Jun 22, 2023 6:08 AM
صحف

لودريان بدأ جولة دائرية تمهّد لتجديد الوساطة

أشارت "النهار" الى ان وسط تقنين اعلامي لافت من الجانب الفرنسي ساهم في تكثيف الغموض الذي يحيط بمهمته، شرع الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في لقاءاته بدءا من عين التينة عقب وصوله عصر امس الى بيروت، في مهمته التي تشمل جولة بانورامية على سائر المسؤولين والقادة السياسيين والحزبيين ورؤساء الكتل النيابية والنواب المستقلين كما بكركي والمرشحين للرئاسة وسفراء المجموعة الخماسية.

وكان المكتب الاعلامي للسفارة الفرنسية اعلن انه لن يتم توزيع جدول لبرنامج زيارة لودريان ولن يكون هناك أي مؤتمر صحافي له الامر الذي كرس الطابع الشديد التحفظ إعلاميا لانطلاقة المهمة، والذي قرأه المراقبون على انه يؤشر واقعيا الى الحساسية والدقة العاليتين اللتين يحيط بهما الجانب الفرنسي مهمة لودريان تحسبا للمراحل المقبلة التي ستلي جولته الأولية في بيروت. وإذ بات شبه مؤكد ان لودريان سيجمع كل الاتجاهات والاراء والمواقف للقوى اللبنانية مما آلت اليه الازمة الرئاسية وما تنتظره من الدور الفرنسي في هذا السياق، لم تستبعد المعطيات التي واكبت انطلاقة لقاءات لودريان بان تلي زيارته الراهنة زيارة أخرى اذا أدت الجولة الاولى الى بلورة خريطة طريق جديدة قد يضعها المبعوث الفرنسي بعد تقديمه تقريرا الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن الزيارة وخلاصاتها وما قد تفتحه من افق لدور فرنسي “متجدد” .

لودريان بدأ ومعه السفيرة الفرنسية آن غريو جولته بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتقاه لساعة كاملة اكتفى بعدها بري بالقول ان “اللقاء كان صريحا وجيدا” ، وسيزور رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي صباح اليوم على ان يزور لاحقا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي ومن ثم رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع فرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ويستكمل لقاءاته مع رؤساء الأحزاب الأخرين بعد الظهر . وسيجتمع الى رؤساء الكتل ونواب مستقلين الجمعة الى مائدة غداء ومن غير المستبعد ان يجتمع الى سفراء وممثلي المجموعة الخماسية، الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر قبيل مغادرته لبنان الجمعة علما ان الأنظار ستتجه أيضا الى العشاء الذي سيقيمه مساء اليوم السفير السعودي في بيروت وليد بخاري تحت عنوان “الديبلوماسية المستدامة”، والذي دعا إليه عدداً من سفراء الدول العربية والإسلامية، من ضمنهم السفير الايراني مجتبى أماني والقائم باعمال السفارة السورية علي دغمان، وسط توقعات بان تتيح هذه المناسبة مناقشة الملف الرئاسي اللبناني.

ولكن السفيرة الأميركية دوروثي شيا ستغيب عن اللقاء المحتمل للموفد الفرنسي مع سفراء المجموعة الخماسية لكونها لا تزال في واشنطن حيث تستكمل إجراءات مثولها امام الكونغرس قبيل تسلمها منصب مندوبة بلادها في الأمم المتحدة. وهي القت مساء الثلثاء كلمة مسجلة عبر الشاشة في الاحتفال الذي اقامته السفارة في منطقة واجهة بيروت البحرية لمناسبة العيد الوطني الأميركي وشددت فيها على مواصفات الرئيس العتيد الواردة في البيان الثلاثي الاميركي السعودي الفرنسي الصادر في نيويورك في ايلول 2022 وفيه “رئيس غير فاسد، يمكنه توحيد الشعب ويعمل مع الجهات الفاعلة الاقليمية والدولية لتجاوز الازمة، وتشكيل حكومة قادرة على تطبيق الاصلاحات الهيكلية والاقتصادية لمعالجة الازمة السياسية والاقتصادية ومواكبة مرحلة الاستحقاقات”. وقد قدم موعد الاحتفال لتجنب احيائه قبل وصول السفيرة الجديدة التي ستنتظر رئيس الجمهورية الجديد لتقديم اوراق اعتمادها.

اسم ثالث: من جهة أخرى، أشارت معلومات "نداء الوطن" الى أنّ الجولة الاولى من اللقاءات التي سيجريها لودريان على مدى ثلاثة أيام لن تكون الاخيرة، وأن زياراته ستتكرر، وستمضي مهمته قدماً ضمن مسار البحث عن اسم ثالث كي يكون الرئيس المقبل لرئاسة الجمهورية توافقياً. وهذا البحث يستند الى ميزان قوى حسم أكثرية الأصوات في الجلسة 12 لمصلحة مرشح تقاطع المعارضة جهاد أزعور بـ59 صوتاً متفوقاً على مرشح "الثنائي" سليمان فرنجية الذي حصل على 51 صوتاً.

ووفق هذه المعلومات، يسعى لودريان الى تهيئة المعطيات التي تضع اسم المرشح التوافقي ضمن "سلة" متكاملة تشمل أيضاً رئيس الحكومة المقبلة والتعيينات الاساسية، وضمنها حاكم جديد لمصرف لبنان.

واقتصر اليوم الاول من لقاءات لودريان على الاجتماع مساء برئيس مجلس النواب نبيه بري لمدّة ساعة. وصرّح بري أنّ اللقاء كان "صريحاً وجيّداً، وقلت كل ما لديّ". وتردد ان لودريان لم يكن في اللقاء مستمعاً فقط.

ومن المقرر ان يكون برنامج اليوم، وهو الثاني في زيارة لودريان، متضمناً اجتماعاً في الثامنة والنصف صباحاً مع الرئيس ميقاتي. وحرصت السفارة الفرنسية على القول في بيان أصدرته أنها لن توزّع جدولاً ببرنامج لقاءات الموفد الرئاسي، كما انه "لن يكون هناك أي مؤتمر صحافي له". كذلك تردد انه سيلتقي اليوم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في معراب، ورئيس "التيار" النائب باسيل في البياضة. ليعود بعد ذلك الى قصر الصنوبر ليلتقي المرشح فرنجية الى مأدبة غداء، على ان يلتقي عصراً رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد. ثم يجتمع مساء الى مأدبة عشاء بالوزير السابق زياد بارود.

وأكدت اوساط سياسية مطلعة أنّ لودريان سيجتمع بعد ظهر اليوم بسفراء الدول الخمس، وهي: الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، مصر وقطر. وستغيب السفيرة الاميركية دوروثي شيا الموجودة في واشنطن، على ان يمثلها القائم بالأعمال. وقالت شيا أول من أمس في كلمة وجهتها الى المشاركين بحفل استقبال أقامته السفارة في بيروت، إن العالم على موقفه من الأزمة، ويربط حلها بالداخل اللبناني لا بحلول تأتي عبر الحدود. وأعادت التذكير بأن مستقبل لبنان يبدأ بالاصلاحات. ودعت في الملف الرئاسي، مجلس النواب، الى "التوصل الى اتفاق لانتخاب رئيس يضع مصلحة لبنان أولاً، ولا شبهة فساد عليه، ولا يخضع لأي تأثير خارجي".

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة "فرانس برس" إن "لودريان لن يقدم حلولاً، لكنه يسعى لأن يقوم بدور محفز للوصول إلى حل للأزمة.

ونقلت مصادر مطّلعة لـ"الاخبار" أن لودريان "لم يكن مجرد مستمع. صحيح أنه لم يقدّم طرحاً أو مبادرة، لكنه تبادل النقاش مع رئيس المجلس، وتطرّق إلى التطورات الأخيرة ولا سيما جلسة الانتخاب الأخيرة" في 14 حزيران الجاري. كما أنه "لم يتطرق إلى المبادرة الفرنسية، بل تحدث عن ضرورة التوافق والحوار بين اللبنانيين". 

ولفتت المصادر إلى أن الموفد الفرنسي سيعود إلى بيروت الشهر المقبل، بعد أن يرفع تقريره إلى الإليزيه ويناقش حصيلة الزيارة مع الجانب السعودي وممثلي دول اللقاء الخماسي (أميركا، السعودية، مصر وقطر)، ما يشير إلى أن لا آمال كبيرة بحلول سريعة للمأزق الرئاسي.

مهمة مستحيلة: الى ذلك، كان لافتاً، بحسب "الاخبار"، استباق صحيفة «لوموند» الفرنسية الزيارة بتقديرات سلبية، معتبرة أن «المهمة تبدو مستحيلة»، مشيرة إلى أن «الثنائي الشيعي يعمل بشكل حثيث لكي يؤول المنصب المخصّص تقليدياً للمسيحيين الموارنة إلى زعيم تيار المردة سليمان فرنجية، الذي يُعتبر حليفاً للثنائي منذ فترة طويلة، وصديقاً مقرّباً من الرئيس السوري بشار الأسد». ونقلت عن دبلوماسي الفرنسي أن «لودريان ليس هنا لدفع خيار معين، ولا لحث الجميع على الانضمام إلى فرنجية، ولا لتمهيد الطريق أمام خيار ثالث، بل في محاولة لجلب الجميع إلى الحوار والخروج من المواجهة»، مشيراً إلى أن «العقوبات واردة وكل الخيارات مفتوحة». ولفتت الصحيفة إلى أنه بدا من لقاء القمة الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الجمعة الماضي، أن الأخير «غير مستعد لدعم لبنان كما في الماضي رغم انخراطه في حملة دبلوماسية شاملة في الشرق الأوسط منذ اقتراب بلاده من إيران في آذار الماضي».

لقاء ودي: وعن لقاء بري - لودريان، كشفت مصادر متابعة لـ«الجمهورية»، إنّ اللقاء كان وديّاً، عرض خلاله الموفد الفرنسي الغاية من زيارته، ناقلاً حرص الرئيس ايمانويل ماكرون على الوقوف دائماً إلى جانب لبنان، لتمكينه من أن يتجاوز أزمته وواقعه المأساوي، وانّ باريس لن تدخر جهداً مع اصدقائها الدوليين، في هذا السبيل، وما زالت تعلّق الأمل الكبير على ان يراعي القادة اللبنانيون مصلحة لبنان، ويتحمّلوا مسؤولياتهم، والالتقاء على ما هو واجب عليهم في تسريع حسم الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة على وجه السرعة.

ووفق المصادر، فإنّ الرئيس بري، أعرب عن تقديره للجهد الذي تبذله الدول الصديقة، وتحديداً فرنسا والرئيس ماكرون، لمساعدة لبنان على تخطّي هذه الأزمة. وأمل ان ينجح الوزير لودريان في مهمّته. ومن ثم قدّم بري عرضاً مفصّلاً لمسار الملف الرئاسي منذ بداية الشغور في رئاسة الجمهورية، متوقفاً عند كل المبادرات والمحطات التي نادى فيها إلى التلاقي والتوافق بين اللبنانيين، وآخرها الدعوة إلى الحوار التي أطلقها في ختام الجلسة الاخيرة لمجلس النواب، على اعتبار انّ هذا الحوار هو السبيل الوحيد لتجاوز هذه الأزمة، ويفتح الطريق سريعاً على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة.

ورداً على سؤال، لم تؤكّد المصادر أو تنفِ ما إذا كان لودريان قد قدّم طرحاً محدّداً لحل رئاسي، الّا انّها لفتت الانتباه إلى أنّ مهمّة لودريان ما زالت في بداياتها، وما أورده في النقاش معه، اكّد انّ لمهمته بعداً دولياً يرغب في حل سريع لأزمة لبنان، ولم يبدر عنه ما يؤشّر إلى تعديل او تبديل في مشروع الحل الذي سبق لباريس ان طرحته في الآونة الاخيرة.

وأفادت مصادر دبلوماسية متابعة لحركة الموفد الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان لـ"الجريدة" بأن اجتماعاً خماسياً ضمّ الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر عقد في العاصمة الفرنسية قبل أيام، ضم سفراء الدول الخمس المهتمة بالشأن اللبناني، في حين تمثلت فرنسا بمسؤولة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية آن غيغين، ولودريان.

والجولة الفرنسية للودريان في لبنان تواكبها سلسلة تحرّكات مكمّلة، أبرزها دعوة الخميس لعشاء سنوي وجّهها السفير السعودي لدى بيروت وليد البخاري إلى السفراء العرب والأجانب، ومن ضمنهم السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني، حيث سيكون اللقاء الأول والمباشر بين السفيرين. 

وغداة العشاء، من المقرر أن يُعقد صباح الجمعة لقاء بين لودريان وسفراء الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o