May 10, 2023 4:00 PM
خاص

الانتخابات التركية... أردوغان يعود على حصان أبيض!؟

يولا هاشم

المركزية - أيام اربعة ويتوجه الناخبون في تركيا إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في 14 أيار الحالي، والتي تشهد منافسة بين الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان ومرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو عن "تحالف الشعب"، الذي يمثل ما يعرف بالطاولة السداسية المعارضة، إضافة إلى رئيس حزب البلد محرم إنجه ومرشح "تحالف الأجداد" سنان أوغان. 

وفي وقت انطلقت الانتخابات التركية العامة في الخارج، تتجه الأنظار إلى الأحد المقبل، موعد التصويت داخل تركيا لاختيار رئيس وبرلمان جديدين للبلاد. فما هي حظوظ اردوغان في الفوز مجددا برئاسة تركيا؟ 

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يقول لـ"المركزية": "يبدو ان المعركة شرسة ،لأول مرة منذ ثلاثين عاما يخوض اردوغان معركة انتخابية بهذه الطريقة، علماً انه يملك قدرات غير طبيعية في إدارة المعارك، فهو مشهور بأنه لا يتكل على فريق بل يقود العمليات الانتخابية بنفسه ويبتكر دائماً اشياء جديدة لإدارة المعركة، وذلك منذ العام 1990 عندما بدأ يترشح للانتخابات البلدية في تركيا. صحيح ان الحظ لم يحالفه في بداية مشواره السياسي لكنه تمرّس وعرف كيف يحاكي الناس وكيف يواجه الاعطاب ويقدم الحلول. كما أنه صادق مع مشروعه الانتخابي الذي يقدمه للناس، وهذا ما جعله يخوض انتخابات لأكبر مدينة، اسطنبول، التي نجح فيها وبنى الصعود السياسي لنجمه في السياسة التركية".  

ويضيف: "صحيح ان اردوغان مسؤول حزب العدالة والتنمية الاسلامية وهو خارج من رحم حزب الرفاه، حزب نجم الدين اردوغان، لكنه قبل ان يكون نجما اسلاميا، هو نجم قومي. حتى ان كل القضايا الصعبة التي تمت معالجتها كانت تنطلق من الفكر القومي التركي لأن مثل اردوغان الاعلى هو كمال اتاتورك، الذي نجد صوره معلقة في كل مكان خلف اردوغان وفي كل استعراضاته السياسية والاعلامية، لأنه يريد ان يكون خليفة اتاتورك الجديد في قيادة تركيا واثبات دورها في المناطق التي يحاول العودة اليها". 

ويتابع: "علينا ان ننظر الى طريقة تعامل اردوغان مع الخلافات مع الاميركيين ومع العرب ومن ثم المصالحات مع العرب على طريقة حرق حزب الاخوان المسلمين، والعودة الى ادارة العلاقات مع روسيا للدخول الى المناطق الروسية في البلقان وآسيا الوسطى والقوقاز، وقد نجح في هذه العملية. إضافة الى علاقته المتوترة مع الغرب حيث يحاول ان يدير علاقة مستقلة معه وهذا ما شهدناه في الانقلاب الذي حدث مع اردوغان عام 2016، ثمة من يقول ان الانقلاب حقق ما اراد واخذ تركيا في اتجاه معاكس، وآخر يعتقد أن الانقلاب سمح لأردوغان بالسيطرة بالقبضة الحديدية على تركيا". 

ويشير العزي الى ان اردوغان يواجه اليوم معركة شرسة من خلال المعارضة التي تجسدت وتجمعت في شخصية معاكسة تماماً لتوجهاته السياسية. كل الاستطلاعات التركية تقول بأن الحظ في الجولة الاولى  متوفر لكليهما، وهذا يعني ان اردوغان سيتفوق بنسبة نصف او واحد في المئة عن المعارض الآخر، ما يعني الذهاب الى الجولة الثانية التي لا بد منها والتي سيعرف الاتراك لمن صوتوا في 28 ايار. اما في 14 ايار فلن تُحسَم المعركة نهائيا نتيجة وجود احزاب سياسية قد تلعب دور وسيط في الدورة الثانية لمن ستعطي اصواتها". 

ويضيف: "في الفترة السابقة حصل اردوغان على 52 في المئة من اصوات الأتراك، لكن لا يظنن احد ان المعركة سهلة وان الحسم سيكون بالنسبة العليا لأحد المرشحَين. هي معركة ذات توجهات وعلاقات كبيرة، ربما الروس بدأوا في هذه الحالة يتهيؤون نفسيا لخسارة اردوغان الذي يشكل المنفذ الوحيد لهم. لكن في المقابل، إذا فاز المرشح الآخر، فهو لن يغير كثيرا في التوجهات مع روسيا وانما سيعمل على اعادة فتح العلاقات الواسعة مع الولايات المتحدة الاميركية، مع ان اميركا لا تريد وصوله الى السلطة نتيجة الخلافات وتحديدا مع الحزب الديمقراطي. مشكلة الحزب الديمقراطي ليست فقط مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والعرب والمصريين لكن ايضا مع اردوغان وكأن الحزب الديمقراطي لا يرى في المنطقة سوى صورة الملالي مرفوعة في منطقة الشرق الاوسط وهذه مشكلة الرئيس الاميركي جو بايدن وحزبه ومتطرفيه في التعامل مع الشرق الاوسط ووضع توجهاتهم السياسية باتجاه ايران، في الوقت  تعاني  طهران من مشاكل جمّة".  

ويتابع: "اردوغان يحاول حسم الموقف والابقاء على السياسة نفسها التي مارسها ومازال، لكنه سيلعب دورا اكبر في تسويق برنامجه السياسي في حال وصول كتلة برلمانية كبيرة له الى الحكم مما يساعد في الترويج للافكار. يقال ان نسبة البرلمان ستكون 42 في المئة لصالح حزب الرفاه والعدالة و26 في المئة لحزب الجمهور المعارض و10 في المئة للحزب الاخضر وهم اجمالا من المؤيدين لحزب الشعوب الديمقراطي وهم من الاكراد الذين مُنعوا من الدخول الى الندوة البرلمانية وتم حل حزبهم، وبالتالي سيختارون مساعدة حزب الخضر وسينسقون مع المعارضة. ستكون المعارضة مجموعة من الخليط العلوي بما ان الرئيس علوي، وسيكون العلوي المناهض في الاساس للتوجهات الاردوغانية وحزب العدالة ويؤمن بعلمانية الدولة وهذا سيؤدي الى خلاف داخلي في الطبقات التركية. وهناك أيضاً تجمع اليساريين، وهناك القوميون. هذا الخليط المتنوع الذي يمكن ان نراه بإعادة النظر الى الفترة السابقة عندما حصلت انتفاضة التقسيم اي مجموع الاضداد التي ستكون في وجهه، بما فيها حزب العمال الكردستاني الذي يقاتل الدولة، سيكونون خليطا لا يمكن التوافق عليه ومن هنا اي خرق لأرودغان او اي سيطرة لحزبه في البرلمان سيعيد خلط الامور".

ويضيف: "في حال فاز مرشح المعارضة، لن يمر اي قانون لأنهم سيكونون الاكثرية وبالتالي اذا كان اردوغان سيسيّر قراراته بتحالفات صغيرة مع احزاب صغيرة او مجموعات مستقلة وبالتالي لن يسأل عن المعارضة سوى القول بأننا خضنا معركة كبيرة مع المعارضة"، مشيرا الى ان "المعارضة ستدير العلاقة جيدا مع الولايات المتحدة وستقوم بتوجهات جديدة مع الادارة الاميركية الحالية، لكن هذا لا يعني بأن الادارة الحالية جاهزة للتغيير الكامل في التعاطي مع تركيا لأنها تعاني من ازمات داخلية ومالية وبالتالي نحن على قاب قوسين او ادنى من بدء المعركة الانتخابية الرئاسية في اميركا وربما سيكون الحزب الجمهوري هو الفائز، وهذا يعني سيكون له شروطه الكاملة واكثر ضغطا على المعارضة التركية اذا نجحت، لأننا نعلم ان هناك سياسة دبلوماسية سادت بين اردوغان ودونالد ترامب وسُميت بدبلوماسية التلفون وهذا ما اعطى لتركيا حرية التصرف والانتقاد. هي ستعطي المعارضة الموافقة على دخول السويد الانتخابات دون اي شروط، وستعيد العلاقة مع اوروبا ومع نظام بشار الاسد بشروطها التي كان يرفضها ترامب".  

ويرى العزي ان "هذه الحالة ستؤشر فعليا الى معركة تحمل عناوين كبيرة تدل على كيفية ادارة المعركة مع النظام التركي الداخلي وكيف ستكون المواقف الدولية الخارجية والمتوازية للتعامل مع الطرفين. وهنا لا بد من القول ان المعارضة في حال نجاحها لن تبتعد كثيرا عما فُتح لها من ادوار في التوسط في الازمة الاوكرانية - الروسية، لم تبتعد كثيرا عن موسكو وانما ستلتزم لاحقا في العقوبات الاوروبية. هذا خوف موسكو الكلي من المعارك، لأن المعارك الاوكرانية كما يبدو طويلة، هي معركة كسر عظم يبنى عليها مواقف مع دول الاقليم ومع دول الخارج". 

ويتابع: "اردوغان قد يصل الى السلطة هذا دون رأي الغرب او الروس، لأن مصالح الطرفين هي التي تفرض العلاقة مع الآخرين. اردوغان يتمتع بكتلة شعبية واسعة وحقق انجازات ميدانية كثيرة للشعب التركي، هذا الرصيد الذي يقوم اردوغان اليوم باستخدامه واستثماره في هذه الحملة سيؤمن له الدخول مرة جديدة الى الرئاسة، وربما هنا نتوافق مع الاستطلاعات بان اردوغان سيحقق نصرا وربما يعيد الصورة في المرحلة الثانية باعتبار 50 الى 55 في المئة، وستكون للمعارضة امكانية الدخول ربما بقوة الى المجلس النيابي، وعندها ستتغير حتى السياسات الاردوغانية التي انتهجها اكان مع سوريا او المناطق الاخرى التي ما زال اردوغان يمارس سياسة الحياد في القوقاز ووسط آسيا والعلاقة مع الولايات المتحدة ومطالبه مع السويد بتسليم قادة حزب العمال الى الحكومة لكي يفرج عن دخول السويد للناتو". 

ويختم: "اذا المعركة شرسة، سننتظر، لن تحسم في 14 الشهر الاحد بل ستحسمها الجولة الثانية وهذا ضروري جدا ومهم ان يكون هناك انتقال الى المرحلة الثانية التي تعبر عن ارادة الجمهور والتركي. لكن حسب ما نشاهد في الصور والتجمعات المليونية التي تأتي لتحضر وتسمع وتؤيد وتعطي الدعم الكامل لمرشح الدولة الاردوغانية اي لمرشح القومية التركية وليس للمرشح الاسلامي. بالاضافة الى ان هناك الكثير من المعارضين الذين جمعتهم المصيبة يأتون ليدعموا المرشح لأن هدفهم الوحيد اسقاط اردوغان. وهنا سنكون امام صورتين في العلاقة التركية الداخلية". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o