الأمد إذا ما اتخذت الحكومة بعض الإجراءات المتعلقة بصرفها».

وقد أثارت مسألة توقف مصرف لبنان عن تمويل الدولة قلقاً حيال التداعيات المحتملة، خصوصاً لجهة تأمين رواتب موظفي القطاع العام، والقوى العسكرية والأمنية، وبدل أدوية للامراض المزمنة، بالاضافة الى احتياجات اساسية لتسيير شؤون الدولة.

وفي معلومات «الجمهورية»، انّ قرار وقف التمويل بدأ عملياً منذ الثلثاء في الاول من آب الجاري. وهذا الامر تبلّغته السلطات السياسية. ويشترط حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، بالتضامن مع بقية نواب الحاكم، ان يصدر قانون يغطّي الاقتراض، بالإضافة الى تعهدات مفصّلة حول طريقة تسديد القروض الجديدة. ويريد منصوري ان تحدّد الدولة بدقّة حاجاتها لكي يُصار الى الموافقة على إقراضها.

في المقابل، هناك نقاط لا بدّ من التركيز عليها وهي:

اولاً- لا يجوز ان تكون المشكلة محصورة بصدور قانون للإنفاق من اموال المودعين، في حين انّ المطلوب إيجاد حلول لوقف الاقتراض بقانون او من دون قانون، لأنّه لا يحق لأحد الاستيلاء على اموال الناس والتصرّف بها؟

ثانياً- لا يجوز أن ينصبّ الاهتمام اليوم على قانونية الإقراض فحسب، انما المطلوب ايضاً الضغط من اجل إقرار الخطوات الاصلاحية المنتظرة منذ أكثر من 3 سنوات مثل قانون «الكابيتال كونترول» وغيره.

ثالثاً- ينبغي بنواب الحاكم الحريصين على دفع الحكومة الى تنفيذ التزاماتها لجهة القوانين المطلوب صدورها، المبادرة الى تحمّل مسؤولياتهم، وفي حال تقاعست الحكومة او المجلس النيابي عن إصدار التشريعات، لا بدّ للمصرف المركزي من تحمّل مسؤولياته، وإصدار تعميم يضبط التحاويل، وينظّم العلاقة بين المودع والمصرف، ويحمي الاموال المتبقية من الحجز في الخارج بواسطة الدعاوى التي تُقام تباعاً.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o