May 30, 2023 4:56 PM
خاص

مناورة عرمتى أبعد من مسقط رأس قائد الجيش... رسائل الحزب للداخل "سنعبر" متى نريد فتنبهوا!

جوانا فرحات 

المركزية – على بعد 20 كيلومترا من الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل وفي ذكرى التحرير ال 23، نفذ حزب الله مناورة عسكرية وبالسلاح الحي، وكأنه أراد أن يقول للداخل والخارج معاً،  "أننا باقون هنا حاضرا ومستقبلا" ، و"سنعبر" حيثما نريد وساعة نقرر .

الرسائل التي أراد حزب الله إيصالها على وقع مشهدية الإستعراض العسكري حملت الكثير من الجدل في الأوساط السياسية المعارضة لا سيما لناحية التوقيت والموقع الجغرافي حيث أقيمت في بلدة عرمتى المتاخمة لبلدة العيشية مسقط رأس قائد الجيش العماد جوزف عون. فهل قصد الحزب من المناورة التي أجراها بالسلاح الحي القول للحليف والمعارض في الداخل، ولمن هم وراء الخط الأزرق والسياج الفاصل أن "إمكاناتنا هائلة فلا تجربونا؟". أم إنها مجرد مناورة للتهويل والترهيب وحسب؟

قراءات الخبراء العسكريين والسياسيين راوحت في النوايا التي بُنيت عليها المناورة العسكرية. ففي حين يرى الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية العميد الركن المتقاعد خالد حمادة أن "هذه الأقاويل لا تعمِّر" والقصة أبعد ما يكون عن "رسائل موجهة إلى العيشية مسقط رأس قيادة الجيش". فحزب الله وإيران كما يشير ل"المركزية" يخاطبون العالم العربي وليس لبنان . أكثر من ذلك القصة ليست هنا، إنما في الإتفاق السعودي - الإيراني الذي لم تهضمه إيران، خصوصا أن ثمة التزامات أخرى. أضف إلى ذلك أن مكاسب حزب الله موجهة نحو السعودية وليس لبنان لأنه أساسا يضع يده على مرافقه الرسمية مما يعني أنه استحوذ على حصصه بالكامل وبقوة السلاح وسياسة الترهيب والوعيد. وما حصل ليل السبت حيث تم خطف مواطن سعودي على طريق المطار ليس إلا دليلا حسيا على رسالة حزب الله  للبنانيين والمعارضة والمستقلين ومفادها "إذا أنا ما بدي أعمل أمن ما حدا راح يبسطو" أما القول بأن المناورة هي رسالة لقائد الجيش بهدف المواجهة مع الحزب فهي استنتاج لبناني لا يمكن البناء عليه "يختم حمادة. ومن له آذان صاغية فليسمع ويقرأ!.

عسكريا لا تختلف وجهات الرسالة التي اراد أن يوجهها حزب الله من خلال المناورة العسكرية في عرمتى بحسب الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر. إلا أنه يحدد وجهتها وفق ثلاثة مسارات :الأول ردا على القمة العربية وإعلان جدة الذي تضمن بندين لم يسبق أن تضمنهما أي إعلان صدر منذ انعقاد القمة العربية في بيروت عام 2002. فقد ورد في أحدهما عدم السماح بدعم أو تسليح أي ميليشيا مسلحة في أي من الدول العربية خارج أطر الدولة الرسمية، وهذا يخرق عرف حزب الله القائل بأن المقاومة هي وسيلة للتحرير ضد إسرائيل.

الرسالة الثانية موجهة إلى الأحزاب المسيحية والسيادية التي ترفض مرشحه والتعامل معه، وتطالب برئيس سيادي يستعيد مبادرة إعادة إعمار الدولة. وقد أراد الحزب من خلال هذه المناورة العسكرية وبالسلاح الحي أن يقول لكل المعارضات "نحن هنا بكل سلاحنا وعتادنا وقادرون على أن نكرر ما حصل في أيار 2008 فتنبهوا لهذا الأمر. نحن هنا والقرار لنا وبيدنا".

الرسالة الثالثة موجهة لكل الأفرقاء العرب والسلطة اللبنانية الرسمية ومفادها أن "المقاومة وُجدت لتبقى ولن نعير الإتفاق السعودي-الإيراني برعاية بكين أية أهمية كما لن يؤثر على وجودنا ومستقبلنا .هذا هو هدف المناورة في الشكل والتوقيت". 

الأكيد أن المناورة مثّلت استعراض قوة للداخل والخارج، على قاعدة أن الحزب هو الأقوى والأقدر لبنانيا، وأن تغير التحالفات الإقليمية لن يكون على حسابه ووجوده وقوته، على رغم مراعاته وتنسيقه لحليفته إيران ومصالحها. وبالتالي فإن تجاهل حزب الله لحيثيات الإتفاق السعودي-الإيراني يحصل برضى ومباركة إيران عن كل ممارسات ذراعها الأقوى في لبنان والمنطقة السياسية والأمنية.

لكن في قراءة عبد القادر ما هو أبعد من رمزية الموقف، " أساسا الإتفاق لا يتضمن بندا واضحا ومباشرا لجهة تقليل الأذرع المسلحة التي تبنّتها إيران واستمرت في دعمها ماليا وعسكريا ولوجستيا قرابة 45 عاما وأغدقت عليها مليارات الدولارات. جل ما نص عليه الإتفاق السعودي-الإيراني هو "ضرورة احترام سيادة الدول" وقد ورد ذلك بطريقة عابرة ومبهمة جدا. نحن نفترض أشياء كثيرة ونذهب في تحليلاتنا،  لكن مندرجات الإتفاق لا تتضمن أيا من ذلك. وعندما تقرر إيران حل الحرس الثوري الإيراني عندها يصار إلى حلّ حزب الله لأنه يشكل وحدة النخبة في فيلق القدس".

بعد عملية خطف المواطن السعودي ليل السبت الماضي على طريق المطار وإطلاق سراحه اليوم في عملية نوعية للجيش اللبناني عاد السؤال ليطرح حول مدى انعكاس هذه الحادثة على عودة الخليجيين إلى لبنان في موسم الإصطياف. 

"الأكيد أن تطمينات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وخطابه لن يقنعا المواطن الخليجي بأن الأمن مستتب في لبنان لأن البيئة الحاضنة التي تحمي حزب الله لن تشجع أي دولة خليجية لدعوة رعاياها للمجيء إلى لبنان. وهذا الأمر مستمر حتى انتخاب رئيس للجمهورية. عندها تتبلور ارادة وطنية وخطة رسمية من السلطة لاستعادة السيادة على كل المناطق اللبنانية وتطبيق القانون. ما عدا ذلك سيبقى الإرباك سيد الموقف" يختم عبد القادر.   

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o