Jul 24, 2023 11:02 PM
دوليات

إسرائيل.. لماذا يرفض جنود بقوات الاحتياط التعديلات القضائية؟

قال خبراء تحدثوا لموقع الحرة إن رفض جنود في قوات الاحتياط الإسرائيلية للتعديلات القضائية التي اقترحتها الحكومة الحالية، وأقرها الكنيست في نهاية المطاف، تنبع من مخاوف لدى هذه الفئة على الديمقراطية في إسرائيل ومحاولة "إضعاف" المحكمة العليا للبلاد، مما يفتح المجال أمام مقاضاة الجنود الإسرائيليين دوليا.

وأعربت نخب إسرائيلية عن رفضها لخطة رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، منذ ظهرت ملامحها قبل أشهر، محذرين بشكل خاص من البند المتعلق بمنع المحكمة العليا من إلغاء قرارات الحكومة التي تعتبرها "غير معقولة". وصوت البرلمان الاثنين على هذا البند ليصبح قانونا.

وتسعى الحكومة، التي تضم أحزابا يمينية ودينية متشددة، إلى الحد من صلاحيات أعلى محكمة في البلاد من خلال التغييرات التي ترى أنها ضرورية لضمان توازن أفضل للسلطات. وفي المقابل، يقول محتجون إن تحالف نتانياهو اليميني يهدد الديمقراطية ويهدف لإضعاف القضاء.

وأدت جهود الإصلاح القضائي إلى حركة احتجاجية تاريخية ومتنامية، هي الأكبر في تاريخ إسرائيل، حيث خرج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع.

وتشعبت الأزمة وصولا إلى الجيش، إذ قال قادة الاحتجاج إن الآلاف من متطوعي الاحتياط هددوا بعدم أداء الخدمة، إذا مضت الحكومة قدما في خططها، وحذر كبار الضباط السابقين من أن جاهزية إسرائيل لخوض الحروب قد تكون في خطر.

وفي 19 مارس الماضي، أعلن أكثر من 180 طيارا احتياطيا أنهم سيتوقفون عن أداء الخدمة، وهو ما قالت فورين بوليسي إنه تطور هام لأن سلاح الجو الإسرائيلي في صميم القدرات العسكرية للبلاد.

وتعتمد إسرائيل بشكل كبير على الطيارين الاحتياطيين، الذين هم أكثر خبرة ويقودون تشكيلات في كثير من الأحيان.

وكان وزير الدفاع، يوآف غالانت، وهو جنرال سابق، طالب نتانياهو بالتوقف عن خطته ومحاولة تحقيق توافق أوسع، وهو ما قوبل بإقالة نتانياهو له، قبل أن يتراجع الأخير في نهاية المطاف.

وبعد إقرار القانون، الاثنين، قال النائب يفغيني سوفا، عن حزب "إسرائيل بيتنا" للحرة إن "جاهزية الجيش ستتأثر بشكل كبير وقد يتم تآكل قوته خلال الأشهر المقبلة".

وفي تصريح لموقع الحرة، قال المحلل السياسي، وديع عواودة، إن الدور الذي يقوم به جنود الاحتياط "حيوي جدا" في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وهم يشاركون في توجيه الحملات الجوية في سوريا ولبنان وغيرها من المناطق التي يعمل فيها الجيش الإسرائيلي.

ويوضح المحلل أن هؤلاء الجنود جزء من النخبة الغربية الأشكنازية في إسرائيل الذي يعتبرون أن لديهم مسؤولية للدفاع عن هذه المنظومة الأمنية، ويشير إلى أن لديهم توجهات ليبرالية إذ يرغبون في استمرار وجود نظام ديمقراطي ليبرالي على الأقل لليهود في إسرائيل، ويؤمنون بمبدأ الفصل بين الدين والدولة، والحريات.

ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي، جاكي خوري، في تصريحات لموقع الحرة أنهم يمثلون وسيلة ضغط على الائتلاف الحاكم للتراجع عن موقفه، ويشير إلى أنهم جزء من المنظومة الأمنية التي تعبر الجزء الأقوى في الدولة، بينما تمثل الخاصرة الأضعف لأي منظومة سياسية في إسرائيل.

ويقول إن "هذه البقرة المقدسة، منظومة الأمن والجيش، هي الجسم الأقوى والأكثر تأثيرا على الساسة في إسرائيل، وعدم امتثال الجنود للمواقف الحكومية يشكل ضغطا".

ويتفق عواودة مع هذا الرأي قائلا إن الجنود "ورقة رابحة وقادرون على الضغط على صناع القرار وعندهم شعور بالمسؤولة في الموضوع".

ويوضح خوري أن هذه الفئة هي ضمن النخبة في المجتمع الإسرائيلي، التي لا تؤمن بأن من يجلسون في رئاسة الوزراء والمجلس الوزاري المصغر لا يملكون الكفاءة اللازمة لإصدار أوامر خاصة بالمؤسسة الأمنية والعسكرية وسياساتهم، تؤدي إلى تعيينات يرفضونها باعتبارهم جنود احتياط.

ويمنع القانون الذي تم إقراره الاثنين المحكمة من نقض الحكومة على أساس "المعقولية" وهو معيار قانوني مثير للجدل يسمح حاليا للمحكمة بالتدخل في قرارات السلطة.

ومعيار المعقولية تستخدمه العديد من الأنظمة القضائية، بما في ذلك أستراليا وبريطانيا وكندا.

ويعتبر القرار غير معقول إذا حكمت المحكمة بأنه تم اتخاذه دون النظر في جميع العوامل ذات الصلة أو دون إعطاء وزن ذي صلة لكل عامل، أو بإعطاء عوامل غير ذات صلة وزنا كبيرا جدا.

وقدم الائتلاف الحاكم مشروع القانون معتبرا أن المحكمة لديها مساحة كبيرة للتدخل في القرارات السياسية وأنها تقوض الديمقراطية الإسرائيلية من خلال منح القضاة غير المنتخبين الكثير من السلطة على المشرعين المنتخبين.

ويقول الائتلاف إن المحكمة تصرفت في كثير من الأحيان ضد المصالح اليمينية، وعلى سبيل المثال، من خلال منع بناء بعض المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية أو إلغاء بعض الامتيازات الممنوحة لليهود الأرثوذكس، مثل الإعفاء من الخدمة العسكرية.

ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، في تصريح لموقع الحرة أن "القانون الجديد أثار غضب العديد من رجال الأمن في إسرائيل وعلى رأسهم الطيارون"، لأن المحكمة العليا كانت بمثابة "سند لهم أمام المحكمة الجنائية في لاهاي، التي لم تبت في قضايا جرائم حرب لأن المحكمة الإسرائيلية تناقشها".

وأضاف: "إضعاف المحكمة العليا قد يعرض الجنود لشكاوى بارتكاب جرائم حرب من قبل جهات فلسطينية، مثل حركتي الجهاد أو حماس أو حتى السلطة الفلسطينية، وحتى الآن كانت المحكمة تدافع عنهم".

ويشير إلى أن الموقف الأميركي الرافض للتعديلات ربما سيعني في المستقبل أن واشنطن لن تقف إلى جانب إسرائيل لو أحيلت أي قضايا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ويتفق عواودة على أنه إلى جانب التوجهات السياسية لهؤلاء الجنود، فإنهم يخشون من أن المساس بالمحكمة العليا من شأنه أن يفتح الباب أمام مقاضاتهم في المحكمة الجنائية الدولية، بعد كل حملة عسكرية في الأراضي الفلسطينية ولبنان.

وقال إنه "حتى الآن، لم تتدخل المحكمة الجنائية إلا نادرا، إعمالا بمبدأ أن هناك محكمة في إسرائيل ومحاسبة محلية ولا حاجة لمقاضاتهم أمام محكمة دولية".

وأضاف عواودة أنه "عندما يتم ضربها، والمساس بهيبتها، وتقليص صلاحيتها، سيتعرضون لملاحقات في القانون الدولي، وهو ما يخشاه جنود الاحتياط".

وفي يناير الماضي، كان ناشطون في جمعية Darkenu الحقوقية الإسرائيلية احتشدوا أمام منزل وزير العدل، ياريف ليفين، للاحتجاج على الخطة الإصلاحية للحكومة، وقالوا إن المحكمة العليا حمت جنود الجيش دوليا.

وقال رئيس الجمعية، وعضو الكنيست السابق راشيل أزاريا لجيروزاليم بوست: "المحكمة العليا هي السترة الواقية لجنود جيش الدفاع الإسرائيلي، إنها حماية لأبنائنا وبناتنا الذين يخدمون في الجيش من محاولات التقدم بشكاوى ضد جنود الجيش الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية".

يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية أعلنت في مارس عام 2021 فتح تحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم الحرب في غزة والضفة الغربية. ورفضت إسرائيل، وهي دولة غير عضو في المحكمة، التعاون مع هذه التحقيقات، أو الاعتراف باختصاص المحكمة.

ولم يقدم مكتب المدعي العام للمحكمة، كريم خان، معلومات أخرى أو تحديثا للتحقيق الذي تجريه المحكمة في تصريحات له، مؤخرا، وفق فرانس برس.

المصدر: الحرة 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o