Jul 20, 2023 12:47 PM
صحف

وليد فارس: الولايات المتحدة لن تسعى لمواجهة حزب الله في الوقت الحالي

لطالما سعى الدكتور وليد فارس لمساعدة وطنه الام من مقر ّ إقامته في الولايات المتحدة، وهو الذي جهد في وطنه الام قبل ان يهاجر، في سبيل قضية تحرير لبنان. مارس المحاماة في لبنان، ودّرس في الجامعة، وألف كتبا عديدة في تاريخ لبنان وسياساته، اولهم “التعددية في لبنان” بين 1979 و1989، ونشر كتابا عن إيران في 1987. وأطلق حزبا سياسيا صغيرا اسمه الحزب الديموقراطي الاشتراكي المسيحي PSDC. ومثل هذا الحزب في مجلس قيادة القوات اللبنانية بين 1986 و1989 في الجبهة اللبنانية في 1990. كما أطلق جمعيات غير حكومية عديدة تسعى لحقوق الانسان والاقليات. والقى مئات المحاضرات عن التعددية والفدرالية، ونشط في حقل الديبلوماسية والاغتراب.

 بعد ان هاجر الى اميركا في ديسمبر 1990 ساهم في نشاطات عامة عن الديموقراطية في الشرق الاوسط لعقود. كان أبرز الساعين لصدور القرار ومهندس مذكرة المطالبة بالقرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي الذي صدر في أيلول 2004 وردّ عليه السوريون إبان احتلالهم للبنان بالتمديد للرئيس أميل لحود. وبالطبع معروف عن نشاطه وانجازاته اميركيا لثلاثة عقود، كبروفسور، وخبير، ومستشار كبار السياسيين في الوليات المتحدة.

تحدث فارس لموقع Lebanese daily عن تقديم مشروع الى الكونغرس الأميركي العام 2021 تحت عنوان “التطبيق الجزئي للقرار 1559، اي عمليا قيام منطقة حرة في كافة المناطق التي ترفض حزب الله و”ميليشياته”.  وأضاف: “بعدما رفض النواب “السياديون” السير بتقديم المذكرة الى الكونغرس”.

وأكد أن “هذا المشروع بدأ فعلا تاريخيا منذ صدور القرار 1559، علما أنه وفي مرحلة التسعينيات، خلال الاحتلال السوري للبنان، كانت هناك محاولات لنا ولفريق صغير للعمل مع الامم المتحدة، ولكنها لم تصل لأي نتيجة لأنه حينها، لم تكن هناك اي قوة سياسية قادرة على مواكبة هكذا عمل في داخل لبنان. فكل المواجهات والتحديات القائمة الآن، كانت موجودة في التسعينيات. وكان من الممكن ان يتحرر لبنان منذ ثلاثين عاما، ولكن للأسف، لم يكن هنالك فرقاء سياسيين اخذوا نفس القرار الذي اتخذ في الاغتراب بعد 11 ايلول 2001، لناحية انجاز قرار دولي لإخراج السوريين. فبعد سقوط ما كان يسمى المنطقة الشرقية والسيطرة على وزارة الدفاع ورئاسة الجمهورية وابعاد الجنرال عون ونزع سلاح القوات اللبنانية وسجن الدكتور جعجع، شل الاحلال السوري واستخباراته القيادة القومية لما كان عمليا ‘منطقة حرة’ بين 1975 و 1990.

تم شل الطبقة السياسية عند المسيحيين، والذين استمروا بالعمل السياسي في لبنان كانت تناسبهم ظروف الاوضاع الجديدة ليكسبوا مواقع سياسية ام انهم عمليا كانوا ينتظرون تحولات دولية كبيرة. الا ان تحركان انطلقا من داخل لبنان وفي الاغتراب، الحركة الاستقلالية التي قادها البطريرك صفير وحركة التدويل التي أطلقتها مجموعات في الاغتراب، وانطلقا سوية في العام 2000.

وتابع فارس: المشروع الحالي الذي وضعنا للبنان، هو تطبيق جزئي لمشروع أكبر، الا وهو القرار 1559، الذي هو شرعية دولية لإخراج جيش الاحتلال السوري من لبنان، ونزع سلاح كل الميليشيات، بما فيها حزب الله، وكل الشبكات المرتبطة به، وايضا التنظيمات الجهادية، وبعد ذلك تجتمع الفئات في لبنان وتقرر ما تريده لمستقبل لبنان.

وشدد على ان المشروع الاساسي والوحيد الآن “هو تحرير لبنان، إمّا جزئيا، وهذا ما نطلبه ونعمل له، او كليا، وهو موقف نظري، ولكنه صعب التحقيق عملياً من دون تحقيق الجزء الاول، اي اخراج الميليشيات المسلحة من مناطق محددة في لبنان واعتبارها قاعدة جغرافية للتحرير الشامل”. وتابع في موضوع فريق “السياديين”، “كما يسمون أنفسهم”، وفقا لفارس، في حين اننا نسميهم “أحرارا ومقاومة”.

وقال: صحيح اننا نطالبهم بتقديم مذكرة للكونغرس، لمطالبة المجتمع الدولي لتنفيذ القرار 1559، ولكن السبب انه لم يبق مؤسسة في لبنان فيها كتلة رسمية منتخبة وحرة الا البرلمان اللبناني، وهذا لا يعني ان اعضاء البرلمان السياديين هم الوحيدين القادرين، ولكن هذا يعني ان نبدأ معهم وبهم، لان لديهم شرعية وهم منتخبون، وانتخابات العام الماضي أتت بشبه نصف البرلمان، وهذا امر مهم”.

واشار فارس الى انه عندما جرى التحرك في العام 2004، “كان البرلمان والحكومة ضدنا، وكانت قيادة الجيش تحت السيطرة السورية، وبالرغم من ذلك تمكنا من انتزاع القرار 1559. إنما هناك ظروف، والضغط بمفرده لا يكفي. انت تضغط قدر المستطاع وتنتظر الظروف”. ورأى فارس “أن الخطأ الذي يقوم به السياسيون في لبنان الآن، انهم ينتظرون الظروف، وبعد ان تأتي ينكبون للعمل. ولكن إذا لم يهيؤوا لها عندما تأتي التغيرات الاقليمية والدولية الى لبنان، تكون الاطراف الداخلية غير مستعدة له. ربما بشكل استثنائي مع الرئيس بشير الجميل، حيث عمل وفريقه لسبعة سنوات، حتى عندما حصلت التغييرات في العام 1982، كان مستعدا، الا انه وللأسف تم اغتياله”.

وكشف بأنه طلب من النواب بأن يرفعوا مذكِّرة، وقال: رفعُ المذكرة بحدّ ذاته لن يأتي بعمل دولي حاسم وقوات اجنبية لتنزع سلاح حزب الله، إذا كان هذا باعتقادهم. ولكن لن يكون ايُّ مشروع لتدويل القضية وتعبئة دعم دولي لما يجب ان يتحرك في لبنان الا عن طريق مذكِّرة”.

واعتبر انه إذا جمع النواب السياديون أنفسهم ونسقوا مع البطريركية ومع زعامات وقيادات روحية اخرى، وجمعوا أكثر عدد ممكن من البلديات المنتخبة من الشعب وذات قيادة سيادية، واضافوا الى هذا التحرك اتحادات نقابية وغيرها، فإننا نعتقد بأن المذكرة قد تتحول الى بدء التحرك. فهي تسمح للاغتراب ولأصدقاء لبنان في الخارج بأن يقولوا لهذه لحكوماتهم: انظروا هناك مذكرة نطالبكم بتحقيقها. اذ لا يمكن ان تذهب اي وفود الى الحكومات وتقول لها نحن من مواطنيكم، من اصول لبنانية، ويقولون لوزراء خارجيتهم وحكومتهم بأن هذا هو رأينا نحن وليس، لأن الجواب سيأتي كما يلي: وما هو رأي اللبنانيين؟ نحن معكم ونريد ان نساعدكم، ولكن يجب ان يكون لنا فريق نتعاطى معه وان يكون لنا شركاء في لبنان”

أحداث دولية وزلازل دراماتيكية

وسأل فارس: إذا لم يتوفر الشركاء، فعلى اي اساس ستتحرك الدول الغربية وتجلس على الطاولة لتتفاوض معهم، وتسألهم عن مطالبهم من اجل مساعدتهم بناء على مشروعهم؟ كما اكد فارس على ان “اصدقاء لبنان في الخارج، سواء كانوا لبنانيين او غير لبنانيين، لا يمكن ان يجيبوا على تلك الاسئلة بمفردهم ما دامت هنالك قوى حرة داخل لبنان. فاذا قيل لهم من سيقود هذا التحرك في لبنان ومع من سيتم التعاون في لبنان لمساعدتنا في هذا الموضوع. فاذا لم تكن هناك اجابة ولا توقيع لا يمكن بالتالي فعل اي شيء جدي، وعلينا انتظار احداث دولية وزلازل دراماتيكية، فاذا حسمت الوضع ضد الخصم في لبنان، عندها يمكن ان تنفتح الامور. وهذا خطأ كبير، لأن هذا الخصم، اي الميليشيات الايرانية وحلفاءها في لبنان، الان يستفيدون من الوقت ويقومون بالتوطين وبإدخال السلاح، ومؤخرا بالسيطرة على جرود سلسلة جبال لبنان من جزين حتى عكار”.

وتابع: في هذا الوقت الضائع الطويل، ألن تكون هناك كلمة يقولها النواب والاحزاب والفعاليات والبلديات للمجتمع الدولي يطلبون منه المساعدة؟ لان كل الخطاب العام الذي يصدر عنهم، اما يصغر هذا الموضوع الى امور داخلية، سياسية وطائفية، واما ان يذهب الى الشعر والنثر بأن هذا ما فعلناه في التاريخ. نحن نعرف التاريخ لكن ما يهمنا هو الآن”.  واستغرب فارس بأنه لا توجد حركة تحرر ولا مقاومة لا تقول ماذا تريد كما يفعل السياديون الآن، مع احترامنا. وتوجه إليهم بالقول: ما نقوله بسيط جدا، طالبوا بتنفيذ جزئي للقرار 1559 لإيجاد مساحة على الاراضي اللبنانية لهذا القرار، وبعد ذلك يتم الانطلاق الى المرحلة الثانية.

اشار فارس الى ما سمعه في البيت الابيض في العام 2004 اثناء التحرك للقرار 1559 عندما سأله مسؤولو الامن القومي: إذا نحن تقدمنا، فهل أنتم على ثقة بأن اللبنانيين سيتقدمون؟ فطلبت منهم ملاقاتهم في منتصف الطريق، لان اللبنانيين حينها كانوا لا يزالون خائفين منذ العام 1982، عندما دخلت اسرائيل ولم يأخذوا الفرصة بشكل حقيقي، ومن بعدها دخلت القوات المتعددة الجنسيات ولم يحصل رد فعل حقيقي من الحكم القائم في لبنان بعد اغتيال الرئيس بشير الجميل. وبالتالي بات المسؤولون الاميركيون لا يصدقون كثيرا عندما تأتي إليهم اطرافا لم تعلن لهم عن هدفها الأخير عبر مذكرات موقعة وباسم جزء كبير من الوطن الام.

الى ذلك، كرر تأكيده على أهمية وجود فريق متكامل، يطلب من المجتمع الدولي التدخل ويقول له ماذا يريد بالضبط. ولفت الى انه “طالب المجتمع الدولي عبر الكونغرس بالتدخل لتنفيذ القرار 1559 لعدة سنوات، وهذا يعني ان هذا القرار لم ينفذ بعد كليا. بينما كانت وزارات الخارجية في الولايات المتحدة وفرنسا تلمح بأنه بعد خروج الجيش السوري فان الموضوع “قد انتهى” والباقي عبر حكومة لبنانية. ولكننا ذكرناهم بانه منذ ايار 2008 ، كل الحكومات اللبنانية هي تحت سيطرة حزب الله. وابلغناهم بأنه في حال عدم قدرتهم في هذه المرحلة على تنفيذ كامل ذلك القرار على كامل الاراضي اللبنانية، يجب اعطاء اللبنانيين الاحرار الفرصة ليعيشوا على ارض حرة وبالتالي طالبنا بهذا المشروع الذي حدد ماه “من جزين الى عكار”.

واضاف: هذا هو الموجب الذي تقدمنا به وهو منطقي جدا. فاذا سألنا الاكراد او جنوب السودان او ليبيا او اليمن الجنوبي، او القيادات العربية في وجه الانفلاش الايراني، فالحد الادنى عندهم ان يقولوا ما يريدون وان يحرروا قدر المستطاع. واسف فارس لأنه في لبنان “هناك اتكال كامل على الخارج، وعدم توضيح كامل”، داعيا الفريق السيادي للمطالبة والكشف عن نقاطهم، في مقابل تحرك الولايات المتحدة والغرب”.

وعن الطريقة البديلة في حال لم يوجه النواب تلك المذكرة قال: هناك طرق بديلة لكنها عمليا ستكون أضعف، تتشكل من الاحزاب والبلديات وبعض الفعاليات وستكون أضعف من دون النواب.

السؤال لماذا لا يريد النواب ذلك؟ فاذا كان النواب لا يريدون فهذا يعني ان الاحزاب لن تتخذ هذا القرار. وإذا لم تتخذ الاحزاب القرار فهذا بدوره يعني بأن البلديات لن تتحرك. وإذا لم يتخذ النواب والفعاليات هذا القرار، فهذا يعني ان الفعاليات المدنية ستكون صغيرة جدا، وفي لبنان التيارات السياسية هي شبه اقطاعية. فاذا لم يوافق الزعماء على الامر فإننا سنحصل على نصف الدعم. ونحن رأينا في تشرين الاول 2019 بانه حتى المستقلين الذين سمّوا أنفسهم “الثوريين” عندما انطلقوا وتظاهروا، لم يكن لديهم اي قرار بالتدويل وكانوا مخترقين من حزب الله. والاحزاب لم تستفد من حراك 2019 بوجود ادارة الرئيس ترامب، وبالتالي فان ذلك السيناريو لم ينجح ايضا.

الهندسة الافضل بأن يرى المجتمع الدولي كل الممثلين او اكثريتهم، ونحن لم نقل اكثرية البرلمان لأننا نعرف تهديدات حزب الله غيرها، ولكن يجب وجود كتلة متراصة.هذه المذكرة تحاكي الواقع لان القرار الدولي موجود ولا حاجة الى قرار جديد بل الى دول تساعد في تنفيذه. فلا ننسى انه مع الوقت فان واقع حزب الله يتوسع على حساب هذا القرار. بالمقابل نحن لا نطلب المستحيل. و للأسف، إذا لم يتحرك النواب فالطريق ستصبح أصعب وسيستغلها حزب الله. تبقى بكركي التي حاولت عبر نداء أطلقته السنة الماضية واليوم من جديد. لكن من دون ان يكون الى جانبها قيادات المعارضة والمقاومة لتجهيز العمل الدولي سويا فانه من الصعب ان يصل اللبنانيون الاحرار الى حل ما.

إذا اتخذ الفريق السيادي قرار التحرك المباشر وزمام المبادرة فانه سيتفوق. وحزب الله وحلفاؤه في المنطقة سيضعون ثقلهم لقطع العلاقة ولمنع الكتلة السيادية من ان تنجح في تعبئة المجتمع الدولي.

للبدء من الصفر هنالك حاجة الى الكتلة السيادية في البرلمان مع البطريرك للتحرك دوليا. ولكن حتى إذا تحركوا هناك اخطاء يمكن ان ترتكب. وهواجسنا الاساسية كما حدث في الماضي ان تتكاثر الصدامات على الارض من الجنوب الى الشوف فخلدة وعين الرمانة وجرود العاقورة، واليوم الملف الكبير المفتوح في بشري، وليس هنالك من تحرك قومي ودولي ليترجم المقاومة الانجازات سياسية واضحة.

إذا تكاثرت تلك الصدامات من دون تحرك دولي، فالخطر الاكبر ان ذلك سيعطي حزب الله وميليشياته ضوءا ً اخضر ومشروعية بأن يستعمل الدولة اللبنانية لإجهاض اي تحرك دولي فيما بعد. حزب الله يستوطن في الجرود، وإذا أطبق على الجرود فهو يحاصر جبل لبنان. وهذا يعني انهيار الامن القومي اللبناني.

وأضاف، نخاف ان يتكرر ما حدث في العام 1975، حين كان السلاح الفلسطيني منتشرا بكثرة وكانت القيادات السياسية اللبنانية متمسكة بصيغة 1943 وخائفة على رئاسة الجمهورية وغيرها، ولم تتصدَّ حينها، فانفجرت الاوضاع على الارض واضطرت ان تتماشى معها.

اليوم الاوضاع بالنسبة للسياديين والمسيحيين اسوأ بكثير من العام 1975، فاذا لم يبدأ التيار السيادي ولم يبدأ بالمنطقة الحرة، فإنه سيكون هناك إطباق من قبل حزب الله. هذا الاطباق عندما يصطدم على الارض، سيكون هناك صدامٌ غير مضبوط وغير منظّم بين الاهالي والميليشيات، وبالتالي لن يتمكن السياديون من ادارة المرحلة المقبلة وستكون الخسارة لهم، تحديدا للمسيحيين. وعندها قد يحاول المجتمع الدولي ان يتدخل كما حصل في دارفور. والخوف والقلق في لبنان، انه في حال لم يكن هناك برنامج جاهز للتدويل، سيكون هنالك مأساة في لبنان والمبادرة لن تأتي في الوقت والمكان الصحيحين.

وتابع، كل شيء له ثمن، فاذا أُعلِنت المذكرة سيكون هناك رد فعل من حزب الله، لكن السياديين سيكونون في موقع أفضل. اما إذا لم يبادروا واستمروا بالتركيز فقط على المعادلات السياسية الصغيرة وبرئاسة الجمهورية التي آليتها بيد حزب الله دون الاهتمام بالأرض، فان ذلك سيؤدي الى نكبة كبيرة.

وردا على سؤال حول عدم ضغط الحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة على إيران لتضغط بدورها على حزب الله للإفراج عن الانتخابات الرئاسية في لبنان، وبالتالي كيف لأميركا ان تسير بهكذا مشروع اجاب فارس: الولايات المتحدة وحتى اوروبا يصورها البعض في لبنان وكأنها قوة جاهزة تنتظر ماذا يحدث في هذه الدول ومنها لبنان، وإذا تم اعتداء او تغيير على الارض يتحركون فورا. هذه نظرة خاطئة لكيفية تحرّك السياسة الخارجية في الولايات المتحدة.

أكد فارس: “ادارة الرئيس بايدن هي امتداد لإدارة اوباما، ولديها مصلحة عليا اسمها الاتفاق النووي الايراني، وبالتالي اي تحرك للسياسة الخارجية سيؤدي الى انهيار هذا الاتفاق، وهذه الادارة لن تذهب الى ذلك. ” وأضاف، “أكراد العراق مثلا حاولوا عرقلة العلاقة مع إيران الا ان واشنطن لم تمشِ بها، وكذلك إذا تحركت المعارضة السورية بشكل يعيق العلاقة بين واشنطن وإيران، فان اميركا ايضا لن تمشي بها. وإذا أراد كل العرب مواجهة إيران في المنطقة، فالإدارة الاميركية الحالية لن ترحّب إذ إنها لا تريد المواجهة مع إيران، فكيف لهذه القوى العربية أن تذهب الى المواجهة من دون دعم اميركي. ولكن الادارات تتغير وكذلك الكونغرس.” كما أشار فارس، ان في لبنان ثمة من يعتقد بأن لبنان في اقصى الاهمية دوليا وبأننا بمجرد ان نطلب من اميركا او حتى ان لا نطلب منها ان تتحرك فان عليها ان تفعل ذلك تلقائيا.  ادارة بايدن لن تذهب الى المواجهة مع حزب الله إذا حصلت بتلك الطريقة الان، ولن تضغط على إيران أكثر مما تضغط عليها. فهي وضعت كل العقوبات على إيران والحزب وهي لم تجدِ نفعاً ووصلت تلك العقوبات الى اقصاها.

وتابع فارس: صحيح ان هذه الادارة في هذه المرحلة لا تقوم بعمل استراتيجي كبير ضد حزب الله، ولكن هنالك أمران: الاول لن تقوم به ان لم يكن هنالك من مشروع تتمكن هذه الادارة من اعتباره لمصلحة الولايات المتحدة الاميركية، يجب ان تكون هناك اجندة، وهذا ما لم يحصل. وحتى ان هذه الادارة، مع الاكثرية الجمهورية في الكونغرس، إذا قدّم لها مشروع المنطقة الحرة، فمن الممكن ان يحصل ذلك على الدعم من قبلها. اي مشروع يقدم للولايات المتحدة وفيه مشروع صدام مع قوة اما اقليمية او محلية معادية، كمشاريع حرب شاملة في العراق، او في سوريا ضد النظام، او ضد إيران نفسها او حتى ضد الحوثيين، فان هكذا مشروع لن يمر الآن في الوضع الحالي في واشنطن، لا مع هذه الادارة، وربما ايضا ليس مع هذه الاكثرية.

ولفت: “في المقابل، اي مشروع متكامل جاهز لمساعدة مجموعة شعبية تريد الدفاع عن نفسها، وليس الهجوم على الطرف الآخر، ولديها المقومات، وهنالك ضغط جاليات في داخل الولايات المتحدة، فان هذا الامر ممكن، لان الكلام الذي سوف يذهب الى الادارة، وبالطبع الى الكونغرس، سوف يلخص بما يلي: نحن ذاهبون لتحرير أنفسنا. نحن لا نريد الاعتداء على الآخرين. ”

وأضاف: إذا باشر اللبنانيون بتحرير أنفسهم، يجب ان ينتظروا ردة فعل عسكرية ضدهم. هكذا يجب ان يكون مفهوم المذكرة. وليست مذكرة هجومية، اي استدعاء او دعوة الاميركيين للقتال في كل لبنان. هذا لن يحصل الآن ولا في مرحلة طويلة الامد. “الطلب الذي وضعناه لمنطقة حرة هو مدروس استراتيجيا، لكي يكون مقبولا، وهو سيقبل. الا ان اول من سيعارض هذا الطلب هو الذين سيخسرون من انجازه.” وقال: هذا الطلب اللبناني لن يكون دعوة لوجود اميركي في لبنان، ولكن لدعم اميركي – غربي. يجب على السياسيين في لبنان ان يخرجوا من العلبة، ليس كل شيء او لا شيء. لماذا لا يبدأون بشيء ما يكون موقعهم مرتاح به وبإمكانهم القيام بهذا الطلب؟

وأشار الى ان مشكلة السياسيين في لبنان انهم عمليا “مرتاحون للوضع الراهن، ويخشون من خسارة. لذا بموضوع المذكرة، فانهم يخشون من ردة فعل حزب الله ضدهم، وامر لا يمكننا السيطرة عليه ولا ان نضبطه”. وتابع: إذا كانت الحسابات ان ردة فعل الميليشيات الايرانية سياسية امنية وعسكرية تستهدفهم، وهذا من الممكن ان يحصل، فإما عليهم ان يأخذوا الاجراءات ويغيّروا طريقة ادائهم، او ان لا يكونوا مكشوفين في الساحة. لا يمكن لهم ان يجمدوا حركة ناجحة وقادرة، بسبب انهم هم قد يتأثروا بردة الفعل. هم قلقون من ردة فعل هذا الخصم العسكري الامني، لكن لا يمكن الاستمرار بحياة مرتاحة من دون ان يكون هناك مطلب لحماية الشعب، حتى لو اتى المطلب بردة فعل، ويجب ان يكون حماية القيادات جزء من المطلب وليس منفصلا عنه.

المطالبة بمنطقة حرة سيفتح حربا اهلية

من جهة اخرى، رأى فارس بأن النائب السابق وليد جنبلاط “ليس الوحيد الذي يعتبر بأن المطالبة بمنطقة حرة سيفتح حربا اهلية. فهذا امر يستعمله بعض السياسيين، والصوت الاعلى يأتي من جنبلاط لاعتبارات سياسية او تتعلق بالقاعدة الشعبية او حسابات ردة فعل المحور الايراني عليهم مباشرة وهذا امر مفهوم. ولكن إذا طالب السياديون بتدخل دولي، ليس مباشرا بالضرورة، او اعلان دولي بحق اللبنانيين بأن يعلنوا منطقة حرة، فإن كان هذا يعني بأن حزب الله سيجتاح المناطق، فهنا الخطأ الكبير في التحليل.

واضاف: هم لا يفهمون حزب الله وكيف يتصرف. إذا لم تجابه حزب الله وتردعه بالموقف، سيستمر. هو ينهيك على فترات وبراحة وبكلام معسول. اما عندما تتصدى له، فيبدأ الحزب بالحسابات. وعندما يقرأ الخارطة الجغرافية في لبنان يفهمها بشكل أفضل من أطراف 14 آذار والسياديين. هو يرى وجوده العسكري في ثلاث جزر: جزيرة الضاحية، وهي معزولة. جزيرة الجنوب، وهي ايضا معزولة، وجزيرة البقاع الشمالي. هذه هي القواعد الثلاث للحزب لا أكثر ولا اقل. اما المناطق الاخرى، فهو يرهبها من خلال عمله الاستخباراتي.

وردا على سؤال حول لماذا لا يتم دفع الولايات المتحدة لتطبيق القرار 1559 تحت البند السابع بدلا من كل الطروحات البديلة، اعتبر انه في حال قامت اميركا باستدعاء مجلس الامن والتصويت على قرار جديد ووضعه تحت الفصل السابع، وبعد ذلك يشكلون قوة مشتركة، فإن ذلك كله لا يرتبط بالواقع حاليا. فاذا كانت الادارة الاميركية والاتحاد الاوروبي لا يريدون الاشتباك مع إيران، فلا دليل بأنهم سيَقبلون بتطبيق الفصل السابع، لان ذلك يعني حربا من إيران. ولفت الى ان تطبيق الفصل السابع يحتاج لاستخدام مئة ألف جندي من القوات الاجنبية واساطيل اي اعلان حرب. يجب ان نكون واقعيين.

وقال: البعض في لبنان يطلب منا الضغط على الادارة. في الواقع الاميركيون يسألون ما هي مصلحة الامن القومي الاميركي وكيف هو مهدد. والسؤال الثاني من هو شريكهم في لبنان وهل هو مصمم، ولكن ليس هنالك اجابة. فاذا لم تمسكوا مذكرة بيدكم وتتوجهوا الى مواقع القرار، فانه لن يكون هناك شيء.

وفي موضوع العقوبات، أكد فارس بأنه كان يعرف من الاساس بأنه لن يصل الى هدفه، بل هو سبيل فقط. فتكثيف العقوبات لا يسقط حكومات ولا يغيّر الوضع على الارض، وان التحالفات على الارض هي فقط من تحقق ذلك.  وقال: عندما لا يكون هناك هدف قومي اميركي، يبقى موضوع تحرير او مساعدة الشريك، كما حصل في اوكرانيا او مع الاكراد.  وأكد: تكلمنا مع الادارة في موضوع الاسلحة الاستراتيجية الايرانية التي ستنشر في جبال لبنان. هذا ملف ممكن، ولكن ليس بتوقيت المعارضة في لبنان. الجواب كان تقريبا: فاذا قررتم بأن الامر يجب ان يحسم الآن فتفضلوا وانزلوا الى الارض فيكون الاميركيون معكم. ولكن إذا لم تقرروا ولا تريدون الكلام، فنحن من نضع التوقيت.  وجزم فارس بأن التحركات الاميركية والغربية ضد إيران في لبنان ستحصل، ولكن ليس بالتوقيت اللبناني الخالي من اي طلب.

حادثة القرنة السوداء

وردا على سؤال في موضوع حادثة القرنة السوداء والخطوات التي يمكن اتخاذها لمنع حزب الله من السيطرة على المنطقة قال: لو لم نحرّك موضوع القرنة السوداء دوليا لما كان أحد في فرنسا والولايات المتحدة يعرف اسمها. فبالنسبة إليهم ما يجري هناك هي تحركات امنية صغيرة، وللأسف فان الدولة اللبنانية وحتى الاطراف المعارضة لا يتكلمون عن خطر استراتيجي كبير.  وسأل: مَن مِن السياسيين تحدث عن اجتياح إيران للجبال اللبنانية؟ فقط بعض المحللين. وتابع: لو كان هنالك طلب من لبنان الى الخارج بأن البلد يتعرض لعملية ايرانية للتحكم بالقمم وهي خطرة على اللبنانيين وعليكم، فقد يكون هنالك ردة فعل. ولكن امام السكوت لا يمكن ان تصدر ردة فعل.  واوضح بأن القرنة السوداء تاريخيا هي جزء من قضاء بشري مع قمم اخرى. وللضنية قممها ايضا. ما حصل ان قوات حزب الله، او ما يسمى “سرايا المقاومة”، من البقاع ومن الضنية، تحاول ان تربط بعضها ببعض من خلال اختراق الجبال اللبنانية والقرنة السوداء بالذات. وأسف لان الجيش اللبناني سمح لهم بإقامة معسكرات، معتبرا ان الامر غير مقبول، الى ان وقع الحادث.

وكشف بان قيادة الجيش في الموضوع الاستراتيجي غير قادرة على الاصطدام مع السرايا. فاذا هي طلبت من الميليشيات ان تنسحب ولم تنفذ، فليس للجيش القدرة على اجبارها بالقوة لان الحكومة ستمنعه. مذكرا كيف ان امرا مماثلا حصل مع قوى الامن في العام 2008 ورأينا كيف تصرف حزب الله. وشدد على القرنة السوداء هي استراتيجيا من ضمن المنطقة الحرة الآتية، وليست كمطار بيروت الساقط امنيا بيد الحزب، وان ما جرى هناك يُعد اختراقا من قبل حزب الله وحلفائه من الميليشيات الجهادية الموجودة في عكار للقرنة السوداء، وهذا سيشكل خطرا كبيرا ليس على اميركا في المرحلة الحالية، بل على لبنان الحر والمنطقة الحرة.

وختم وليد فارس الدعوة لبدء أي خطوة من اللبنانيين وان تتحرك البلديات في منطقة بشري لأنها اراضيها وان تصدر بيانات للمطالبة بسحب الميليشيات من المنطقة، وان ترسل شرطتها بدعم دولي لتتمركز في تلك المنطقة. واضاف انه من الجيد إذا سيطر السياديون على بلدياتهم في الجرود وتعاونوا مع بلديات بشري في اخلاء الميليشيات. عندها بإمكان الجيش اللبناني ان يفصل بين الميليشيات التي يجب ان تنسحب الى شرق دير الاحمر، وبلديات الجرد. وهذا الامر لن يحصل الا بالضغط الكلامي بداية، الى جانب تحرك البلديات. عندها يرى الغرب ان المجتمع المدني عبر بلدياته ونوابه يسعى الى تطبيق الامن في تلك المناطق.

جوزيان الحاج موسى - موقع Lebanese daily

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o