Jul 16, 2023 11:27 AM
خاص

"تطيير" إجتماع الناقورة غير مستغرب.. الرهان على "تغيير" قواعد الاشتباك في حده الادنى؟!

طوني جبران

المركزية –  لم يكن مستغربا ان يطير الجانب الاسرائيلي الاجتماع العسكري الثلاثي "اللبناني – الاسرائيلي – الدولي" برئاسة  القائد العام لـ "اليونيفيل" الجنرال أرولدو لازارو  الذي كان متوقعا غدا الاثنين في الناقورة. وقد كان من الخطأ بناء الكثير من الرهانات عليه من أجل تعديل قواعد الاشتباك المعمول بها في الجنوب. ذلك أنه كان من ضمن الاجتماعات الثلاثية المشتركة الدورية   على مستوى الضباط الدائمين المنتدبين وخصوصا ان على  جدول أعماله ما هو مطروح بشكل دائم . لكنها وللمرة الأولى فقد تعددت الاعتداءات الاسرائيلية وهددت الخروقات ما تحقق من أمن تنعم به المنطقة.

كان على جدول أعمال اللقاء بنود وعناوين عادية وأخرى مستجدة  بدءا من الاحتلال الاسرائيلي للجزء اللبناني من بلدة الغجر وضمه الى الجزءين السوري والاسرائيلي بالإضافة الى ما طرأ منذ ان نصب "حزب الله" خيمتيه اللتين اقامهما قبل فترة بالقرب من الخط الأزرق وتحديدا في "مزرعة بسطرة" قبل نزع إحداهما في المنطقة المتنازع عليها جنوبي الخط الازرق، وحادث بلدة البستان الذي أصيب فيه ثلاثة من عناصر حزب الله في ضوء التحقيق الجاري في العملية ومجموعة الاعتداءات التي شملت الصحافيين في أكثر من نقطة ما بين يومي الجمعة والسبت الماضيين. وعلى جدول الأعمال أيضا الشكوى اللبنانية لما سمته تمادي اسرائيل بقطع الأشجار مقابل بلدتي حولا وميس الجبل في القطاع الاوسط  من اجل كشف المواقع اللبنانية المقابلة لمواقعها  في منطقة متنازع عليها. كما بالنسبة الى الخروقات الاسرائيلية اليومية الأخرى وخصوصا الجوية منها  والبحرية التي لم يعد مسموحا بها بموجب الإتفاق الذي تم التوصل إليه لترسيم الحدود البحرية في خريف العام الماضي، وعلى طول الخط الأزرق من القطاع الغربي الى اقصى القطاع الشرقي.

وفي ضوء تطيير الجانب الاسرائيلي لموعده، فقد الاجتماع في جزء منه ما كان استثنائيا، لجهة توقيته ومضمون جدول اعماله، ولذلك أجمعت مصادر  سياسية وأمنية وديبلوماسية في تقويمها  للوضع على الحدود الجنوبية عبر "المركزية" على سقوط الانعكاسات المباشرة المتوقعة على اللمسات الاخيرة للصيغة النهائية للتقرير الذي تعده ممثلة الأمين العام للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا والتي سترفعه إلى الأمين العام ومجلس الأمن الدولي في الأيام المقبلة قبل المشاركة في جلسة مناقشته مع أعضاء المجلس يوم الاربعاء المقبل في التاسع عشر من آب الجاري تمهيدا لقرار التمديد السادس عشر لولاية القوات الدولية المعززة العاملة في الجنوب ابتداء من 31 آب الجاري وفق قواعد الاشتباك التي حددها القرار 1701 والتعديلات التي طرأت عليها في آخر قرارات التمديد العام الماضي.

ولذلك، فإن المساعي المبذولة من الجانبين اللبناني والدولي من أجل تبريد الأمور على الحدود الجنوبية قد انحصرت حتى الساعة باعمال اللجنة الثلاثية التي شكلت حديثا - عشية التمديد لولاية جديدة "لليونيفل". وفي أعقاب التوتر الذي رافق نصب خيمة الحزب في القطاع الشرقي – والتي انعقدت قبل يومين بدعوة من وزارة الخارجية في السراي الحكومي عشية  توجه فرونتيسكا الى نيويورك في حضور ممثلين عن رئاسة  الحكومة ووزارة الخارجية والمغتربين وقيادتي الجيش اللبناني و"اليونيفيل" تحت عنوان "الحوار والتنسيق والتعاون القائم بين السلطات اللبنانية والأمم المتحدة" وذلك من أجل البحث على مستوى " فريق العمل المشترك" في "أفضل السبل لتطبيق ولاية هذه القوات في منطقة عملها، ومعالجة الثغرات الميدانية".

وفي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الخارجية ان وعلى خلفية "تشديد لبنان على احترامه والتزامه بتطبيق كافة القرارات الدولية الصادرة عن الامم المتحدة" فان   الاجتماع انتهى الى اتفاق على "عقد الاجتماعات المقبلة بشكل دوري، لتعزيز الشراكة البناءة والمستدامة بين الجانبين، والحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان والمنطقة"، قالت مصادر غير ديبلوماسية لـ "المركزية"  ان مهمة مثل هذا الفريق قد تكون لفترة قصيرة ومؤقتة لانتفاء الحاجة إليها  عند التجديد لقوات "اليونيفيل" نهاية الشهر الجاري خصوصا ان معظم المهام التي اوكلت اليها هي في صلب عمل اللجنة الثلاثية العسكرية الدائمة.

و بمعزل عن التطورات التي ارجأت الاجتماع، لفتت المصادر  انه لا يمكنها التكهن من اليوم بأن ينجح لبنان بتعديل الفقرة الخاصة التي أدرجت في قرار التمديد العام الماضي التي قالت بإمكان  "تخلي دوريات الأمم المتحدة عن مواكبة الجيش لها متى اضطرت الى القيام بأي مهمة طارئة" بهدف شطبها نهائيا. فردات الفعل السلبية التي أعقبت صدور هذا القرار في حينه بما حملته من تهديد باعتبارها "قوات احتلال" إن تفردت "اليونيفيل" بدورياتها دون تنسيق مسبق مع الجيش، ادت فعلها الى تجميد العمل به بـ "مذكرة داخلية" لقيادتها مؤكدة استمرار اعتمادها على الجيش اللبناني في كل تحركاتها قبل "اعتداء العاقبية" الذي أسفر عن استشهاد احد الجنود الايرلنديين واصابة ثلاثة عسكريين آخرين في 15 كانون الأول العام الماضي وهم في طريقهم الى مطار بيروت الدولي.

وتأسيسا على ما تقدم لفتت المصادر العليمة، أنه وفي ضوء ما انتهى إليه اعتداء العاقبية" من مواقف دولية منددة بما حصل، لن يكون سهلا اعادة النظر بمضمون القرار السابق كما يرغب به لبنان،فالتعديل في شكله ومضمونه كان مطلوبا منذ سنوات بسبب الاعتداءات المتكررة التي حالت دون ان تقوم هذه القوات بمهامها لجهة منع وجود اي أسلحة لميليشيات غير شرعية لا تعترف بها هذه القوات الحريصة على حصر تعاونها مع الجيش والقوى الامنية اللبنانية  دون اي طرف آخر.فالقوات الدولية تسامحت في أكثر من جانب، ولعل أبرزها  تغاضيها على عدم قدرة الجيش الإيفاء بتعهداته بوجود 15 ألف جندي لبناني الى جانب عديد القوات الدولية المعززة الموازي لها. وكلها ملاحظات تبرر التعديل الذي أجري العام الماضي عملا بمضمون القرار 1701 . فالامم المتحدة تدرك  عدم قدرة لبنان على الإيفاء بمثل هذا الالتزام بعدما اضطر الجيش الى الانتشار على مساحة البلاد في مواجهة عمليات هددت الأمن الداخلي في أكثر من منطقة تزامنا مع اعلان اكثر من منطقة عسكرية في البقاع الشمالي والجرود الداخلية والحدودية مع سوريا.

والى هذه المعطيات تصر المراجع الديبلوماسية على الإعتراف بأن لبنان سيجهد من أجل تعديل قواعد الإشتباك وشطب التعديلات الاخيرة بالتزامن مع استعداد لبنان للمضي في معالجة الخلافات التي ما زالت قائمة بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي حول النقاط المتنازع عليها بعدما باتت محصورة في ستة مواقع من أصل 13 وإن شرطه الآني والطارىء اعادة الوضع الى ما كان عليه في الطرف الشمالي من "بلدة الغجر"  حيث الجزء اللبناني منها وازالة الشريط الذي ضمه الى الجزئين السوري والفلسطيني المحتل منها كشرط لا بد منها لازالة خيمة حزب الله في المزرعة المواجهة للمنطقة.

والى تلك المرحلة سيبقى الوضع قائما على قاب قوسين من الهدوء والتوت، ما لم تنته المساعي المبذولة لمعالجة هذه الخروقات في اسرع وقت ممكن إن كان الجانب الاسرائيلي ملتزما بما تعهد به ومنع القيام باي خطوة تسبب اي توتر يقول انه يرفضه في المنطقة وما عليه سوى ترجمة القول بالفعل.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o